محتوى مترجم
المصدر
Jerusalem Online
التاريخ
2016/07/17
الكاتب
راشيل أفراهام

في أعقاب محاولة الانقلاب الأخيرة في تركيا، هناك الكثير من التكهنات حول هوية المدبر الحقيقي لمحاولة الانقلاب، والخطوات التي يستطيع أردوغان اتخاذها لتوطيد حكمه، والتهديد الذي يستمر في مواجهة نظام أردوغان، وما سيحدث بعد إعدام الجنود الأتراك دون محاكمة وتفجير البرلمان التركي، وطبيعة ردة الفعل الدولية، وآثار ذلك على إسرائيل.

أجرى موقع «جيروزاليم أونلاين» مقابلات مع المعارض التركي «رافائيل سعدي»، والمُعارِضة الإيرانية «شابنام أسد الله» التي تتمتع بعلاقات داخل تركيا، والمُعارِض التركي «بوراك أنت كيليك».

سأل «جيروزاليم أونلاين» المعارض التركي رافائيل سعدي حول من يعتقد أنه يقف وراء محاولة الإطاحة بالحكومة الإسلامية تحت قيادة حزب العدالة والتنمية. فأجاب: «وفق الصحافة التركية والرئيس التركي، نُظّم الانقلاب بواسطة فتح الله جولن، الذي يعيش في الولايات المتحدة. لم يقدم أحد حتى الآن دليلًا، لكن أردوغان يصر على ذلك، بل ويصف المشاركين بأنهم منظمة إرهابية».

«لم يتوقف الأمر عند ذلك، بل زعم وزير الضمان الاجتماعي التركي، سليمان صويلو، أن الولايات المتحدة قد نظمت الانقلاب»، حسبما علق سعدي، «كما صرح رئيس الوزراء التركي بينالي يلديريم بأن أي دولة تحمي جولن تعتبر عدوة. وبذلك أعلنوا الولايات المتحدة دولة عدوة. وعلى الجانب الآخر، أغلقت تركيا قاعدة أنجرليك الجوية، وهناك حوالي 1500 موظف أمريكي محتجز بها. يمثل ذلك نوعًا من الابتزاز تمارسه تركيا تجاه الولايات المتحدة. وفي تلك الأثناء، ينكر جولن جميع الاتهامات الموجهة إليه».

أردوغان نفسه هو من دبر وحاك الانقلاب. كانت تلك خطوة مُتعمَدة لإنزال جميع المسلمين المتشددين إلى الشوارع.

ومع ذلك، تعتقد المعارضة الإيرانية شابنام أسد الله أن أردوغان يقف وراء الانقلاب وليس جولن: «أردوغان نفسه هو من دبر وحاك الانقلاب. كانت تلك خطوة متعمدة لإنزال جميع المسلمين المتشددين إلى الشوارع، حيث طُلب من كل المساجد أن تدعوا للجهاد الإسلامي منذ العاشرة مساءً وما بعدها، ودعت المساجد للصلاة عبر مكبرات الصوت في جميع المدن وقدّم أردوغان نفسه كرسول لله أو نبي يُباشر ما نزل به القرءان».

تصر أسد الله على أنه لم يكن انقلابًا حقيقيًا: «لقد كان مسرحية مدبرة بواسطة أردوغان وحزب العدالة والتنمية بمساعدة منظمة الاستخبارات الوطنية التركية. لو كان انقلابًا حقيقًا لاختبأ أردوغان في محاولة لحماية الدولة من الضرر المستقبلي، مثل أن يقتله الجيش، وما كان ليرجو الشعب أن يغادر منازله في الساعة العاشرة ليسير في الشوارع. لو كان انقلابًا حقيقيًا، فلماذا أخبر أدروغان الشعب أنه سوف يلتقيهم بمطار إسطنبول، وبينما كان في الجو لم تصب طائرته طلقة واحدة؟».

وتحتفظ أسد الله بوجهة نظر إيجابية تجاه جولن: «أعتقد أن أردوغان وجولن يمثلان المحافظين الجدد بالنسبة للمشروع الإسلامي المعتدل، لكنه فشل. حيث مثّل جولن الذراع الروحي للمشروع، بينما مثّل أردوغان الذراع السياسي. وعملا سويًا في سبيل إعادة الجيش إلى ثكناته. لكن الذراع السياسي خرج عن السيطرة».

