رغم أن الأزمة الأوكرانية الحالية قد تدفع إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى تجنب المزيد من التوترات مع بكين لتجنب فتح جبهتين في نفس الوقت، إلا أن المواجهة بين الطرفين تبدو حتمية في لحظة ما في المستقبل. ففي 11 شباط/فبراير الماضي – أي قبل الغزو الروسي لأوكرانيا بقليل – أصدرت الولايات المتحدة استراتيجية جديدة خاصة بمنطقة المحيطين الهندي والهادئ التي أصبحت واشنطن تعدها «المنطقة الأكثر حيوية في العالم، ومستقبلها يؤثر على الناس في كل مكان»، باعتبارها موطنًا لأكثر من نصف سكان الكوكب وحوالى ثلثي الاقتصاد العالمي.

 أكدت واشنطن في هذه الاستراتيجية على التزاماتها تجاه شركائها في المنطقة، خاصة أستراليا واليابان وجمهورية كوريا (الجنوبية) والفلبين وتايلاند، وتعزيز العلاقات مع الهند وإندونيسيا وماليزيا ومنغوليا ونيوزيلندا وسنغافورة وتايوان وفيتنام وجزر المحيط الهادئ، والمساهمة في توحيد دول الآسيان (رابطة دول جنوب شرق آسيا) العشرة، والوفاء بالتزامات تحالف «كواد» الذي يضم الولايات المتحدة واليابان والهند وأستراليا، وتعتبره بكين محاولة أمريكية لإنشاء نسخة جديدة من حلف شمال الأطلسي في المحيطين الهندي والهادئ.

تهدف هذه الترتيبات إلى التصدي لنفوذ بكين وتحدي سيطرتها على بحر الصين الجنوبي وتوفير حماية لتايوان، خاصة أن الطريقة التي تعاملت بها واشنطن خلال الأزمة الروسية الأوكرانية ذكَّرت بكين بأن الغرب لا يزال يهيمن على الشرايين الرئيسية للنظام العالمي، وأنه لا ينبغي تجاهل نفوذ الولايات المتحدة الهائل.

فخ ثيوسيديديس

بحسب المفهوم التقليدي في العلاقات الدولية، فإن القوى العظمى تتحارب بسبب تراجع القوة المهيمنة، وصعود قوة جديدة ساخطة على قواعد النظام الدولي ضمن دوامة من الخوف والعداء بشكل شبه حتمي، وهي النظرية التي ارتبطت بالمؤرخ الإغريقي ثيوسيديديس الذي ضرب المثال من التاريخ اليوناني القديم بالحرب البيلوبونيسية بين أثينا وإسبرطة، شارحًا أن نمو قوة الأولى استفز الثانية وجعل الحرب أمرًا لا مفر منه، وأطلق عليها عالم السياسة في جامعة هارفارد، جراهام أليسون، فكرة «فخ ثيوسيديدس». تنطبق هذه الفكرة بحسب أليسون على حالة الصين الصاعدة، ومع تصاعد التوترات بينها وبين الولايات المتحدة، أصبح الاعتقاد بأن السبب الأساسي للاحتكاك هو نمو القوة الصينية.

لكن أستاذي العلوم السياسية الأمريكيين هال براندز من جامعة جونز هوبكنز، ومايكل بيكلي من جامعة تافتس، يجادلان بأن الولايات المتحدة عليها أن تستعد لحرب كبرى، ليس لأن قوة خصمها تتصاعد، ولكن بسبب عكس ذلك. ففي قراءة مغايرة للحرب البيلوبونيسية، كان الدافع وراء المواجهة بحسب الأستاذين ليس مجرد زيادة قوة أثينا بل تراجعها، وأن خشيتها من أن الوقت لم يعد في صالحها دفعها إلى استعجال المواجهة، وهو الاحتمال الذي قد ينطبق على بكين بعدما وصلت اليوم إلى قمة قوس التنمية، وهي النقطة التي تبلغ فيها قوتها النسبية ذروتها وتبدأ بعدها في الهبوط، وبذلك يصبح الانحدار المتوقع لبكين – وليس واشنطن – سببًا للصدام.

