محتوى مترجم
المصدر
معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي
التاريخ
2016/06/16
الكاتب
شمعون شتاين وشلومو بروم

في يوم 3 يونيو 2016، وبعد نشاطٍ دبلوماسي مكثف بدأ في أواخر يناير 2016، نجحت فرنسا في عقد قمة دولية تهدف إلى وضع الأسس لاستئناف العملية السياسية الإسرائيلية الفلسطينية من خلال مؤتمر دولي يُقام قبل نهاية العام. استمرت القمة، التي أقيمت في باريس على مستوى وزراء الخارجية وافتتحها رئيس الوزراء الفرنسي، فرنسوا هولاند، لبضع ساعات فقط، واستضافت ممثلين عن 28 دولة، والاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة، بينما لم تُدعَ إسرائيل والسلطة الفلسطينية.في عشية المؤتمر، أعدت فرنسا وثيقة نصّت على النقاط التي طُلب من المشاركين إقرارها، ومن أبرزها:

  • الاتفاق على الحاجة لعمليةٍ خارجية تقود الطرفين إلى مائدة التفاوض مجددًا.
  • التأكيد على ضرورة حل الصراع، بما أنه يُمثل محورًا لعدم الاستقرار، وتغذي طبيعته طويلة الأمد تطرف العنف والخطاب.
  • الاتفاق على أن البناء المستمر في المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية وتحول الحوار الإسرائيلي الفلسطيني نحو الخطاب العدائي يُعرّضان حل الدولتين للخطر، وهو الحل الوحيد القابل للتطبيق لحل الصراع.
  • قرار دولي بأن يكون لأي مفاوضات بشأن التسوية الدائمة بين إسرائيل والفلسطينيين موعدٌ نهائي.
  • إدراك الحاجة إلى صوغ مبادئ لحل المشكلات الجوهرية، والتي ستؤدي إلى إجراء المحادثات.
  • تأسيس فرق عمل تركز على الاقتصاد، والأمن القومي، والتعاون الإقليمي، وتُكلف بصوغ توصيات لخطوات يتعين اتخاذها قبل انعقاد المؤتمر الدولي من أجل منع التصعيد على ساحة النزاع والحفاظ على مستوى ملائمة حل الدولتين.
  • التوصل إلى إجماع حول وضع تقرير اللجنة الرباعية الذي يُنتظر نشره قريبًا في الاعتبار، والذي يتضمن انتقادات حادة لإسرائيل لاستمرار بنائها في المستوطنات اليهودية، بالإضافة إلى مبادرة الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الذي دعا في مايو 2016 رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ورئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، إلى تجديد الحوار.
  • الحاجة إلى تحديد موعدٍ لعقد المؤتمر، والذي تأمل فرنسا أن يكون قبل نهاية عام 2016.

تكشف القراءة المتمعنة للبيان الختامي للقمة عن فجوة بين الأهداف التي وضعتها فرنسا لنفسها عشية القمة، وما تم التوصل إليه بالفعل. تضمن البيان الختامي بعض الإعلانات العامة المُجمع عليها بالفعل في المجتمع الدولي وهي:

  • معارضة الوضع الراهن المستمر على الساحة الإسرائيلية الفلسطينية.
  • التأكيد على أهمية مبادرة السلام العربية كأساسٍ للتفاوض.
  • الدور المحوري للجنة الرباعية والدول الرئيسية في المنطقة في استئناف العملية.
  • الاتفاق من حيث المبدأ على عقد مؤتمرٍ دولي قبل نهاية العام، رغم عدم تحديد تاريخ لذلك.

ومع ذلك، لم يُشِر إلى مبادئ نقاش المشكلات الجوهرية أو إلى الجوانب التنفيذية للخطوات التي يُعتزم اتخاذها حتى عقد المؤتمر. وفي المؤتمر الصحفي بنهاية القمة، قال وزير الخارجية الفرنسي، جان مارك أيرولت، أن المجموعات العاملة سوف تلتقي لتبدأ صوغ سلسلةٍ من خطوات بناء الثقة، والضمانات الأمنية، والحوافز المالية.

تعكس القمة الفرنسية شعورًا متناميًا بالإحباط في المجتمع الدولي بسبب الجمود السياسي طويل الأمد لعملية السلام.

