محتوى مترجم
المصدر
جيروزاليم بوست
التاريخ
2016/11/29
الكاتب
ناتان أدوينهيمر

رصدت صحيفة «جيروزاليم بوست» في تقرير لها أسباب الاهتمام المتزايد للأكراد بالتاريخ والثقافة الإسرائيلية، لافتةً إلى أن ذلك الاهتمام له جذور تاريخية قديمة.

ويقول مُعِدّ التقرير، الصحفي الإسرائيلي «ناتان أودينهيمر» أنه على الرغم من أن ذلك الاهتمام ينطبق على جزء صغير نسبيًا من المجتمع الكردي، إلا أنه يمثل تحولاً للطريقة التي ينظر بها الأكراد للقضية اليهودية.

ويشير إلى أن المكاتب الكردية تعج بالكتب التي تتحدث عن شخصيات إسرائيلية بارزة، حيث يروي أنه خلال إحدى زياراته إلى مكتبة بمدينة السليمانية، التي تتبع لإقليم كردستان العراق، شاهد عددا من الكتب عن رؤساء وزراء سابقين مثل جولدا مائير، وعددا كبيرا آخر عن الموساد.

بحسب العديد من الشهادات، قدم الموساد المساعدة للمتمردين الأكراد ضد الحكومة العراقية المركزية في خمسينيات القرن الماضي.

ويفسر أودينهيمر سبب اهتمام الأكراد بالشأن الإسرائيلي حيث يقول: «إن إسرائيل كانت ولا تزال تحظى بمكانة مركزية في المجتمع الكردي على الصعيد الدبلوماسي لأكثر من 60 عامًا».

ويتابع: «بحسب العديد من الشهادات، فقد قدم الموساد المساعدة للمتمردين الأكراد ضد الحكومة العراقية المركزية في خمسينيات القرن الماضي، ولم تكن تلك إلا البداية فقط».

ويؤكد أنه خلال ستينيات القرن الماضي، أرسلت إسرائيل مستشارين ومعلمين لتدريب وتقديم المشورة للأكراد، ثم شهد التعاون بين الجانبين نضجا وصل إلى سلسلة من اللقاءات بين المسئولين، ليبلغ ذروته بزيارات لزعيم الحزب الديمقراطي الكردي «مصطفي بارزاني» إلى إسرائيل، كان أولها عام 1968 ثم عام 1973.

ويوضح أودينهيمر أن بارزاني نجح خلال زياراته في إقناع الحكومة الإسرائيلية بدعم القضية الكردية على الصعيدين العسكري والدبلوماسي.

ويقول إن هنري كيسينجر قد أشار في مذكراته إلى أنه أثناء شغله منصب وزير الخارجية بين عامي 1973 و1977 طلبت إسرائيل من الولايات المتحدة دعم إضافي للأكراد، وأن جولدا مائير قد دعمت بارزاني بشكل فعال حينئذ، في محاولة منها لإقناع كيسينجر بدعم حزبه في السيطرة على إقليم كردستان العراق.

ويشير أودينهيمر إلى أنه منذ ذلك الوقت، لفتت تقارير إلى قيام قوات العمليات الخاصة الإسرائيلية بتدريب القوات الكردية، مع استخدام عملاء الموساد المنطقة الجبلية الشمالية لشن عمليات داخل العراق وإيران وسوريا وتركيا.

والتقى أودينهيمر مع الكردي «شفيق خضير»، الذي قام بترجمة 3 كتب عن إسرائيل، أحدهم عن الموساد للكاتب البريطاني «جوردون توماس»، وسيرة ذاتية عن رئيس الوزراء الأسبق ديفيد بن غوريون للأمريكي «روبرت وليام سان جون»، ومذكرات جولدا مائير.

ويقول خضير إن كُتبه كانت المصدر الأول للمعلومات عن إسرائيل والتاريخ اليهودي داخل كردستان، وكانت الأكثر مبيعاً داخل كردستان.

