بالطبع نعلم يقينًا أن كرة القدم تعني كأس العالم وأشياء أخرى، وبالطبع أيضًا لا يمكن أن تطغى أي من الأحداث التي تتعلق بتلك الأشياء الأخرى على أي من الأحداث التي تتعلق بكأس العالم، هذا من المعلوم بالضرورة في أمور الكرة وليس رأيًا شخصيًا لأحدهم بالمناسبة.

ربما لأن كأس العالم قد انتهى منذ أيامٍ قلائل، فإنه حان الوقت لاستعراض جميع الأحداث التي حدثت طوال الشهر المنصرم وظلت على الهامش بلا أضواء، والتي ستحصد أضواءها للتو بمجرد انطفاء أضواء المونديال التي لا يضاهيها ضوء مهما كانت درجة سطوعه.


لعبة الكراسي الموسيقية في الليجا

حتى هذه اللحظة يمكننا عنونة سوق الانتقالات بسوق الكراسي الموسيقية. فريق يترك لاعبًا لفريق ليتعاقد مع آخر من فريق ثالث ترك لاعبًا لفريق رابع تعاقد بدوره مع لاعب من الفريق الأول وباع زميله آخر للفريق الثاني، عزيزي القارئ هل شعرت بالتيه من تلك الكلمات؟ حسنًا، شعرت بهذا أيضًا وأنا أتابع آخر مستجدات سوق الانتقالات.

لعبة الكراسي الموسيقية لم تتوقف فقط عند حد انتقال لاعب واستبداله بآخر، بل إنها عنونت أيضًا تغير موازين القوى بالنسبة للدوريات الخمس الكبرى وبالنسبة أيضًا للمنافسة بين الأندية في الدوري الواحد، وأخيرًا بالنسبة لنقاط القوى والضعف داخل الفريق الواحد.

ريال مدريد مثلًا باع رونالدو، وفي المقابل تعاقد مع أودرويوزولا ظهير سوسيداد الواعد ليكون بديلًا لكارفخال. زادت قوة خط الدفاع في مقابل انخفاض قوة هجومه. وفي الإقليم الكتالوني استغنى نادي برشلونة عن باولينيو و عوضه بالبرازيلي آرثر من نادي جريميو البرازيلي. فلم يؤثر ذلك على قوة دفاعه ولا هجومه بقدر ما تسبب في تحسن الحالة النفسية لمشجعيه، كما تعاقد مع مدافع إشبيلية لينجيليه مما قد يهدد مركز بيكيه المتذبذب في الفترة الأخيرة.

في المقابل أكمل سيميوني القطعة الناقصة في الـ 4-4-2 الخاصة به بالتعاقد مع توماس ليمار من باريس سان جيرمان الذي سيكون شراكة في خط الوسط أفضل من تلك التي كانت في وجود كاراسكو الذي رحل للصين سلفًا، سيميوني الذي يطلب مهامًا دفاعية من أجنحته لم يكن ليؤديها كاراسكو الذي أظهر فشله فيها في المونديال.

ليمار يميل للعودة أكثر وينتمي إلى وسط الملعب أكثر من انتمائه للهجوم، لذا فوجوده رفقة كوكي وساؤول سيشكل مثلثًا متوازنًا، مع البحث عن لاعب ارتكاز معوض لجابي الذي رحل للسد القطري، هذا ما حدث في إسبانيا باختصار، ناهيك عن اهتمامات الكبار التي لا تنتهي إلا بانتهاء السوق سواء الحقيقي منها أو افتعالات الصحف والوكلاء.


انقلاب إنجليزي

ما حدث في إسبانيا تم سرده سريعًا نظرًا لأنه لم يكن شديد الإبهار إلا في حالة رونالدو التي ستُفصّل في أمر إيطاليا. أما الأمور في إنجلترا فانقلبت فيها الكراسي الموسيقية نفسها وحل الجنون في كل شيء، الجميع عالج النقص حتى ويستهام فعل ما لم يفعله الكبار في الدوريات الأخرى بالتعاقد مع لاعبين كانوا مرشحين للانتقال إلى هؤلاء الكبار أنفسهم.

آرسنال وتشيلسي وويست هام بمدربين جدد، أوناي إيمري مدربًا لآرسنال وماوريتسيو ساري في تشيلسي وبيليجريني في ويست هام، القضية ليست في ذلك هذا كان مجرد تمهيد للانقلاب الذي حدث بالفعل،أرسنال يضم ليشتاينر من يوفنتوس مجانًا وسوكراتيس من دورتموند بحوالي 20 مليون يورو، وتوريرا في الوسط من سامبدوريا وحارس المرمى بيرنارد لينو من ليفركوزن.

