السلفيون والسياسة ما قبل الثورة

كان موقف الأخوان هو المشاركة في الانتخابات البرلمانية التي يعقدها ويشرف عليها ويفوز بها نظام مبارك، وكان آخرها قبل الثورة انتخابات 2010، والتي شهدت تزويراً فجاً أقصى كل معارضي مبارك وعلى رأسهم الأخوان، بينما ابتعد السلفيون عن المشاركة في الانتخابات بكافة الأشكال، لاعتبارهم الانتخابات مجرد مسرحية هزلية ينتجها النظام، ولا فائدة من المشاركة فيها، حتى مجرد محاولة دعم الأخوان أمام مرشحي الحزب الوطني بتوجيه القواعد السلفية للتصويت لمرشحي الجماعة هي فكرة مرفوضة، ولن تؤدي في النهاية إلا إلى تضييق القبضة الأمنية على السلفيين.

الموقف من الثورة

لفهم موقف السلفيين من الثورة لابد من النظر إلى عاملين مهمين؛ الأول هو أن موقف التيار السلفي من المشاركة في المظاهرات، فمنهم من يحرمها مطلقاً، ومنهم من يرى أنها ليست حراماً في ذاتها، ولكن الواقع يثبت أنه لا جدوى لها، وأن الأضرار الناتجة عنها أكثر من المكاسب التي قد تنتج منها إن وجدت مكاسب من الأصل، والموقف الأخير هو موقف التيار السلفي السكندري، والذي سنخصه بالكلام هنا، لذلك لا ترى خروج للسلفيين للتظاهر في عصر مبارك إلا على استحياء، كما حدث في المظاهرات التي خرجت مطالبة بظهور كاميليا شحاتة، مع الوضع في الاعتبار أن من قاد هذه المظاهرات لا ينتمي للتيار السكندري، وإنما شباب سلفي مستقل على رأسهم حسام أبو البخاري المعتقل حالياً في سجن العقرب، والذي أنشأ “ائتلاف دعم المسلمين الجدد”.

حسام أبو بخاري
حسام أبو بخاري

العامل الآخر لرفض السلفيين المشاركة في المظاهرات هو سياق اندلاع ثورة 25 يناير، وكيف عاش السلفيون الفترة التي سبقت اندلاع الثورة مباشرة، تحديداً من أول يناير 2011، فبعد أن قضى نظام مبارك على خصمه العنيد جماعة الأخوان في انتخابات 2010 الهزلية، كانت حادثة كنيسة القديسين مبرراً لضرب التيار السلفي في مصر، فبعد التفجير مباشرة اُعتقل بعض المنتسبين لأفراد الدعوة السلفية في الإسكندرية، وفي واقعة مشهورة قُتل سيد بلال تحت تعذيب ضابط أمن دولة، ومُنع بعض الدعاة السلفيين من إلقاء دروس في المساجد.

هذان العاملان : الرفض المبدئي للمظاهرات، والتضييق الأمني على السلفيين مع مطلع العام جعل السلفيين ينظرون بحذر وريبة شديدة من الإعلان إلى مظاهرات في الخامس والعشرين من يناير، ودائماً ما يرفض سلفيو الإسكندرية مبدأ الصدام، معتبرين أن أي مواجهة مع النظام –أياً كان نوعها- ستزيد خسائره عن مكاسبه، فمن ثمّ رأت الدعوة السلفية أن المشاركة في التظاهرات غير مجدية، فهي لن تحدث تغييراً، بل سيدفع السلفيون الثمن الفادح عندما تفشل هذه التظاهرات في صورة اعتقالات وانتهاكات وتضييق فوق التضييق الناشئ عن أزمة كنيسة القديسيين.

جدير بالذكر أن الدعوة السلفية السكندرية رفضت المشاركة في مظاهرت 25 و28 يناير، بل واستمرت في رفض المظاهرات إلى آخر يوم عاشه نظام مبارك، ورأت أن دورها يقتصر على حماية المنشئات العامة وتوفير السلع الأساسية للناس، وكانت قد عقدت مؤتمراً ضخما في الإسكندرية قبل تنحي مبارك بثلاثة أيام وأصدرت بياناً بعنوان ” توصيات المؤتمر السلفي الحاشد بالإسكندرية حول أحداث 21 صفر 1432، 25 يناير 2011″، حوى البيان تسعة نقاط لم يكن من ضمنها المطالبة برحيل مبارك .