فالدولة التي تتنامى ثروتها وقوتها النسبية ستصبح بالتأكيد أكثر طموحًا ونزوعًا لاكتساب النفوذ، ولكن إذا كان موقعها يتحسن باطراد فيجب عليها تأجيل المواجهة المميتة مع القوة المهيمنة حتى تصبح أقوى، وتتبع مبدأ «إخفاء النور» الذي أسسه الزعيم الصيني السابق دينج شياو بينج، مؤسس النهضة الحالية، عندما قال: «لنعمل على إخفاء نورنا، وانتظار وقتنا».

فالسيناريو الذي نحن بصدده عبارة عن دولة غير راضية عن توزيع القوة الحالي وتعمل على بناء قوتها لكنها تبلغ ذروتها التي لا مزيد عليها، ربما لأن اقتصادها يتباطأ، أو بسبب استفزاز تحالف الخصوم، أو ربما لأن هذين الأمرين يحدثان في وقت واحد، فيبدأ المستقبل في الظهور بمظهر مزعج؛ ويبدأ الشعور بالخطر الوشيك يحل محل الشعور بالإمكانيات غير المحدودة، وفي ظل هذه الظروف قد تتصرف بجرأة للاستيلاء على ما في وسعها قبل فوات الأوان.

فأثينا بدأت تتصرف بشكل أكثر عدوانية في السنوات التي سبقت الحرب البيلوبونيسية لأنها كانت تخشى التحولات المعاكسة في ميزان القوة البحرية، ورأت أنها على وشك فقدان نفوذها في مواجهة إسبرطة، وهكذا حال القوى العظمى التي تنمو بشكل سريع ثم تعاني من تباطؤ حاد، فإنها لا تختفي عادة بهدوء بل تصبح متهورة وعدوانية، كما حدث على مدى المائة وخمسين عامًا الماضية، فإن القوى العظمى كانت تتصف بالعدوانية عندما يتباطأ نموها، وتحاول استعادة الزخم الاقتصادي من خلال المغامرات الخارجية ومن هنا تنشأ الحروب الكارثية، لأن النمو السريع يحفز طموحات الدولة ويزيد من توقعات شعبها ويجعل منافسيها متوترين، وتصبح البلاد لاعبًا أكبر على المسرح العالمي، فعندما يحدث ضعف في الأداء الاقتصادي يلجأ القادة إلى التوسع في الخارج خوفًا من الاضطرابات السياسية في الداخل.

وقد اتبعت عديد من الدول هذا المسار؛ فعندما انتهت الطفرة الاقتصادية الطويلة في الولايات المتحدة بعد الحرب الأهلية، انخرطت واشنطن بعنف في نوبة حرب وتوسع إمبراطوري خلال تسعينيات القرن التاسع عشر، وكذلك بعد أن سقطت روسيا في ركود عميق في مطلع القرن العشرين، شنت الحكومة القيصرية حملة استعمارية في شرق آسيا وأرسلت جيشها لاحتلال منشوريا فأدى ذلك لاستعداء اليابان وانهزم الروس أمامها في أول حرب بين القوى العظمى في القرن العشرين.

غالبًا ما يُنظر إلى التنافس بين ألمانيا وبريطانيا في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين على أنه يشبه التنافس الحالي بين الولايات المتحدة والصين، وتجدر الإشارة هنا إلى أن الحرب بدأت ليس بسبب مجرد نمو قوة ألمانيا بل عندما استوعبت أنها لن تتخطى منافسيها دون قتال. فعلى مدى عقود، نمت القوة الألمانية منذ أن توحدت ألمانيا عام 1871، وجهزت أفضل الجيوش في أوروبا وهددت التفوق البحري البريطاني. لكن بحلول عام 1914، بدا أن الوقت ينفد أمام برلين وهي تشاهد النمو الاقتصادي المتزايد لموسكو وتصالحها مع إنجلترا وفرنسا، وكانت لندن وفرنسا تتابعان الاحتواء الاقتصادي لألمانيا من خلال منع وصولها إلى النفط والحديد، وبدأت مملكة النمسا حليف برلين الرئيسي في التمزق بسبب التوترات العرقية.

