يقدم ليفربول نسخة غير طبيعية لبطل في الدوري الممتاز خلال موسم 2019/20. على ما يبدو، مع تبقي عدد مباريات بسيطة في البطولة، أنهم سيعيدون مجد الفوز بالدوري الذهبي بدون أدنى هزيمة أمام أي مُنافس. دائمًا ما تُعاد ذكرى ذلك الدوري الذهبي عن طريق مُشجعي نادي أرسنال، لكن للمرة الأولى خلال 15 عامًا تقريبًا، يتجدد الحديث عن ذلك المجد مع إمكانية حقيقية لتحطيمه.

لكن أثناء ذلك الاستثناء في أداء الـ«ريدز» واقترابهم من تحطيم رقم تاريخي، تمكن الأرجنتيني «أجويرو» مهاجم مانشستر سيتي، من التسلل وتحطيم رقم الفرنسي «هنري» أحد أبرز أعضاء الجيل الذهبي للـ «جانرز»، عن طريق تسجيل 177 هدفًا فيما مجموعه 255 مباراة فقط.

أكثر من 20 هدفًا في كل موسم ولمدة 6 مواسم مُتتالية، كان ذلك كافيًا جدًا من أجل استعادة صورة الغزال الفرنسي من جديد، بل ووضعه في مقارنة مع أحد أبناء الجيل الحالي من اللعبة، لكن التساؤل الحقيقي هو: لو أُقيمت المقارنة بالفعل، فمن الذي سيتمكن من حسمها لصالحه؟

بديهيات مقارنة

حين تضع مقارنة بين اثنين من المهاجمين من ذلك الطراز، نجح كلاهما في عصره، في أن يصبح أعلى هداف من جنسية غير إنجليزية، فإنك ستنظر مُضطرًا إلى ما يُمكن أن يُطلق عليه «بديهيات مقارنة» وهي عدد الأهداف ومُعدلها وكذلك نسب مساعدته لزملائه في تسجيل الأهداف كذلك.

تشير أرقام كليهما إلى تقارب كبير وواضح بين كليهما، وهي نظرة عامة تختص بعدد الأهداف التي يملكها كل منهما، 175 هدفًا للغزال الفرنسي في 258 لقاءً خاضهم بقميص الفريق اللندني، كان يتحكم بهم في لقب هداف الأجانب داخل المملكة البريطانية. تمكن أجويرو من كسر ذلك الرقم لكن في عدد مباريات أقل، وكذلك بمعدل أعلى بشكل واضح.

نجح المُهاجم الأرجنتيني من تسجيل 177 هدفًا حتى مطلع يناير من عام 2020، من خلال تسجيله لهدف واحد كل 107 دقيقة تقريبًا، بينما لم يتمكن هنري من إحراز الهدف الجديد له قبل مرور 122 دقيقة على الهدف الذي سبقه.

ما ساعد أكثر على إقامة هذه المقارنة هو وجود تشابه لطريقة تأدية كليهما للأهداف، بما أن كليهما يُفضل القدم اليُمنى في التسجيل والتصويب. فحسب معدلات شركة «opta» الإنجليزية للإحصائيات، فإن أجويرو قد سجل بقدمه اليُمنى 125 هدفًا من الـ 177 خاصته، في حين سجل هنري 136 من مجموع ما سجل خلال تاريخه مع الجانرز.

أما ما يخص صناعة الأهداف، فحتى الشهر الأول من عام 2020، فلقد نجح الهداف التاريخي لمانشستر سيتي من صناعة 46 هدفًا، وهو ما يجعله يأتي متأخرًا خلف الفرنسي الذي تمكن من المساعدة في تسجيل 74 هدفًا عن طريق الصناعة والتمرير، وبالرغم من أن تلك الأرقام قد اُحتسبت على 258 مباراة لهنري و255 للأرجنتيني، لكن حتى فارق الـ3 ذلك لا يُعتبر مؤثرًا بالقطع.