مؤتمر الدعوة السلفية يوم 8 فبراير 2011 (موقع أنا السلفي)
مؤتمر الدعوة السلفية يوم 8 فبراير 2011 (موقع أنا السلفي)

صورة من المؤتمر الذي عقدته الدعوة السلفية في 8 فبراير 2011

الاستفتاء على التعديلات الدستورية

كان أول ظهور للتيار السلفي في مصر على الساحة السياسية هو الاستفتاء الذي أجري في 19 مارس على التعديلات الدستورية التي وضعها المجلس العسكري، كان ظهوراً مفاجئاً للكثيرين، حيث ظهرت قدرة السلفيين على الحشد، لاسيما أنهم ربطوا الموافقة على التعديلات ببقاء المادة الثانية من الدستور، بعد أن خرجت تصريحات وقتها من رموز للتيار المدني في مصر كنجيب ساويرس ومحمد البرادعي ويحيى الجمل تدعو إلى تعديل المادة الثانية من الدستور.

حشدت الدعوة السلفية الجماهير لتصويت بـ “نعم” للتعديلات، ورفعوا شعار المحافظة على الهوية المتمثلة عندهم في المادة الثانية التي تنص على أن “دين الدولة الإسلام، ومبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع”، وكانت رؤيتهم قائمة على انتخاب البرلمان أولا، الذي سينتخب أعضاؤه اللجنة المخولة بوضع دستور جديد للبلاد.

لم يكن حزب النور أُنشئ بعد، ولم يكن ظهر وقتها اختلاف السلفيين وتشعباتهم، أحدث تصريح الداعية محمد حسين يعقوب جدلاً واسعة بعد أن وصف الاستفتاء بغزوة الصناديق، هوجم بعدها بشدة، وكانت بداية لهجوم إعلامي استمر قرابة الشهرين على التيار السلفي بأكمله، وظهر بوضوح الفارق بين أطروحات جماعة الأخوان والتيار السلفي، فخرجت تصريحات من الأخوان تبين اختلاف منهجهم السياسي عن السلفيين.

من المهم هنا إيضاح رؤية الدعوة السلفية إلى الواقع السياسي الجديد في مرحلة ما بعد سقوط مبارك مباشرة، والتي يجدر أن نذكر منها ثلاثة مواقف إزاء ثلاث قضايا مهمة، أولها ألا يدفع الإسلاميين بمرشح إسلامي للرئاسة، وثانيها السعي لإصدار دستور يحافظ على الهوية الإسلامية، والطريق إلى ذلك هو إجراء الانتخابات البرلمانية أولاً، والتي سينتج عنها مجلسي الشعب والشورى المخولين باختيار الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور، وثالثها أنهم لم يكونوا قرروا بعد هل سيشاركون في العملية السياسية أم لا، وهل ستكون هذه المشاركة بإنشاء حزب أم جماعة ضغط أم ماذا؟

إنشاء حزب النور

أصدرت الدعوة السلفية بياناً في 22 مارس 2011 بعد أن تمت الموافقة على التعديلات الدستورية أعلنت فيه ” أنها بعد التشاور والمحاورة في ضوء المتغيرات الجديدة قد قررت المشاركة الإيجابية في العملية السياسية، وأنها بصدد تحديد الخيار المناسب لصورة هذه المشاركة”، وفي مايو 2011 أٌعلن عن تأسيس حزب النور برئاسة الدكتور عماد عبد الغفور الذي كان وكيلاً للمؤسسين، واُعتبر الحزب الذراع السياسية للدعوة السلفية بالإسكندرية.

المبادئ فوق الدستورية وجمعة 29/7

موطن مهم من مواطن الاتفاق بين الأخوان والسلفيين قد تم بالدعوة إلى مظاهرة مليونية بميدان التحرير تحت اسم ” جمعة الإرادة الشعبية ” حيث أُصدر بيان بالاشتراك بين جماعة الأخوان المسلمين والدعوة والسلفية والجماعة الإسلامية وعدة كيانات إسلامية أخرى، دعا البيان إلى التظاهر بميدان التحرير وأعلنت أربع أهداف لتلك المليونية:

1- رفض ” فكرة وضع وثيقة مبادئ حاكمة وفوق دستورية، وذلك لما تتضمنه من فرض إرادة ووصاية على إرادة الشعب المصري”.

2- استنكار التشكيل الوزاري الذي أعلن عنه المجلس العسكري وقتها، والذي تضمن وزراء من “الليبراليين” و”الفلول”، وتم استبعاد الإسلاميين.

3- مطالبة المجلس العسكري بإنجاز محاكمات عادلة وسرعة إنهاء التحقيقات مع قتلة الثوار ورموز الفساد في النظام البائد.

4- توجيه رسالة إلى المجلس العسكري أن حجم الإسلاميين في الشارع السياسي أكبر كثيرا من التيار المدني الذي دعم وقتها إصدار وثيقة المبادئ الحاكمة للدستور.