في ضوء ما سبق، هل كانت القمة، التي كان من المفترض أن تمثل الخطوة الأولى في محاولةٍ لإعادة إحياء جهود استئناف المحادثات بين إسرائيل والفلسطينيين، ضربًا من العبث يهدف في الواقع إلى خدمة مصلحة الرئيس هولاند نفسه، الذي وصل داخليًا إلى أحط مكانة مطلقًا، حيث يُظهر نفسه كشخصٍ استثمر بشدة في السياسة الخارجية؟لا يبدو الأمر كذلك.تعكس القمة، بالإضافة إلى مبادرة السيسي، شعورًا متناميًا بالإحباط في المجتمع الدولي والشرق الأوسط بسبب الجمود السياسي طويل الأمد، منذ فشل جهود وزير الخارجية جون كيري للتوسط في تسويةٍ بين الأطراف المعنية في إبريل 2014. وتدل القمة، على غرار ذلك، على الشعور المتنامي، الذي عبر عنه المشاركون، بأن الوضع الراهن يعزز عدم الاستقرار ويُعرّض الصلاحية المحتملة لحل الدولتين للخطر، الذي لا يزال يعتبر من قِبَل المجتمع الدولي الحل الوحيد الواقعي.باستثناء الاحتمالية الضئيلة القائلة بأن إسرائيل والفلسطينيين سوف تستأنفان محادثاتهم بمبادرة منهم، وفي ضوء أن فرنسا ودول أخرى يرون الصراع كعامل مزعزع للاستقرار يستوجب ردًا، يفترض أن فرنسا سوف تتابع جهودها لعقد المؤتمر المزمع عقده. وردًا على المعارضة الإسرائيلية للمبادرة، قال وزير الخارجية الفرنسي لنتنياهو في محادثة هاتفية بعد القمة: «غادر القطار المحطة بالفعل».قدرة فرنسا على تعزيز مبادرتها تعتمد بشدة على موقف الإدارة الأمريكية. في الواقع، تعكس نتيجة المؤتمر جزئيًا التوترات بين التطلعات الفرنسية ومصالح إدارة أوباما. ولا تشير مشاركة وزير الخارجية كيري في القمة بأي شكل إلى الدعم الأمريكي الكامل للخطوة الفرنسية. فقد اتخذت الولايات المتحدة خطوة وراء الكواليس لمنع أي ذكرٍ لتاريخ المؤتمر المزمع عقده بالبيان الختامي للقمة. وعلى غرار ذلك، عارضت الإشارة إلى أي مبادئ لحل المشكلات الأساسية. علاوة على ذلك، في خطابه بالقمة، أوضح كيري تمامًا عزمه الاستمرار في الضغط من أجل المفاوضات المباشرة بين الأطراف المعنية.فإدارة أوباما مهتمة بتجميد النشاط فيما يتعلق بالقضية الإسرائيلية الفلسطينية حتى الانتخابات الرئاسية في نوفمبر، وهو ما سوف يُواجه بالضرورة معارضةً إسرائيلية، لأن أوباما لا يريد الإضرار بفرص هيلاري كلينتون، التي يفترض أنها المرشحة الديمقراطية، في الفوز بالانتخابات.ولكن، في الوقت ذاته، تناقش الإدارة أفكارًا مختلفة حول كيفية استغلال الفترة بين الانتخابات الرئاسية وتنصيب الإدارة الجديدة في يناير 2017 لتقديم مبادرة بصدد القضية الإسرائيلية الفلسطينية. في قلب هذه المبادرة ستكون هناك مبادئ لاستئناف المحادثات الإسرائيلية الفلسطينية، سواء عبر إعلانٍ رئاسي أو عبر تمرير قرارٍ في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وبالتالي فإن المبادرة الفرنسية قد جاءت في توقيت صعب من وجهة نظر الإدارة، وليس أمامها خيارٌ سوى تعليق و/أو تقييد أجزاء منها. ومع ذلك، قد يؤول الأمر بعد نوفمبر إلى إمكان تعشيق المبادرة الفرنسية بالخطة الأمريكية. إن كان الرئيس أوباما يعتزم بالفعل صوغ واحدة.

إدارة أوباما مهتمة بتجميد النشاط فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية حتى الانتخابات الرئاسية في نوفمبر 2016.

التحفظات الإسرائيلية بشأن حقيقة الخطوة الفرنسية، التي عبر رئيس الوزراء نتنياهو قبل وبعد القمة، لم – وعلى الأرجح، لن – تنجح في أن تؤدي إلى فشل فرنسا. تلقت محاولة نتنياهو الإشارة إلى مبادرة الرئيس المصري كخطوة إقليمية هامة، القليل من الدعم، سواءً إقليميًا أو في أماكن أخرى. علاوة على ذلك، أوضح المصريون بدائرة السيسي المقربة أن مبادرة الرئيس لا يجب اعتبارها جديدة، بل محاولة منه للإشارة إلى الآفاق الجديدة في سياق السياسة الدولية. بعبارة أخرى، من منظور مصري، ليس هناك صراع بين مبادرتي فرنسا والسيسي. في بيانه بقمة باريس، أعرب وزير الخارجية المصري سامح شكري عن استعداد بلاده للمساعدة في إعداد الجانب الفلسطيني وبدء انطلاق مبادرة السلام العربية في سياق تجديد العملية السياسية.وبالتالي يبدو أن كليشيه «أهمية الحدث تكمن في حدوثه» ينطبق على قمة باريس. بالنسبة لأغلب المشاركين، كان حدوث القمة وإظهار ضرورية إعادة إحياء العملية السياسية أهم من النتائج الفعلية. انعكس هذا الموقف أيضًا في البيان الختامي، الذي يغيب عنه أي نتائج تنفيذية.يُرجّح أن فرنسا سوف تثابر على بذل الجهود لعقد مؤتمرٍ دولي بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية، لكن قبل نهاية عام 2016. لن تكون معارضة القدس كافية لعرقلة هذه الخطوة، ما لم تُقدّم إسرائيل بديلًا موثوقًا في صورة عملية سياسية أخرى. وهو ما لا يلوح في الأفق حاليًا.