هناك مشهد شهير من مسلسل «الكبير» للفنان «أحمد مكي» عُرف وقت عرضه بمشهد «تيتانيك». يبدأ المشهد بوجود «جوني» رفقة المنتج «أحمد السبكي» والذي يقنعه أنه المنتج الأصلي للفيلم الأمريكي «أفاتار»، وأنه قام بإحضار الممثلة العالمية «ميجان فوكس» لتشاركه إعادة تصوير فيلم «تيتانيك» وذلك لأن الفنانة «كيت وينسلت» مشغولة بعمل تليفزيوني مع «ستيفن سبيلبرج» في رمضان القادم.

تقتحم المشهد سيدة ممتلئة القوام ويتم تعريفها على أنها ميجان بنفسها ليعلّق جوني أن هذه السيدة ليست ميجان فوكس بالطبع ولكنها «ميجان سيدان وبفتحة سقف».

هذا النوع من الكوميديا التي تحتوي على تنمر واضح للوزن هو أمر غير مقبول بالطبع، لكن ما يعنينا هنا هو الكوميديا النابعة من ولع المصريين بتقليد الأجانب بشكل يبدو مبتذلًا لأبعد حد. لكن ما علاقة ذلك بكرة القدم؟ حسنًا فلنعد لميجان فوكس الحقيقية.

ظهرت الممثلة الأمريكية ميجان فوكس قبل سنوات بقميص مطبوع عليه شعار مانشستر يونايتد وصورة المهاجم المكسيكي خافيير هيرنانديز الملقب بتشيتشاريتو.

تناولت الصحف آنذاك تلك الصورة بشكل واسع وسط تأكيدات أن ميجان مشجعة وفية لنادي مانشستر مع تلميحات لإمكانية وجود علاقة عاطفية بين فوكس والمهاجم الشاب.

لا تحتاج سوى أن تتصفح موقع تويتر خلال الشهور الماضية لتشاهد النسخة المصرية من ميجان فوكس وهي تشجع مانشستر يونايتد وتتغزل في رونالدو، نعم إنها الفنانة سمية الخشاب والتي قدمت نفسها عبر تويتر كونها مشجعة وفية لمانشستر يونايتد وترى السير أبًا روحيًا ورونالدو المنقذ الذي يستحق شارة الكابتن لأنها حق الله.

هذا لا يعيب سمية الخشاب بالطبع، لكن الأزمة أنها تتناول كرة القدم بشكل مبتذل للغاية ولا يختلف عن معرفة السبكي بميجان فوكس وكيت وينسلت في مشهد تيتانيك مكي الشهير.

إذا كنت ترى أن في هذا اتهامًا للفنانة الشهيرة ومصادرة على آرائها الكروية، فيكفي أن أقول لك إن الفنانة علقت على خبر حمل جورجينا زوجة اللاعب رونالدو بتوأم أنه من الأولى أن يحرز رونالدو أهدافًا في الملعب، قبل أن تحذف التغريدة لما بها من إيحاءات.

أما سوء مستوى سولشاير فقد عقبت عليه سمية الخشاب كالتالي: نهاية ابن بريتا على إيدي إن شاء الله. نعم إنها تقصد السيدة بريتا والدة أولي سولسكاير.

ربما تحب سمية الخشاب كرة القدم وربما تشجع مانشستر يونايتد ولا ينكر عليها أحد ذلك، لكن أعتى مشجعي مانشستر يونايتد في مصر لا يعرف اسم والدة سولسكاير بالطبع، فلماذا تعرفه سمية الخشاب إذن؟ إنه الترند.

كرة القدم: الترند الذي يبحث عنه البعض

لا يمكن بأي شكل من الأشكال فصل المشاهير عن تشجيع كرة القدم، فسحر كرة القدم لا يصيب مشجعي الدرجة الثالثة وحدهم لكن تكمن الفكرة في تناول هؤلاء المشاهير لتفضيلاتهم من أندية.

النجم تتابعه العيون أينما ذهب ولذا فإعلان النجم عن ناديه المفضل يستلزم النقاش والتأكيد والنفي والانتقاد ثم …لا شيء على الإطلاق. ينتهي الأمر هنا، قد يظهر النجم بقميص فريقه المفضل من آن إلى آخر وحسب.

دانييل كريج رمز جيمس بوند الحالي مشجع وفي لليفربول، أما دانييل داي لويس الممثل الأفضل عبر التاريخ فهو لم يتوقف عن تشجيع نادي ميلوول الجنوبي الذي يجهله الكثيرون، إدريس ألبا وكيفن كوستنر مشجعان لأرسنال وهكذا.

لا يمكن أن تجد أي تفاصيل غير ذلك تربط هؤلاء النجوم بتلك الأندية أكثر من الخبر نفسه، والسبب ببساطة أن هؤلاء لا يطمحون لصناعة تريند وحلبه مع الوقت.

