كل شيء مهما كان بسيطًا يؤثر على طفلك، فهو دائم التفاعل مع كل ما حوله بدقة كاملة؛ البهجة والحزن، طقوس الحياة اليومية التي يتماهى معها. لذا لا تجعلي طقوسك بما تحويه من مناسبات تمر بلا ملاحظة، عليك أن تلفتي انتباه طفلك عمّا حوله وتخبريه عن الدنيا والحياة وعن كل ما حوله بهذه الطقوس، عليك فتح الكَنز لطفلك يا سيدتي.

من منا لا يتذكر الدائرة الدافئة حول الأم وهو يلتقط قطعة عجين هي بطل اليوم وسبيل الفرحة، نشكل بها ما تريده أنفسنا وتستطيع أيدينا؟

أجواء العيد تحمل الكثير من التفاصيل التي يتلقاها الطفل في ثوانٍ ويهضمها ويخزنّها لفترة طويلة من الزمن، هذه فرصة عظيمة من أجل الكثير من القصص والحكايات والتطوير غير المباشر بالزرع في الطفل ما سيثمر في موسمه.

1. كعك العيد

لا يتوقف كعك العيد على فكرة الحلوى ذات المذاق الجيد أو حتى قطعة العجينة التي نتركها حرة في أيدي الطفل. يمكنك من خلال الفكرة وأنتِ جالسة بجواره أن تعلميه الأشكال الهندسية المختلفة من خلال العجينة وتحاوريه حولها، ولا تنسي أن تدمجي ذلك في الحكي عن أشكال الطفولة التي استخدمتها وأنت طفلة فهو يشعر بشغف شديد حين تقتربين منه ويهتم بتفاصيلك وأنت في مثل سنه؛ المثلث والمستطيل والمربع والدائرة، ماكينة البسكويت قد تلعب أيضًا بجانب أدوات الكعك من المناقيش دورًا عظيمًا في تطوير طفلك فهي مكونة من أمواس لها أشكال تعليمية مهمة منها الزجزاج والنجمة.

هي بالطبع أشكال محببة لطفلك وإن كان أول مرة يعرفها فلن ينساها للأبد، ولا تنسي أن العجينة أقرب إلى لعبته المفضلة «الصلصال»، جميع تفاصيلهما وسماتهما معلومات يخزنها عقل طفلك في لحظة ممتعة من اللعب والحكي ومشاركته ما تفعلينه، ويتجاوز الموضوع مجرد تكوين ذاكرة سعيدة لديه إلى معلومات تفيده، وتقوي عضلات يديه وتمنحه قدرة على التحكم في الأشياء، وقد يتطور الموضوع إلى سؤالك عن الفرق بين العجينة وبين الصلصال وهي درجة متطورة من التفكير لديه فلا تفوّتي على طفلك وعلى نفسك تلك المتعة.

2. الذاكرة السعيدة

لا تقللي من ذكريات طفلك السعيدة، هي كل ما يملكه في عمره الصغير والأساس الذي يُبنى عليه للغد، امنحيه فرصة لخلق ذكريات معك أنت أمه وأسرته، أخبريه عن أشكال الطعام المختلفة التي يتناولها أقاربه في تلك المناسبات وأسباب وجودها، فحين يكون الترمس أحد الأطعمة المقدمة في عيد الفطر اجعليها فرصة لإخباره عن أهمية الترمس كنبات واخرجي خارج كادر التدريس إلى الحكي وكيفية زراعته وإعداده، فقد يطلب منك يومًا ما إحضار بذور الترمس وزراعتها، وإن لم يفعل فهو تعرّف على درس جيد في الزراعة، قدمي له أيضًا طبقًا من الكعك الذي ساعدك في صنعه.

3. الأغاني ونس اليوم

أغاني العيد مادة تراثية هامة للطفل، الأغاني تنمي لدى الطفل القدرة على التذكر وتزيد حصيلته اللغوية وتنمي لديه التذوق الفني والإنصات، فاتركي له الفرصة كي يغني ويتعلم أغاني جديدة، وهي ثقافة فكرية ولغوية هامة، اشرحي له الأغاني وأخبريه عن أغانٍ أقدم.

4. تقاليد الزيارة

العيد يمنحك فرصة احتكاك طفلك بالناس أكثر وهو معك، ويمنحه فرصة التعرف على عائلته وآداب الزيارة واستقبال الناس وإجادة التعبير والتواصل الجديد مع أقرانه الآخرين وتفريغ طاقة معهم، وقد يستمد ما هو جيد من جلسته ووقته معهم أثناء الزيارة، فاللعب يعطي الطفل إحساسًا بالتحرر من الوقت فهو ينغمس فيه ويختبر العالم من خلاله كما قال «ستيوارت براوين – Stewart brawn»، فطاقة اللعب تنشط عقل طفلك خاصة مع من لم يعتد اللعب معهم ويراهم لأول مرة، وبالتالي فلا تتركي طفلك في المنزل وأشركيه في زيارات العيد.

5. العيدية: أكثر من مجرد ادخار

عيدية الطفل هي فرحته الأولى فلأول مرة تمنحيه أنت ومن حوله الكثير من الأموال دون سبب، يتعدى حجمها ما يعتاد الحصول عليه يوميًا، لا تخشي مهما كان عمر طفلك من الحديث معه عن الأموال، واجعليه يمسك بيديه العملات الورقية. فعند بلوغه ثلاثة أعوام يجب أن تكون قد تكونت لديه صورة عن الأموال ووظيفتها وبعض معانيها، ويفضل أن يكون قد بدأ في امتلاك حافظته المالية. وفي هذه الأثناء لا يتعلم طفلك الادخار ولا العطاء فقط، هو يتعلم الإدارة، وكذلك ارتكاب الأخطاء، والاستفادة من هذه الأخطاء باستخلاص النتائج.

يمكنك الرجوع لهذا المقال ففيه تفاصيل تعليم الطفل الإدارة المالية وفق سنّه: كيف تعلم طفلك إدارة أمواله؟

6. أخبري طفلك عن الكواكب وحركتها والوقت

ماما تخبز كحك العيد/ بابا يصلي صلاة العيد/ شفتي ماما جابت لي إيه/ نون صغير ياختي عليه.

توقيت العيد بالنسبة لطفلك لا يشغله أحيانًا، ولكن ربطك شراء الملابس الصيفي الآن بعيد الفطر وحديثك السابق عن العيد في الشتاء سيمنحه الفضول فرصة التعرف على طبيعة التواريخ الميلادية والهجرية ومتى يأتي العيد ورمضان في الصيف ومتى يأتي في الشتاء.

تأكدي أنكِ إذا أجدتِ الشرح فسينفعل معك طفلك وينتبه ويعلم من أين أتت المفارقة، بل قد ينتظر هو الآخر وقتًا جديدًا للحالة بتفاصيل جديدة مما ينمي الخيال لديه والقدرة على التفرقة بين الأوقات ومحبتها، كما أن رؤية الهلال يمكن شرحها بطريقة جذابة تمنحه وعيًا وفهمًا لما يحدث ومعرفة أيضًا، راقب مع طفلك الإيقاع اليومي لشروق الشمس فيأتي النهار، ثم غروبها فيحل الليل.