الأمر بسيط. ارتدى زلاتان حذاء نايك تيمبو الأسود لأنه رأى مع طاقمه الطبي أنه أكثر راحة وأمانًا لعودته الأولية من إصابة الكاحل التي لحقت به مؤخرًا، فهو أكثر راحة وأمانًا.
بيير مينيز الصحفي بقناة +Canal

في نهاية عام 2014 وأثناء لعبه في صفوف نادي باريس سان جيرمان الفرنسي، ارتدى المهاجم السويدي زلاتان إبراهيموفيتش حذاء «نايك تيمبو» الأسمر في أول مباراة له بعد العودة من إصابة الكاحل التي لحقت به.

حذاء تيمبو لمن لا يعرفه، هو أحد إصدارات شركة نايكي. ولكنه حذاء مصمت دون أي علامة مميزة. حتى علامة نايكي تكون باللون الأسمر للحذاء، فلا يلاحظ الجمهور العادي انتماء ذلك الحذاء لمنتجات الشركة الأمريكية.

أثار الأمر استغراب البعض؛ لأن من المعروف أن زلاتان هو أحد أهم المتعاقدين مع شركة نايكي للتسويق لحذائها الشهير «نايك ميركوريال» بألوانه الزاهية، والذي اعتمدت عليه الشركة لسنوات للتسويق لنفسها.

تطور الأمر بعد ذلك بارتداء زلاتان لأحذية أديداس السوداء غير المميزة، ثم انتشرت الأخبار الصحفية التي أفادت بوجود خلافات على تجديد التعاقد بين اللاعب ونايكي.

أيام معدودة وانتهى ذلك الخلاف وعاد زلاتان ليعلن عن تجديد تعاقده مع نايكي. ونعم كما توقعت، عاد ليرتدي حذاء «نايك ميركوريال» مرة أخرى!

زلاتان ليس وحده

في نوفمبر (تشرين الثاني) من موسم 2017/2018، انتصر فريق مانشستر يونايتد تحت قيادة جوزيه مورينيو على فريق واتفورد بأربعة أهداف مقابل هدفين على ملعب الأولدترافورد.

أربعة أهداف لم يحرز منها روميلو لوكاكو أي هدف، بل أضاع هدفين محققين بشكل غريب. قبل تلك المباراة لعب لوكاكو 11 مباراة مع المانيو لم يحرز فيها سوى هدف وحيد!

أعتقد أن لوكاكو يحتاج إلى التعاقد مع شركة أحذية كي يوفروا له حذاءً مريحًا بدلًا من تلك الأحذية التي يستخدمها
جوزيه مورينيو

كان تصريح مورينيو إشارة واضحة إلى انشغال لوكاكو بإحضار عقد بقيمة مالية عالية من إحدى شركات الأحذية عن أدائه داخل الملعب، وهو رأي كان يحمل شيئًا من الوجاهة حينها.

في هذا الموسم كان لوكاكو يبدل بين أحذيته، فتارة يرتدي حذاءً من إنتاج نايكي وتارة حذاء من أديداس، وتارات كثيرة يرتدي حذاءً أسود دون أي علامات في محاولة منه إلى إثارة التنافس بين الشركتين.

انتهى الموسم وكانت المفاجأة أن العقد لم يأتِ من أي من الشركتين بل جاء من شركة بوما، التي قدمت للوكاكو عقدًا هو الأكبر في تاريخها وفقًا لتأكيدات شبكة ESPN.

سيرجيو راموس، مدافع نادي ريال مدريد الإسباني، اتبع الأسلوب ذاته هو الآخر عام 2016 مع شركة نايكي عند تعثر المفاوضات بينهم حول القيمة المالية لتجديد التعاقد. حيث ظهر في تدريبات النادي الملكي بأحذية سوداء دون أي علامات.

وكما كان متوقعًا، أيام قليلة وأعلنت شركة نايكي عن تجديد التعاقد مع المدافع الإسباني لمدة عامين مقابل 4.4 مليون يورو.

السؤال الآن: هل كلما ارتدى لاعب حذاءً أسود كان ذلك استفزازًا لإحدى شركات الأحذية أم أن للأمر جوانب أخرى؟

أحذية تجريبية

في واقع الأمر ليست كل الأحذية السوداء تكون بالغرض ذاته الذي قصده زلاتان وراموس وروميلو. فشركات الأحذية في أحيان كثيرة، عند إطلاق أي منتج جديد لديها، ترسل منه نسخ سوداء إلى اللاعبين لتجربته في التدريبات.

منذ سنوات كان اللاعب يهتم بالمال فقط. أما الآن، فقد زاد وعي اللاعبين وأصبحوا يهتمون بجودة الحذاء ووزنه ولوحاته الكربونية. هم يعلمون أن الحذاء الجيد وسيلتهم لأداء جيد وشعبية أكبر، ومن ثم عقود بقيمة مالية أكبر
أحسن شاه مؤسس شركة B-engaged للتسويق الرياضي

تجربة الأحذية في التدريبات هو اتفاق يربح فيه الجميع ولا يخسر فيه أحد. فالشركات لا تغامر بعرض منتجها لأول مرة على الشاشات التي هي مفتاحها الأول للأرباح. واللاعبون يحافظون على قنوات اتصال مع شركات الأحذية للتسويق لمنتجاتهم مقابل عروض مالية مرضية للغاية.

عقود خيالية

لكن أي لاعبين تحديدًا الذين يحظون بهذه العقود؟ ولماذا قلّ عددهم عن بداية الألفية الحالية؟ هل تتذكر إعلانات شركة نايكي على سبيل المثال التي كنا نجد بها خمسة أو ستة لاعبين من المنتخب البرازيلي ونظيرهم من المنتخب البرتغالي. أو إعلان آخر به بدل النجم الواحد عشرة نجوم في مباراة بين فريقين بملعب خماسي.

ما حدث هو تغير حاد في فلسفة هذه الشركات، فبدلًا من توزيع المقابل على عدد كبير من اللاعبين، صار الأمر مقتصرًا على الأسماء الكبيرة والكبيرة جدًا في اللعبة أصحاب الكاريزما.

يفسر هذا عقد نايكي مدى الحياة مع البرتغالي كريستيانو رونالدو والذي وصلت قيمته إلى مليار دولار تقريبًا، ويفسر أيضًا العقد السنوي لميسي مع شركة أديداس والذي بلغت قيمته 12 مليون دولار سنويًا، وكذلك تعاقد نايكي مؤخرًا مع رحيم ستيرلينج. تعاقد انفردت صحيفة الاندبندنت البريطانية بقيمته الحقيقة والتي وصلت إلى 100 مليون جنيه إسترليني.

دعنا نبسط الأمر بمثال: إذا أرادت شركة ما الوصول إلى 200 مليون متابع على سبيل المثال. هل من المنطقي أن تجمع الـ200 مليون متابع من خلال حسابات أربعة أو خمسة لاعبين وتتحمل عناء التفاوض معهم جميعًا والتنسيق مع تعاقدات أنديتهم ومنتخباتهم، أم تذهب مباشرة إلى كريستيانو رونالدو الذي يمتلك على حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي أضعاف هذا الرقم؟ بالطبع ستذهب إلى كريستيانو.

قلّ عدد اللاعبين الممثلين لتلك الشركات، لكن المبالغ المُقدمة إليهم ارتفعت إلى حد الجنون، وهو ما سيزيد من وقت تفاوض اللاعبين حول حقوقهم وطمعهم في مزيد من الأموال ومزيد من الامتيازات وهو ما سيخلق المزيد من الأحذية السوداء بكل تأكيد!