استمر الانقسام الفلسطيني مدة 8 سنوات متصلة، فيما أخفقت كل محاولات إنهائه. طالما أجاد الشعب الفلسطيني ممارسة خلافاته، دون الوصول إلى حد الانقسام، مما يؤكد مدى تراجع الحركة الوطنية الفلسطينية الراهنة عما كانت عليه على مدى ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، بعد أن أدخلها «اتفاق أوسلو» في الـ13 من سبتمبر/ أيلول عام 1993، في مرحلة ضبابية قاتمة.


بداية الصراع

تؤمن «حركة فتح» بأسلوب التفاوض مع إسرائيل لحل القضية الفلسطينية، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي؛ فيما تؤمن «حركة حماس» بأسلوب الكفاح المسلح. وبعد تأسيس السلطة الفلسطينية عام 1994، تنفيذًا لاتفاق أوسلو (بين منظمة التحرير الفلسطينة، وإسرائيل)؛ رفضت «حركة حماس» التوقف عن العمل العسكري ضد إسرائيل، وهو الأمر الذي أحدث تصادمًا كبيرًا مع «حركة فتح» التي تترأس السلطة الفلسطينية.

عندها شنت الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية -خلال الفترة ما بين (1996-2000)- حملات اعتقال واسعة ضد قادة ونشطاء «حركة حماس»؛ حيث اتهمت «فتح» «حركة حماس» بالعمل على تقويض السلطة الفلسطينية، فيما اتهمت «حماس»، «السلطة الفلسطينية»، بالعمل وكيلًا أمنيًا لإسرائيل، وهو ما أدى إلى تعميق الهوة بينهما بشكل خطير.

شكّل انطلاق الانتفاضة الفلسطينية الثانية نهاية سبتمبر/ أيلول عام 2000، دافعًا قويًا للحوار بين الحركتين، حيث شهدت الفئتين جرائم ومجازر إسرائيلية بشعة ضد الشعب الفلسطيني.


حوارات القاهرة

رغم تسجيل بعض الخلافات والاشتباكات بين الجانبين خلالها، فإن الحركتين شرعتا في حوارات، رعاها نظام الرئيس المصري المخلوع «محمد حسني مبارك»، وانتهت باتفاق القاهرة بين الفصائل في مارس/ آذار عام 2005، حيث تم الإعلان فيه عن تهدئة تستمر حتى نهاية العام. كما تم الاتفاق على إجراء انتخابات تشريعية، وعلى القيام بإعادة تنظيم «منظمة التحرير» وإصلاحها وفق أسس تمكّن جميع القوى الفلسطينية من الانضمام إليها.


انتخابات 2006

وافقت «حماس» على خوض الانتخابات التشريعية التي جرت مطلع العام 2006، بعد أن كانت أثَّمت المشاركة في الانتخابات التشريعية لسنة 1996، وحققت في الأخيرة مفاجأة بحصد أغلبية مقاعد المجلس التشريعي. في المقابل رفضت حركة «فتح»، وبقية الفصائل المشاركة في الحكومة التي شكَّلتها حركة «حماس» برئاسة «إسماعيل هنية» بذريعة عدم الاتفاق على البرنامج السياسي للحكومة.

تقول «حماس» إن «فتح»، عملت على الإطاحة بحكومتها، بتعمد إحداث قلاقل داخلية، وأن الرئيس الفلسطيني «محمود عباس» سحب الكثير من صلاحياتها، وهو ما تنفيه «فتح».

شهدت تلك الفترة اشتباكات متفرقة بين أنصار الحركتين، ولم تنجح الكثير من الوساطات الفصائلية في وقفها. وجاءت «وثيقة الأسرى» التي أطلقتها قيادات أسرى الحركتين، في السجون الإسرائيلية، في مايو/ آيار عام 2006، لتحرك المياه الراكدة بين الجانبين، و لكنها لم تنجح في رأب الصدع بينهما، حيث تواصلت الاشتباكات، والخلافات بين الجانبين!.

انعكست الخلافات بين الحركتين على الأرض -فعليًا-، عقب فوز «حماس» بغالبية مقاعد المجلس التشريعي، في يناير/ كانون الثاني عام 2006. وشهدت بداية عام 2007، اشتباكات مسلحة دامية بين الجناح المسلح لحركة حماس من جهة «كتائب القسام»، والأجهزة الأمنية الفلسطينية، ومقاتلين من «فتح» من جهة أخرى.


