حصلت اليمن على 9.9 في مؤشر التدخل الخارجي وذلك حسب تقرير الدول الهشة الصادر عن صندوق السلام التابع للأمم المتحدة بالتعاون مع مجلة فورين بوليسي، لتحل بذلك اليمن في المرتبة الثالثة بعد جنوب السودان والصومال من ناحية هشاشة الدولة تجاه التدخلات الخارجية، فسيرة اليمن مع التدخلات الخارجية قديمة جداً بين فارس والحبشة ومن ورائهما بيزنطة.

طريق تجارة عالمي وممر دولي شكل ميزةً ولعنة، مكّن أهل اليمن من لعب دور سياسي واقتصادي إقليمي وعالمي عبر التاريخ، ولعنة كونه جلب الكثير من المتاعب لليمنيين بتدخلات خارجية واحتلال قوض بعض مسيرتهم السياسية.

كما أشرنا في الجزء الأول من هذا التقرير والذي ناقشنا فيه وضع الدولة اليمنية من ناحية البناء والقدرة على الصمود في وجه التحديات، سنناقش في هذا التقرير أهداف التدخل الخارجي باليمن، كمحرك للأحداث وأداة للتغيير السياسي في الداخل.

اليمن محاط بدول إقليمية أقوى منه من ناحية النفوذ والسيطرة وتؤثر بشكل مباشر على أي عملية سياسية داخلية فيه، من قبيل استعادة التاريخ فإن الوحدة اليمنية التي تمت عام 1990 بين شطري اليمن لم تستقر إلا بعد رضا المملكة العربية السعودية، بعد جهود مضنية من قبل الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح، قدم خلالها بعض التنازلات حول ملف الحدود التي ترسمت بشكل نهائي عام 2000.


خريطة التدخل الخارجي

كما نوهنا سابقاً فإن تاريخ اليمن الحديث لا يختلف عن تاريخ العالم العربي، مرّ بفترات تزايدت فيها حدة التدخلات الخارجية والتي انعكست إبان الحرب الأهلية سواء في الشمال خلال حروب الجمهورية في ستينيات القرن الماضي، أو خلال الحرب الأهلية في التسعينيات وإن كانت حدتها أقل عن الأولى. لكن تزايد التدخل العسكري الخارجي بعد ثورة 11 فبراير/ شباط 2011 كان واسعًا جداً.

سنعرض فيما يلي أهم التدخلات العسكرية باليمن، وكيف سببت تفاقم الأزمة الإنسانية والسياسية في البلاد، كما سنعرض لأهم أهداف تلك التدخلات وكيف ألقت بظلالها على الأزمات التي تمر بها المنطقة، وباختصار سنقيم تلك التدخلات هل كانت سلبية أم إيجابية في بناء الدولة اليمنية؟ وإمكانات الحل السياسي والحسم العسكري هناك.

1. التدخل الإيراني

في ظل الصراع الجيو ستراتيجي ومد النفوذ إلى الجزيرة العربية ومنطقة الهلال الخصيب سعت إيران لدعم حلفائها في اليمن،جماعة أنصار الله، بالسلاح والخبراء عبر ميناء الحديدة بعد أن سيطرت عليه ميليشيا الحوثي، وذلك ضمن سياستها في تطويق المملكة العربية السعودية وسعيها لبسط نفوذ عسكري على مضيق باب المندب بعد سيطرتها على مضيق هرمز.

لم تتوانَ إيران في تقديم الخبرات العسكرية والتقنية للميليشيا من أجل مهاجمة السعودية، وبسط نفوذها على اليمن وتحويله لدولة تابعة لسياستها. لكن تجب الإشارة إلى أن التوافق الأيديولوجي والسياسي بين إيران والزيدية ليس كما نظن من التماهي المطلق،فالحوثي لا يمكن تسميته ممثل إيران باليمن، بل حليفًا استراتيجيًا لها.

لكن من خلال تأثر عبد الملك الحوثي، زعيم حركة أنصار الله، بشخصية وتجربة حزب الله اللبناني، عمدت إيران إلى الزج بحزب الله ليكون هو الوسيط بين الحليف وسياسات الدولة الإيرانية هناك.

أهداف التدخل الإيراني باليمن:

1. السيطرة على ممر ملاحي مهم يؤثر على نطاق إقليمي وتجاري واسع.

2. تطويق المملكة العربية السعودية من الجنوب.

