الحمد لله. سعيد بإتمام انضمامي لأفضل نادٍ في العالم نادي برشلونة، خطوة جديدة وتحدٍ جديد في مسيرتي وسعي جديد وراء الألقاب، كنتم معي من البداية، وسنكمل الطريق معًا.
لاعب كرة اليد المصري، علي زين، عقب انضمامه لنادي برشلونة الإسباني

بهذه الكلمات أعلن «علي زين»، لاعب منتخب مصر، ونادي الشارقة الإماراتي لكرة اليد، خبر انتقاله رسميًا لنادي برشلونة الإسباني، حامل لقب دوري أبطال أوروبا الموسم الماضي، وذلك بعقد يمتد لعام واحد قابل للتجديد لعام إضافي، حيث أصبح أول مصري وثالث عربي ينضم للنادي الكتالوني.

ولاقت الصفقة احتفاءً واسعًا عبر منصات التواصل من قبل الجماهير، التي عادة ما تكون بعيدة عن متابعة لعبة كرة اليد، فلجأت إلى تشبيه هذه الصفقة التاريخية، بانتقال النجم المصري «محمد صلاح» لصفوف نادي ليفربول الإنجليزي، والذي شهد تألقه اللافت على مدار المواسم الماضية.

الأمر يبدو منطقيًا عندما نتحدث عن جمهور غير متابع للرياضات الأخرى مثل: كرة اليد بشكل منتظم، وفي الوقت نفسه بسبب ما صنعه «صلاح»، خلال السنوات القليلة الماضية والتي جعلت منه أسطورة رياضية ومثالاً يحتذى به، ولكن يبقى السؤال الأكثر فعالية هنا: هل «علي زين» يمكن أن يصبح «محمد صلاح» جديدًا في النادي الإسباني؟

اهتمام كبير

لم يكن انتقال صلاح إلى ليفربول محض الصدفة؛ إذ أشارت التقارير إلى فشل انتقاله من قبل في 2014، حينما خطفته مكالمة جوزيه مورينيو إلى داخل أسوار تشيلسي في لندن، إلا جانب المتابعة الحيثية التي حظي بها من يورجن كلوب منذ أن كان مدربًا لبروسيا دورتموند الألماني.

وبالمثل تمامًا زين، الذي يخبرنا «هاني الفخراني»، مدرب نادي الشارقة الإماراتي الحالي، أن اللاعب كان محط اهتمام النادي الإسباني منذ فترة طويلة، وأنهم أرسلوا كشافيهم لمتابعته خلال العام الماضي، ولكن الأمور توقفت بسبب تغير الإدارة الفنية للفريق بقيادة «خافيير باسكوال فورتس».

وأضاف الفخراني في حوار خاص مع «إضاءات»، أن الاهتمام بزين استمر حتى مع المدرب الجديد للفريق «أنطونيو كارلوس أورتيغا»، وهذا يشير إلى قيمة اللاعب الفنية، لاسيما وأنهما من الأسماء الكبيرة في عالم كرة اليد.

من جانبه، أوضح لويس كارلوس بيريز، الصحفي بجريدة «موندو ديبورتيفو» الكتالونية لـ «إضاءات»، أن صفقة انتقال اللاعب المصري لبرشلونة كان بمثابة التعويض المناسب لرحيل الجناح الآيسلندي «آرون بالمارسون».

وأردف «كان هناك ترحيب من قبل بالمارسون للتجديد لموسم واحد، ولكنه سئم انتظار توقيع العقود بسبب انشغال الإدارة الجديدة بأمور فريق كرة القدم؛ لذا أعتقد أن الصفقة جيدة بالنظر لكون اللاعب المصري أحد أهم ركائز منتخب الفراعنة، والميزانية المحدودة التي رصدتها الإدارة لسوق الانتقالات».

لاعب متكامل

لا يختلف «علي زين» كثيرًا عن «محمد صلاح»، في قدرته على اللعب في أكثر من مركز في المنطقة الهجومية، بل يمكننا القول بأنه يتفوق عليه –مع مراعاة الفارق بين اللعبتين- حيث يجيد اللعب في مركز الظهير الأيسر والأيمن، إلى جانب صانع اللعب هجوميًا، بالإضافة إلى مستواه المميز دفاعيًا أيضًا.

هو اللاعب الذي سيسمح بمزيد من العمق في مركز الظهير الأيسر سواء في الهجوم أو الدفاع لأنه مدافع جيد، فى الهجوم لديه تسديدة قوية مع القدرة على التهديف
الموقع الرسمي لنادي برشلونة، في حديثه عن المصري «علي زين»

وهذا ما أوضحه مدربه السابق في الشارقة، والذي يرى أن «علي زين»، يعد واحدًا من أهم لاعبي كرة اليد التي جاءت في تاريخ مصر، مشيرًا إلى أنه يتمتع بقدرات هجومية ودفاعية عالية، وأي مدرب في العالم يتمنى أن يلعب زين لفريقه.

