مشهد متكرر: يظهر الوافد المنضم حديثًا إلى صفوف أي فريق في المؤتمر الصحفي المنعَقد لتقديمه. يؤكد للجميع أن تاريخ النادي العريق وسمعته الواسعة هما السبب الرئيسي في قراره بالانتقال إلى هذا الفريق بالتحديد، وأنه كان يحلم منذ الصغر بالتواجد في هذا الكيان.

إن كنت تعمل في أحد المنابر الصحفية؛ فإن وضع ذلك النص في مقدمة أي نقل لأحداث المؤتمر الصحفي، الخاص بتقديم أحد اللاعبين، يُعد من الثوابت، أما إذا كنت متابعًا عاديًا؛ فحاول إهمال تلك الدباجة البالية في فاتحة خبر الانتقال وانتقل إلى الفقرة التالية مباشرة.

يتهرب اللاعبون من الأسباب الحقيقية في كل مرة. أتساءل دومًا: متى ستكون لدى أحدهم الجرأة ليعترف على الملأ أنه قد اختار ذلك النادي دونًا عن سواه لأن مقابله المادي كان أفضل؟ أو أي سبب آخر حقيقي يُجسد به الدافع الأبرز لقراره ذاك.

أتفهم أحيانًا هروبهم من الحقيقة لصعوبة الاعتراف بالميول المادية أمام الجماهير، لكن مؤخرًا هناك ميولٌ مختلفة تطفو على سطح القرارات، يُعد أهمها إرضاء الطرف العاطفي الآخر أو شريكة الحياة؛ فهل نحصل يومًا ما على اعتراف لاعب معين بأنه رحل عن هذا النادي إلى ذاك لأن صديقته أو زوجته ترغب في هذا؟ سنقوم بالمهمة -عنهم- مؤقتًا.


«دافيد دي خيا» والعيش في مدريد

تفاقمت أزمة حراسة المرمى في ريال مدريد عند انخفاض مستوى الحارس المخضرم وأسطورة النادي الملكي، «إيكر كاسياس». وقتها لم تجد الجماهير بديلًا أفضل لحماية عرين الميرينجي من مواطنه لاعب فريق مانشستر يونايتد «دافيد دي خيا».

على الفور، بدأ سباق المفاوضات مع الحارس الذي كان قد بدأ نجمه في الظهور داخل مدينة مانشستر حتى تحول إلى الركيزة الأساسية للشياطين الحمر في ظل ضعف عام في مستوى الفريق. المهمة تبدو مستحيلة على إدارة ريال مدريد.

المعروف هو أن الصفقات التي تتم في كرة القدم لا تختلف كثيرًا عن مسمى «صفقة» الدارج في أي عمليات تُجرى خارج إطار المستطيل الأخضر. الكل يبحث عن مواطن قوى في موقفه والأهم مواطن ضعف في موقف الطرف الآخر. هكذا تحصل على أرضية صلبة في التفاوض ومن ثم فرصك في إنهاء الأمور لصالحك تزداد شيئًا فشيئًا. وفي حالة «دي خيا»، كان هناك العديد من مواطن القوى التي تُرجح كفة مدريد على عكس ما بدا من البداية.

استندت عملية إقناع «دافيد» بالانتقال إلى مدريد على عدة نقاط أهمهم أن عقد اللاعب كان على وشك الانتهاء وبالتالي هناك فرصة لإقناع الإدارة الإنجليزية بالحصول على مقابل مادي عوضًا عن رحيله مجانًا بعد وقت قليل، لكن يحتاج ذلك إلى إقناع اللاعب نفسه بضرورة انتقاله إلى مدريد وعدم التفكير في تجديد تعاقده أو اختيار ناد آخر، هنا جاء دور «إدورين جارسيا».

أشارت تقارير عدة أثناء شتاء 2017 إلى أن الحارس الإسباني كان لديه مشكلة مع صديقته «إدورين»، التي تعمل كحكم في أحد برامج الترفيه في إسبانيا، وتُقيم تحديدًا في العاصمة. تتلخص تلك المشكلة في أن الوقت الذي يقضياه معًا قليل جدًا، ولا يساعدهم على تكوين الأسرة التي يطمحون فيها. «دي خيا» لا يتواجد في إسبانيا كثيرًا، وعليها أن تُفرغ هي من وقتها أكثر لكي تتواجد معه في إنجلترا، وهنا تكمن المشكلة الأكبر.

