يبدو أن سياسات الحكومة المغربية لم تشفع طيلة الخمس سنوات الماضية في حل أزمة البطالة بالبلد، فرغم الوعود التي قدمتها للمغاربة بخفض معدلات البطالة إلى 8 بالمائة،إلا أن الرقم ما زال يراوح ما بين الـ9 و10 بالمائة.


انخفاض طفيف وإحباط يلامس 68 ألف عاطل

تفيد الأرقام الرسمية أن عدد العاطلين تراجع ما بين سنتي 2015 و2016، من 1.148.000 شخص إلى 1.105.000 عاطل عن العمل بمعدل بلغ الـ9.4 بالمائة.

المندوبية السامية للتخطيط أوردت في تقريرها السنوي أن عدد العاطلين انخفض تعدادهم بالمدن بـ45 ألفًا، مقابل ارتفاعهم بـ2000 عاطل عن العمل في الأرياف.

بيد أن التقرير يؤكد أن معدل البطالة بلغ في المدن لـ13.9 بالمائة، وفي الأرياف وصل إلى 4.2 بالمائة.

و أكدت الإحصائيات الرسمية أن عاطلا واحدا من كل اثنين يبحث عن أول شغل له، وما يناهز الثلثين (%67,2) تعادل أو تفوق مدة عطالتهم السنة، %29,1 منهم هم في وضعية عطالة نتيجة الفصل من العمل،أو توقف نشاط المؤسسة التي كان يشتغل بها.

ورغم الانخفاض الطفيف الذي سجلته البطالة،إلا أن الإحباط بات يقض مضجع 68 ألف شخص، «يئسوا من البحث» عن فرصة شغل.

و بَيَّنَ تقرير المندوبية أن 83.8 بالمائة من هؤلاء المحبطين يقطنون في المدن،54.1 في المائة منهم شباب تتراوح أعمارهم ما بين 15 و29 سنة، و78.1 في المائة منهم حاصلون على شواهد جامعية أو مهنية.


«الوساطة مهمة» لإيجاد وظيفة

تشير الإحصائيات الرسمية إلى أن البطالة تهدد نحو 40,8 بالمائة من الشباب، وهي الفئة التي أعربت عن فقدانها «الثقة» تجاه الحكومة بسبب «عجزها عن توفير الوظائف لهم»،وفق دراسة أنجزها معهد الرباط للدراسات الاجتماعية.

وتبين أرقام الدراسة، أن 54 في المائة من الشباب المستجوبين يرون أن الوساطة «مهمة جدًا» لنيل الوظيفة،علاوة على 36 بالمائة يعتبرونها «مهمة»، في حين صرح 6 في المائة من المستجوبين بأن الوساطة «غير مهمة» لنيل وظيفة في البلد.

وصرح 39 بالمائة من المستجوبين بأن الوساطة تتم عبر الأصدقاء والأقارب، في حين يرى 13 في المائة منهم أن «المحيط الاجتماعي يساهم في الحصول على الوظيفة بالمغرب».


«بارود مرشح للانفجار»

في الوقت الذي تزداد فيه أرقام بطالة الشباب خريجي الجامعات والمعاهد سنة بعد سنة،تتصاعد وتيرة الاحتقان وأشكال الاحتجاج في وجه الحكومة،مطالبة بمزيد من الإصلاحات والحلول الجذرية للتقليل من معدلات المعطلين.

مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية، أفادت أن «التهميش الذي يطال المجموعات الكبيرة من الشباب المغاربة العاطلين عن العمل»،قد يتحول إلى «بارود ضخم مرشح للانفجار والثورة» مضيفة أنه «لا غرابة في أن إحباط المغاربة تجاه الحكومة في تزايد مستمر، كما يتضح ذلك من خلال انخفاض رأس المال الاجتماعي، حيث مر من الرتبة 13 في العالم سنة 2010 إلى الرتبة 84 سنة 2014».


قلق متزايد رغم وعود السياسيين

كان عبد الإله بنكيران قد أكد خلال حملة الانتخابات الماضية أن التوظيف ضمن أولويات حزبه،وهو نفس الأمر الذي تبنته بقية الأحزاب الأخرى ضمن برامجها الانتخابية،حيث قدمت وعودًا بخفض معدلات البطالة ما بين 7 و8 بالمائة.

في المقابل، يرى مراقبون أن تدبير الحكومة لملف البطالة لم يحل الأزمة بشكل عميق،إذ ما زالت الجامعات و المعاهد المغربية تنتج أجيالاً «غير منتجة»،كما أن مصادقة الحكومة على مرسوم التعاقد صيف العام المنصرم،سيزيد من «تفاقم المعضلة»،وفي ظل غياب حلول عملية تعتمد على خلق المشاريع والمقاولات الصغرى وتشجيع الفرص الاستثمارية،تبقى الوظيفة الحكومية هي الملاذ الأخير لفئات واسعة من المغاربة، التي تطمح للصعود إلى سلم الطبقة المتوسطة المهددة بالتآكل.

ولم يخف المغاربة قلقهم من تنامي البطالة،التي تشمل 24 بالمائة من حاملي الشواهد الجامعية والمهنية،وتوقعت 77,5 بالمائة من الأسر من ازدياد رقعة المعطلين خلال هذا العام، في حين ترى 6,9 في المائة منها عكس ذلك، وفق تقرير صادر عن المندوبية السامية للتخطيط العام المنصرم.

في غضون ذلك،أوصى صندوق النقد الدولي الحكومة المغربية بضرورة الإسراع في تنفيذ إصلاحات هيكلية من أجل تطوير «جودة التعليم»، و«تحسين طريقة أداء سوق الشغل»،بغية خلق فرص عمل أكبر، مؤكدا أن «توقعات نسب النمو، على المدى المتوسط، لا تكفي لحل أزمة البطالة في المغرب».

مقالات الرأي والتدوينات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر هيئة التحرير.