حوار مكة

على إثر الاشتباكات السابقة، أطلق الملك السعودي «عبد الله بن عبد العزيز» مبادرة دعا خلالها حركتي «فتح، وحماس» إلى التحاور، في مدينة مكة.

نجحت الجهود السعودية بدفع الحركتين إلى توقيع «اتفاق مكة» في الـ8 من فبراير/ شباط عام 2007، وشكلت على إثره حكومة وحدة وطنية ترأسها القيادي في حماس «إسماعيل هنية».

نجحت الجهود السعودية بدفع الحركتين إلى توقيع اتفاق مكة في 8 فبراير/ شباط عام 2007، وشكلت على إثره حكومة وحدة وطنية، ترأسها القيادي في «حماس»؛ «إسماعيل هنية».

شاركت في الحكومة «حركة فتح»، لكن اتفاق مكة لم يصمد طويلًا، حيث اندلعت الاشتباكات المسلحة بين الحركتين، في مايو/ آيار عام 2007، وانتهت بسيطرة «حماس» على قطاع غزة في الـ14 من يونيو/ حزيران عام 2007.

أدى ذلك إلى انقسام أراضي الحكم الذاتي الفلسطيني (السلطة الفلسطينية) إلى جزئين. الأول في الضفة الغربية تديره «حركة فتح»، والثاني في قطاع غزة تديره« حركة حماس». تعود أسباب سيطرة «حماس» على قطاع غزة للأسباب الأتية:

1.عدم استقرار أي اتفاق لوقف إطلاق النار بين الحركتين.

2. المماطلة في منح الحكومة أي صلاحيات أمنية، وتمرد الأجهزة الأمنية على وزير الداخلية.

3. تسارع وتيرة الانفلات الأمني.

4. زيادة الدعم العسكري لقوات «محمود عباس» وتضاعفها، بالتالي وجود تفوق نوعي للقوات الموالية لـ«حركة فتح» خاصة إذا استمر تدفق الأسلحة إليها من العدو الصهيوني، والدول العربية.

5. وجدت «حركة حماس» أن جناحها العسكري يتم استنزافه في كل موجات الاقتتال التي جرت مع «حركة فتح»، وإذا استمر الأمر على هذا المنوال سيضعفها أمام العدو الصهيوني.

كما تمثل الموقف الإسرائيلي والأمريكي في معارضة اتفاق مكة منذ البداية، ورفض الاعتراف بحكومة الوحدة الوطنية والانفتاح عليها. فمنذ الأيام الأولى لعقد اتفاق مكة وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية، أعلنت كلاً من واشنطن وتل أبيب أنهما لن تقبلا بهذه التحولات.

بدءتا بممارسة الضغوط على «محمود عباس» لحملـه على الإطاحة بحكومة الوحدة الوطنية؛ وجمّدت الولايات المتحدة المعونات التي كان من المقرّر أن تقدمها للرئاسة الفلسطينية، مع ربط عودة هذه المعونات بتخلّص «عباس» من حكومة الوحدة الوطنية.


عودة الحوار

أعادت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة (ـ28 ديسمبر/ أيلول عام 2008 – ـ18يناير/ كانون الثاني عام 2009) الحوار مرة أخرى بين الحركتين، فأطلق نظام الرئيس المصري المخلوع «محمد حسني مبارك»، في سبتمبر/ أيلول عام 2009،مبادرة لتحقيق المصالحة، عُرفت باسم «الورقة المصرية». وقد قبلت «حركة فتح» الورقة، لكن «حركة حماس» طلبت إجراء تعديلات عليها، وهو ما أدى لتجميد جهود المصالحة لعدة شهور.

في نهاية عام 2010، عُقد لقاء بين قيادات فتح وحماس في دمشق، لكنه لم يسفر عن نتائج ملموسة. حتى بعد الأحداث والتحوُّل الذي شهدته المنطقة العربية، فيما يُعرف بـ«الربيع العربي»، لم يشهد ملف المصالحة بين الحركتين تحوُّلًا يُذكر، ربما حدث تغير طفيف بموجب الاتفاق الأخير، بين الطرفين والذي عُرف بـ«اتفاق الشاطىء» في أبريل/ نيسان عام 2014.

