لم تكن هناك دولة واحدة اسمها غينيا، تفرقت إلى 3 دول لعبت جميعًا في كأس أمم أفريقيا. الحق أنك لم ترَ هذا سوى الآن، ولا أنا ولا أحد، لأول مرة في التاريخ تشارك «الغينيات الثلاثة» في بطولة واحدة بكأس أمم أفريقيا، ولكن الرواية التي تقافزت إلى ذهنك ليست صحيحة.

كل ما على الساحل الأفريقي بالنسبة إلى المستعمر الأوروبي كان يطلق عليه «غينيا». البعض يقول إن هذا نسبة إلى خليج غينيا، والبعض يعزو ذلك إلى بعض الاشتقاقات في البرتغالية، والتي تدمج معنى غينيا بمعنى «أرض السود».

لا يهم بالمناسبة لماذا كل هذه الدول تسمى غينيا، بل المهم أن تعرف الفارق بين كل غينيا وأختها.

كوناكري

غينيا كوناكري (وهذا اسم عاصمتها) هي غينيا التي نعرفها جميعًا معشر الكرويين، غينيا الإخوة بانجورا، غينيا نابي كيتا، غينيا التي تلعب كرة قدم ممتعة ولا تفوز بشيء، والتي سجل فيها محمد صلاح هدفًا حاسمًا حينما كان شابًّا في تصفيات كأس العالم.

هي الأكبر مساحة بين الغينيات الثلاثة، تتحدث الفرنسية (لغة المستعمر الذي استقلت عنه في 1958) وهي الأعلى تعدادًا سكانيًّا بأكثر من 7 ملايين نسمة، وفي كرة القدم لها باع طويل قياسًا بأختيها، إنها وصيف أمم أفريقيا عام 1976 أمام المغرب، كان منتخبًا مرعبًا آنذاك بالمناسبة، ولم يفز المغرب عليه في طريق اللقب الذي أتى بنظام التنقيط، وقد شارك في 13 بطولة لأمم أفريقيا.

إبراهيما كانديا ديالو هو هدافهم التاريخي برصيد 33 هدفًا، قبل باسكال فيندونو الذي خاض تجربة احترافية ناجحة في فرنسا، وبالتحديد في سانت إتيان وبوردو وموناكو، ويمكنك أن ترى في القائمة تيتي كامارا وإسماعيل بانجورا سليلي عائلتين تاريخيتين في كرة القدم الغينية، وأشهر لاعب غيني الآن بالتأكيد هو نابي كيتا، لاعب ليفربول ولايبزيج سابقًا.

بالنسبة للنظام السياسي في غينيا، فلا أحمل لك أخبارًا جيدة، البلاد حدث فيها انقلاب عسكري منذ 4 أشهر أطاح بالرئيس السابق ألفا كوندي، وجلب مجنونًا إلى سدة الحكم هو مامادي دومبويا الذي أطلق عيارًا عسكريًّا رياضيًّا طائشًا حين طالب لاعبي المنتخب بدفع ما صُرف عليهم من أموال إن هم أخفقوا في التتويج بكأس الأمم الأفريقية، وقد كان.

الاستوائية

دومبويا ذاك ليس إلا تلميذًا حين نتحدث عن تيودورو أوبيانج الذي يحكم غينيا الاستوائية بالحديد والنار منذ عام 1979. قاد انقلابًا ناجحًا ضد فرانسيس نجوما، وتقلد الرئاسة منذ ذلك التوقيت وفشلت كل محاولات الإطاحة به على كثرتها.

يقود بلدًا (عاصمته مالابو) هو الأصغر مساحة بين الغينيات الثلاثة، بـ 28051 كيلومترًا مربعًا، وعدد سكان لا يصل إلى 1.3 مليون نسمة، سميت كذلك لموقعها من خليج غينيا كما أسلفنا، ولقربها من خط الاستواء، فصارت غينيا الاستوائية، تتحدث الإسبانية (لغة المستعمر الذي استقلت عنه في 1968).

