خلافة عباس هي معركة، قد تكون أطرافها معروفة نسبيًا، ولكن أوراق اللعب ما زالت خفية، وكذلك فرص كل مرشح لم تصبح جلية بعد.فمن يمتلك الحظوظ الأوفر لخلافة عباس؟


4. ماجد فرج: جنرال التنسيق الأمني

يعتبر «ماجد فرج» الملقب بـ «جنرال التنسيق الأمني» ورئيس جهاز المخابرات الفلسطينية العامة في الضفة الغربية منذ عام 2009، من أبرز المرشحين المحتملين لخلافة عباس.

فرج من مواليد عام 1962، من سكان مخيم الدهيشة للاجئين جنوب بيت لحم، التحق بجهاز الأمن الوقائي كمدير لأكثر من محافظة مثل دورا وبيت لحم؛ إلى أن تم تعيينه مديرًا لجهاز الاستخبارات العسكرية عام 2006، وكان من ضمن اللجنة الثلاثية لحركة فتح في الحوار مع حركة حماس في القاهرة، وكان فرج إلى جانب موقعه في إدارة المخابرات الفلسطينية، يعمل عضوًا في وفد المفاوضات برفقة صائب عريقات.

لم يدخر ماجد فرج جهدًا لتقديم نفسه للولايات المتحدة وإسرائيل ليثبت لهم أنه الأحق بخلافة عباس.

يعتبر الشريك الأساسي في مفاوضات المصالحة الفلسطينية-الفلسطينية، وقربه من عباس رشحه بقوة ليكون خليفة محتملًا له، وفقًا للعديد من المراقبين، فهو لديه الكثير من المقومات التي تجعله من أقوى المنافسين.

لم يدخر فرج جهدًا لتقديم نفسه للولايات المتحدة وإسرائيل ليثبت لهم أنه الأحق بالمنصب، وبالفعل حظي فرج بثقة كبيرة من جانبهما، خاصة بعدما صرح خلال العام الحالي 2016 أنه نجح مع قواته في منع ما لا يقل عن 200 هجوم على إسرائيل منذ أكتوبر/تشرين الأول 2015، خلال «انتفاضة السكاكين».

فالمعروف عنه أنه يؤدي دوره في التنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي بالضفة الغربية بامتياز؛ لذلك لُقب بـ «جنرال التنسيق الأمني»، وقد امتدحته جهات رسمية أمريكية، بينها وكالة الاستخبارات المركزية «سي آي إيه» لجهوده التي أدت إلى اعتقال أبو أنس الليبي المطلوب في تفجير السفارة الأمريكية في كينيا عام 1998.

فالولايات المتحدة وإسرائيل تعتبر ماجد فرج ضابطًا مهنيًا ساهم في إعادة بناء المنظومة الأمنية الفلسطينية بعد الانتفاضة، وبعد خروج السلطة الفلسطينية من قطاع غزة. لذلك قد تكون إسرائيل مهتمة بتنصيب فرج خليفة عباس، حيث نشر موقع «المصدر» تقريرًا حول السلطة الفلسطينية جاء فيه: «إن الأوساط السياسية في تل أبيب، باتت ترشح وبقوة، اللواء ماجد فرج، ليكون خليفة للرئيس محمود عباس أبو مازن».

وبحسب الموقع فإن هذه الأوساط أكدت أن «فرج أعاد إلى جهاز المخابرات مكانته، وهي المكانة التي لم تكن فقط على الصعيد الفلسطيني الداخلي فحسب، وإنما كذلك على صعيد أجهزة المخابرات العالمية، كجهاز يمكن الاعتماد عليه والتعاون معه في الكثير من الملفات الشائكة والحساسة».

ولكن على الصعيد الآخر، فقد اشتعل الشارع الفلسطينى وازدادت حدة غضبه، بعد تصريحات فرج حول إحباط 200 عملية للمقاومة، واعتقال 100 فلسطيني خلال تلك الفترة، كما أثارت تلك التصريحات غضب الفصائل الفلسطينية، وقد دعا النائب عن حركة حماس «يحيى العبادسة»، المحكمة العسكرية الفلسطينية إلى المباشرة بإجراءات مقاضاة فرج بتهمة «الخيانة العظمى».

