نحن الآن في أغسطس/آب عام 2016، مانشستر سيتي يبدأ الموسم بقوة، ويحقق الانتصار تلو الآخر في الجولات الستة الأولى. يفوز لاعب الفريق السماوي «رحيم ستيرلينج» بجائزة أفضل لاعب في إحدى المباريات، ثم ينشر صورة عبر حسابه على انستجرام رفقة جائزة الدوري الإنجليزي. لكن بمجرد نشر الصورة، ثارت موجة من السخرية على حسابات تويتر وصفحات الكوميكس. 

لم تكن السخرية بسبب عدم أحقية «ستيرلينج»، بل كانت بسبب التصميم الجديد للجائزة، إذ كانت أشبه بصندوق صغير على شكل مستطيل ملوّن بالأصفر والأسود. وهنا بدأ البعض في تشبيه الجائزة تارة بالطوب الأسمنتي المطلي بالأصفر، وتارة أخرى بالأقماع الصفراء التي تستخدم في التدريبات، وتارة ثالثة بعلبة العطور الرديئة. 

ربما كان في إمكان المسئولين الوصول لتصميم أفضل، واختيار لون مختلف عن الأصفر لتهنئة لاعب قدم لتوّه مباراة رائعة، لكن الأكيد أن هذا الصندوق لم يكن أغرب جائزة قدمت في عالم كرة القدم، بل هناك ما يتجاوز حتى خيال صنّاع الكوميكس، هل أنت مستعد للتعرف على بعضها اليوم؟ حسنًا دعنا نبدأ. 

ماذا لو لم يحب السمك؟

قبل بداية موسم 2019/2020، عاد اللاعب النرويجي «مارتن أوديجارد» لناديه ريال مدريد بعد انتهاء إعارته، ليقرر الميرينجي إعارته من جديد، وهذه المرة لنادي ريال سوسيداد. حزم الشاب صاحب الـ21 عامًا أمتعته، وتوجه نحو مدينة «سان سباستيان» التي تطل شواطئها على المحيط الأطلسي. 

التحق صانع الألعاب بصفوف فريقه الجديد، وشارك أساسيًا منذ انطلاق مسابقة الدوري في سبتمبر/أيلول 2019، ليلفت «مارتن» الأنظار قبل أن يقود سوسيداد للفوز بنتيجة 2/0 على أحد أهم المرشحين للتتويج بالليجا: نادي أتليتكو مدريد، حين سجل هدفًا جميلًا أتبعه بضربة ثابتة، نفذها بنجاح، ونتج عنها الهدف الثاني. وكان ذلك كافيًا لإعلان اسمه أفضل لاعب في المباراة.

عاد «أوديجارد» إلى منزله سعيدًا، وفي صباح اليوم التالي تفاجأ باتصال من النادي يطلبون منه الحضور، لماذا؟ لأن أحد الرعاة يريد أن يمنحه جائزة خاصة بعد الأداء الذي قدمه. ربما سرح النرويجي بخياله بعيدًا وظن أنه سيحصل على سيارة جديدة أو ساعة من ماركة خاصة، لكن انتهى به الحال في سوق تجاري كبير، وهذا السوق هو من سيقدم الجائزة.

التقط اللاعب النرويجي بعض الصور مع رواد السوق، ثم طُلِب منه الحضور للمنصة من أجل تسلم الجائزة. ارتسمت البسمة على وجهه، قبل أن يتفاجأ برجل يرتدي ملابس مهندمة يمد يده بالسلام، وفي اليد الأخرى يحمل وعاء معدنياً وفوقه سمكة كبيرة، ليقول: تهانينا يا «مارتن»، هذه جائزتك!

نحن لا نعرف ماذا دار في عقله خلال تلك اللحظة، لكنه ابتسم ابتسامة توحي أنه يندب حظه، من يدري؟ ربما لا يحب المأكولات البحرية.

من لا يحب الدجاج؟

لا أعرف شخصًا واحدًا لا يحب تناول الدجاج، لكني أيضًا لم أسمع من قبل عن شخص حصل على دجاجة حيّة كهدية حتى بدأت في إعداد هذا التقرير، لأكتشف أن الدجاج يستخدم في عالم كرة القدم كجائزة تقدم للاعبين. كيف؟ دعني أخبرك عن حالتين. 

الحالة الأولى في الدوري البولندي، حيث ينشط نادي «جورنيك زابجه». وهو نادٍ يمتلك شعبية كبيرة، وتنتشر مقاطع فيديو لجماهيره على صفحات الاولتراس حول العالم. من بين هؤلاء الجماهير، يقف رجل عجوز اسمه «ستانيسلاف سيتكوفسكي». هذا الكهل لا يفوّت أي مباراة لفريقه المفضل منذ سنوات بعيدة، كما يقوم بأحد أغرب الطقوس على الإطلاق إسبوعيًا. 