لم يحقق ذلك الإتفاق النتائج المرجوة، من رأب الصدع بين الطرفين. وقبل أن نتناول التحديات التي تواجه ملف المصالحة، وتَحول دون المضي قدمًا نحو السير لإتمام عملية المصالحة؛ نستعرض بعض المحاولات التي بُذلت لانهاء الصراع بين فتح وحماس، في ظل التحولات التي شهدتها المنطقة. فقد رعت القاهرة اتفاقًا للمصالحة بين حركتي «فتح وحماس»، وأبرم فيها في الـ27 أبريل/ نيسان عام 2011، إلا أن معظم بنوده ظلت حبرًا على ورق.


محاولات مرة أخرى

إعلان الدوحة

وقّعت الحركتان في فبراير/ شباط عام 2012، اتفاقية مصالحة جديدة، في العاصمة القَطَرية «الدوحة»، عرفت باسم «إعلان الدوحة»، ونص الإعلان على أن يترأس الرئيس «محمود عباس» الحكومة الانتقالية المقبلة، ولم يسفر عن نتائج ملموسة، و لم يجد الإعلان طريق للتطبيق فعليًا. تحاورت الحركتان في القاهرة وتوصلتا لبدء تشكيل حكومة التوافق الوطني، والسماح للجنة الانتخابات المركزية بتجديد سجلات الناخبين الفلسطينيين بقطاع غزة

حوارات القاهرة

تحاورت الحركتان في العاصمة المصرية القاهرة -مجددًا- وتوصلتا في مايو/ آيار عام 2012،لاتفاق نص على بدء مشاورات تشكيل حكومة التوافق الوطني، والسماح للجنة الانتخابات المركزية بتجديد سجلات الناخبين الفلسطينيين بقطاع غزة، إلا أن حماس أوقفت عمل لجنة الانتخابات المركزية في الثاني من يوليو/ تموز عام 2012 بعد السماح لها بالعمل. بدعوى استمرار الاعتقالات السياسية، وقمع الحريات بالضفة الغربية، ما أدى لتعطل تنفيذ اتفاق المصالحة.

وعقب العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة (14-21 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2012) حدث تقارب جديد بين الحركتين، حيث شاركت «فتح»، في مهرجان ذكرى تأسيس «حماس» في الـثامن من ديسمبر/ كانون الأول عام 2012، كما سمحت «فتح؛ لحماس» بتنظيم مهرجانات احتفالية، في الضفة الغربية.


لقاء عباس ومشعل

في الـتاسع من يناير/ كانون الثاني عام 2013، عقد الرئيس الفلسطيني «محمود عباس» مع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس «خالد مشعل»مباحثات في القاهرة، واتفقا على تنفيذ اتفاق المصالحة الفلسطينية، لكن الاتفاق لم يُنفذ.

وفي أبريل/ نيسان عام 2014، تُوجت الاجتماعات التي عقدها وفد من «منظمة التحرير الفلسطينية»، وآخر من «حركة حماس» في غزة، باتفاق مصالحة وطنية، وانهاء الانقسام بين الحركتين، عرف باتفاق الشاطىء. على أن ثمة عوامل جديدة، في ضوء التحولات التي شهدتها المنطقة، أثرت على توقيع الحركتين للإتفاق، لعل أهمها:

1. خسارة «حماس» لأهم حليفين لها شكّلا لسنوات طويلة، مصدر دعمها الرئيسي. فبعد رفض «حماس» دعم النظام السوري خلال الأزمة السورية، غادرت قيادة الحركة الأراضي السورية، وأغلق مقرها، فتوترت علاقة الحركة مع إيران، وبالطبع سوريا.

2. ثم كان فقدان الحليف الثاني بعد سقوط نظام جماعة الإخوان في مصر، في يونيو/ حزيران عام 2013، اتخذت السلطات المصرية الجديدة إجراءات قاسية ضد «حماس»، وشددت الحصار على قطاع غزة، الأمر الذي تسبب للحركة بأزمة خانقة.

3. تعزز الاتجاه المعتدل والداعم للمصالحة في صفوف «حماس»، بعد أن أعاد مجلس الشورى لحركة «حماس»، مطلع شهر أبريل/ نيسان عام 2013، انتخاب «خالد مشعل»، رئيسًا للمكتب السياسي للحركة، لأربع سنوات جديدة.

قررت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، في نهاية شهر مارس/ أذار من عام 2014، تشكيل وفد للقاء «إسماعيل هنية». كما سمحت حكومة مصر لـ«موسى أبو مرزوق»، مسؤول ملف المصالحة في حركة «حماس»، بالدخول إلى قطاع غزة، عبر معبر رفح، للمشاركة في جلسات المصالحة رغم تراجع العلاقات بين الحكومة المذكورة والحركة. وتم الإعلان عن «اتفاق الشاطئ»، وبدء تنفيذ المصالحة وسط ترحيب شعبي، وفصائلي.