ولم تقتصر حملة الانتقادات ضد فرج على معارضي السلطة الفلسطينية، بل إن بعض الانتقادات صدرت أيضًا من داخل صفوف القيادة في حركة فتح، وهو الأمر الذي قد يُشكل تحديًا أمام ترشح فرج للرئاسة.


5. مروان البرغوثي: مانديلا فلسطين

يعتبر «مروان البرغوثي» القيادي البارز في فتح أحد المرشحين لخلافة محمود عباس؛ نتيجة شعبيته الواسعة بين صفوف الشعب الفلسطيني.

هو من مواليد 6 يونيو/حزيران 1958، في رام الله، ويعتبر أحد مؤسسي الشبيبة الطلابية في الضفة الغربية، وترأس حركتها في جامعة بيرزيت في بداية الثمانينيات، وترأس كذلك اتحاد الطلاب هناك. وحصل البرغوثي على بكالوريوس في التاريخ والعلوم السياسية من الجامعة نفسها، ثم الماجستير في العلاقات الدولية.

ويرى كثيرون في البرغوثي صورة شبيهة بالقائد الجنوب إفريقي نيلسون مانديلا الذي قاد معركة النضال ضد العنصرية من سجنه إلى أن اضطر النظام إلى إطلاق سراحه؛ لذلك أطلقوا عليه «مانديلا فلسطين».

اُعتقل البرغوثي عدة مرات منذ عام 1978 وحتى العام 1986، وفُرضت عليه الإقامة الجبرية قبل إبعاده خارج البلاد، ثم عاد بعد توقيع اتفاق أوسلو وفاز في انتخابات أول مجلس تشريعي فلسطيني عام 1996، وقد فشلت كل محاولات اغتياله أثناء انتفاضة الأقصى، إلى أن اُعتقل في ذروة اجتياح الضفة الغربية الذي أطلقت عليه إسرائيل عملية «السور الواقي»، وهو يقضي حاليًا حكمًا بالمؤبد خمس مرات.

وقد أكدت زوجته أنه ينوي الترشح لرئاسة السلطة بعد عباس، وتكمن فرصته في تمتعه بـ«الشرعية الثورية»، وأن وجوده في الأسر على خلفية مواقفه ونشاطاته الوطنية، وتمتعه بشعبية كبيرة تؤهله للفوز في أي انتخابات قادمة، ويَعتبِر البرغوثي أن توليه رئاسة السلطة هو الوسيلة الوحيدة لتوفير ضغط دولي ومحلي على إسرائيل لإطلاق سراحه.

كما نشر البرغوثي خطته التي اتفق فيها مع حركة حماس لتوسيع الانتفاضة الشعبية، في إشارة احتجاج منه على السياسة الحالية للسلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس.

وطالب البرغوثي بوقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، وهاجم طريق المفاوضات لأنها لم تعد ذات جدوى، في حين أن المسيرة السياسية مع إسرائيل جاءت على حساب الحديث عن التحرير، والاكتفاء بالحديث عن الأطر القانونية وقرارات الأمم المتحدة.

ومما يعزز من احتمالية أن يخلف البرغوثي عباس، الجهود التي تبذلها مصر من أجل الإفراج عن البرغوثي، حيث قالت وزارة الخارجية المصرية في بيان لها في أبريل/نيسان 2016 أن «مصر تُكنّ تقديرًا بالغًا للسيد مروان البرغوثي، وتعتزم استمرار بذل الجهد من أجل الإفراج عنه».

بالرغم من ذلك بقي لديه عوائق أساسية في الطريق للرئاسة الفلسطينية، حيث أن عليه أن يتم اختياره في مؤسسات فتح كمرشح رسمي للمنصب، وإطلاق سراح مسبق له من السجون الإسرائيلية.