لها إنجاز مهم أيضًا في كرة القدم الأفريقية، لقد استضافت نسخة 2015 ووصلت إلى المربع الذهبي (وإن كان هذا بعد مباراة كارثية تحكيمية في ربع النهائي أمام تونس)، شاركت في البطولة 3 مرات باحتساب النسخة الجارية.

جل لاعبي منتخب غينيا الاستوائية يحملون الجنسية الإسبانية، ويلعبون في الدرجات الأدنى لليجا، لديهم لاعبون في قادش ولانجريو وهيركليس ولاس بالماس وريال سرقسطة، ولديهم إيمليو نسوي الذي خاض تجربة رائعة في مايوركا قوامها 6 أعوام، وكان آخر نادٍ له هو أبويل نيقوسيا القبرصي.

بيساو

دعنا نبتهج بحال غينيا بيساو قياسًا إلى أختيها، إنها دولة ديمقراطية تختار رئيسها بشفافية كل 5 أعوام، ولها نظام حكم فيدرالي يمنح الحكم الذاتي للأقاليم في ظل الدولة الكبرى التي تعد بيساو عاصمتها وخوسيه ماريو فاز رئيسها المدني، نظرية رائعة لكن لا تبتهج جدًّا!

غينيا بيساو الحاصلة على استقلالها من المستعمر البرتغالي في 1973 وثانية الغينيات الثلاثة من حيث المساحة وعدد السكان، هي واحدة من أفقر دول العالم، يقضي أكثر من 80% من سكانها يومهم بأقل من دولار واحد، لا يوجد ما يسر في الغينيات الثلاثة سياسيًّا شأن معظم دول أفريقيا التي يطمئن الحكام فيها على مواقع الدبابات قبل النوم.

هي أقل إخوتها باعًا كرويًّا، لديها 3 مشاركات في كأس الأمم الأفريقية دون بصمة تذكر، هدافهم التاريخي ناندو كو سجل 9 أهداف في 6 مباريات، أهدافه أكثر من مبارياته، وكان أبرز لاعبيهم جورجينيو الذي حمل ألوان مانشستر سيتي في 2015، وكذلك بيليه الذي لعب لميلان وبنفيكا وموناكو وإن كان قد قضى كل فتراته في تلك الأندية معارًا، وكذلك فريدريك ميندي الذي يلعب لفيتوريا سيتوبال من 2018 دون أن يسجل أكثر من 4 أهداف.

غينيا رابعة

هذه غينيا أخرى تقع في أوقيانوسيا، رآها الإسبان والبرتغاليون فاستعمروها وجعلوها هي الأخرى غينيا أيضًا، تقع في النصف الشرقي من جزيرة بابوا (ثاني كبرى الجزر في العالم) في جنوب غرب المحيط الهادي، وتنتمي لقارة أوقيانوسيا، عدوى غينيا ليست في أفريقيا فحسب!

نجمهم الأبرز حاليًّا والوحيد الذي تستطيع أن تجد له صورة على الإنترنت يدعى ديفيد براون، له تجربة احترافية في هولندا، ولديهم نادٍ يدعى هيكاري يونايتد نجح في التتويج ببطولة دوري أبطال أوقيانوسيا.

ما يمكن أن نستفيده كرويًّا من غينيا الرابعة تلك، هو أننا عرفنا الآن عينة من الفرق التي يواجهها أوكلاند سيتي النيوزيلندي في طريقه كل عام إلى كأس العالم للأندية!

وخامسة أيضًا!

بابوا غينيا الجديدة نفسها كانت جزءًا من غينيا الألمانية حتى عام 1918، لقد شكلت ألمانيا غينيا الخاصة بها من مستعمراتها في تلك المنطقة والمكونة من جزر سليمان وبالاو وولايات ميكرونيسيا المتحدة وناورو وجزر ماريانا الشمالية وجزر مارشال وساموا إلى جانب بابوا غينيا الجديدة، قبل أن تفقد كل تلك الأراضي بنهاية الحرب العالمية الأولى وينتهي مشروع غينيا خامسة.