استقبل المجتمع الرياضي عامة، والمجتمع الكروي خاصةً، خبر إصابة أفضل الأظهرة اليُمنى في العالم، الإسباني «داني كارفخال»، بالتهاب فيروسي حاد في غشاء التامور المُحيط بعضلة القلب، كما أعلن الموقع الرسمي لريال مدريد أنه سيحتاج للراحة لمُدة أيام، وسيغيب أمام إسبانيول.

كارفخال الذي لم يغب ولو دقيقة عن ريال مدريد الموسم الحالي، حيث لعب كل الدقائق في كل المُباريات، يُفاجئ الكُل ليس لأنه أصيب، ولكن إصابته غريبة على لاعبي كُرة القدم، وعلى العوام، حتى لأنه مرض نادر. لم يُحاول كارفخال الإدلاء بأي تصريحات لتوضيح حالته الصحية، واكتفت الماركا بالنقل عما وصفتهم مُقربين منه بأن الموضوع ليس خطيرا، وأن الراحة لأسابيع كافية للشفاء من تلك الإصابة.


ما هو التهاب غشاء التامور ؟ نظرة عامة

«pericarditis» أو كما يُطلق عليه التهاب التامور الحاد، والتامور هو غشاء من طبقتين مُحيط بعضلة القلب بينهما فراغ مُحتمل أو «potential space»، بمعنى أن الطبقتين فعليًا لا يوجد بينهما فراغ ولكن نستطيع أن نوجده، وبالتالي فإن التهاب هذا الغشاء غالبًا ما يُنتج سوائل التي توجد، وتملأ الفراغ بين طبقتي الغشاء.

يُعرف الالتهاب بالحاد إذا استمرت الأعراض لمدة أقل من ثلاثة أسابيع ومزمن إذا زادت مدة ظهور الأعراض لمُدة أكبر من ثلاثة شهور . إذن ما هي الأعراض التي قد تثير الشكوك حول الإصابة بذلك المرض؟ الجزء العلوي من الجسم سيُجيب ،حيث ألم يُشبه ألم الطعن في الجانب الأوسط أو الأيمن من الصدر، وقد يمتد لأحد الكتفين أو كليهما، الميل للأمام والجلوس يُخففان الألم، أما النوم والتنفس العميق فيؤديان لزيادته.

الأعراض تتشابه كثيرًا مع أعراض النوبة القلبية، لذلك قد يكون الأمر خطيرًا عند الشعور بأمر مُشابه، على كُلٍّ الخطورة ليست في الأعراض بقدر ما هي في المُضاعفات الناتجة عن الهجمة الأولى من المرض، وأشيعها هو التحول إلى الحالة المُزمنة، والتي يغيب فيها ألم الصدر ويزداد بها صعوبة التنفس، وقد تؤدي في بعض الأحيان إلى الإجهاد الشديد والهبوط الشديد في ضغط الدم، وأحيانًا تورم القدمين ومشاكل بالمعدة!


ما لا تُحمد عُقباه

أسوأ كوابيس كارفخال ليس الإصابة بهذا المرض، ولكن هو التعرض للمُضاعفات التي قد تُهدد حياته، وليس فقط مُجرد مُمارسته للعبة كرة القدم. الخطورة تتمثل في فقدان القلب لقدرته على القيام بوظيفته بشكل طبيعي بسبب تجمع سوائل كانت من المُفترض ألا تكون موجودة حوله، وبالتالي انحسار المساحة التي كان يُتيحها له الغشاء للانقباض والانبساط بشكل كبير.

التدهور قد يصل إلى انخفاض حاد في ضغط الدم بسبب نزول حجم الدم الصادر من عضلة القلب إلى الجسم عن الطبيعي الناتج من تحجيم قُدرة القلب على الانقباض، هبوط في ضغط الدم قد يؤدي إلى الوفاة!

قد يحدث نوع آخر من المشاكل، ولكنه نادر الحدوث، لأنه يحتاج وقتا طويلا جدًا، ويتمثل في نوع من التصلب قد يحدث في الغشاء مما يؤدي إلى الضغط على عضلة القلب أيضًا، فيما يعرف بـ «chronic constrictive pericarditis» أو التهاب التامور المُزمن.


ما العلاج؟ لا شيء مؤكد

العلاج يتمثل في علاج الأعراض، لأنها بالأساس إصابة فيروسية غالبًا، ما تكون بفيروس كوكساكي، فالراحة ومضادات الالتهاب على الأغلب هي طرق العلاج، ولكن المُشكلة هي سبب المرض، لأنه في أغلب الأحيان يكون السبب غير معلوم، أو بالأحرى غير موجود، ولكن في حالة داني كارفخال الإصابة فيروسية.

المُعضلة هي أن لا شيء مؤكد تمامًا، فقد ينجح العلاج بشكل نهائي، وقد ينجح وتعود الهجمة مرة أخرى، وقد لا ينجح، وقد يحدث أي شيء لأن المرض من الأصل لا يُمكن الوقاية منه بشكل أو بآخر؛ لأن السبب على الأغلب غير معروف.