ويرى البعض أنه إذا تم إطلاق سراح البرغوثي، لن تكون احتمالات وصوله إلى كرسي الرئاسة مؤكدة. ففي حين لا تزال الاستفتاءات تبين أنه الزعيم الأكثر شعبية في حركة فتح، قد لا يستمر هذا التقدم إذا خرج من السجن.


6. جبريل الرجوب: بين الفيفا واللجنة المركزية

ترتفع فرص خلافة البرغوثي لعباس في ظل الشعبية الواسعة التي يتمتع بها بين صفوف الفلسطينيين.
يمتلك جبريل الرجوب علاقات مهمة مع إسرائيل، وكان أحد المداومين على حضور مؤتمر بيريز للسلام.

من بين الأسماء المرشحة لخوض غمار السباق على الرئاسة، رئيس جهاز الأمن الوقائي السابق «جبريل الرجوب»، وهو من مواليد بلدة دورا عام 1953، وقد قضى 17 عامًا في السجون الإسرائيلية لإلقائه قنبلة يدوية على سيارة عسكرية إسرائيلية، وقد تم إطلاق سراحه من السجن عام 1985، ثم عاد إلى الضفة الغربية بعد اتفاقات أوسلو عام 1994، حيث أصبح رئيس قوة الأمن الوقائي للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، وبصفته رئيس أكبر وأقوى جهاز شرطة سرية في الضفة الغربية، يدافع الرجوب عن الأمن الفلسطيني من خلال السلام مع إسرائيل.

ورجوب يُوصف بأنه قائد يتمتع بكاريزما لافتة، ويمتلك العديد من عناصر القوة التي تؤهله للتنافس على خلافة عباس، منها أنه عضو في اللجنة المركزية لحركة فتح، ومسئول أمني سابق، ورئيس لاتحاد كرة القدم، وتذكر بعض التقارير أنه مدعوم من قطر.

فضلاً عن أنه يمتلك علاقات مهمة مع إسرائيل، وكان أحد المداومين على حضور مؤتمر بيريز للسلام.

ولكن شعبية الرجوب قلت بصورة كبيرة؛ بسبب موقفه بسحب طلب تجميد عضوية إسرائيل في الفيفا، قبل التصويت بلحظات، وإكماله مسيرة التنازلات بمصافحة نظيره الإسرائيلي.

فقد ظهر الرجوب وهو يصافح أفي لوزون، رئيس الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم، خلال اجتماعات الجمعية العمومية للاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا»، وهو أمر أثار حفيظة الجماهير الفلسطينية بشكل كبير.

كما يُقابل الرجوب أيضًا بهجوم أردني مماثل، وذلك على خلفية عدم دعمه لمرشح الأردن لرئاسة الاتحاد الدولي الأمير علي بن الحسين، مقابل دعم السويسري جوزيف بلاتر.

كما أن لديه خصوم كثر في اللجنة المركزية، ومن غير الواضح فيما إذا كان لديه القدرة على تشكيل معسكر موالٍ له من بين أعضاء اللجنة.

المراجع
  1. بلال ياسين، "نيويورك تايمز: هل سيرحل عباس قريباً ومن سيخلفه؟"، موقع عربي21، 29 فبراير 2016.
  2. محمد يونس، "بدء معركة خلافة عباس ودخان التنافس يرتفع تدريجياً"، موقع الحياة، 10 يناير 2016.
  3. "تقرير اسرائيلي مترجم: من يخلف الرئيس عباس؟"، وكالة معا الإخبارية، 5 يوليو 2014.
  4. علي واكد، "اللواء ماجد فرج: هل نتحدث عن وريث عباس؟"، موقع المصدر، 30 مايو 2015.
  5. "خليفة عباس حديث الصحافة الغربية، و7 شخصيات مرشّحة تشعل صراعاً داخلياً في السلطة"، موقع هافينغتون بوست عربي، 28 فبراير 2016.
  6. "اليوم الأول الذي يلي رحيل عباس: اجتهادات وسيناريوهات إسرائيلية"، موقع جريدة النهار، 8 يونيو 2016.