لم يحظ نظام الأسد بشتاء لطيف؛ فقد فقدت قواته أحياء من العاصمة وإدلب. ورغم جهوده المتكررة، لم يتمكن من استعادة السيطرة على الأحياء التي تقع شمال وشرق العاصمة دمشق. كما كان هناك فشل في حلب والدرعة مما اضطره الى عزل اثنين من رؤساء أجهزته الأمنية.. يحدث كل هذا وسط وضع اقتصادي سيئ.

هذه الأحداث ليست مفاجئة.. ورغم التقارير الغربية المتكررة التي تفيد باستقرار النظام السوري؛ لكن الحقيقة أن الحرب في سوريا هي حرب استنزاف ونظم الأقليات لا تنتصر في حروب الاستنزاف طويلة الأمد. لكن وإلى الآن، ما زال يحظى نظام الأسد ببعض التفوق العسكري والدعم من إيران وروسيا، ما يساعده على إطالة أمد الصراع. لكن بعض التطورات مؤخرا يمكن أن تعد مؤشرا على بداية النهاية لنظام الأسد.

(1) عدم قدرته على الدفاع أو الهجوم المضاد:

رغم أن المعارضة المسلحة أعلنت خططها لمهاجمة عاصمة مقاطعة إدلب قبل ذلك بأسابيع، ولكن النظام افتقد القوات اللازمة لتدعيم دفاعاته عن المدينة التي فقدها في مارس 28 بعد أسبوع من بدأ المعركة. ومنذ ذلك الحين، والنظام يحاول جمع قواته للقيام بهجوم مضاد، ولكن محاولاته باءت بالفشل. وأما في جنوب البلاد بالقرب من الحدود الأردنية، فقد فقد النظام قلعة بصرى الشام في 25 مارس. وفي 2 أبريل، فقد معبر بصرى الشام الحدودي آخر معبر متبقي مع الأردن، بينما تبدوا هجمات النظام متوقفة في هذه المنطقة.

أما في غرب حلب، فتبدو قبضة النظام ضعيفة للغاية نتيجة هشاشة خطوط الإمداد. وفي المجمل يمكننا القول بأن النظام يتحول تدريجيا إلى خانة الدفاع.

(2) زيادة الشقاق داخل صفوف النظام:

هناك أربع إدارات للأمن في سوريا، تعد هذه الإدارات عماد قوة النظام. وفي منتصف مارس، أعلن النظام أن رؤساء إدارتين منهما قد تم عزلهم. فقد تم عزل رئيس إدارة الأمن السياسي رستم غزالة ورئيس شعبة المخابرات العسكرية رفيق شحادة؛ وهناك تقارير غير مؤكدة تفيد بحدوث خلافات بين الرجلين حول الاعتمادية المتزايدة للنظام السوري على إيران. وهناك أيضا تقارير تفيد بأن غزالة قد تم الاعتداء عليه جسديا بتغطية من النظام السوري نتيجة تسريبه وثائق عن التحصينات العسكرية بالعاصمة دمشق إلى المعارضة، وعن ملفات سرية تخص قضية الحريري إلى المحكمة الدولية (اقرأ: هنا).

تلا ذلك ترحيل حافظ مخلوف رئيس هيئة الأمن الوطني السوري وابن خال الرئيس والذي يأتمنه على أمن دمشق وضواحيها. مخلوف وغزالة وشحاده كانوا من الدائرة الضيقة التي تحيط بالأسد ويعد خروجهم من المعادلة في خلال 6 شهور فقط دليلا علي فوضي داخلية تعم بنية النظام لم نرها في الثلاث سنوات الأولي للحرب.

إذا لم يكن هذا كافيا، فقد أمر الأسد مؤخرا باعتقال منذر الأسد في اللاذقية. لم يكن منذر فقط من الدائرة المقربة للنظام ولكنه اسم بارز في قائمة العقوبات لدعمه المستمر للنظام.

تشير تقارير غير مؤكدة بأن منذرا كان على اتصال مع رفعت الأسد (الأخ الأصغر لحافظ الأسد) الذي دعا مؤخرا من منفاه إلى تنحي بشار الأسد (اقرأ: هنا). ربما يكون هذا غير صحيح ولكن الحقيقة أن نظام الأسد نظام عائلي يدار عن طريق آل الأسد وآل مخلوف؛ وهناك إشارات تفيد بوجود خلافات هامة وغير معتادة بينهم.

كما أن الأقلية العلوية بدأت تظهر مللا من الحرب وتريد إنهاءها. والتجنيد الاجباري الذي بدأ في دمشق واللاذقية لم يقابل برضا شعبي. بالعكس، هناك عائلات عديدة تسعى لإخراج أبنائها من سوريا (على العكس من ذلك يمكن ملاحظة استجابة شيعة العراق لدعوات قتال داعش من قبل آية الله السيستاني) (اقرأ: هنا).

ليس هذا فقط، بل إن حركة (صرخة الوطن) المعارضة ما زالت مستمرة في الشارع السوري رغم محاولة النظام انتزاعها من جذورها. وأثناء ذلك، ما زال يحاول النظام استثارة الدروز للقتال في صفه، ولكن يبدو أنهم يفضلون البقاء علي الحياد رغم اقتراب الدولة الاسلامية منهم.

(3) زيادة استعداد النظام لمفاوضات السلام:

رفض النظام مناقشة الخلافات السياسية في مؤتمر جنيف 2. ولكن على العكس من ذلك، فقد أرسل وفدا تفاوضيا إلى موسكو لمناقشة المسار السياسي في 2015. ويبدي النظام ارتياحا أكبر إلى المعارضة الناعمة في موسكو على تلك الثورية في جنيف؛ ولكن استعداده لقبول المباحثات السياسية يعد أمرا جديدا. وأيضا أصبحت لهجته أكثر إيجابية في موسكو حيث قال رئيس وفد المفاوضات الممثل للأسد أن النظام والمعارضة وصلا إلى أرضية مشتركة في الكثير من الأمور الهامة. هذا ليس توقعا باستعداد الأسد للتنحي، ولكنه يبدو أقل صلابة مع الروس ولا يرغب في تدمير طموح قاعدته الشعبية التي تأمل أن ينتهي كابوس الحرب في أقرب وقت ممكن.

في الظروف الغريبة تلك التي تحيط بالنظام السوري والتي حاولنا استعراضها واستعراض مظاهر ضعفه التي يعرفها رؤوس النظام؛ يمكننا أن نري الكثير من الإشارات التي تدل علي بداية النهاية للنظام السوري.


المصدر

?The Assad Regime: The Beginning of the End

مراجع إضافية:

فرضيات تفسر نهاية رستم غزالة

رفعت الأسد: معنويات العلويين هابطة في سوريا.. وعلى بشار التنحي

سوريا.. التجنيد الإجباري يستهدف نصف مليون شاب


اقرأ المزيد:

الجبهة الإسلامية في سوريا (1): الهيكل والدعم (مترجم)

الجبهة الإسلامية في سوريا (2): المظلة والأيديولوجية (مترجم)

الجبهة الإسلامية في سوريا (3): الجلوس مع الأسد خيانة (مترجم)

الجبهة الإسلامية في سوريا (4): الشريعة أو لا شيء (مترجم)