يحمل المعارض التركي بوراك أنت كيليك وجهة نظر مختلفة: «أظن أنها كانت محاولة انقلاب بواسطة أنصار جولن في الجيش. يمثل جولن موضوعًا آخر في حد ذاته. فقد حظي بدعم الإسلاميين في تركيا طوال الأعوام الخمسة والثلاثين الماضية تقريبًا، حيث استثمر في مدارس إسلامية حول العالم، أنقذ الأطفال المحرومين من أوضاع اقتصادية مريعة، ودربهم في أفضل المدارس، وأعدهم ليصبحوا جنودًا في ثورة إسلامية مستقبلية محتملة. استخدم أردوغان هذا الإسلامي الماهر والمتعلم للسيطرة على الجيش والاستخبارات عندما وصل إلى السلطة لأول مرة. وحتى الآونة الأخيرة، كانوا ينكرون مشاركة جولن في شئون الدولة والحكومة، رغم الاحتجاجات الضخمة من العلمانيين».

ويستطرد: «يبدو أن محاولة الانقلاب قد نُفذت بواسطة الموالين لجولن في الجيش، وربما يعد ذلك ضمن الأسباب الرئيسية لعدم تلقيها لدعمٍ واسع من داخل الجيش، الذي رغم كل شيء يُعرف بكونه مدافعًا عن العلمانية وأتاتورك. تشير الأدلة إلى أن حزب العدالة والتنمية قد علم بشأن خطة الانقلاب من قبل هؤلاء الموالين، وكان بصدد اعتقالهم صباح السبت لذلك اضطروا لتنفيذ خطة سابقة لأوانها وفشلوا».

وبسؤاله عن الخطوات التي قد يتخذها أردوغان لتوطيد حكمه بعد الانقلاب، يقول سعدي إنه لا يعتقد أن أردوغان سوف يفعل أي شيء من هذا القبيل: «ينبغي على أردوغان أن يكون أكثر دقة وتحديدًا بكثير فيما يتعلق بالديمقراطية التركية. يتعين عليه أن يظهر للعالم كله حبه للديمقراطية».

سوف يستخدم أردوغان هذا الانقلاب من أجل بدء حركة مناهضة للديمقراطية ينتج عنها إضافة الشريعة إلى الدستور.

بينما تختلف أسد الله معه بشدة: «اعتقل ما يصل إلى 6000 شخص بينهم الكثيرين من القضاة لأنهم مناصرون لأتاتورك والعلمانية. سوف يستخدم أردوغان هذا الانقلاب من أجل بدء حركة مناهضة للديمقراطية ينتج عنها إضافة الشريعة إلى الدستور. كان أردوغان يدعو الجمهور إلى النزول للشوارع. واستمر أكثر من 85,000 مسجد في تركيا في بث آيات قرآنية عبر مكبرات الصوت على مدار ساعات الانقلاب، ودعت المساجد الأمة إلى الوقوف تضامنًا مع أردوغان، الرسول من الله الذي يشبه النبي، وجاء لتحقيق وعود القرآن».

أضاف كيليك: «من خلال علاقاتي الشخصية التي تصل إلى كبار القادة، أعلم أن الجيش قد قرر عدم التدخل في السياسية قبل عقدين من الزمن وقد بدوا عازمين على الالتزام بهذا القرار. من وجهة نظري، هم يعتبرون أردوغان وحزب العدالة والتنمية نوعًا من آلام المخاض للديمقراطية الحقيقية في تركيا، وهم مستعدون للتسامح معه بقدر الإمكان. لا أعلم حدود هذا التسامح لكنني أظن أنه طالما نجح أردوغان في التلاعب بهم، لن يكون هناك شيء يمنعه من تحويل تركيا إلى دولة فاشية إسلامية استبدادية لديها نزعات شعبوية».

بالنسبة لإعدام الجنود الأتراك دون محاكمات وحرق البرلمان التركي، كان لدى سعدي التعليق الآتي: «أيٌ ما يحدث في البلاد يقع ضمن مسئولية الحكومة المنتخبة. يتعين عليهم التوصل إلى الأطراف المسئولة وتقديمهم إلى العدالة. جميع مقاطع الفيديو والصور موجودة، بل وحتى أسماء القتلة أيضًا. لم يأمرهم أردوغان بقتل الجنود. بل أمرهم بالنزول إلى الشوارع. يُرجّح أن بعضهم قد أساء فهم الأمر».

