هل كان أحد يتخيل أن يغادر «فينجر» أرسنال؟ وأن تتوتر علاقة «رونالدو» بريال مدريد لدرجة أن يخلع قميصه؟ هل توقع أي شخص أن يحصد لاعب عربي في البريمرليج جائزتي أفضل لاعب وهداف الدوري؟ أو أن تتم إقالة «جوزيه مورينيو» قبل أن ينتصف الموسم؟ هل من الطبيعي أن يفوز روما على برشلونة بثلاثية؟ ويتعرض الألمان للإقصاء المذل من دور مجموعات المونديال؟قد يكون عام 2018 سعيدًا لبعض المشجعين، وتعيسًا لآخرين، لكن لا يمكن لأحد أن يصفه بالعام العادي، فكل تلك الأحداث المفاجئة والمثيرة وقعت خلاله. وها هو يأبى أن ينتهي إلا والصراع على قمة الدوري الإنجليزي مشتعل على آخره، كما أنه يعدنا ببداية رائعة لـ 2019 بعد أن اختار قرعة قوية لدور الـ 16 بدوري أبطال أوروبا. في هذا التقرير نستعرض بعض أبرز الأحداث التي شهدتها جماهير كرة القدم خلال 2018، وستظل تذكرها لسنوات قادمة.


1. ليفربول يعرقل قطار السيتي

بدأ عام 2018 ونادي مانشستر سيتي يقدم أداءً مذهلًا في البريمرليج، إذ حلقت كتيبة «بيب جوارديولا» منفردة بصدارة الدوري الإنجليزي بعد مُضي النصف الأول من موسم 2017 / 2018. تأكد للجميع أن طريق الفريق السماوي لمنصة التتويج ممهد، حتى أن البعض تنبأ للسيتي بإنهاء الموسم بلا أي هزيمة، وهو الأمر الذي لم يحققه سوى الجيل الذهبي لنادي أرسنال بموسم 2003 / 2004. وفي الرابع عشر من يناير/كانون الثاني كان قطار السيتي يتوقف في محطة الأنفيلد، إذ كان رفاق «كومباني» على موعد مع مواجهة نادي ليفربول، الذي سبق أن خسر على ملعب الإمارات بخمسة أهداف نظيفة مطلع الموسم. لو حاول أحدنا تخمين من يمتلك حظوظًا أفضل قبل بداية المباراة، لكانت كفة السيتي أرجح بلا شك، فهو لا يلعب تحت ضغوطات كبيرة بفضل وضعيته في جدول الترتيب، ويمر بفترة تألق فني، كما يمتلك تشكيلًا أفضل على مستوى الأسماء. أما مضيفه ليفربول فيدخل المباراة وهو ينافس على مركز مؤهل للتشامبيونزليج، وكان قد فقد صانع ألعابه «فيليب كوتينيو»، ويعاني خط دفاعه أمام كل وأي هجمة تقريبًا. لكن كرة القدم لا تخضع فقط للتخمينات! كانت أفضلية ليفربول الوحيدة هي منظومة الضغط الفعالة، وقد استغلها المدرب «يورجن كلوب» خلال المباراة في صناعة التحولات الهجومية المرعبة، فعانى لاعبو السيتي كثيرًا من ضغط هستيري في ثلث الملعب الأول والثاني، وأمطروا شباك «أديرسون» بأربعة أهداف، وعرقلوا القطار المنطلق كالصاروخ، والذي توقع الجميع أنه لن يتوقف!