تشيلسي يضم جورجينيو من نابولي و السيتي نجح أخيرًا في القبض على رياض محرز من ليستر واليونايتد خطف فريد شاختار من جوارديولا، وليفربول انضم له نابي كيتا من لايبزيج وجلب معه فابينيو من موناكو وشاكيري من ستوك سيتي، أما الصغير ويست هام ففتح خزانته على مصرعيها وجلب فيليبي أندرسون من لاتسيو و جاك ويلشير من آرسنال، اندري يارمولينكو من دورتموند، ريان فريدريكس قادمًا من فولهام، لوكاس فابيانسكي حارس سوانزي سيتي وعيسى ديوب من تولوز الفرنسي في صفقة أنفق خلالها النادي الإنجليزي 25 مليون يورو على المدافع الشاب.

كل ذلك ينبئ بارتفاع نسق المنافسة في الدوري الإنجليزي خلال الموسم المقبل، جميع الكبار أصبحوا متقاربين؛ إذن صراع اللقب سيحتدم حتمًا. وإذا أردت أن تعرف ما سيحدث في صراعات منتصف الجدول ألقِ نظرة أخرى على سوق ويستهام، واصنع تشكيلة تضم تلك الأسماء والأسماء الموجودة ومن ثم تذكر أن ويستهام ليس من الفرق الكبرى في البريميرليج.


في الكالشيو: لا صوت يعلو فوق رونالدو

يوفنتوس تعاقد مع كانسيلو من غريمه الإنتر وإيمري تشان من ليفربول وباع بوفون لباريس سان جيرمان واستقدم ماتيا بيرين حارس جنوى بدلًا منه. لا توقف، ناينجولان نجم روما خرج إلى الإنتر مع 5 صفقات أخرى أبرزها كوادو أسامواه من اليوفي و دي فري نجم لاتسيو. الميلان لن يشارك أوروبيًا لموسم. مهلًا، كرستيانو رونالدو انتقل إلى يوفنتوس، خبرٌ أوقف الاهتمام بكأس العالم نفسه، أليس قادرًا على إبعاد الاهتمام عن أخبار كتلك؟

رونالدو تسبب في اهتمام إعلامي مفاجئ بالكالتشيو متوقع أن يستمر في نسق تصاعدي مع كل مباراة له مع يوفنتوس، وهو ما أراده اليوفي من رونالدو قبل الأداء ودوري الأبطال وكل هذا. يوفنتوس سيستمر في جلب الأرباح على كافة المستويات حتى ينتهي عقد رونالدو، وإن لم يجلب لهم الأبطال فلا مشكلة، لأنه حينها سيرحل بعد أن يجلب لهم ما هو أكثر من ذلك بالنسبة للمشروع واستمراريته وتطوره.

خارطة كرة القدم في إيطاليا ستشهد تغيرًا عن السنوات الماضية بعودة الإنتر إلى دوري الأبطال، وعودة أنشيلوتي إليه من بوابة نابولي، واحتمالية فوز يوفنتوس بدوري الأبطال نفسه، ألم يأتِ رونالدو من أجل ذلك؟


ارتفاع وتيرة المنافسة وتحديات جديدة

بالنظر إلى الصفقات التي تم إجراؤها والتي من المتوقع أن تتم قريبًا، من الممكن استنتاج أن وتيرة المنافسة في الدوريات الكبرى سترتفع بشكل كبير خلال الموسم المقبل. أغلبية الكبار قاموا بسد الثغرات التي عانوا منها سلفًا، وبعض من الصغار قاموا بتدعيم الصفوف بشكل لا يصدق، وكثير من الأحاديث عن المزيد الذي من المتوقع أن يتم خلال الأيام المقبلة.

ليس ذلك فقط، بل أنه ثمة تحديات جديدة لأندية ستجد نفسها في أماكن لم تعتد التواجد فيها في السنوات الأخيرة، وأخرى ستجد نفسها مطالبة بتحقيق أشياء كانت أحلامًا منذ زمن بسيط، لاعبون انتقلوا من هنا إلى هنا من أجل إثبات الذات ولن يقبل منهم ما هو دون ذلك، كل شيء في هذا الموسم سيكون أصعب من سابقه بكل تأكيد.

شهرٌ ونصف في سوق الانتقالات هي فترة كبيرة جدًا، الكثير من الأشياء من المتوقع أن تحدث والكثير من المتغيرات ستجدّ بكل تأكيد خلال الأيام المقبلة. الفارق بينها وبين ما تم خلال الشهر الماضي سيكون أنها ستتم في ضوء الاهتمام الإعلامي، فقط لأن كأس العالم قد انتهى بعد أن فازت به فرنسا، وهو الشيء الذي سيُحدث تغيرًا في أوضاع لاعبيها بالطبع. فلننتظر ما ستسفر عنه الأيام القادمة في سوق الانتقالات بعد نهاية المونديال.