المواجهات أمام الكبار

دائمًا ما يدور صراع حول أي مقارنة بين لاعب من جيل سابق ولاعب من جيل حالي. يدور الجدل عادة حول الاختلاف بين صعوبة الظروف في الفترتين، وهو ما يُعتبر عارضًا واضحًا لإقامة أي مقارنة. في المثال الذي نتناقش فيه، ينظر البعض أنه من الصعب مقارنة أداء أجويرو رفقة السيتي، مع أداء هنري رفقة أرسنال، لاختلاف صعوبة الدوري من حيث قوة الفرق المتنافسة.

يمكن التأكيد أن الفارق المالي الحادث في فرق الدوري الإنجليزي قد أثر بالإيجاب على مستوى كافة الفرق، زيادة العوائد المادية يسمح بإضافة عناصر فنية أكبر، وكذلك بيئة أنجح للتطور ومن ثم صعوبة في المنافسة بالغة قد واجهها الأرجنتيني، مقارنة بما قد واجهه هنري خلال فترته بإنجلترا، وتحديدًا فترة الدوري الذهبي.

يعتبر عدد الفرق الكبرى خلال الفترتين، هو أحد أبرز الدلائل على اختلاف القوة بين الحقبتين. أيام الدوري الذهبي لأرسنال، لم يكن للسيتي قوة حقيقية في البطولة، ولا حتى توتنهام، ولذلك كان هناك 4 فرق كبار فقط، بينما في العصر الحالي فقد تواجدت 6 فرق كبرى تتنافس على اللقب، وأصبح مصطلح «الستة الكبار» مصطلحًا دارجًا صحفيًا وجماهيريًا.

ما يجب فعله لتجنب ذلك العارض، هو النظر لما قدمه كل لاعب أمام هذه الفرق دون النظر إلى عدد الفرق نفسها، بينما لعدد الأهداف مقارنة بعدد المباريات، سواء كانت هذه المباريات ضد 4 فرق أو 6 أو أي رقم ممكن من الفرق التي تستحق أن تدرج ضمن فئة الفرق الكبيرة المتنافسة في فترة تواجد النجم.

شارك أجويرو في 69 مباراة ضد الفرق الكبيرة، تمكن خلالهم من التسجيل بمعدل 0.64 هدف لكل مباراة، وما مجموعه 44 هدفًا.

يُشير المعدل بين كلا المهاجمين إلى فارق ليس بالكبير، حيث يملك هنري مُعدل 0.58 هدفًا لكل مباراة ضد الفرق الكبيرة، لكنه سجل عدد أهداف أقل بشكل واضح، فلم ينجح سوى في اقتناص 23 هدفًا فقط خلال 40 مباراة.

الأفضل في تاريخ الدوري الإنجليزي

حسنًا، وصف «الأفضل في التاريخ» بات لفظًا مُبتذلًا جدًا ومُكررًا. يستخدمه الجميع في كل المواضع تقريبًا، لكنه ابتذال ناتج عن تكرار سابق. حيث تم الاستيلاء على كافة الوصوف التي يحتاجها الجمهور من أجل مدح لاعبيهم المفضلين، فلا يجدون غير التاريخ حتى يضعوه عرضة لمبالغتهم في ذلك المدح والحب.

فيما يخص معضلة هنري وأجويرو، فالأمر يخرج بعيدًا عن ذلك الابتذال، حيث أثبت كلاهما قدرته الحقيقية على الدخول في تلك المقارنات بما قدماه خلال سني تاريخهم المهني.

يترتب أجويرو حاليًا في الرابع من حيث هدافي الدوري الإنجليزي عبر التاريخ، المركز الأول لـ«آلان شيرار» بـ260 هدفًا من 441 مباراة، وهو ما يجعل أجويرو متأخرًا بـ80 هدفًا تقريبًا، وإذا ما تم تطبيق معدل أجويرو في التسجيل لتقليص ذلك الفارق، ففي الغالب يمكن تحطيمه خلال 4 مواسم أو أقل، وذلك إذا ما استمر مُعدله سنويًا على أكثر من 20 هدفًا لكل موسم.

يجب إعطاؤه جزءًا من رصيده الذي يستحقه، فهو يستمر في الحفاظ على أفضليته طوال سنين، يفعل ذلك بأفضل شكل ممكن.
المُهاجم الفرنسي «تيري هنري» مادحًا «كون أجويور» مهاجم مانشستر سيتي