2. سقوط أرسين فينجر

في الخامس عشر من أبريل/نيسان كان أرسنال يتعرض لواحدة من تلك الهزائم التي ميزت سنوات فينجر الأخيرة مع الفريق. تقدم المدفعجية على نيوكاسل بهدف، قبل أن يقلب لاعبو «رافاييل بينيتيز» الطاولة ويفوزوا بنتيجة 2 / 1 مستغلين أخطاء دفاعية ساذجة للاعبي الجانرز الذين ظهروا بأداء منعدم الروح، ومفتقد للشخصية. خرج الجمهور من الملعب غاضبًا، وتعالت الأصوات التي تنادي برحيل المدرب الفرنسي منذ سنوات، وبدأ رواد برنامج ArsenalFanTV بالتجمع للتعبير عن إحباطهم مما شاهدوه، سألهم المذيع: ما الذي نحتاجه الآن؟ هل التركيز على بطولة اليوربا ليج بدلًا من منافسات الدوري؟ أجاب أحدهم ويدعى «كلود»: «نحن نحتاج أمرًا واحدًا، نكرره منذ سنوات، طاقم تدريبي جديد، طاقم تدريبي جديد، طاقم تدريبي جديد».كان كلود يتحدث بيأس، ولم يكن يظن أن أحدًا في إدارة النادي يستمع له، لكنه صحا من نومه صباح العشرين من أبريل على بيان شكر لفينجر على جهوده وإعلان أن هذا الموسم هو الأخير بالنسبة له في أرسنال. هل كان كلود هو الرجل الأسعد حينها؟ أظن ذلك.لا يستطيع أحد أن ينكر ما قدمه أرسين للجانرز خلال مسيرته الطويلة، لقد صاغ شخصية الفريق، وقدم أداءً كرويًّا جذابًا، لكنه تحوَّل في مواسمه الأخيرة تمامًا عن ذلك الطريق الذي رسمه. تراجع أرسنال بشدة على الصعيد المحلي والأوروبي، وبدا فينجر كالطاغية الذي يجمع كل مقاليد النادي في يده، ولا يستمع إلا لصوت عقله. لكن ذلك لم يحرمه من أن يحظى بوداعية تاريخية، إذ امتلأ ملعب الإمارات على آخره، وحرص لاعبو الفريق القدامى على الحضور، حتى ألد أعدائه عبروا عن احترامهم لعمله، ووقف الجميع لتحيته وهم يرددون بالفرنسية: شكرًا أرسين!


3. كل يوم نفس الهدف لمانولاس

عندما جرت قرعة دور الـ 8 لدوري الأبطال لم يكن أكثر المتفائلين في جمهور برشلونة يحلم بتجنب الصدام بيوفنتوس أو بايرن ميونخ أو مانشستر سيتي، بل لو أتيح لأحدهم اختيار فريق من المتأهلين لربع النهائي لاختار روما بدون تفكير.ظن أنصار البلوجرانا أن فريقهم سيتجاوز أخيرًا عقبة دور الـ 8 التي لازمته في آخر سنتين. روما لا يملك «ديبالا»، ولا «كيلليني»، ولا «هيجوايين»، والأهم أن مدرب الفريق ليس «ماكس أليجري»، بل هو المغمور «أيزيبيو دي فرانشيسكو» الذي تتلخص مسيرته في الصعود بساسولو للسيري أيه، لكل ذلك بدا روما لقمة سائغة سيفترسها الكتلان. بالفعل فاز برشلونة بسهولة على ملعبه 4 / 1، وكان الحظ حليف لاعبيه بعدما اهتزت شباك ضيوفهم مرتين بأهداف عكسية، لكن الحظ والتوفيق و«فالفيردي» سيجتمعون تحت مصلحة روما خلال مباراة العودة على ملعب الأولمبيكو بالعاصمة الإيطالية. لم تترك جماهير روما مقعدًا فارغًا في ملعبها في الإياب. جاءت تلك الجموع لتقديم المساندة للاعبيها الذين دخلوا المباراة وهم لا يملكون شيئًا يخسرونه، على النقيض بدت كتيبة فالفيردي منذ الدقيقة الأولى غير راغبة أصلًا في لعب المباراة، ولا يميزهم أي شيء سوى التيه والتشتت، وربما الاستخفاف بخصمهم. سجل لاعبو روما الهدف الأول، ثم الثاني، وبينما كان البعض يفكر أن روما قدم مباراة شرفية، ولن يسمح الكتلان بما هو أبعد من ذلك، كان المدافع «كوستاس مانولاس» يصعد في منطقة جزاء برشلونة ويوجه كرة ركنية في شباك «شتيجن» قبل أن يهرول مذهولًا مما فعل، كانت ريمونتادا ضد الفريق الذي صنعها قبل عام واحد فقط.


