يعلم الجميع عجائب الدنيا السبع القديمة من العالم التي نقلت عن المؤرخين الإغريقيين «هيرودوتس» و«كاليماخوس» من رحلاتهم التي قاما بها في حياتهما، أو عن مخطوطات نقلت لهما معالم الأماكن التي لم يتسن لهما زيارتها، وكان من بينها أعجوبتان في مصر التي كانت من البلاد المفضلة لهيرودوتس، والتي كتب كثيرًا عن أحوالها وعادات وثقافات المصريين، ومن المعروف أنه أول من أطلق على مصر أنها «هبة النيل».

الأعجوبتان كانتا أهرام الجيزة التي تعود إلى ملوك الفراعنة «خوفو» و«خفرع» و«منقرع»، والتي بُنيت بين أعوام 2550 و2480 قبل الميلاد، إضافة إلى منارة الإسكندرية التي بناها المعماري الإغريقي «سوستراتوس» عام 270 قبل الميلاد في عهد «بطليموس» الثاني.

إلا أن الكثير إن لم نقل الغالب من غير المختصين في التاريخ يجهل تمامًا مصطلح «عجائب الدنيا الثلاثين» التي تحوي مصر منها عشرين أعجوبة كاملة، ويعد «الجاحظ» أبرز من ذكرها رغم أنها لم تُعرف عنه إلا توثيقًا في بعض المراجع، ونقلها عنه المؤرخان «محمد بن سلامة القضاعي» و«تقي الدين المقريزي» الذي -أراه- أبرز من تحدث في وصف العشرين أعجوبة في كتابه «المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار» الشهير بـ«الخطط المقريزية». فذكر الجاحظ فيما نقله عنه المؤرخان:

عجائب الدنيا ثلاثون أعجوبة، منها بسائر الدنيا عشر أعجوبات، وهي مسجد دمشق وكنيسة الرّها، وقنطرة سنجر، وقصر غمدان، وكنيسة رومية، وصنم الزيتون، وإيوان كسرى بالمدائن، وبيت الريح بتدمر، والخورنق، والسدير بالحيرة، والثلاثة الأحجار ببعلبك، ومنها بمصر عشرون أعجوبة.
ذكر المقريزي وصفها فيما كانت عليه في زمانه كالتالي:

1. أهرام الجيزة

يقول المقريزي في وصفها أنها أطول بناء وأعجبه، ويستطرد في وصف اثنين منها: ليس على وجه الدنيا بناء أعظم منهما. فإذا رأيتهما ظننت أنهما جبلان موضوعان، ولذلك قال بعض من رآهما: ليس من شيء إلا وأنا أرحمه من الدهر * إلا الهرمين فإني لأرحم الدهر منهما.

2. أبو الهول

قد يتعجب البعض أن جميع مؤرخي ما بعد الفتح الإسلامي كان يطلقون على أبي الهول صنمًا وليس تمثالًا، إضافة إلى أن ذلك الاسم «أبا الهول» لم يذكره منهم إلا القليل، فكان معروفًا لديهم باسم «بلهوية» أو «بلهيت»، ومن بينهم تقي الدين المقريزي.

3. آثار سمنود

مدينة سمنود تتبع محافظة الغربية، وكانت تعرف من عهد الفراعنة بـ«سبننوت»، وكانت من بين العجائب التي ذكرها المقريزي لما فيها من عجائب وآثار فرعونية كثيرة كانت تغلب على المدينة. وذكر المقريزي نقلًا عن «أبي عمرو الكندي» أنه رأى أحد المعابد الفرعونية هناك قائلًا:

4. بربا أخميم أو معبد أخميم

يروي المقريزي أنه من العجائب بما فيه من الصور، وأعاجيب وصور الملوك الذين كان يملكون مصر، وكان ذو النون الأخميمي أحد أعلام التصوف في القرن الثالث الهجري، والذي يجيد قراءة الهيروغليفية يقرأ المكتوب على أسوار المعبد، فأفسد الكثير منها.

5. معبد دندرة

ذكر المؤرخون أن العجب في ذلك المعبد أنه فيه ثمانون ومائة خرق تدخل الشمس كل يوم من واحد منها، ثم التي تليه حتى تنتهي إلى آخرها، ثم تُكرّر راجعة إلى موضع بدئها.

6. سوار مصر العظيم

يسمى «الحائط العجوز»، ويروى أنه جرى بناؤه بعد غرق فرعون وهلاك جيشه، وكان حائطًا من العريش إلى أسوان يحيط بأرض مصر شرقًا وغربًا.

7. الإسكندرية

ذكرها المقريزي لكثرة عجائبها، ومنها: المنارة، وطولها مئتان وثمانون ذراعًا، وكان لها مرآة ترى فيها كل من يخرج من القسطنطينية. ومنها كذلك السواري والملعب الذي كانوا يجتمعون فيه في يوم من السنة، ثم يرمون بِكُرَة فلا تقع في حجر أحد إلا ملك مصر.