بدأ الأمر حين أراد السيد «سيتكوفسكي» تقديم شيء خاص لفريقه، حينها فكر بالاستعانة بمزرعة الدواجن التي يمتلكها، ثم شرع في اختيار أفضل دجاجة، واصطحبها معه في قفص ليقدمها لمن يحصل على لقب رجل المباراة. تكررت هذه العادة كثيرًا، حتى صارت بمرور الوقت جزءًا من هُوية النادي البولندي. ومع نهاية كل مباراة، ينتظر اللاعبون ووسائل الإعلام والجمهور «سيتكوفسكي»، ليعود أحدهم إلى بيته حاملًا القفص الذي يؤكد أنه أدى اليوم بصورة جيدة.

أما الحالة الثانية، فقد وقعت خلال يوليو/تموز لعام 2019، وتحديدًا مع إطلاق صافرة نهاية مباراة ديربي مالاوي، حين تغلب نادي «بيج بوليتس» على نظيره «كارونجا يونايتد» بخماسية نظيفة، كان للمهاجم «حسن كاجوكي» نصيب الأسد منها. فاز «حسن» بجائزة رجل المباراة، وأخبره مسئولو النادي أن عليه الانتظار قليلًا لأن أحدهم يريد أن يقدم له مكافأة. 

لم يكن رئيس النادي، ولا عضوًا في اتحاد الكرة، ولا رئيس لجنة المسابقات، بل كان المنتظر مشجعًا عاديًا يحمل صندوقًا من الكارتون رُسِم عليه اسم «حسن كاجوكي». شرع المشجع في تهنئته، ثم همّ بفتح الصندوق لتخرج منه دجاجة يبدو أنها أصيبت بالإرهاق، في مشهد مشابه لما فعله عادل إمام في فيلم «مرجان أحمد مرجان». 

يقف الرجلان سويًا وهما يحملان الدجاجة لالتقاط صورة تذكارية، ستنشرها الصفحة الرسمية للنادي عبر فيس بوك لتؤكد اعتزاز النادي بمساندة ودعم الجماهير لهم في السراء والضراء. هذا مشهد فريد من نوعه لا يحدث كل يوم.

هل نفد رصيدكم؟

بصراحة لا أعرف ماذا فعل حسن بجائزته؛ هل حولها لوجبة دسمة على العشاء؟ أم احتفظ بها بجانب الميداليات والكؤوس؟ لكني أعتقد أن نظيره «هلومفو كيكانا» لم يتردد في استهلاك جائزته تمامًا.

لحظة واحدة! من هو «هلومفو»؟ هذا هو قائد نادي صن داونز الجنوب إفريقي، ولعلك سمعت اسمه من قبل خلال مواجهات ناديه مع الأهلي والزمالك، لكنه لم يفز أمام أي منهما بلقب رجل المباراة، بل فعلها خلال إحدى جولات الدوري المحلي. 

 كان ذلك في موسم 2014/2015، عندما تم الإعلان عن اسم «كيكانا»، ثم طُلِب منه الانتظار داخل الملعب حتى تنصب منصة الراعي الرسمي للبطولة، شركة الاتصالات «Telkom» التي تعمل في أكثر من 30 دولة إفريقية. ربما تتوقع أن شركة بهذا الحجم ستمنح اللاعب الفائز جائزة ثمينة كسيارة، أو ربما شيك يحمل مبلغًا كبيرًا، لكنها بدلًا من هذا وذاك قدمت له كارت باقة انترنت بقيمة خمسة جيجا بايت! 

طبعًا يبدو الأمر كنكتة، فقط تخيل لاعب مصري يحصل على ما حصل عليه «كيكانا»، ربما كان سيقذف الكارت في وجه مسئول الشركة ويدمر المنصة عن بكرة أبيها، لأنه لم يصارع الخصم طوال 90 دقيقة فقط ليجني باقة إنترنت لن تكلفه سوى مائتي جنيه. دفعني ذلك للشك في بخل الشركة الراعية، والبحث قليلًا حول طبيعة تلك جائزة.  

وبعد بعض الوقت، اكتشفت أن أسعار باقات الإنترنت في جنوب إفريقيا مرتفعة للغاية، بل إن استبيانًا حديثًا يقول إن الدولة الإفريقية تقدم واحدة من أغلى خدمات الإنترنت لمواطنيها في العالم، ولهذا تم اعتبارها جائزة قيمة، لكن ذلك لم يمنعها من أن تتحول لمادة للكوميكس يعاد نشرها على الصفحات العالمية كل فترة.