والأمر الأكثر سوءًا أن الميزان العسكري كان يتغير؛ ففرنسا وروسيا توسعان جيشيهما، وأعلنت لندن أنها ستبني سفينتين حربيتين مقابل كل واحدة تملكها برلين، فاتخذ الألمان قرار الانقضاض على العدو قبل تغير موازين القوى، حتى لو كان ذلك يعني «إثارة حرب في المستقبل القريب» وفقًا لرئيس الأركان هيلموت فون مولتكه، وهو ما وقع عقب اغتيال ولي العهد النمساوي في يونيو/حزيران 1914، فحثت برلين النمسا على سحق صربيا، وانخرطت في المواجهة، واعترف مولتكه بأن «الحرب ستتحول إلى حرب عالمية تتدخل فيها إنجلترا».

وكذلك اتبعت الإمبراطورية اليابانية مسارًا مشابهًا في النصف الأول من القرن العشرين، فاستطاعت بناء اقتصاد حديث وراكمت الامتيازات الاستعمارية في الصين وتايوان وشبه الجزيرة الكورية، لكن خلال عشرينيات القرن الماضي انخفض النمو من 6.1% سنويًّا بين عامي 1904 و1919 إلى 1.8%؛ ثم أدى الكساد الكبير إلى إغلاق الأسواق الخارجية لليابان، وارتفعت معدلات البطالة، حتى يقال إن بعض المفلسين باعوا بناتهم، فسخر الجيش موارد الأمة للحرب وأنشأ حشدًا عسكريًّا هائلًا بحلول أواخر العشرينيات، واستولى على منشوريا عام 1931، وغزا الصين عام 1937، واستهدفت طوكيو التوسع في جنوب شرق آسيا والمحيط الهادئ، فأقلقت بريطانيا والولايات المتحدة وتكون تحالف ساحق من الأعداء.

بحلول عام 1941 ، كانت الولايات المتحدة تبني جيشًا كبيرًا. وعندما فرض الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت حظرًا نفطيًّا على طوكيو وطالبها بوقف توسعها، قررت المخاطرة لاستغلال ميزة تمتعها بتفوق عسكري مؤقت في المحيط الهادئ، وتوسعت في جنوب شرق آسيا وقصفت الأسطول الأمريكي في بيرل هاربور في مجازفة هائلة، ولم يعد هناك خيار سوى «إغلاق الأعين والقفز»، حسب تعبير الجنرال هيديكي توجو رئيس الوزراء الياباني آنذاك.

التباطؤ الصيني

وبالنسبة لبكين، فإنها كانت شبه مكتفية ذاتيًّا في موارد الغذاء والماء والطاقة حتى العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، مع أكبر رصيد ديموغرافي في التاريخ ووجود 10 بالغين في سن العمل مقابل كل مواطن كبير السن يبلغ من العمر 65 عامًا أو أكثر.

ولكن منذ أواخر العقد الأول من القرن الحادي والعشرين بدأت الموارد كالمياه العذبة في النفاد، وأصبحت تستورد طاقة وغذاءً أكثر من أي دولة أخرى في العالم بعد أن دمرت مواردها الطبيعية، وبالتالي أصبح النمو الاقتصادي أكثر كلفة، وتقترب البلاد من الهاوية الديموغرافية حيث سينتقل مئات الملايين من مرحلة الشباب والعمل إلى تصنيف كبار السن، وتشير التوقعات إلى أن الإنفاق على الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية يجب أن يتضاعف ثلاث مرات من 10% إلى 30% من الناتج المحلي الإجمالي، بحلول عام 2050 فقط لمنع ملايين كبار السن من الموت بسبب الفقر والإهمال.