3. وضع قواعد في منطقة القرن الإفريقي وجنوب البحر الأحمر.

4. اتباع سياسة الامتداد الإقليمي، فمن ناحية الشرق باكستان ومن ناحية الغرب الخليج العربي.

5. استنزاف السعودية في حرب طويلة الأمد في العمق اليمني.

6. تهميش دور الدول المنافسة لها في المنطقة حتى تصبح هي أحد أعمدة استقرار الوضع في الشرق الأوسط.

2. الولايات المتحدة الأمريكية

تتدخل الولايات المتحدة بشكل عمليات عسكرية خاطفة منذ بداية الألفية لمواجهة نمو الجماعات الإسلامية الراديكالية هناك في اليمن، وتعاظم هذا الدور بعد عرض صالح ذلك مباشرة بعد أحداث سبتمبر 2001، حتى بلغ ذروته في فترة الرئيس الأمريكي أوباما بإجراء عمليات عسكرية جوية لطائرات دون طيار ، اغتالت من خلالها قيادات في أنصار الشريعة وتنظيم القاعدة، كان على رأسهم أنور العولقي وناصر الوحيشي زعيما الحركتين.

كما قامت بوضع قواعد عسكرية هناك، أبرزها الموجودة في معسكر العند والذي انسحبت منه قبيل اجتياح الحوثي لمدينة عدن. وكانت أبرز الأحداث التي أجبرت الولايات المتحدة على التدخل هنالك:

1. تفجير المدمرة كول عام 2000 على مقربة من سواحل مدينة عدن.

2. وجود قيادات يمنية في أحداث سبتمبر 2001، خرجت من أراضي اليمن أمثال رمزي بن الشيبة.

3. تفجير حاملة النفط الفرنسية ليمبورج 2002 بالقرب من شواطئ مدينة المكلا اليمنية.

4. نقل مركزية تنظيم القاعدة بجزيرة العرب إلى اليمن 2008 – 2009.

5. عمليات الطرود الملغومة والمفخخة التي استهدفت الولايات المتحدة الأمريكية والغرب 2010، والتي تبانها فرع التنظيم باليمن.

6. محاولة تفجير طائرة ديترويت والتي تبناها تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، وعدّته أمريكا أخطر فروع التنظيم عام 2010.

7. سيطرت أنصار الشريعة على مناطق يمنية أ بين و رداع وبسطت نفوذًا سياسيًا وعسكريًا هناك لمدة عام ونصف بعد ثورة 2011.

8. اعتبار ناصر الوحيشي قائد تنظيم القاعدة بجزيرة العرب نائبًا لقائد تنظيم القاعدة أيمن الظواهري 2012.

أهم الأهداف الأمريكية باليمن:

1. تشتيت وتحجيم النفوذ العسكري لتنظيم القاعدة.

2. بسط السيطرة على الممرات الملاحية وحمايتها من الاستهداف العسكري أو هجمات القراصنة.

3. تأمين مناطق استخراج البترول في جنوب المملكة وضمان عدم استهدافها.

4. محاولة دعم الدولة اليمنية الهشة لتمارس دورًا عسكريًا على هذه التنظيمات وليس الهدف التنمية.

5. إرسال دعم فني ومالي لضمان استقرار النظام نسبيًا، حتى لا تنجرف البلاد لسيطرة تنظيم القاعدة والجماعات الراديكالية.

6. خلق دولة تحافظ على التوازنات والمصالح الإقليمية والدولية.

3. التدخل العربي بقيادة السعودية والإمارات

وهو أبرز التدخلات العسكرية والسياسية، وقع في شهر مارس/ آذار 2015 في أعقاب اجتياح الحوثي لمدينة عدن وحرق مصافي البترول، عندما طلبت الحكومة الشرعية، الممثلة في منصور هادي، التدخل العسكري من السعودية لحمايتها.

يضرب التدخل السعودي في اليمن بجذوره تاريخياً منذ وجود الدولة المتوكلية والحروب المستعرة معها، وخلال الحرب الأهلية بين الجمهوريين والملكيين التي كانت تدعمهم، ثم فيما بعد دعمها للقبائل والإصلاح لمحاربة الاشتراكيين بالجنوب، ثم دعمها لانفصال الجنوب 1994، نظراً لموقف صالح من اجتياح الكويت، ثم استخدام الدعم كورقة ضغط في ملف تسوية الحدود. وقدمت الدعم المالي والسياسي للحكومة لمحاربة تنظيم القاعدة بالنيابة عنها بعد ظهوره عام 2007، بالإضافة لدعمها صالح في حربه ضد الحوثي حليف إيران في اليمن.