لا يمكننا هنا أن ننكر أن بعض الأندية والشعارات تضعك في قلب التريند دون مجهود. الزمالك والوفاء، الأهلي والبطولات، برشلونة والكامب نو وأرسنال الذي ربما يجعلك مشهورًا من الأساس.

أندية تصلح للتريند دون غيرها

وقتما سيطر برشلونة على مقاليد كرة القدم في العالم ظهر عديد من الفنانين بقميص برشلونة في قلب الكامب نو وكأنه طقس من أهم طقوس الفن في الوطن العربي. في المقابل فإن ناديًا مثل برشلونة يتعامل مع مشجعي الكامب نو على أنهم سائحون في الأساس.

تعد جولة كامب نو أشهر مناطق الجذب السياحي في مدينة برشلونة، والتي جذبت 32 مليون سائح عام 2016. يقدر النادي أن عشرة آلاف من متوسط ​​78 ألف مشجع لكل مباراة في الدوري هم زائرون لمرة واحدة من خارج إسبانيا.

اعترض مشجعو برشلونة الأصليون بالطبع على الأجواء في ملعبهم لدرجة أنهم ضغطوا على النادي لتلقي المزيد من الاهتمام والسماح لهم بالوقوف معًا على الأقل، لكن ما يعنينا هنا أن التعامل السياحي مع كرة القدم مفهوم لكن الأمر في منصات التواصل الاجتماعي مختلف.

التعامل مع كرة القدم على أنها تريند سوشيال ميديا وفرصة للتواجد يتطلب وجود مادة دسمة ومستمرة من الأحداث التي تحتاج للتعليق ليظل النجم موجودًا بين الجماهير، وهنا يكمن سر خطير وهو اختيار النادي الذي سيلتصق به النجم.

أنت لا تحتاج كفنان سوى ربط نادٍ ما بشعار تعرفه الجماهير جيدًا لتصبح التريند. قميص الأهلي وعدد البطولات أو قميص الزمالك والتأكيد أنها ليست قصة كم بطولة! أما إذا لم تكن من المشاهير في الأساس وأردت أن تركب تريند كرة القدم فعليك بالأرسنال دون شك.

لا يمكن أن تحصي عدد المنشورات التي تتعلق بالأرسنال عقب كل مباراة. سواء فاز أرسنال أو خسر فهناك دومًا حديث ساخر حول تلك النتائج أو حتى حديث درامي يتعلق بنادٍ كان يومًا ما عظيمًا.

هنا لا يمكن أن تنكر ذكاء الفنانة سمية الخشاب أو الشخص الذي يدير حساباتها فيما يتعلق باختيار مانشستر يونايتد وهو النادي الذي ينافس دون ألقاب ولا يخلو من أحداث طوال الموسم.

تجربة كأس العالم: واحنا مالنا

يتخطى الأمر أحيانًا مجرد التشجيع والتريند من الفنانين ليتحول إلى إصرار عجيب لاقتحام المشهد الرياضي دون منطق إطلاقًا خاصة إذا ما تعلق الأمر بالمنتخبات الوطنية، وهنا لا يمكن أبدًا أن نغفل مأساة كأس العالم روسيا 2018.

لا ينسى أحد أفواج الممثلين الذين سافروا عبر الشركات الراعية إلى روسيا تحت شعار مؤازرة المنتخب المصري، فهم صوت الشعب وممثلوه وقطاع لا يمكن إنكاره.

أقام النجوم في نفس فندق الفريق المصري بل وزاد الحديث آنذاك عن مطالب الفنانين وأبنائهم لالتقاط الصور مع اللاعبين من داخل الغرف في أوقات لا تناسب اللاعبين على الإطلاق وذلك احتفالًا بكأس العالم.

خسرت مصر ثاني مبارياتها في كأس العالم ضد روسيا بخماسية نظيفة لتصب الجماهير جام غضبها على الفنانين، الذين تبرؤوا من الموقف بكامله مؤكدين أنهم فقط سافروا لدعم المنتخب كما أنهم لم يتقاضوا أجرًا عن ذلك بل فقط وفرت لهم تذاكر الطيران وفندق الإقامة، ثم أن هذا المنتخب سيئ جدًا وطبيعي أن يخسر المباراة!

الحقيقة أن الرابط بين الفن وكرة القدم بعيدًا عن التريند يجب أن يكون أعمق من تلك المشاهد، فكرة القدم فن في حد ذاتها ولا عجب أن يتذوقها الفنان ويشعر بتفصيلاتها الدرامية والفنية أكثر من غيره.

ربما ذلك هو ما قصده فينجر عندما أطلق تصريحه الشهير: كرة القدم فن تمامًا مثل الرقص لكن فقط عندما تلعب كرة القدم كما يجب تصبح فنًا.

لعب فينجر رفقة آرسنال كرة القدم كما يجب وكانت فنًا رفيعًا لا يضاهيه فن، هل تعرف الفنانة سمية الخشاب عن ذلك شيئًا؟ أشك والدليل أنها لن تفوت تريند أرسنال ومانشستر أبدًا كما هو موضح.