4. الملك المصري وراموس والاتحاد المصري

عندما أعلن ليفربول عن تعاقده مع «محمد صلاح» في صيف 2017 لم يكن لأحد أن يظن أن الوافد الجديد سيتحول في غضون أسابيع بسيطة لنجم الفريق الأول، بل إن البعض تساءل: هل يمكن للجناح المصري أن يحجز مقعدًا أساسيًّا في ظل وجود «ساديو ماني، كوتينيو، وفيرمينيو»؟لكن صلاح لم يحجز مقعدًا وحسب، بل أبهر الجميع بعدما بات عامل الحسم الأول في صفوف الريدز، والتربع على صدارة هدَّافي الدوري التي تضم أسماء بقيمة «هاري كين، وأجويرو».وفي دوري الأبطال لم تقل فاعلية صلاح، فبعد أن قاد رفاقه لنصف نهائي البطولة، قدم واحدة من أفضل مبارياته أمام فريقه السابق روما، وسجل هدفين من أجمل أهدافه التي سنذكرها طويلًا. من ينسى تعليق «رءوف خليف» على هدفه الأول!لم يكن أحد يتخيل أن يتحوّل هذا الحلم لكابوس، كابوس أفزع جماهير ليفربول وضرب الفريق نفسيًّا في أهم مباريات الموسم على الإطلاق. أصيب صلاح بعد عرقلة «سيرجو راموس»، المدافع الإسباني الذي يمتلك تاريخًا حافلًا من الكروت الحمراء بعد تدخلاته العنيفة. خرج صلاح باكيًا من الملعب الأولمبي بكييف في مشهد من الصعب نسيانه. لكن راموس لم يكن الوحيد الذي أزعج الملك المصري، فقد دخل الأخير في معركة حامية مع مجلس إدارة اتحاد الكرة بعد استخدام صور خاصة به لحساب شركة اتصالات منافسة للشركة التي ترعاه، وهو ما يعني تعريضه لغرامة مالية منصوص عليها. ثم ازدادت الأمور تعقيدًا خلال مونديال روسيا، بعد رفض صلاح للنمط الذي تم إدارة معسكر المنتخب به.


5. مقصية رونالدو وضربات ميسي وهدف أوريجي

كان 2018 عامًا حافلًا بالأهداف المميزة. ويمكن أن نصنع قائمة طويلة بأهداف لفتت انتباهنا خلال العام، هذه القائمة ستضم بالطبع هدف «تاونسند» في السيتي، وهدف «تريبييه» في كرواتيا، وهدف «بافار» في الأرجنتين، لذلك لم يكن اختيار أبرز أهداف العام مهمة سهلة.لكن دعنا نذكر ثلاثة أهداف لا يختلف عليها أحد؛ أولها هو الهدف الخرافي الذي سجله كرستيانو رونالدو من مقصية في شباك يوفنتوس، ونالت إعجاب الكل بمن فيهم «جيجي بوفون» نفسه. أما ثانيهم فهو ليس هدفًا واحدًا، بل هي ظاهرة «ليونيل ميسي» هذا العام مع الضربات الثابتة، تلك التي ينفذها وكأنها ضربات جزاء، والغريب أنه يسجلها ويهدر ضربات الجزاء، حتى سخر أحدهم قائلًا لو أن الأرجنتين تريد الفوز بالمونديال فعليها الحصول على ضربات ثابتة بدلًا من ضربات الجزاء، لأن البولجا يسجل الأولى ويهدر الثانية. وأخيرًا هدف «ديفوك أوريجي» في شباك إيفرتون، ليس لأن الهدف جاء بعد مهارة توازي تلك الخاصة برونالدو أو ميسي، ولكن سنذكره لأنه هدف غريب وبه مساحة كبيرة من التوفيق، فبعد أن أهدر لاعبو ليفربول، وفيهم أوريجي، 4 انفرادات محققة، ابتسم القدر لأصحاب الملعب في الثواني الأخيرة بعد أن ارتطمت تسديدة سيئة لـ«فان ديك» في أعلى القائم واختارت أن تسقط لداخل الملعب وليس لخارجه.