كما أدت حملة الرئيس شي الوحشية لمكافحة الفساد إلى ردع ريادة الأعمال، كما أدت موجة من اللوائح ذات الدوافع السياسية إلى محو أكثر من تريليون دولار من القيمة السوقية لشركات التكنولوجيا الصينية الرائدة، وضاعفت هذه الإجراءات من التباطؤ الذي كان سيحدث على أي حال مع نضوج اقتصاد سريع النمو.

وأخذ الاقتصاد الصيني يفقد قوة اندفاعه، فبينما كان معدل النمو الرسمي للبلاد من 14% في عام 2007، وصل إلى 6% في عام 2019، وتشير الدراسات الدقيقة إلى أن معدل النمو الحقيقي يقترب الآن من 2%، وباتت الصين تنفق أكثر لإنتاج كميات أقل كل عام. وقد أدى ذلك بدوره إلى ديون ضخمة، ارتفعت بنسبة ثمانية أضعاف بين عامي 2008 و2019.

علاوة على ذلك، تواجه بكين بيئة خارجية معادية بشكل متزايد، وفرضت الدول التي تشعر بالقلق من المنافسة الصينية آلاف الحواجز التجارية، وانسحبت أكثر من اثنتي عشرة دولة من مبادرة الحزام والطريق، بينما تشن الولايات المتحدة حملة عالمية ضد شركات التكنولوجيا الصينية الرئيسية، ويبدو أن نظام الحزب الشيوعي مقبل على نوع من الحصار الاستراتيجي مشابه للذي دفع القادة الألمان واليابانيين إلى التهور والمجازفة.

واليوم تركز استراتيجية الدفاع الأمريكية بشكل مباشر على احتواء النفوذ الصيني في آسيا والمحيط الهادئ، وتعمل على حشد مقاومة عالمية أكبر للقوة الصينية، وتعمل تايوان على زيادة الإنفاق العسكري للوقوف بوجه التنين الأصفر المتربص بها، وتنفذ اليابان أكبر حشد عسكري منذ نهاية الحرب الباردة بعد أن ألمحت إلى أنها ستتدخل مع الولايات المتحدة إذا هاجمت الصين تايوان.

كما تعمل دول بحر الصين الجنوبي، ولا سيما فيتنام وإندونيسيا، على تعزيز قواتها الجوية والبحرية للتصدي لمطالب الصين التوسعية، وتعمل أستراليا على توسيع القواعد الشمالية لاستيعاب السفن والطائرات الأمريكية وبناء صواريخ تقليدية بعيدة المدى وغواصات هجومية تعمل بالطاقة النووية، وتشارك الهند وفرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة في إرسال قطع من أساطيلها إلى بحر الصين الجنوبي للتصدي لادعاءات بكين بامتلاك البحر.

وهذا يعني أن الصين تتباطأ اقتصاديًّا وتواجه مقاومة عالمية متزايدة مما يصعب عليها مهمة إزاحة الولايات المتحدة من مكانها، لكن ما يثير القلق أن ذلك قد يدفعها للتصرف بجرأة أكبر خلال العقد المقبل للحصول على مكاسب استراتيجية قبل أن تتراجع قوتها.

تعمل بكين بالفعل على مضاعفة جهودها لإنشاء مجال نفوذ اقتصادي للقرن الحادي والعشرين، كما أن سلوكها مرشح ليكون أكثر حزمًا في مواجهة اليابان والفلبين والدول الأخرى التي تقف في طريق مطالباتها في بحري الصين الجنوبي والشرقي، وتميل إلى استخدام القوة لحل مسألة تايوان بشروطها في العقد المقبل قبل أن تنهي واشنطن وتايبيه إعادة تجهيز جيشيهما لتقديم دفاع أقوى، وأعلن الرئيس شي جين بينج، مرارًا أنه لن ينتظر إلى الأبد حتى يسترجع تايوان واصفًا إياها بـ «المقاطعة المنشقة».