على الرغم من تشكيل حكومة التوافق الوطني، التي تمخضت عن اتفاق المصالحة الأخير في غزة؛ فإن هناك العديد من العقبات التي وقفت أمام إنجاز اتفاقات المصالحة السابقة، ولا تزال تلك العقبات أمام «اتفاق الشاطئ». فثمة تحديات داخلية وخارجية تحول دون تحقيق المصالحة على أرض الواقع.


تحديات داخلية

الاختلاف السياسي

قد يكون السبب الرئيس في عدم التوصل إلى المصالحة الفلسطينية، على مدار سنوات عديدة، هو غياب الثقة المتبادلة بين طرفي المصالحة، والخلاف الرئيس والملازم لمختلف مراحل الانقسام، حول البرنامج السياسي للحكومة.

فموقف «فتح»، الذي يعبّر عنه الرئيس «أبو مازن»، يتبنى ضرورة التزام أي حكومة فلسطينية بالاتفاقيات والتعهدات، التي وقَّعتها منظمة التحرير، بينما ترفض «حماس» الاعتراف بإسرائيل، وتعتبر هذا الموقف جزءًا من التزام الحركة بميثاقها وقناعاتها الفكرية والعقائدية!.

يشكل الاتفاق على البرنامج السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية نقطة خلاف، تهدد جهود المصالحة، خصوصًا في ظل المساعي لضم حركتي «حماس، والجهاد الإسلامي» في أطر المنظمة. ففي حين ترفض فتح تغيير برنامج المنظمة السياسي، المعتمد منذ سنوات، والقبول باتفاق أوسلو، والالتزامات الدولية للمنظمة؛ تدعو حركتا «حماس، والجهاد الإسلامي» إلى تعديل برنامج المنظمة السياسي، بما يتناسب مع نتائج انتخابات المجلس الوطني، واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير.

التنسيق الأمني

لا شك أن قضية التنسيق الأمني بين أجهزة السلطة في رام الله والاحتلال، تشكِّل نقطة هامة في الحيلولة دون المصالحة. فقد طالبت حماس بإبقاء سلاح المقاومة دونما مساس، مع دمج أفراد الشرطة والأمن في قطاع غزة ضمن إطار الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة، غير أن الأخيرة صرحت، أكثر من مرة، بأن الدولة المنشودة ستكون منزوعة السلاح.

وقد دافع الرئيس «عباس» عن التنسيق الأمني، قائلا إن التنسيق الأمني مع إسرائيل ليس عيبًا، بل من مصلحة السلطة لحماية الشعب الفلسطيني. وفي موقف آخر، وصف «عباس» ذاك التنسيق بـ«المقدس»، مما استحدث تنديدًا واسعًا من قبل قوى وفصائل فلسطينية.

كما أن التراشق الإعلامي، والتصريحات التي نشهدها بين الطرفين أدت إلى تعكير أجواء المصالحة. فيما نجد أن حكومة التوافق عجزت عن إيجاد حل لـ«أزمة الرواتب» في قطاع غزة، مما تسبب في تجاذب حاد بين الحركتين.


تحديات خارجية

يقف الاحتلال الإسرائيلي عائقًا أساسيًا أمام مضيّ الحكومة الفلسطينية في عملها، وإنجاز خطوات المصالحة، باعتباره المستفيد الأول من حالة الانقسام الفلسطيني، ليزداد تمكينًا من احتلاله للأراضي الفلسطينية، في ظل الإنحياز الأمريكي الواضح له، وضعف الدعم العربي- الإسلامي للقضية.

فمنذ الإعلان رسميًا عن الحكومة؛ سارعت سلطات الاحتلال لإعلان «حرب مفتوحة» ضد الشعب الفلسطيني، من خلال تصعيد عمليات الاعتقال، والتنكيل، والاستيطان والتهويد، وهدم المنازل، ومصادرة الأراضي، تزامنًا مع شن حملة دبلوماسية مضادة، لتقويض التأييد الدولي للحكومة الفلسطينية، وعرقلة إنجاز اتفاق المصالحة.


الصراع إلى أين؟

ثمة ظروف وتحولات جديدة، ستؤثر في مستقبل الصراع بين الحركتين.

