إن المدافع التي تصطف على الحدود .. فى الصحاري
لا تطلق النيران ..

إلا حين تستدير للوراء

إن الرصاصة التي ندفع فيها .. ثمن الكسرة والدواء

لا تقتل الأعداء

لكنها تقتلنا .. إذا رفعنا صوتنا جهارًا

تقتلنا وتقتل الصغارا

مقارنات منطقية: حين عُلقت الصلاة في حلب!

في الرابعة والنصف من عصر الإثنين 28 يوليو/ تموز تلقت مستشفى الشفاء بغزة اتصالًا من جهة مجهولة، يفيد بضرورة إخلاء المستشفى، موضحًا أن المستشفى سوف يتم قصفه خلال ساعات.سبق هذا التهديد نوع من التحريض الإعلامي ضد مستشفى الشفاء حيث كثرت التقارير التي تفيد باستخدام حماس للمستشفى كقاعدة لإدارة العمليات العسكرية أو كقاعدة لإدارة الحرب الإعلامية مع إسرائيل.في المقابل، تحدث كثير من النشطاء الأجانب والأطباء عن وجودهم بقلب مستشفى الشفاء وأنكروا رؤيتهم لأي وجود لعناصر مسلحة بداخلها. لاحقًا، انتقل العديد من النشطاء الأجانب إلى المستشفى لتشكيل درع بشري، وأصبحت مستشفى الشفاء الملجأ الأول لأهل غزة النازحين من بيوتهم.قصفت إسرائيل مبنى العيادات الخارجية في محيط المستشفى موقعة عشرة قتلى، لكن لم يُستهدف المبنى الرئيسي للمستشفى مباشرة.في نفس الشهر يوليو/ تموز من عام 2014م، تلقت مستشفى الوفاء بغزة طلبًا من الجيش الإسرائيلي بضرورة إخلاء المستشفى، وفي اليوم التالي تم قصف المستشفى بثلاثين طلقة تحذيرية أدت إلى أضرار بالطابق الرابع وإصابات طفيفة ببعض الأطقم الطبية.

أما في سوريا، ففي سياق اتفاق وقف الأعمال القتالية المُوقع برعاية روسية-أمريكية، والذي من المفترض أن يشمل منطقة حلب وريفها والمُفعّل منذ فبراير/ شباط الماضي، قامت طائرات حربية مساء الأربعاء 27 إبريل/ نيسان 2016م باستهداف مستشفى «القدس» الميداني في حلب والمباني المحيطة بها؛ ما أدى إلى نسف المبنى تمامًا وتسبب في مقتل 27 شخصًا، بينهم ثلاثة أطفال وثلاثة أطباء، وأعلنت منظمة «أطباء بلا حدود» أن المستشفى الذي تعرض للقصف الجوي كان مدعومًا منها، منددةً «بالتدمير الذي تعرض له مستشفى القدس في حلب والذي سيؤدي لحرمان الكثيرين من الرعاية الطبية الأساسية»، وكان من بين القتلى آخر طبيب أطفال بالمدينة وهو الشهيد «محمد وسيم معاذ».


كيف تُقرأ الحرب من خلال الإستراتيجية؟

(الجوع أو الركوع) رسالة تركها جنود نظام الأسد للشعب السوري على أحد الحوائط

في علم الإستراتيجية، تعرف الحرب بأنها أداة في يد السياسة، ويمكن تقسيم الحروب إلى نوعين رئيسين: النوع الأول: الحرب الشاملة مثل الحرب العالمية الثانية، ويكون هدف الحرب السيطرة على مركز الثقل في الصراع أو تدميره تمامًا وإخضاع إرادة الخصم. ففي الحرب العالمية الثانية كان هدف الحلفاء هو السيطرة على برلين عاصمة ألمانيا، حيث أنها مركز الثقل في الصراع داخل أوروبا وتركيع العدو الياباني ونسف إرادته عن طريق قصف هيروشيما ونجازاكي بالقنبلة النووية.النوع الثاني: الحرب المحدودة، وتخاطب هذه الحرب الرأي العام في الدولة أو الخصم، حيث تهدف إلى تقليل رغبة الخصم في الصراع عن طريقين؛ أولهما: استخدام كل الأدوات المتاحة لإقناع الخصم أن الخسائر الناتجة عن الحرب سوف تكون أكبر بكثير من المصالح، وثانيهما: تدمير ثقة الخصم في قدرته على تحقيق النصر.لم يكن العدوان الإسرائيلي على غزة في 2014م نزهةً خلوية بالطبع لكنه كان حربًا محدودة في نهاية الأمر، فقد قُتل من أهل غزة 1742 إنسانًا، 81% منهم من المدنيين، وكان أكثر أيام العدوان دموية هو الأول من أغسطس/ آبن قُتل فيه 160 شخصًا واستمر العدوان من الثامن من يوليو/ تموز 2014م إلى 26 أغسطس/آب.كان العدوان الإسرائيلي غاشمًا، لكنه لم يكن بلا عقل أو غاية. فمن ناحية موضوعية لم يكن العدوان ضعيفًا أو متخاذلًا بما يكسر الخوف من إسرائيل في نفوس الفلسطينيين ولم يقع أيضًا تحت فرضية الأرض المحروقة بما يمكن أن يستتبع ذلك من ثورة في الضفة لا يمكن السيطرة عليها. كان العدوان ذكيًا حيث دمر البنية التحتية للمقاومة وخلق حالة من الجدل داخل القطاع، وحالة من التساؤل عن مدى مصداقية ربط قطاع غزة بحركة حماس من ناحية ومدى إمكانية الانتصار على إسرائيل في الحرب من ناحية أخرى، فقد كان الهدف الإسرائيلي من الحرب هو إفقاد حماس حاضنتها الشعبية وتدمير رغبتها واستعدادها للحرب في آن واحد.أما في سوريا، فمنذ 2011م وإلى الآن قُتل في هذه الحرب ما يزيد عن 210,000 إنسان، غير ملايين المهجرين والنازحين، فقد حول بشار الأسد الصراع من ثورة ضد طاغية إلى حرب أهلية طاحنة لا عقل لها ولا غاية واضحة، فميليشيات الأسد تستخدم الأسلحة الكيماوية والبراميل المتفجرة والطائرات والتهجير الطائفي وتفريغ القرى والمدن من سكانها؛ ما يجعل انتصار المعارضة أمرًا صعبًا للغاية. فحتى لو ربحت المعارضة الحرب فإنها لن تجد القاعدة الشعبية الداعمة لها. لا يسعى الأسد إذن إلى تعظيم الخسائر لعدوه بما يفقده الرغبة في القتال، وإنما يسعى إلى نسف عدوه تمامًا.

