قرار الملك سلمان عدم الذهاب لواشنطن لحضور اجتماع أوباما مع دول مجلس التعاون الخليجي، في كامب ديفيد، هو إشارة مقصودة جدًا للتعبير عن فقدان الثقة تجاه السياسة الأمريكية بالشرق الأوسط.

السعوديون غير سعداء تجاه السياسة الأمريكية في قضايا إيران وسوريا والعراق واليمن.

وبالرغم من أنهم لا يريدون إثارة جدل عام مع إدارة أوباما، بعكس إسرائيل، إلا أنهم يرغبون في إظهار استيائهم، على نحو شديد العلانية.

توقيت القرار، الذي جاء عشية القمة، يحمل دلالة رمزية خاصة، يستهدف إحراج البيت الأبيض.

وذكرت مصادر سعودية أن القمة تتسم بالإعداد الفقير، ولا يتوقع لها أن تحقق نتائج ملموسة، كما أن إعادة التأكيد على مذهب كارتر بشأن الدعم الأمريكي لمجلس التعاون الخليجي ينظر إليه بأنه شيء زهيد للغاية.

وكذلك، فإن المملكة تنظر إلى تقديم واشنطن المزيد من الأسلحة للخليج؛ أنه يأتي بعد فوات الأوان، لكن الرياض آثرت إعلان عدم حضور الملك في اللحظات الأخيرة، من أجل إرسال إشارة قوية.

جوهر الاستياء السعودي يتمثل في الخوف من تداعيات الاتفاق بشأن الملف النووي الإيراني، لا سيما مسألة رفع العقوبات عن طهران، وإنهاء عزلتها.

السعوديون والإماراتيون والبحرينيون يريدون أن تظل إيران منبوذة للأبد، وتحت طائلة عقوبات لا نهاية لها.

إنهم ليسوا قلقين من أجهزة الطرد المركزي لدى طهران، بل يخشون التخريب والتخويف، وهو ما يجعل التقارب بين مجموعة الخمسة وإيران يعمق من مساحة الخطر المنتظر.

وعلاوة على ذلك، لا يشعر السعوديون بالراحة من شكل ومكان القمة. فمن وجهة نظر الرياض، فإن مجلس التعاون الخليجي لا يضم دولا على قدر المساواة، إلا على المستوى النظري فحسب.

السعودية تعتبر نفسها الأولى بين مجموعة من النظراء، وترى أنها يجب أن تعرف على هذا الأساس.

كامب ديفيد هو مسرح “خيانة” السادات للقضية العربية، والذي أدى إلى مقاطعة عربية لمصر، بتنسيق سعودي، استمرت حتى اغتيال السادات، لذلك فإن مكان انعقاد القمة، بالنسبة للممالك العربية لا يمثل رمزا للسلام.

ويعتقد السعوديون أن أمريكا داعمة غير مخلصة لحرب اليمن، لا سيما وأن الملك سلمان، ونجله وزير الدفاع، 29 عاما، يرهنان كل هيبتهما ومصداقيتهما على تحقيق نصر حاسم في اليمن، ولا يرغبان في هدنة، بل في تدمير الحوثيين، وتلقين إيران درسا.

وتشتم السعودية رائحة الدم في سوريا، آملة في انتهاء أيام بشار، والحصول على دعم واشنطن في إتمام تلك المهمة، لكنها تشعر بتناقض أمريكي عميق صوب تلك القضية.

وفي العراق، يعتقد السعوديون أن جورج بوش الابن أعطى بغداد إلى طهران، بحماقة، منذ عقد من الزمان، ويعتقدون كذلك أن أوباما لن يحاول بذل جهد لعودة الأمور إلى نصابها.

ومن غير المحتمل أن يغير أوباما سياسته تجاه تلك القضايا. لذا من وجهة نظر المملكة، فإن الأفضل هو التعبير عن الاستياء، بدلا من التقاط صورة في الولايات المتحدة توحي بالتوحد والاتفاق.

ولكي تؤكد هذا الازدراء الملكي، طلبت السعودية من تابعتها البحرين عدم إرسال ملكها أيضا إلى كامب ديفيد.

ولي العهد محمد بن نايف سيصدر وجها لطيفا أمام الكاميرات في فعاليات القمة، ولن يتصرف على شاكلة نتنياهو في توبيخه لأوباما، حيث أن هذا لا يشبه طريقة السعوديين، الذين لا يصرحون علنا بعدم وجود مظاهر عدم اتفاق، لكنهم يمررون في ذات الوقت رسالة من خلال عدم جلوس سلمان على مائدة القمة.

المصدر

اقرأ المزيد

محمد بن سلمان: الأمير “اللامع” الذي يقود حرب المملكة الكبرى

زيارة السيسي إلى السعودية.. مهمة مستحيلة؟ (مترجم)

ما قبل “عاصفة الحزم” : الصراع الايراني – السعودي في اليمن ( مترجم )

آل سعود وقصة السلطة .. من الذي يحكم السعودية؟