وقد تدخلت السعودية عسكرياً عام 2015 لتحجيم الدور الإيراني، يعد هذا هو السبب الأساسي للتدخل، في حين أن السعودية تعتبر اليمن «الحديقة الخلفية» لأمنها الإقليمي ولاستقرارها السياسي كقوة «سنية» كبرى في المنطقة. إلا أن أجندة الإمارات تختلف في اليمن عن السعودية، فهي ترغب في بسط نفوذ على الموانئ والمرافئ البحرية لتقوض الجهود لتنميتها لصالح انتعاش الموانئ الإماراتية، كذلك وضع قواعد عسكرية تطل على منطقة القرن الإفريقي وبسط نفوذ عسكري هناك، وإن كان ضعيفاً.

اقرأ أيضًا: موانئ دبي: الاغتيال الإماراتي للأمم

فإن أوضح دليل على ذلك العلاقات التي تربط الإمارات بنجل الرئيس اليمني الأسبق علي صالح والذي يقيم في الإمارات في ظل الاختلاف السياسي والعسكري مع والده، الذي كان وقتها في تحالف مع جماعة أنصار الله، ومكنها من صنعاء عبر القوات التابعة له.


أزمة سقطرى والمهرة

تعد أزمة سقطرى دليلًا واقعًا على توجه الإمارات العسكري والاستحواذ على الأراضي اليمنية، والتي نجمت بعد سيطرة الإمارات العربية على الجزيرة ورفع العلم الإماراتي فيها، ولم تنسحب إلا بعد تدخل السعودية كوسيط واستُبدلت القوات الإمارتية بأخرى سعودية.

أما أزمة المهرة، فمردها رغبة الإمارات في السيطرة على شواطئ المهرة، نظراً لأهميتها الاستراتيجية، فمن ناحية تطويق للجارة المقلقة سلطنة عمان من غربها، والأمر الثاني، طموح السعودية حول تنمية شاطئها وميناء الشحر بحضرموت لنقل النفط السعودي مع تفادي المرور بباب المندب والمنطقة التي يحدق بها خطر القرصنة بالإضافة لخطر الحوثي. سعت قطر لتقويض مخططات السعودية هناك بدعم مباشر لانتفاضات شعبيه بالمحافظة وتأجيج الوضع وتدويله خلال العام المنصرم 2018.

أهداف السعودية

تدعم السعودية حكومة الرئيس هادي من الناحية السياسية، وتقدم الدعم لبعض الفصائل العسكرية على الأرض، لا تشمل التابعة لحزب الإصلاح، وأغلب تلك القوات قامت بتدريبها أو تسليحها مثل فرق الحماية الرئاسية بعدن وألوية مثل العماليق، ويمكن تلخيص أهدافها على النحو التالي:

1. حماية أمنها الإقليمي وتحجيم النفوذ الإيراني باليمن.

2. القضاء على تنظيم القاعدة في اليمن ونقل التجربة السعودية في مواجهته إلى اليمن.

3. السعي لتأمين تصدير النفط عبر موانئ اليمن وتفاديها للخليج الخطر بالقراصنة واستهداف الحوثي.

4. بناء دولة تخضع لسلطان الدولة السعودية في تبعية مطلقة.

5. تأمين الممرات الملاحية في البحر الأحمر وضمان عدم استهداف السفن.

6. تهميش الدور السياسي للإخوان المسلمين باليمن.

7. التغطية على الأزمة السعودية الداخلية من نقل الملك من جيل أبناء عبد العزيز إلى أحفاده.

أهداف الإمارات

بالإضافة لدعمها الرسمي للحكومة الشرعية، فإنها تدعم المجلس الانتقالي للجنوب بقيادة عيدروس الزبيدي المناهض لعبدربه منصور هادي، كما تدعم ميليشيا النخبة (الشبوانية، الحضرمية)، وتتحالف مع تيار هاني بن بريك الداعم للانفصال، وكتائب أبو العباس السلفية التي كانت تهدف من دعمها إحلالها مكان حزب الإصلاح، وعمدت إلى اغتيال قادة حزب الإصلاح وجمعية الإحسان السلفية المقربين من الدوحة، ويمكن إجمال أهدافها في الآتي:

1. إيجاد موضع قدم للإمارات على البحر الأحمر وتعاظم نفوذها.