ترى «إدورين» أن مانشستر مدينة بلا حياة. يعود ذلك لطباع المدينة الصناعية الخالي من أي متعة تسوق أو ما شابه، وهو بالطبع ما لا يروق لمطربة شابة مثلها. سبّب ذلك اللغط قوة في موقف ريال مدريد مع اللاعب، وسهل مهمة إقناعه حيث إن مدريد تُعتبر المدينة المثالية بالنسبة لصديقته، وهو المكان الأفضل لإقامة أسرتهما فيه من وجهة نظرها!.

وبالرغم من كون الصفقة لم تتم حتى اللحظة، لكن الأسباب الأخيرة لا تزال قائمة حتى كتابة هذه السطور،والجميع يؤكد أن انتقال «دي خيا» إلى مدريد يُعتبر مسألة وقت ليس أكثر.


الوكيلة السرية لـ«جوزيه مورينيو»

بيدرو رودريجيز, دانيلا سمعان,فابريجاس,
بيدرو رودريجيز, دانيلا سمعان,فابريجاس,

الهروب من مدينة مانشستر يُعتبر شيئًا ثابتًا عند كل صديقات اللاعبين أو زوجاتهم على ما يبدو. وإن اعتبرنا الحديث فيما يخص «دي خيا» كان حول صفقة كانت على وشك الانتهاء؛ فأمر «بيدرو» مُختلف تمامًا. في بوابة الانتقالات الصيفية لعام 2015، كان على الجناح الإسباني لفريق برشلونة، «بيدرو رودريجيز» البحث عن نادٍ بديل بعدما خرج من خطط الفريق الكتالوني.

في ذلك الصدد، كان مانشستر يونايتد صاحب الفرصة الأكبر في الحصول على توقيع اللاعب. الأمور كانت شبه مستقرة في عملية الانتقال من برشلونة إلى مدينة مانشستر؛ وعليه سافر «إد وودوارد» المدير التنفيذي لنادي مانشستر يونايتد إلى كتالونيا من أجل إنهاء التفاوض بشأن الجناح الأسباني، في الوقت ذاته، كان «جوزيه مورينيو»، المدير الفني لنادي تشيلسي آنذاك، قد استعان بوكيلة سرية من أجل قلب موازين الصفقة لصالح الـ«بلوز».

توجد صداقة قديمة، طويلة بين «سيسك فابريجاس» لاعب تشيلسي وبين «بيدرو». تعود تلك الصداقة إلى كون اللاعبين زميلين سابقين في صفوف برشلونة ولأنهما تزاملا كثيرًا في معسكرات المنتخب الأسباني. بالتالي فإن هناك معرفة قوية بين صديقة الأول «دانيلا سمعان» وبين صديقة الثاني «كارولينا مارتين».

إدارة تشيلسي تدخلت في الصفقة بشكلٍ سري، حيث أخذت من برشلونة الأذن للتفاوض مع اللاعب من أجل تغيير رأيه، وبعد ذلك سيكون هناك تفاوض حول قيمة الصفقة بين الناديين. دور «دانيلا» كان الأبرز في ذلك.أقنعت صديقتها بأن العيش في لندن أفضل كثيرًا من العيش داخل مانشستر، وأن الحياة في العاصمة لا يمكن مقارنتها بأي مدينة أخرى.

إضافة لما سبق، فإن التعامل السيء مع «فيكتور فالديز» من قبل المدير الفني لليونايتد في ذلك الوقت «لويس فان خال»، والخوف من مصير مشابه لما حدث مع «دي خيا» بإجباره على التجديد للفريق؛ كانت الأسباب الأبرز في إقناع «بيدرو» بحجز طائرة إلى لندن، والتوقيع لصالح تشيلسي قبل أن تعلن الإدارة في مانشستر، أنها انسحبت من الصفقة بسبب المطالبات المادية من قبل إدارة البلوجرانا.


العائلة قبل كل شيء

الإيطالي ليوناردو بينوتشي لاعب نادي الميلان الإيطالي.

إن وضعنا في الاعتبار الوضع الحالي لفريق ميلان، فإن وصف انتقال المدافع الإيطالي المخضرم «ليوناردو بونوتشي» إلى صفوف الفريق قادمًا من يوفينتوس لا يُمكن أن يخرج عن تعبير «صدمة».

كان مدافع الأتزوري إحدى أكبر صفقات الروسينيري في الصيف الماضي في ظل طموح النادي في العودة إلى جزء ولو بسيط من أمجاد الماضي. صفقة كلفت النادي مبلغًا زهيدًا جدًا مقارنة بالأسعار العالمية في الوقت الحالي «35 مليون يورو».

الغريب في الأمر لا يقتصر على كون «ليوناردو» قد قرر ترك اليوفي فقط، لكن تفضيله الميلان في ظل حصوله على عروض من تشيلسي ومانشستر سيتي: الأول، لديه المدير الفني «كونتي» والذي تربطه باللاعب علاقة وطيدة للغاية.