وأشار الفخراني في حديثه معنا، أن العمر لن يكون عائقًا أمام اللاعب في التألق، إذ إنه ما زال في الثلاثين من عمره، وهو يعد سن النضج للاعب كرة اليد في أوروبا، مؤكدًا على أن زين يستطيع أن يعطي في الملاعب لـ 7 أو 8 سنوات قادمة على أقل تقدير.

المدرسة الإسبانية

واحدة من أهم الأمور التي تميز تجربة «علي زين» مع برشلونة، عن تجربة صلاح مع ليفربول، هي أن الأول اعتاد على اللعب تحت قيادة المدرسة الإسبانية، والتي ينتهجها القائمون على اللعبة في مصر خلال السنوات الخمس الماضية.

وظهر نتاج تلك التجربة جليًا خلال العامين الماضيين، بعد تحقيق منتخب الكبار للمركز السابع في بطولة العالم التي أقيمت في مصر مطلع العام الجاري، إلى جانب الفوز ببطولة العالم للشباب الأخيرة، وإحراز برونزية الناشئين.

أظهر المنتخب المصري صورة رائعة في كأس العالم الماضية وأثبت أنه سيكون قادرًا على تحقيق مفاجأة في أولمبياد طوكيو أيضًا. لطالما كان لدى مصر لاعبون أقوياء بدنيًا، لكن الآن يمكنك رؤية بصمة روبرتو جارسيا باروندو، الذي وضع المزيد من النظام التكتيكي والاهتمام بالميزة البدنية للمصريين.
لويس كارلوس بيريز، الصحفي بجريدة «موندو ديبورتيفو»

من جانبه، يرى الفخراني أن انتقال علي زين لنادٍ بحجم برشلونة، هو بالأساس نتاج سنوات من العمل تحت قيادة المدرسة الإسبانية في التدريب، والتي بدأت بـ «ديفيد ديفيز»، واستمرت مع «روبرتو جارسيا باروندو».

واتفق بيريز مع الفخراني في تلك النقطة، مشيرًا إلى أنه يتعين على زين أن يستفيد من الدقائق القليلة التي سيحصل عليها في بداية مشواره مع الفريق، ويستغل طريقة اللعب السريعة للفريق الإسباني التي تجبر المدربين على الاعتماد على مشاركة جميع اللاعبين في المباريات.

النجاح ممكن

رغم إيمانه بإمكانيات لاعبه وحزنه على رحيله عن فريقه في الشارقة، إلا أن هاني الفخراني لا يتوقع أن يكون الموسم الأول سهلاً على علي في برشلونة، وأرجع ذلك إلى عامل اللغة الذي سيحتاج اللاعب إلى إتقانها من أجل التفاهم والتقارب مع زملائه في الفريق، وهو الأمر الذي سيساعده في الاندماج داخل وخارج الملعب.

ولكنه في الوقت ذاته، توقع أن يسير علي بعيدًا رفقة برشلونة إذ استطاع التماسك في الموسم الأول، وقدم أداءً أجبر الإدارة على استغلال بند التجديد لموسم إضافي، والبقاء لمواسم أطول في كتالونيا.

السنة الأولى في برشلونة دائمًا ما تكون صعبة على أي لاعب. إنه نادٍ لديه ضغوط كبيرة حيث يكون مطالبًا بالفوز فقط واللعب مع هذا الضغط ليس بالأمر السهل بالنسبة لأولئك الذين لم يعتادوا على ذلك.
لويس كارلوس بيريز، الصحفي بجريدة «موندو ديبورتيفو»

وأوضح بيريز في ختام حديثه لـ «إضاءات»، أنه سيتعين على زين أن يأخذ الأمور بشكل تدريجي، وأن ينجح في إقناع الجماهير غير المتابعة لكرة اليد بشكل كبير، ومن ثم التجديد لموسم إضافي رفقة الفريق، مشيرًا إلى أن استمراره في الأداء القوي سيجعله ضمن الفريق لفترات طويلة.

واستدرك قائلًا: «لكن ذلك لن يكون سهلاً لأن برشلونة يعمل دائمًا على تجديد دماء الفريق، ويهتم بأي فرصة قد تظهر في سوق الانتقالات، ولكن في الوقت نفسه فاللعب لبرشلونة هي فرصة يمكن أن يحصل عليها أي لاعب مرة واحدة فقط في مسيرته، وعليه أن يتشبث بها، ويستغلها لتحسين مستواه باللعب في أعلى مستوى في العالم».

أخيرًا، لن نستطيع الجزم بنجاح أو فشل تجربة «علي زين» مع برشلونة، ولكنها وفقًا للمعطيات التي ظهرت في تطور لعبة كرة اليد المصرية مؤخرًا، فنستطيع الجزم بأن تجربة زين في هذا المستوى من اللعبة لن تكون الأخيرة، خاصة بعد دورة الألعاب الأولمبية في طوكيو، وذلك خلاف ما حدث مع تجربة صلاح في ليفربول، والتي صاحبها فشل متكرر لكرة القدم على الصعيدين القاري والدولي.