في حالات أُخرى قد يكون السبب معروفا مثل الإصابة بالإيدز أو بعد أحد جراحات القلب، وأحيانًا بسبب أمراض تتعلق بمشاكل غُدد، مثل كسل الغدة الدرقية وغيرها من الأسباب. أما علاج المُضاعفات فيتمثل في عملية سحب السوائل المتكونة نتيجة الالتهاب أو في إزالة الغشاء برمته في حالات التصلب المتطورة.


ماذا قالوا عن إصابة كارفخال؟

لم تُنشر تفاصيل كثيرة عن الإصابة، ولم يتحدث كارفخال نفسه للإعلام، وكانت جريدة الماركا المحسوبة على المُعسكر المدريدي أكثر من تابعت الخبر، حيث أعلنت خبر غيابه عن مُباراة إسبانيول بمُجرد الإعلان الرسمي من موقع ريال مدريد في آخر أيام الشهر الماضي، وبتاريخ 3 من الشهر الحالي تابعت التغطية، وذكرت أن المُدة التي سيغيبها غير معروفة، وحدة المرض أيضًا.

وأخيرًا بتاريخ 5 من نفس الشهر ذكرت الماركا أن المُدة التي سيغيبها كارفخال ستكون شهرين على الأقل، وأن نوع الإصابة لا يعتمد الشفاء منه على مجرد الشفاء فقط، بل ضمان لعدم التكرار لأن المُصاب رياضي، ولابُد أن يُشفى تمامًا، وإلا فلن يواصل اللعب.

باقي التقارير الصحفية التي نقلت الخبر نقلته عن مصادر إسبانية أو عن موقع ريال مدريد الرسمي نفسه، ودون إيضاح من أي نوع لأى تفصيلة وسط حالة من الغموض تُخيم على مُستقبل أفضل ظهير أيمن في العالم.


هل ستكون النهاية يا داني؟

دي ستيفانو، داني كارفخال
دي ستيفانو و الطفل كارفخال (يمين) وكارفخال اللاعب (يسار)

عاد كارفخال أخيرًا من الإصابة في أوائل العام الجديد ودخل الملعب مع الفريق وسط تصفيق حاد من الجمهور للظهير الذي خاف المدريديستا أن يفقدوه بعد أن عانوا بدون ظهير بنصف المستوى لسنوات طويلة، وخاف القائد راموس أن يُورث الشارة العظيمة للاعب غيره، ولذلك ولأنه يبدو وكأنه كان يعلم ماذا سيحدث أعطاه شارة قيادة الملكي في تلك المُباراة كتحية له.

تبدأ المُباراة ومع كُل لمسة لداني يجد تصفيقًا يكاد يضرب أرض البرنابيو نصفين، ومع كل خطوة كان يشعر أنه لا يخطو نحو الخصم بل نحو مجهول أو معلوم، ولكنه لا يُريد أن يعترف، كان يشعر بشيء ما في صدره ثُم يُكمل. ثم فجأة يسقط داني على عُشب البرنابيو فيصمت الجميع ويهرول الجهاز الطبي والفريقان عليه، ثم يأخذونه خارج الملعب لأنه وللأسف لن يستطيع إكمال مسيرة أسطورية بين جدران الميرينجي، كانت دموعه تروي أرض البرنابيو.

وتذكر كُل شيء حتى لحظات افتتاح المدينة الرياضية التي وضع فيها حجر الأساس وهو طفل دون العاشرة مع الأسطورة ألفريدو دي ستيفانو، تذكر أنه لا يعرف شيئًا في حياته سوى ريال مدريد، كان يُريد أن يخلع قلبه من جسده لأنه يتسبب في إبعاده عن أحب الأماكن إليه، ثم تصفيق مرة أُخرى من اللاعبين وزيزو وينتهي المشهد.

بالطبع المشهد تخيلي، ولا يتمنى أحد حدوثه، ولكن من الوارد -لا قدر الله- حدوثه، ومن الوارد أن يعود كما كان ولا يُعاني شيئًا بعد ذلك، ولكن الغموض حول المرض والحالات السابقة سواء لدى لا ريد، لاعب مدريد أيضًا الذي منعه قلبه من استكمال مسيرة بدأت بداية مُبشرة مع ريال مدريد، وفابريس موامبا لاعب بولتون، والأسوأ أيضًا من حالات مُفاجئة مثل وفاة مارك فوي لاعب الكاميرون في الملعب، كذلك الراحل محمد عبدالوهاب في الأهلي المصري.

كل هذا يدل على أن حياة داني أهم من كرة القدم بالتأكيد، وبالتالي يجب عليه الاستماع بعناية لنصائح الطبيب لتحديد ميعاد رجوعه؛ لأن انتهاء مسيرته كلاعب ستكون كارثة، ولكن انتهاءه هو شيء لا يوصف، فالحرب دائرة على أشدها الآن بين كارفخال وقلبه.