والثاني، على وشك السيطرة على الكرة الإنجليزية والمجابهة أوروبيًا بكل قوة في ظل امتلاكه لأفضل مدير فني في الوقت الحالي. لذا بدا للجماهير أن قرار المدافع الإيطالي غير منطقي بالمرة. تعَامل الجميع مع هذا الانتقال بتعجب شديد حتى اتضح السبب الكبير وراء قرار اللاعب: العائلة قبل كل شيء.

خروج اللاعب من صفوف السيدة العجوز كان ضروريًا بعد مشكلة وقعت بينه وبين المدير الفني «أليجري»، وهو ما يفسر نصف الأمر، في حين أنه قد صرح قبل مواجهة برشلونة في الأدوار النهائية من دوري أبطال أوروبا العام المنصرم، بأنه قد فكر في اعتزال كرة القدم، تمامًا بسبب الحالة الصحية السيئة لابنه الأصغر «ماتيو».

تلك الحالة الصحية كانت السبب الأبرز في منعه من الخروج من إيطاليا، سواء كان ذاهبًا إلى إنجلترا أو أي مكان آخر. تبعد ميلان حوالي ساعة ونصف عن مدينة تورينو التي تُقيم فيها عائلته، والمؤكد أن زوجة «بونوتشي» وأبناءه يحتاجون لبقائه بالقرب منهم بأكبر قدر ممكن. بالتالي كانت فرصة ميلان سانحة لإقناعه بالتوقيع لصالحهم ما دام قرر الخروج من قلاع السيدة العجوز.


الخدمة الكبيرة لأرسين فينجر

بونوتشي، أليجري، الميلان، يوفينتوس، الكالشيو
بونوتشي، أليجري، الميلان، يوفينتوس، الكالشيو
أرسين فينجر، مسعود أوزيل، الدوري الإنجليزي
«أرسين فينجر» المدير الفني لنادي أرسنال الإنجليزي (يمين)، واللاعب الألماني «مسعود أوزيل».

بعد خروج التشيلي « أليكسس سانشيز» من ملعب الإمارات، كان على المدير الفني الحفاظ على الألماني «مسعود أوزيل» بأي شكلٍ ممكن. خروجه كان سيُعد ضربة كبرى للفريق وحدثًا مُحبطًا جدًا للجماهير التي ما زالت تستوسم خيرًا في المستقبل دون أي مؤشرات لذلك، وكذلك للارتباط العاطفي باللاعب من قبل الجماهير التي تُفضل كرة القدم المعروفة عن الجانرز.

وضع أرسنال فيما يخص المنافسة على الألقاب سيئ للغاية، كان يُفترض أن ذلك سيسهل عملية خروج «مسعود» من ذات البوابة التي خرج منها «أليكسس» وهي انتهاء العقد، وربما إلى نفس الجهة -مانشستر يونايتد- لكن الأيام الأخيرة من التفاوض شهدت اعتدالًا في موقف أرسنال، واقترب تجديد العقد مع الألماني بعدما استندت الإدارة في لندن على ثلاث نقط قوية.

الأولى: أن النادي قام بإبرام صفقات جديدة بالفعل، مما يعني أن الرغبة في المنافسة تزداد، وهو شيء واضح بعد التعاقد مع الأرميني «مخيتاريان» والجابوني «أوباماينج».

الثانية: هي أن المقابل المادي «300 ألف باوند أسبوعيًا» مُرضٍ جدًا لجانب اللاعب الألماني.

الثالثة: هي اقتراب إعلان زواجه من التركية «أمينة جوسا»، والتي ترغب جدًا في العيش في لندن، ولا ترغب في مغادرتها، وبذلك تكون قد قدمت هدية للمدير الفني الفرنسي قد لا تُدرك أهميتها حقًا!.

هناك مقولة تؤكد أن الحياة السعيدة لا تتحقق إلا بوجود زوجة سعيدة. كل الحقائق تشير إلى أن تلك المقولة يمكن تطبيقها بقوة في كرة القدم، خاصة في شئون الصفقات. حيث أن كافة اللاعبين في الوقت الحالي يضعون جانب شريكة حياتهم في مقدمة شروط التفاوض، إن كان في هذا العرض مصلحة أو إرضاء إلى زوجته أو صديقته، فهو مرحب به مقدمًا، وإن لم يكن فكأن الأمر لم يبدأ من البداية، فهل ننتقل في يوم ما من محاولة إرضاء وكيل اللاعب من أجل إقناعه، إلى محاولة إقناع زوجة اللاعب؟