قبل أسبوع من الآن، وتحديدًا في الثامن من مارس الحالي، استمعت لجنة الشئون العسكرية بالكونجرس لثلاثة من قادة الجيش الأمريكي وهم الجنرال دايفيد رودريجز -قائد القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا- و الجنرال جوزيف فوتيل -قائد العمليات الخاصة بالجيش الأمريكي- و الجنرال لويد أوستين -زعيم القيادة المركزية بالجيش-، وكان الحديث بين العسكريين ثلاثتهم ونواب مجلس الشيوخ الأمريكي يدور حول الرؤية العسكرية والسياسية لدى قادة الجيش تجاه الأوضاع في بلدان الشرق الأوسط، وأبرز ما تم تناوله: الوضع في سوريا وليبيا، والعلاقات السياسية مع إيران في إطار المثلث العربي-الإسلامي الشرق أوسطي (السعودية، الولايات المتحدة، إيران).

وكان العسكريون الثلاثة حريصين -في كلمتهم المُعدّة سلفًا وكذلك في إجاباتهم على أسئلة النواب- على سرد بعض الأطروحات لديهم بشأن الشرق الأوسط الحالي، وكذلك كانوا حريصين على طمأنة النواب بأن العمليات العسكرية في مواجهة الإرهابيين تجري على ما يُرام، والجدير أيضًا بالذكر أن العسكريين رودريجز وجوزيف سيتركان الخدمة بالجيش نهاية العام على الأرجح، فكلاهما تم تعيينه من قبل الرئيس أوباما، الذي أوشكت فترته الرئاسية على الانتهاء.


السعودية وإيران، والصراع على زعامة العالم الإسلامي!

واحدة من الأسباب المتجذرة وراء عدم الاستقرار الذي تعانيه منطقة الشرق الأوسط، هو التنافس العرقي والطائفي ما بين السنة والشيعة، العرب والفرس.
الجنرال لويد أوستين

أضعفت وبشدة الاضطرابات الطائفية في المنطقة الأنظمة السياسية، حتى شرع تنظيم الدولة في استغلال هذا الضعف. هكذا وصف أوستين الوضع في الشرق الأوسط، ردًا على سؤال من السيناتور عن فيرجينيا الغربية جو مانتشين. وأضاف أوستين أن إيران هي التهديد الأخطر على استقرار المنطقة على المدى البعيد؛ إذ «تصر إيران على طموح الهيمنة الخاص بها، وبالتالي ستظل تهديدًا حقيقيًا لدول المنطقة. وتعد علاقتنا بالجمهورية الإسلامية واحدة من التحديات الصعبة، وسنكون منتبهين دائمًا لأفعالها بينما ندعم شركاءنا الإقليميين ونقدم لهم المساعدة التي تجعلهم قادرين على مواجهة إيران والتصدي لتحركاتها المريبة بالمنطقة».

بدت شهادة أوستين المتعلقة بدول الخليج أكثر تحاملاً على طهران وحلفائها من غيرهم. فعلى سبيل المثال والمقارنة، وصف الجنرال احتجاجات شيعة البحرين بالخطر الجسيم الذي يتهدد المنامة، والتي بدورها تمتلك الحق في مجابهته؛ بينما وصف التدخل السعودي في اليمن بالجهد الكبير لتقويض جهود الحوثيين وحلفائهم، وحماية أمن المملكة الجنوبي، وإعادة حكومة عبد ربه منصور هادي للسلطة لضمان حكومة يمنية موالية للمملكة، وكذلك لحماية ما يهم المملكة في جنوب الخليج كباب المندب -المعبر الملاحي- وكذلك رغبتها الملحة في حدود جنوبية آمنة من عمليات عسكرية لتنظيم القاعدة.وأضاف أوستين: «نحن نتعاون مع التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية؛ لنساعد في تخفيف أعداد الضحايا من البشر، ولنضمن كذلك تدفق المساعدات الإنسانية».


ليبيا دولة فاشلة

إجابةً على السؤال الموجّهمن النائبة عن ولاية هاواي هيرونو عن الوضع الحالي في ليبيا، ذكر الجنرال رودريجز أن «الترتيبات التي تتم بوساطة دولية لخلق تواجد حكومي في ليبيا تواجه الكثير من التحديات، أبرزها غياب المنظمات المجتمعية الفاعلية والصراع الميليشيوي المتعدد الأطراف». وتوقع رودريجز في ثنايا حديثه أن بعض المناطق الليبية ستكون بيد تنظيم الدولة قريبًا في إطار تمدد التنظيم وتعدد ضرباته.

نشرت جريدة أسوشييتد برس تصريحًا عن مسئولين أمريكيين يفيد بأن إيطاليا أبلغت الليبيين بعدم نيتها التدخل في شئونهم إلا إذا تقدموا بطلب رسمي للأمم المتحدة للحصول على المساعدة.وبسؤاله من قبل السيناتور عن ولاية كارولينا الجنوبية: «هل تعتبر ليبيا دولة فاشلة إلى هذا الحد؟»، أجاب الجنرال باختصار: «نعم، سيدي».وتابع الجنرال الأمريكي قوله أن الولايات المتحدة تتبادل مع حلفائها الأوروبيين المعلومات الاستخباراتية بشأن الأزمة الليبية، وأن الدول الحلفاء تسعى جاهدة لدعم حكومة الوحدة الوطنية الليبية.


وماذا عن الوضع في سوريا؟

في أكثر من مناسبة، شدّد أوستين في حديثه على الدور الذي تلعبه القوات المحلية على الأرض في الأزمة السورية، وطلب في ملاحظةٍ له تمويلاً لاستكمال برنامج تدريبي لهذه القوات والتي وصفها بـ «الحاسمة» في هذا الصراع. وجدير بالذكر هنا أن البرنامج التدريبي الذي يعرّج عليه أوستين كان قد أوقف العام الماضي بعدما خرّج فقط أقل من 20 مقاتلًا متدربًا والذين بدورهم استسلموا في بداية المعارك لمسلحي جبهة النصرة. ووُصفت هذه الحادثة على لسان أحد المسئولين الأمريكيين بـ «الطامة الكبرى».

باغت السيناتور الديموقراطي جاك ريد، الجنرال، بسؤاله: «هل حقًا تريد إحياء برنامج التدريب والتسليح الفاشل؟».فأجابه أوستين: «نعم سيدي، أنا أطلب الموافقة بإعادة طرح البرنامج للتنفيذ ولكن برؤى مختلفة».عقّب السيناتور عن ولاية داكوتا الجنوبية ميك روندز مشككًا في إمكانية القوات المحلية في استعادة الرقة، والتي يتخذها تنظيم الدولة عاصمة له في سوريا.

وأنهى الجدل بهذا الشأن أحد أعضاء المجلس بسؤاله الجنرال عن نسبة الأكراد من بين القوات المحلية الديموقراطية التي يتحدث عنها، فأجابه الجنرال جوزيف فوتل معترفًا بأنهم يشكلون 80% من القوات الديموقراطية التي تدعمها الولايات المتحدة. فلاحقه السيناتور بسؤاله إذا ما كانت هناك خطة لاستعادة مدينة الرقة في الوقت الحالي؟.

فاعترف الجنرال فوتيل بأنه لا توجد خطة حاليًا لاستعادة المدينة المحتلة من قبل التنظيم؛ الأمر الذي أثار سخرية المتابعين.

المراجع
  1. US generals to lawmakers: Libya a failed state, Iran a long-term threat – RT
  2. رابط كلمة الجنرال أوستين المعدة سلفاً