من نتنياهو إلى بشار

الجوع أو الركوع جنود الأسد
http://gty.im/453239468

مقاوم بالثرثرة .. ممانع بالثرثرة لم يرفع السلاح .. لم يرسل إلى جولانه دبابة أو طائرة لم يطلق النار على العدو .. لكن حينما تكلم الشعب .. صحا من نومه .. وصاح في رجاله مؤامرة! .. مؤامرة! وكان رده على الكلام مجزرة

الحرب في كلا الحالتين صراع إرادات، لكننا نقرأ الفارق بين بشار وإسرائيل في شقين: الأول، أخلاقيات الحرب: سوف يكون من الصعب أن نصف إسرائيل بأن لديها نوعًا من أخلاق الحرب لكن بالمقارنة مع نظام الأسد تبدو إسرائيل ملائكية في عدوانها.في الرابع من مايو/ آيار 2015م نشرت مجموعة إسرائيلية مهتمة بتجميع الشهادات عن الحرب على غزة شهادة لمجموعة من المجندين في الحرب عن الفظائع التي ارتكبوها أو عاينوها، حيث يقول أحد الجنود «أي شيء داخل قطاع غزة هو هدف، ويجب تطهير المنطقة تمامًا، وإذا لم نرَ أحدًا يصرخ مستسلمًا أو يلوّح بعلم أبيض فإنه يمثل خطرًا ولنا الصلاحية لإطلاق النار».إذن وفقًا لشهادة المجند وبفرض مصداقية التقرير فإنك آمن إذا استسلمت. ولكن في سوريا، أين تكون آمنًا؟.الثاني، إخضاع الإرادات: يهدف العدوان الإسرائيلي على غزة إلى الفصل بين عموم الشعب والحاضنة الشعبية للمقاومة عن طريق تعظيم الخسائر بما يجعل احتضان المقاومة أمرًا مكلفًا ويكون هذا كله جزءًا من خطة إستراتيجية تنفذها أفرع الجيش الإسرائيلي ووحداته بكل التزام. لكن في سوريا اتخذت هذه العملية منطق الحرب الشاملة والتركيع، حيث أصبح النظام كالثور الأهوج وأصبح جنوده خارج نطاق السيطرة تمامًا وتحول الجيش إلى ميليشيا مسلحة ومجموعات من الشبيحة يذكروننا بحروب القرون الوسطى تمامًا، لا يبحثون عن زيادة تكلفة الصراع أو إخضاع الخصم، ولكن يبحثون عن نسف الإرادة و إنهاء الوجود الفعلي. فمع التهجير والتدمير للمدن والتقسيم الطائفي للبلاد، يرافق ذلك عمليات الاغتصاب والتعذيب والتمثيل ولا يمتلك النظام سيطرة حقيقية على وحداته أو ميليشياته بما يمكّنه من التحكم بها.نحن إذن نرى حربًا محدودة يشنها الصهاينة في غزة، ونرى حربًا شاملة غير عاقلة يشنها نظام الأسد «الممانع» وداعموه «المقاومون» في سوريا. فهل تبقى مستشفى الشفاء في غزة شاهدةً على «عدو عاقل»، ويكون رماد مشفى القدس والدماء المختلطة بترابه صادقةً على مُدّعٍ للمقاومة هو أشد إجراما من الصهاينة؟!.