فيلم Zootopia الذي عرض في المملكة المتحدة ومصر تحت عنوان Zootropolis، هو فيلم الرسوم المتحركة الأحدث من إنتاج ستوديوهات ديزني. الفيلم يقدم تخيلًا لعالم من الحيوانات المتجسدة في الشكل البشري، ويركز على مدينة تعيش فيها جميع الحيوانات في سلام وتفاهم رغم الاختلاف في الحجم والطبيعة. أحداث الفيلم تتبع أرنبة تدعى «جودي» وهي تحقق حلمها لتصبح شرطية وسط استغراب واعتراض جميع المحيطين حيث أنها وظيفة كانت مخصصة للحيوانات الأكبر والأقوى جسديًا. نشاهد بعد ذلك «جودي» وهي تعاني من السخرية والتسفيه على يد رئيسها في العمل، المأمور بوجو، وزملائها وحتى المجرمين الذين تحاول القبض عليهم. من أجل إثبات نفسها، تخوض «جودي» تحدي التحقيق في الجريمة الأهم، وهي اختفاء عدد من الحيوانات، وتطلب المساعدة من «نيك»، الثعلب النصاب، من أجل حل القضية في ظرف ٤٨ ساعة وإلا تضطر للاعتذار عن الاستمرار في سلك الشرطة.


توازن مثالي

العديد من الاعتبارات السينمائية تتوازن بشكل مثالي في فيلم Zootopia؛ مما أدى لتفادي أغلب الأخطاء والمشاكل التي وقعت فيها أفلام الرسوم المتحركة التي تم إصدارها في العامين الماضيين، فيلم غير مباشر، ونفس الوقت غير معقّد، غير مألوف، وغير غريب، غير واضح بشكل زائد، وغير غامض بشكل زائد، كما أن الفيلم نجح في خلط مكونات كثيرة لجذب الأطفال والكبار على حد سواء. فالفيلم يحمل رسالة إيجابية، وأحداثه تتدفق من خلال مغامرة شيقة، ويعتبر فيلمًا ملهمًا للخيال، يحتوي على حبكة متقنة تحمل التواءات مفاجئة، ويقدم التسلية بالتوازن ما بين مشاهد الأكشن والكوميديا المضحكة بشدة. في تقديري، مؤشر نجاح الفيلم في معادلته هو عدم قدرتي عن نفسي على تحديد ما إذا كنت استمتعت بمشاهد الأكشن أم مشاهد الكوميديا أكثر.مع ذلك من الصعب الادعاء أن كل لحظة في Zootopia تحمل التسلية المطلوبة. في اللحظات التي تم فيها التركيز على توصيل رسالة الفيلم عن طريق التكرار والطرح المباشر من الممكن أن تبدأ في الاشتياق للحظات الترفيه. ومع ذلك، فمن الصعب كذلك أن تخرج من الفيلم بأي ذكرى سلبية وذلك بسبب النهاية، تسلسل نهاية الفيلم يحتوي على كل لحظات التفجر في الكوميديا والأكشن وبدون إغفال الرسالة. النهاية تعد من الأسلحة الهامة التي يتم إغفالها في أغلب الأفلام؛ فهي آخر أداة في يد الإخراج والسيناريو لطلب الغفران من المشاهد لأي خطأ وقعوا فيه، ولا يبدو لي أن Zootopia كان بحاجة لهذا السلاح في جميع الأحوال.


رسالة رئيسية ورسالة فرعية

الرسالة الواضحة من أجواء الفيلم هي نبذ الخلاف والعنصرية والسعي للتعايش وتقبل الآخر. لكن الرسالة التي جذبت انتباهي أكثر هي دعوة الصغار للسعي والمحاربة من أجل تحقيق أحلامهم وتخطي كل العوائق التي يضعها أمامهم مفتقدو القدرة على تقبل الآخرين والتعاون معهم من أجل صالح المجتمع. ربما كان تفضيلي بسبب أن أداة تلك الرسالة كانت القصة، أو الحدوتة، وليست الأجواء العامة، أو ربما لأن كلمات أغنية الفيلم الرائعة لشاكيرا كانت تركز على ذلك.

التوازن العام تخطى عناصر الفيلم ووصل لاختيارات الممثلين، فبعضهم كان من الأسماء المعروفة المحبوبة، وبعضهم كان من الأسماء المجهولة نسبيًّا، والسر في هذه الاختيارات كان درجة التناسق بين أسلوب الممثل في التجسيد الصوتي في حالته العادية مع الشخصية المطلوبة. درجة النجاح في هذا السعي كانت مبهرة، وإن كنت ميالًا لتفضيل الأداء الصوتي لإدريس آلبا في دور المأمور بوجو؛ لأنه الوحيد الذي نجح في إيجاد نبرة صوت وأسلوب تجسيد يجمع بين شخصيته الحقيقية، والشخصية التي يجسدها، وكذلك الحيوان الذي يمثل فصيلة الشخصية، وهو جاموس وحشي.


الابتكار والتجديد

عند مطالعة الفكرة العامة لفيلم Zootopia ستشعر أنها مكررة ومستهلكة، ولكن في الحقيقة الفيلم لا يشبه أي فيلم آخر قائم على مجتمع من الحيوانات الذكية المتكلمة، فالتشبيه بالبشر تم أخذه لأبعاد جديدة عن طريق الاعتماد على فكرة بسيطة تتلخص في أن Zootopia ليست مدينة تعيش فيها الحيوانات ولكنها مدينة بنتها الحيوانات بالاستعانة بدروس التطور التي علمتهم أن جميع أفراد المجتمع مهمّون وأن التعايش السالم ممكن بالفعل.درجة الابتكار في بناء Zootopia كمدينة، لم تقابلها درجة مكافئة من الابتكار في بناء Zootopia ككيان من الرسوم المتحركة. في اعتقادي، الرسوم وأسلوب التحريك كانوا في غاية الإتقان؛ ولكنهم لم يأتوا بأي جديد. أتصور أن هذا هو السبب في أن الكثيرين شعروا بالألفة عندما شاهدوا الإعلان الترويجي للفيلم، وعلى عكس كل العناصر التي ناقشتها، فأنا لا أقصد هذا كنقطة إيجابية.في تقديري، Zootopia هو أفضل فيلم رسوم متحركة من إنتاج ديزني، سواء بالتعاون مع بيكسار أو بدون، منذ إصدار فيلم Toy Story 3 في ٢٠١٠. الفيلم وجبة متكاملة في أي تصنيف حاول أن ينتمي إليه، وبالأخص كفيلم كوميدي. لم تفارقني الابتسامة لحظة واحدة أثناء مشاهدة الفيلم، بل تطورت لضحكات عالية من القلب في بعض المشاهد وبالأخص في مشهد “فلاش” موظف المرور والذي أظنه من أذكى المشاهد الكوميدية في التاريخ.باستثناء التجربة البصرية غير الملهمة، وبعض المشاهد التي أعطت الأولوية لتكرار الرسالة بشكل مباشر، فأنا أرشح Zootopia كتجربة سينمائية ممتعة لكل أفراد العائلة.

مقالات الرأي والتدوينات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر هيئة التحرير.