ربما لن تقوم الصين بهجوم عسكري شامل كما فعلت اليابان في القرن الماضي. لكنها ستواجه مخاطر أكبر وتقبل توترات أكبر عندما تفقد الثقة في أن الوقت إلى جانبها، مما يجعل الولايات المتحدة أمام مهمتين: محاولة الاحتواء طويلة الأجل لبكين، ومحاولة التحضير لسيناريو الصدام على المدى القريب، خاصة أن ستيف بانون، كبير المستشارين الاستراتيجيين للبيت الأبيض سابقًا، قال في عام 2017 إن الحرب مع الصين قد تندلع في غضون 10 سنوات، وأكد لاحقًا وجود خطة حرب لمواجهة بكين وفتح بحر الصين الجنوبي.

الاحتواء الصعب

تعد مسألة نفوذ الصين من القضايا الشديدة التعقيد عند التعامل معها من خلال استراتيجيات الاحتواء القديمة، أو حتى التهديد بالعقوبات التجارية، فالصين عملاق اقتصادي أضخم بكثير من الاتحاد السوفياتي السابق الذي تمكنت القوى الغربية بسهولة من احتوائه نظرًا لأنه رغم كونه قوة عسكرية عملاقة، كان اقتصاده أصغر بكثير وغير مندمج بدرجة مؤثرة في الاقتصاد العالمي. على النقيض من ذلك، فإن الصين تشكل ثاني أكبر اقتصاد في العالم (ومن المحتمل أن تتفوق على الولايات المتحدة في غضون أقل عن عقد)، فالعالم لا يستطيع مقاطعة الصين ونبذها بعدما أصبحت مصنع الكون، كما أنها تتبنى خطة طموحة تحت اسم «صنع في الصين 2025» لامتلاك ناصية التكنولوجيا.

ولم تثبت الحرب التجارية على بكين جدواها فقد بلغ عجز الميزان التجاري للولايات المتحدة ضعف ما كان عليه قبل انتشار فيروس كورونا، فالحرب التجارية التي بدأتها إدارة ترامب متوقفة من الناحية الفنية، لكن إدارة بايدن تواصل الاحتجاج على السياسات الاقتصادية الصينية التي دفعت إدارة ترامب إلى فرض رسوم جمركية على السلع الصينية.

وقد أظهرت دورة التعريفات الجمركية والتعريفات المضادة التي بدأت في عام 2018 مدى الترابط بين اقتصادات البلدين، ومع أن الصين تستطيع أن تجعل الولايات المتحدة في مأزق بطرق عديدة كأن تهددها مثلًا ببيع الدولارات التي تمتلكها بما يؤدي إلى هبوط قيمتها، لكنها أيضًا تقوض بذلك قدرة الأمريكيين على الاستمرار في استيراد السلع الصينية، مما يعني فقدان العديد من الصينيين فرص عملهم التي ترتبط بتصدير هذه السلع مما يهدد الاستقرار هناك.

ومع طرح بكين لليوان الرقمي – وهو عملة رقمية للبنك المركزي تدعمها الحكومة – قد تكتسب أداة قسرية قوية للتأثير على عملية صنع القرار في الشركات الدولية التي تسعى إلى الاحتفاظ بالوصول إلى الأسواق الصينية، وتستطيع منع الشركات الدولية من استخدام اليوان الرقمي لمعاقبتها إن احتاجت لذلك، لذلك إن نجحت بكين في استخدام اليوان الرقمي الخاص بها لفك الارتباط عن النظام المالي الدولي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة، فإنها ستقلل أيضًا من فعالية العقوبات المالية الأمريكية كأداة للردع وتجعل الصين وغيرها من الخصوم أكثر عرضة لتحمل مخاطر المقاطعة الأمريكية، لذلك تعتبر مسألة العملة الرقمية قضية أمن قومي، ولهذا بدأ الاحتياطي الفيدرالي يمهد الطريق لإصدار عملة رقمية للولايات المتحدة أيضًا.

وبالنظر إلى سرعة التطور التكنولوجي الكبيرة فإنه من الصعب تخيل شكل محدد للمواجهة بين بكين وواشنطن في هذه البيئة الدولية شديدة التعقد وسريعة التغير.