لكن وجهة نظر أسد الله أكثر شؤمًا بقليل: «يعد الغوغاء القتلة جزءًا من الحركة الاجتماعية الإسلامية في تركيا. لقد عذبوا بوحشية وأعدموا دون حق هؤلاء الجنود الشباب غير المتمرسين. تذكر تقارير أن هؤلاء الذين هاجموا الجنود وشقوا رقابهم هم إرهابيون تابعون لداعش يقيمون في تركيا، ويساعدهم حزب العدالة والتنمية. يذكرنا ذلك بكيفية مساعدة منظمة التحرير الفلسطينية للخميني عام 1979، وخامنئي عام 2009 في أعقاب ثورة إيران الثانية، عبر جلب المئات من أفراد القوات الخاصة من العراق وإيران لمواجهة الانتفاضة. يستخدم أردوغان نفس الأسلوب. وبالمناسبة، كان قصف البرلمان التركي بتخطيط من أردوغان نفسه، وهو حدث رمزي تمامًا مثل حادثة حريق الرايخستاج. كما بنى أردوغان مبنىً جديدًا للبرلمان قبل فترة وكان يخطط لهدم القديم لذلك سوف يجعل القصف الأمر أسهل عليه أن ينقل البرلمان إلى المبنى الجديد بعد هزيمة الانقلاب».

يزعم سعدي أن المجتمع الدولي يدعم أردوغان والديمقراطية التركية: «لا أحد يمكنه دعم الانقلاب، وقد كان ذلك واضحًا قبل الانقلاب أيضًا. وينبغي على الحكومة الإسرائيلية أيضًا دعم الديمقراطية. كما لن يدعم الاتحاد الأوروبي أي خطوات غير قانونية. ويدعم العالم العربي أردوغان باستثناء الأسد والسيسي».

من المُرجّح أن تدفع محاولة الانقلاب التركي إلى تسريع خطوات تفعيل اتفاق المصالحة بيم تركيا وإسرائيل.

لكن لدى كيليك وجهة نظر مختلفة: «أعتقد أن المجتمع الدولي قد تفاجأ بحق. وأرى ذلك لأن أعضاءه انتظروا حتى انتهاء الأمر ليختاروا أحد الطرفين ولإصدار أي تعليق جاد بشأنه. أحد الأمور التي سوف تمثل مشكلة للولايات المتحدة أن الصحافة تزعم أن الطائرات الحربية المشاركة في محاولة الانقلاب قد تم تزويدها بالوقود في قاعدة أنجرليك الجوية بواسطة الأمريكيين. إن صح ذلك، فقد ترغب الولايات المتحدة في التخلي عن جولن لتلطيف الأجواء. وبعيدًا عن ذلك، انطوت ردة الفعل الأمريكية المبدئية على طلب أي دليل على تورط جولن في الانقلاب، وهو ما يعد معقولًا. إن نجح حزب العدالة والتنمية في تقديم مثل هذا الدليل، قد يتغير مسار الأمور. وبغض النظر عن ذلك، تعد تركيا إحدى أهم الدول الأعضاء بالناتو، لذلك سوف يلقى أردوغان دعمًا تلقائيًا من أوباما وكندا والاتحاد الأوروبي من أجل إحباط صعود روسيا والصين».

يظل السؤال مطروحًا، كيف سيؤثر كل ذلك على إسرائيل؟ يقول سعدي أن اتفاق المصالحة يحتاج إلى التصديق عليه من قبل البرلمان التركي، الذي تعرض للقصف ليلة الجمعة: «حالما يُصدّق البرلمان التركي على هذا الاتفاق، سوف يكون الاتفاق ساري المفعول وسوف نتمكن من العمل بصدد القضايا الرئيسية، وتحديدًا إسقاط الدعاوى المرفوعة ضد الجنود والقادة الإسرائيليين. وتتمثل النقطة المحورية في دفع التعويضات. لذلك سوف يسير كل شيء وفق الخطة ولن يبقى أي حاجز أمام تبادل سفراء جدد. أعتقد أن ذلك سوف يتحقق في المستقبل القريب، بحد أقصى بعد شهر واحد».

يعتقد كيليك أن التطورات الأخيرة سوف تؤدي في الواقع إلى تسريع اتفاق المصالحة مع إسرائيل: «يستمر أردوغان في خسارة الرأي العام في الغرب، وسوف ينتج عن السلام مع إسرائيل بالتأكيد آثار إيجابية بالنسبة له، رغم أنني لا أعتقد أنه على المدى البعيد تصب تركيا الإسلامية في مصلحة الغرب. كما سيؤدي ارتباط المتشددين بالاقتصاد الـ 18 على العالم (الاقتصاد التركي) إلى خلق خطر غير مسبوق على الشرق الأوسط والعالم».