2. السيطرة على موانئ اليمن لإبعادها عن منافسة موانئ دبي في حالة تنميتها.

3. منافسة السعودية على الموانئ وقد تقطع تطلعها لتأمين طرق لنقل نفطها عبر الجنوب.

4. فصل دولة الجنوب عن الشمال لتسهل السيطرة على الجنوب.

5. تنفيذ سياسات أمريكية مسبقة بفرض سيطرة عسكرية ضارية على الجنوب اليمني ووقف تمدد تنظيم القاعدة فيه.

6. دعم السلفية «الإعلامية» والصوفية لتستحوذ على الساحة الأيديولوجية لليمن في مواجهة الإخوان المسلمين.

7. اغتيال القيادات السلفية العلمية والجهادية بالجنوب.

8. الاستحواذ على مشاريع التنمية السياحية والتجارية بالجنوب.


قطر التي خرجت من المعادلة مبكرًا

إن تاريخ التدخل والارتباط الداخلي بدولة قطر قديم جداً، إلا أن أوضح الفترات هو تأييدها لحكومة صالح ودولته ضد الجنوب في الحرب الأهلية عام 1994، وذلك عكس الموقف الخليجي الداعم للجنوب كرد فعل على موقف اليمن بتأييد صدام حسين في اجتياحه الكويت مطلع التسعينيات، وكانت صور الدعم اقتصادياً على شكل منح أو إيداعات بنكية أو غاز مسال.

وظلت قطر تدعم الحكومة اليمنية حتى مطلع الألفية الجديدة حين حدث بذور الشقاق بعد أحداث سبتمبر 2001، حيث نقض صالح التحالفات التي كان يبرمها مع تيارات مثل الإخوان المسلمين ورجال القبائل وعسكريين كانت تدعمهم قطر، ومنهم جماعات سلفية كجمعية الرشاد، وتبع ذلك اتفاق سعودي يمني حول قضية ترسيم الحدود، مما قرّب صنعاء من الرياض وكفت السعودية عن دعم تمرد الجنوب وعمدت لدعم صالح حتى تنازله عن الحكم من خلال المبادرة الخليجية 2011.

هذا التحول في موقف اليمن تبعه تحول في موقف قطر، حيث أصبحت التيارات التي تدعمها في الداخل معارضة، وبالتالي استمرت في دعمها وبدأت تحاول أن تقدم نفسها كضامن للعملية السياسية في اليمن عبر محاولاتها التوسط بين صالح وجماعة الحوثي 2008 – 2009.

كما دعمت قطر دخول اليمن ضمن مجلس التعاون الخليجي في حين تعنتت السعودية في ضمه، وكان برنامج التدخل القطري باليمن منافساً بشكل أو بآخر على المجال الحيوي للسعودية.

أهداف قطر

1. دعم حزب الإصلاح (الذي يعتبر فرع جماعة الإخوان المسلمين باليمن) كونها تدرك قوته السياسية في بناء دولة اليمن وإمكانية مناهضته التدخل السعودي.

2. دعم تحركات تمرد الجنوب اليمني بعد 2007 لتقويض حكومة صالح الموالية للرياض.

3. دعمت حمود المخلافي قائد المقاومة الشعبية في تعز، إبان سيطرة الحوثي عليها 2014 – 2017، نظراً لأن تعز هي مركز حزب الإصلاح باليمن، مما أدى لضعف الدعم السعودي والإماراتي لتلك المقاومة واستمرار الحرب هنالك حتى الآن، بل دعمت الإمارات جماعات أخرى كأبو العباس لقتال مجموعات المخلافي.

4. أحد محركات قطر هو السيطرة على نفوذ الإمارات على الشواطئ اليمنية، وكذلك تحجيم نفوذ الرياض في صنعاء.

5. تدخلت قطر كوسيط بين القاعدة باليمن والدول الغربية للإفراج عن الأسرى المختطفين، وكان الهدف من ذلك تحول قطر إلى حجر زاوية لضمان السلم والأمن العالمي وظهر أيضاً في ملفات طالبان وجبهة النصرة فيما بعد.