تقارب حماس – السعودية

تسعى السعودية إلى إعادة العلاقة مع «حماس»، في إطار تغير السياسة الخارجية للسعودية في سبيل البحث عن إيجاد تحالف سُني كبير، تقوده السعودية لمواجهة «المد الشيعي» في المنطقة، حيث تعتبر الرياض، مواجهة التمدد الإيراني في المنطقة من أولى أولوياتها السياسية، في نظام الملك «سلمان بن عبد العزيز».

في المقابل؛ تتطلع حماس إلى علاقات صحية مع السعودية التي لها ثقل سياسي واقتصادي في المنطقة، ولها تأثير، بشكلٍ خاص، على النظام الحاكم في مصر، الذي لا يزال يضيِّق على القطاع، ويغلق المنفذ الوحيد لسكانه (معبر رفح).

كما تأمل حماس في تدخل السعودية، لإيجاد حلول للانقسام الفلسطيني، في ظل علاقات جيدة تربط السعودية برئيس السلطة الفلسطينية، فبالتالي يمكن للملك الضغط على «عباس» لتحقيق المصالحة.

الصراع داخل حماس

واجهت «حماس» موجة عاتية من الخلافات والإنقسامات الداخلية، غير المعلنة، وقد تسفر هذه الانقسامات عن استقالات، قد يكون أبرزها انسحاب رئيس المكتب السياسي «خالد مشعل» الذي يطالب شق كبير من قيادات الحركة بمحاسبته، وإجباره على الاستقالة.

ظهرت هذه الخلافات بين المكتب السياسي لـ«حماس»، وجناحها العسكري، بسبب موقف الأول من الأحداث في سوريا، ما أدى إلى قطع العلاقات مع سوريا، وإيران، الحليف الأبرز لنظام «بشار الأسد». تسبب ذلك في قطع الدعم المالي والعسكري الإيراني للحركة، الأمر الذي عارضه الجناح العسكري لـ«حماس»، وبات يسعى لإعادة العلاقات مع إيران.

زادت وتيرة الخلافات بين أبناء الحركة الواحدة، بسبب موقف كل منهما من «الاتفاق النووي» بين إيران، والدول الكبرى (5 + 1). وبينما المكتب السياسي لـ«حماس» يحاول إعادة العلاقات مع السعودية، العدو الأكبر لإيران في المنطقة؛ يعمل الجناح العسكري لـ«حماس» على استعادة العلاقة مع إيران، يؤازره في ذلك أعضاء أقوياء في المكتب السياسي لـ«حماس».

ولعل حسم هذا الأمر يكمن في الانتخابات القادمة لرئاسة المكتب السياسي لـ«حماس» في العام المقبل، وفقًا للائحتها الداخلية، فالانتخابات هي التي ستحدد من القادم لرئاسة المكتب السياسي، وعليه ستتحدد ملامح المرحلة القادمة.

الصراع داخل منظمة التحرير

السبب الرئيس لعدم التوصل إلى المصالحة الفلسطينية هو غياب الثقة المتبادلة بين طرفي المصالحة والخلاف الرئيس حول البرنامج السياسي للحكومة

تتصاعد الصراعات بشكل ملحوظ داخل أروقة السلطة الفلسطينية في الآونة الأخيرة، خصوصًا بعد إقالة أفراد، ومحاولات اعتقال واستدعاء لقيادات كانت لوقت قريب بالنسبة لرئيس السلطة «محمود عباس» من المقربين وأصحاب الثقة.

فبعد يومين من إغلاق مؤسسة تابعة لـ«سلام فياض» رئيس وزراء «عباس» السابق، واستدعائه للتحقيق، طال الدور أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، والذي أعفاه «عباس» من منصبه. وقد علم الرجل الخبر عبر وسائل الاعلام، دون أن يُبلَّغ بذلك بشكلٍ رسمي، ما يفصح عن فصل جديد من فصول الصراع المحتدم داخل المنظمة، والذي وصل إلى استقالة «عباس» و8 آخرين من اللجنة التنفيذية في خطوة رآها البعض أنها تمهد لتمكين رجال «عباس» في المنظمة.

هذا الصراع والارتباك الداخلي الذي لم يعد يخفى على أحد، سواء كان داخل «حماس، أو فتح»، لن يساعد الطرفين على السير في طريق المصالحة، وكيف يتسنى لهم هذا، والأجواء الداخلية غير مُحفِزة لذلك.