محتوى مترجم
المصدر
The Begin-Sadat Center for Strategic Studies
التاريخ
2017/04/05
الكاتب
إفرايم إنبار
بالنظر إلى الأساليب التي تغير من خلالها خصوم إسرائيل على مر العقود، فإن توق الإسرائيليين لانتصار حاسم على غرار انتصار عام 1967 يكون أمراً «غير واقعي»

بتلك الكلمات استهل مدير مركز بيجن-السادات للدراسات الإستراتيجية، إفرايم إنبار، مقاله الذي تحدث خلاله عن التحديات التي تواجهها إسرائيل حاليا، وهل يمكنها أن تتغلب عليها مثلما فعلت عام 1967؟

وأعاد الكاتب للأذهان حرب يونيو/حزيران عام 1967، حيث شنت القوات الإسرائيلية الحرب ضد مصر والأردن وسوريا، وحققت «انتصارا مذهلا» في 6 أيام، تجسدت خلاله مهارات الجيش ومعاركه التي أصبحت تُدرس في الكليات بشتى أنحاء العالم.

وأكد أن ذلك الانتصار العسكري كان له أثر شديد الأهمية، حيث أدى لإقناع العالم العربي أنه لا يمكن بسهولة تدمير إسرائيل بالقوة العسكرية، وأن إسرائيل حقيقة ينبغي على العرب العيش إلى جانبها.

ويزعم إنبار أنه بعد 6 أعوام «خسرت مصر حربا أخرى أمام إسرائيل في عام 1973»، ليجبر ذلك الرئيس المصري آنذاك أنور السادات على المجيء إلى إسرائيل في نوفمبر/تشرين الثاني عام 1977 ليعرض إقامة السلام.

ويشير إلى أن الانتصار السهل والحاسم في 1967 قد أصبح المعيار الذي تطمح إليه القوات الإسرائيلية، والذي بات يتوقعه أيضا المجتمع الإسرائيلي في أي صراعات مستقبلية.

ويعتبر أن التكهن غير الواقعي بأن تحقق إسرائيل انتصارات على غرار انتصار 1967، في أي مشاركات عسكرية، يعوق تبني إستراتيجية وتكتيكيات مناسبة. وفي غياب نتيجة واضحة وسريعة لحل الصراعات، فإن الإسرائيليين يفقدون الثقة في القيادتين العسكرية والسياسية.

ويوضح أن الإسرائيليين يتوقون لتحقيق انتصارات حاسمة في كل من قطاع غزة وجنوب لبنان، لكنه يشير في الوقت نفسه إلى مشاعر عدم الارتياح التي انتابت الإسرائيليين نتيجة الحروب التي شاركت بها إسرائيل في القرن الـ 21.

ويقول إنبار إن مطالبات الإسرائيليين بالتخلص من حركة حماس يدلل أيضا على عدم فهمهم لحدود القوة العسكرية، مؤكدا أن شن حرب تقليدية تواجه فيها القوات الإسرائيلية تشكيلات عسكرية ضخمة برا وجوا كما فعلت في 1967، ليس مرجحا بشكل كبير في يومنا هذا.

ويؤكد استحالة دخول إسرائيل في مواجهات عسكرية مع أي دول عربية بالمنطقة، فهي في حالة سلام مع كل من مصر والأردن، أما سوريا والعراق اللتين مزقتهما الحرب، فلن يجرؤا على تحدي إسرائيل عسكريا. أما الدول العربية الأخرى كدول الخليج والمغرب العربي فهي في حالة سلام فعلي مع إسرائيل.

وينوه أيضا إنبار بأن إسرائيل خاضت خلال العقود الثلاثة الماضية حروبا مع ميليشيات وليس جيوشا نظامية، كحركة حماس وتنظيم حزب الله اللبناني، ومثل تلك المنظمات تكون لها حسابات مختلفة عن حسابات الدول.

ويشير إلى أن الأمر قد تطلب تحقيق الانتصار على مصر في 5 حروب في خلال 25 عاما حتى تتخلى عن هدفها بتدمير إسرائيل، على العكس فإن حزب الله ظل يُقاتل إسرائيل لفترة أطول ولا يزال عازما على القضاء على الدولة اليهودية.

ويرى إنبار أن ما يُصعّب من مواجهة جماعات مثل تلك، هو عدم امتلاكها لأهداف سهلة عسكريا كالدبابات أو الطائرات، فضلا عن اللامركزية التي تتسم به هياكلها العسكرية، ما يُصعّب من اتخاذ رد سريع وحاسم ضدها.

يلفت أيضا إلى أن استغلال تلك الميليشيات للسكان المدنيين لحماية راجمات الصواريخ والوحدات العسكرية، يجعل تقدم القوات الإسرائيلية مرهقا وصعبا، لحرصها على عدم إحداث خسائر بين المدنيين! حيث إن انتشار المناطق الحضرية في الدول المجاورة لإسرائيل قللّ من وجود مناطق يمكن استغلالها للمناورة والالتفاف، فضلا عن أن حماس وحزب الله يلجآن لاستخدام الأنفاق ما يعمل على إبطاء تقدم القوات.

ويؤكد أن هزيمة خصوم إسرائيل تتطلب إستراتيجية جديدة، وهي الاستنزاف، ولقد سبق لإسرائيل أن خاضت حرب استنزاف طويلة ضد أعداء تحركهم دوافع دينية، ويؤمنون بأن الله والتاريخ يقفان إلى جانبهما.

أما ما يمكن للقوات الإسرائيلية فعله بين الفينة والأخرى، هو إضعاف قدرات هؤلاء الأعداء عن الإضرار بإسرائيل وعمل «ردع مؤقت» لهم أو ما يسمى بإستراتيجية «جز العشب».