6. عداوة جماعة الحوثي مع قطر بعد سيطرة الأولى على صنعاء 2014 نظراً لصلاتها ودعمها غريمها حزب الإصلاح، في حين قدمت قطر مساحة إعلامية على قناة الجزيرة لجماعة الحوثي إثر أزمة حصارها 2017.


تقييم التدخل الإقليمي والغربي في اليمن

سنناقش التدخل من ناحية معيارية (رشيدي – 2017)، هل هذا التدخل يدفع بعملية إصلاحية أو تنموية للدولة اليمنية أم لا؟

وللإجابة على ذلك سنناقش برامج التدخل بالنسبة لليمن واليمنيين، والمحددات والعقبات التي تعوق التنمية في ظل التدخل:

1. الدول التي منوط بها بناء أو إعادة الشرعية باليمن

أ. علاقة إيران والولايات المتحدة باليمنيين تقوم على عدم ثقة من قبل أغلب القوى السياسية والدينية والثقافية، مما يعيق أي تغيير سياسي أو بنيوي في شكل الدولة من خلال هذا الأطراف.

ب. بالنسبة للسعودية والإمارات فإن الأحداث العسكرية في الشمال جعلت الشعب الشمالي بين نارين أحلاهما مر، فإما الرضا بالسعودية والإمارات مع نزع السيادة وتبعية مطلقة أو القبول بميليشيا عسكرية اغتصبت السلطة.

ج. تصارُع الإمارات مع الحكومة الشرعية في الجنوب هز صورتها الأخلاقية التي كانت تروجها في تدخلها العسكري والسياسي باليمن وآخرها أحداث عدن ثم جزيرة سقطرى.

د. أهداف القوى المتدخلة باليمن تجعل من بناء الدولة وتنميتها أمرًا ثانويًا، حيث المستهدف جعل اليمن بصورة تتوافق مع المصالح السياسية والاستراتيجية للقوى الإقليمية والعالمية.

هـ . عدم وجود تصور جيد وتخطيط واقعي لكيفية استعادة بقية المدن اليمنية من قبل التحالف وبناء دولة قوية يأخر من أي عملية حسم عسكري أو إصلاح سياسي.

و. عدم وجود جدول زمني لعملية الإصلاح والبناء التي تقدمها الدول المتدخلة في اليمن، ومتى ستنسحب القوات وتترك اليمنيين لحوار سياسي فاعل مع بعضهم البعض.

ز. استبعاد القوى المتدخلة مكونات يمنية أصيلة من عملية الإصلاح السياسي من قبل التحالف مثل: الإخوان المسلمين المرتبطة هناك بمكونات قبلية أصيلة وثابتة منذ زمن بعيد، وكذلك التجمعات الزيدية والقبلية في الشمال والتعامل معها ومع الحوثي على أنهم في سلة واحدة.

ص. اعتماد آلية استيلائية وعسكرية للحل ورفض إمكانية الحل السياسي حتى وقتنا هذا من قبل المتحالفين.

2. عقبات

أ. عدم الحسم العسكري الخارجي لمعارك مثل استعادة صنعاء وبعض محافظات الشمال المهمة، وكذلك بالنسبة للحوثي عدم قدرته على السيطرة على الجنوب بعد أن دفع به التحالف شمالاً.

ب. عدم رغبة الأطراف اليمنية في إيجاد حل نهائي وقطعي، وإنما الاهتمام بضمان مصلحة كل طرف على حساب الآخر مما يسبب حالة سيولة خصوصاً مع تقاطع المصالح باليمن بين إيران من طرف والسعودية وأمريكا من طرف آخر.

ج. تصارع التصورات لكل من إيران والسعودية والإمارات ومن خلفهم الغرب لشكل الدولة اليمنية.

وأخيراً فإن الأزمة تسببت بها دول الخليج وعلى رأسها السعودية في أتون سعيها لإفشال الثورة وإيجاد بديل هزلي أكثر هشاشة من سابقه. لذا فشلت المرحلة الانتقالية في الإجابة على أي سؤال وانتهى الحال بالشعب اليمني إلى التيه العظيم، وضاعفت من ذلك دول الخليج بعد تدخلها العسكري بالمراهنة على فصائل وأطراف ضعيفة، ومازالت لعبة الرهانات الخاسرة مستمرة.

في الجزء الثالث من هذا التقرير، سنناقش مآلات المكونات اليمنية ومحاولة تقديم رؤية ورأي يعتمد بشكل أساسي على المعطيات التي ناقشناها في المقالين، الأول والثاني.