وتقول خبيرة العلاقات الإسرائيلية الكردية «عوفرا بينجيو» من جامعة تل أبيب للصحيفة: «إن الأكراد مهمتون بشدة بإسرائيل، وأن كتابها عن أكراد العراق قد تمت ترجمته إلى اللغة الكردية».

وتضيف بينجيو أن شرعية البلدين أمر متنازع عليه من جيرانهما، ما يجعل الأكراد يدركون أن المصير واحد والتاريخ مشترك، فاليهود عاشوا بشكل جيد نسبياً داخل كردستان، والعلاقات الإسرائيلية مع الأكراد يعود تاريخها إلى ستينيات القرن الماضي، وربما قبل ذلك، فضلاً عن أن الأكراد يرون مشروع بناء الدولة الإسرائيلية نموذجاً لهم، ويعتبرون القادة الصهاينة أيضاً مصدر إلهام لهم.

ويعود مُعِد التقرير لحديث خضير حيث قال: «إن نظام الرئيس الأسبق صدام حسين عمل على شيطنة اليهود، حيث كان يتم تلقيننا أن اليهود هم صهاينة يتآمرون ضد العرب… فخلال دراستنا، كنا نضطر لقراءة روايتي «تاجر البندقية» لشكسيبر و«أوليفر تويست» لتشارليز ديكينز، حيث إنهما تصوران اليهود كأشخاص مخادعين يتصفون بالجشع وأنهم أقل إنسانية».

لم تكن العلاقات بين حكومة إقليم كردستان وإسرائيل سرية في الماضي، لكنها لا تزال شديدة الحساسية بسبب المسار المضطرب للقضية الكردية.

ولا يؤمن خضير في الوقت الحالي بذلك الوصف لليهود لعدد من الأسباب؛ فالإسرائيليون أعداء لصدام، وهو ما يجعلهم أصدقاء للأكراد. كما أن جده قد أخبره أن القرية التي ولد وعاش بها، كان تعج باليهود الذين هاجروا إلى إسرائيل وكانوا أناسا طيبين. إضافة إلى ما سبق، فإن إسرائيل ساعدت الأكراد في ثورتهم عام 1975.

ويؤكد خضير أن القادة اليهود صنعوا المعجزات، وأسسوا بلداً ديمقراطياً بين الدول العربية، وهو عكس ما أشاعه نظام صدام حسين، أن إسرائيل صناعة أمريكية بريطانية. لكن قراءته للسير الذاتية لبن غوريون وديان، كشفت عن أن اليهود هم من بنوا إسرائيل.

ويشير أودينهيمر إلى أن خضير أتم مؤخراً ترجمة مذكرات بيجين في كتابه «الثورة»، والذي وصفه بـ «الأصعب». ويوضح أن خضير لا يفضل القيادة الإسرائيلية الحالية لبنيامين نتانياهو، فهو يرى المزيد من الإلهام في وجهات نظر القادة الاشتراكيين مثل بن غوريون ومائير، وحتى شمعون بيريز.

ويؤكد أودينهيمر أن العلاقات بين حكومة إقليم كردستان وإسرائيل لم تكن سرية في الماضي، لكنها لا تزال شديدة الحساسية. ففي إبريل من العام الماضي 2015، قامت وزارة الأوقاف والشئون الدينية الكردية بتعيين «شهر زاد عمر مامساني» مُمثِلاً للشئون اليهودية بالوزارة، وهو المنوط به حماية حقوق العائلات اليهودية التي تعيش في كردستان، وقام في إطار عمله بزيارة الولايات المتحدة للقاء ساسة ورجال أعمال وزعماء إسرائيليين.

ويقول أودينهيمر: «لم يتضح عدد اليهود الذين يعيشون في كردستان، فالبعض يزعم أن هناك 700 عائلة، وآخرون يقولون إنهم 350 عائلة، لكن من المستحيل رسم خريطة لعدد اليهود في كردستان، بعد أن اضطر من بقي منهم داخل العراق عقب نزوح اليهود في خمسينيات القرن الماضي، إلى إخفاء هويتهم إبان سنوات حكم صدام».