8. المسلتان

يروي المقريزي في كتابه «المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار» عنهما أنهما جبلان قائمان على سرطانات نجاس في أركانها، كل ركن على سرطان، فلو أراد شخص أن يُدخِل تحتها شيئًا حتى يعبره من جانبه الآخر لفعل.

9. عمودا الأعيا

يقال في وصفهما أنهما عمودان ملقيان، وراء كل عمود منهما جبل من الحصى كصبر الجمار بمنى، يقبل المعنى التعب النصب بسبع حصيات حتى يلتقي على أحدهما، ثم يرمي وراءه السبع، ويقوم ولا يلتفت ويمضي لطيته فكأنما يحمل حملًا لا يحس بشيء من تعبه.

10. القبة الخضراء

قال عنها المقريزي نقلًا إنها أعجب قبة كانت مغطاة نحاسًا كأنه الذهب.

11. مدينة ميت عقبة أو منية عقبة

قد يرى البعض ذلك الأمر محطًا للسخرية أن تكون تلك المدينة من عجائب الدنيا، إلا أنها ذكرت فعلًا من عجائب الدنيا التي أوردها المقريزي واسمها الأصلي «منية عقبة»، والمنية أي الممات، ووصفها بأنها هي مدينة على مدينة، ليس على وجه الأرض مدينة بهذه الصفة سواها.

12. الجبال

ومن عجائب مصر الجبال التي وصفت في الخطط المقريزية بأنها الجبال التي هي على النيل، وهي ثلاثة، منها: جبل الكهف، والطبلمون، وجبل زماجيز الساحرة، الذي يقال إن فيه قطعة من الجبل ظاهرة مشرفة على النيل لا يصل إليها أحد.

13. شعب البوقيرات في مدينة أشمون

وهو في جبل الكهف، فيه صدع تأتيه البوقيرات في يوم في السنة معروف لكل طائر على الأرض، فيدخل كل طائر منقاره في ذلك الصدع ولا تزال كذلك إلى أن يمسك بمنقار واحد منها، فيموت، ويبقى معلقًا إلى أن تذروه الرياح، فتنصرف (جميع) الطيور حينئذ.

14. عين شمس

ذكر فيه أنه مجسم للشمس وبه عمودان لم ير أعجب منهما، طولهما في السماء نحو خمسين ذراعًا.

15. مدينة منف

كانت منف (مكانها الحالي مدينة البدرشين محافظة الجيزة على بعد 19 كم جنوب القاهرة) من العجائب العشرين الموجودة في مصر لما فيها من آثار وكنوز تعود للفراعنة، ومن أبرز الآثار الموجودة فيها هرم زوسر وتمثال رمسيس الثاني.

16. مدينة الفرما

وصف المقريزي أنها مدينة كانت أكثر عجبًا من منف، وأكثر في كمية الآثار، وهي حاليًا مدينة بورسعيد.

17. مدينة الفيوم

لم يذكر المقريزي شيئًا بعينه في المدينة.

18. عجائب النيل

كذلك لم يذكر المقريزي أيًا من تلك.

19. حجر الخل

يقول المقريزي إنه كان حجرًا يطفو على الخل ويسبح فيه كأنه سمكة، إذا أمسكه الإنسان بكلتا يديه تقيأ كل شيء في بطنه!

20. الجمل

رأيته وقد خزن فيه بعض عمالها قرظًا، فرأيت الجمل إذا دناه من بابه بحمله وأراد أن يدخله سقط كل دبيب في القرظ لم يدخل منه شيء إلى البربا، ثم خرب عند الخمسين والثلاثمائة.

قال المقريزي إنه كان على باب القصر الكبير الذي يقال له باب الريحان عند الكنيسة المعلقة صنم من نحاس على خلقة الجمل، وعليه رجلٌ راكب عليه عمامة منتكب قوسًا عربية، وفي رجليه نعلان، كانت الروم والقبط وغيرهم إذا تظالموا بينهم واعتدى بعضهم على بعض تجاروا إليه حتى يقفوا بين يدي ذلك الجمل، فيقول المظلوم للظالم:

أنصفني قبل أن يخرج هذا الراكب الجمل، فيأخذ الحق لي منك شئت أم أبيت، يعنون بالراكب النبيّ محمدًا (صلى الله عليه وسلم). فلما قدم «عمرو بن العاص» غيبت الروم ذلك الجمل لئلا يكون شاهدًا عليهم.

ويقال: ليس من بلد فيه شيء غريب إلا وفي مصر مثله أو شبيه به. ثم تفضل مصر على البلدان بعجائبها التي ليست في بلد سواها.

مقالات الرأي والتدوينات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر هيئة التحرير.