في الأول من شهر مارس/آذار أعلن «دونالد ترامب» الرئيس الأمريكي قرار تطبيق نسبة 25% كتعريفة جمركية على الحديد المستورد و10% على الألومنيوم. وقال ترامب إن التعريفة الجمركية الجديدة على واردات الحديد والألومنيوم ستساهم في خلق وظائف في القطاع الصناعي للولايات المتحدة.

أعلنت وزارة التجارة بعدها أن الاعتماد على الحديد المستورد يهدد قدرات الولايات المتحدة لتصنيع أسلحتها، ولكن من شأنه أن يرفع أسعار العديد من المنتجات التي يدخل فيها الحديد مثل السيارات.

يعتمد الرئيس الأمريكي الـ45 على سياسة اقتصادية داخلية تستهدف تعزيز تنافسية القطاع الخاص، وتخفيض النفقات الحكومية، وذلك من خلال خطة الإصلاح بخفض الضرائب على الشركات من 35% إلى 20%، وخفض الضريبة على الدخل، بالإضافة إلى إلغاء العديد من الاقتطاعات الضريبية، وخفض النفقات الحكومية، والتي يعد من أهمها قانون التأمين الصحي الشامل «أوباما كير» الذي يخطط لإلغائه واستبدال آخر به.

وقع الرئيس الأمريكي قانون خفض الضرائب على الشركات والمكلفين بعدما أقره الكونغرس، في نهاية ديسمبر /كانون الأول الماضي، ليؤكد رئيس مجلس النواب الجمهوري «بول راين» أن القانون الجديد هو «أكبر إصلاح مالي منذ جيل».

بينما كتب ترامب وقتها تدوينة على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، يوضح فيها أن خفض الضرائب على الشركات جعل أمريكا قبلة الشركات التي بدأت تعود إليها من جديد، مشيرًا إلى أن هذا الأمر سيجعل أمريكا سوقًا ساخنًا للاستثمار، وسيوفر الكثير من الوظائف.


الركود: كلمة السر في الاقتصاد الأمريكي

مظاهرات في أمريكا لتوفير فرص العمل.

يعاني الاقتصاد الأمريكي من ركود طويل منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008، الأمر الذي تسبب في فقدان العديد من الوظائف وتوقف عمل الكثير من الشركات، وأدى هذا الركود الاقتصادي إلى اعتماد الاحتياطي الفيدرالي سياسة تستهدف زيادة التضخم إلى 2% خلال عام 2018، من خلال زيادة التشغيل وخلق الوظائف، الأمر الذي يمكنه من رفع أسعار الفائدة، ويبدد المخاوف من الركود وفقدان الاقتصاد لحيويته.

بدأت هذه السياسة الاقتصادية رئيسة الاحتياطي الفيدرالي السابقة الديموقراطية «جانيت يلين»، والتي انتهت فترتها في فبراير الماضي، ليختار ترامب الجمهوري المعتدل «جيروم باول» كرئيس للمجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي ليحل محل يلين.

استمر باول على نفس سياسة سابقته، وهو يأمل من سوق العمل أن يستمر في دعم نمو الإيرادات وإنفاق المستهلكين، فيزيد توسع صادرات الولايات المتحدة، مما يساهم في زيادة معنويات الشركات ويعزز الاستثمار. عندما جاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وعد في برنامجه الاقتصادي بزيادة تنافسية القطاع الخاص وتخفيض الضرائب، وهو الأمر الذي اعتبره مؤيدوه خطوة جادة لمواجهة تحديات انخفاض مستوى المعيشة والشعور بعدم المساواة.


سياسة اقتصادية تقوم على الحمائية؛ فهل تنجح؟

أمريكا, مظاهرات, احتجاجات, فرص العمل
أمريكا, مظاهرات, احتجاجات, فرص العمل

يتبع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سياسة اقتصادية تقوم على الحمائية، وخلال حملته الانتخابية أوضح أن سياساته تستهدف الاحتفاظ برءوس الأموال والوظائف داخل الولايات المتحدة، وذلك من خلال خططه لخفض الضرائب، وتقييد التجارة الدولية، والتشديد على الهجرة، مما يدفع إلى نمو اقتصادي أقوى.

إلا أن العديد من الاقتصاديين حذر من أن خططه يمكن أن تجعل الأمور أسوأ وليس أفضل، مما يعوق النمو الاقتصادي، وبالتالي قدرة أرباب العمل على خلق وظائف جديدة. يبدو أن اعتماد هذه السياسة بدأ يؤتي ثماره، فقد زاد نمو الوظائف في الولايات المتحدة خلال يناير/كانون الثاني، وحققت الأجور مزيدًا من الارتفاع مسجلة أكبر مكسب سنوي في أكثر من ثمانية أعوام ونصف العام، مما عزز التوقعات بأن التضخم سيرتفع هذا العام مع بلوغ سوق العمل حد التوظيف الكامل.

كما ظل معدل البطالة عند أدنى مستوى في 17 عامًا والبالغ 4.1%، وإن لم يشهد تغيرًا يذكر منذ مايو الماضي. وبحسب البيانات يوجد سبع ملايين أمريكي عاطل عن العمل، في حين يستهدف الرئيس الأمريكي خلق 25 مليون وظيفة في سوق العمل خلال فترة رئاسته.

إن قضية فقد الوظائف والبطالة، وكيفية توفير فرص العمل، تؤرق أي مسئول حكومي وسياسي في أي دولة، والولايات المتحدة الأمريكية شهدت العديد من التحديات التي أدت إلى الركود الاقتصادي، مما أثر على السياسات الاقتصادية التي تستهدف تحفيز الاقتصاد. حتى الآن استطاعت السياسة الاقتصادية للرئيس الأمريكي الجمهوري أن تصمد أمام عدد من التحديات، وإن كانت تتسم بالتطرف فيما يتعلق بسياسات التجارة الدولية، والتي قال عنها الرئيس الأمريكي إنها غير عادلة و لا تعمل في صالح أمريكا.

لكن يرى آخرون أن التحسن في مؤشرات الوظائف الأمريكية لا يمكن أن يكون سببه سياسة ترامب الاقتصادية فقط، موضحين أن الاقتصاد الأمريكي ليس فقط وحده ما يبلي حسنًا، حيث يشهد أيضًا اقتصاد كل من أوروبا وآسيا نموًا في الناتج المحلي الإجمالي، خاصة في منطقة اليورو، وهي منطقة حتى وقت قريب كانت تعاني من ركود اقتصادي شديد أيضًا.

لذلك مازال الحذر قائمًا، خاصة أن سياسات الرئيس الأمريكي تعتبر حتى الآن سلاحًا ذا حدين، ففي الوقت الذي قد تساهم فيه بتخفيض بطالة الأمريكيين، قد تتسبب من ناحية أخرى في حدوث مناوشات مع دول كبرى مثل الصين واليابان وبعض الدول الأوروبية، والتي ستتضرر من تشديد الإجراءات وتغيير الاتفاقيات التجارية، الأمر الذي قد يتسبب في اهتزاز الأسواق مرة أخرى، ويؤثر برمته على الوظائف وفرص العمل.