يجدر بنا التأمل ولو قليلا لنرى الاتفاق في الموقف من المجلس العسكري وأولويات المرحلة، حيث كانت نبرة الخطاب فيها شيء من الحدة، وكذلك التأكيد على إجراء الانتخابات البرلمانية أولاً، ورفض إصدار أي وثيقة دستورية تقلص من صلاحيات البرلمان القادم الذي سيختار اللجنة التأسيسية المخولة بوضع الدستور.

ثمة زاوية أخرى لتفيكك مشهد 29/7، والذى إن أبدى اتفاق المشاركين فيه إجمالاً إلا أن هناك فروق ليست بالهينة بين الاتجاهات التي صنعت هذا المشهد، هذه الفروق الشاسعة التي ظهرت فيما بعد نستطيع أن نفهمها من الشعارات التي رُفعت يومها في ميدان التحرير.

فقد شارك في المليونية فريق رفع لافتات كُتب عليها ” يا مشير أنت الأمير”، ويمثل هذا الشعار التيار السلفي المدخلي الذي يرى من يمسك بزمام الحكم هو ولي أمر المسلمين، وظهر في الميدان كذلك هتاف “يا أوباما يا أوباما…كلنا هنا أسامة” في إشارة إلى استمرار أفكار رجل القاعدة الأول أسامة بن لادن بعد أن قامت قوات أمريكية باغتياله في باكستان في مايو 2011.

وبين فريق ولي الأمر والفريق المؤيد لتنظيم القاعدة تقف الدعوة السلفية في الوسط، وتبتعد عنهم جميعاً بمسافات متفاوتة جماعة الأخوان المسلمون التي أصدرت بياناً في اليوم التالي للمليونية، تضمن كلاماً يوضح رفض الجماعة لبعض الشعارات التي رُفعت، وأوضحت أن هذا بسبب “الكبت الشديد الذي عانت منه القوى الإسلامية الأخرى الذي دفعهم لاعتزال السياسة ثلاثين عامًا أو أكثر”، ومن ثمّ فلم يترك الأخوان الأمر يمر دون التأكيد على وجود اختلاف بينهم وبين من شاركهم في تلك المليونية.

التجهيز للانتخابات البرلمانية

في يونيو 2011 دعا حزب الحرية والعدالة الذراع السياسي لجماعة الأخوان لعمل قائمة موحدة تضم توجهات مختلفة تحت مسمى “التحالف الديموقراطي من أجل مصر”، شارك حزب النور في اجتماعاتها الأولية إلا أنه انسحب في أوائل سبتمبر، وفضل حزب النور التحالف مع حزب البناء التنمية المعبر عن الجماعة الإسلامية، وكذلك حزب الأصالة وهو حزب سلفي يترأسه اللواء عادل عبد المقصود أخو الداعية السلفي المعروف محمد عبد المقصود.

جانب من اجتماعات التحالف الديمقراطي 2011
جانب من اجتماعات التحالف الديمقراطي 2011

انسحب النور لأنه رأي دخوله الانتخابات تحت مظلة التحالف سيقلل من عدد المقاعد التي يتوقع أن يحصدها في الانتخابات لحساب أحزاب ليبرالية وعلمانية أقل شعبية من النور، ومن ثمّ قرر الدخول في تحالف إسلامي “نقي” بعيداً عن الأحزاب غير الإسلامية.

وثيقة السلمي وأحداث محمد محمود

شارك كل من الأخوان و السلفيين في مظاهرات التحرير في 18 نوفمبر 2011، إلا أن تنظيمهم للفعاليات كان يبنتهي في السادسة مساء، اشتعل الموقف في الميدان ليلاً، بعد انسحاب حزبي النور والحرية والعدالة كما هو متفق عليه، نشبت مواجهات بين قوات الأمن والمتظاهرين، واستمرت المواجهات لعدة أيام.

كان الموقف الرسمي للأخوان هو عدم المشاركة، في حين أصدرت الدعوة السلفية بياناً في الثلاثاء الموافق 22 من الشهر نفسه، أعلنت فيه مشاركتها في المظاهرات على عكس موقف الأخوان، كانت الدعوة السلفية أصدرت بياناً يوم الأثنين تضمن عدة نقاط، أولها دعوة موجهة إلى المجلس العسكرى –الذي كان يتولى السلطة وقتها- و قوات الداخلية إلى عدم استعمال العنف، والذي وصفته بـ “أساليب الطواغيت الإجرامية” فى قمع المتظاهرين المسالمين لأن ذلك سيزيد من اشتعال الموقف، وجددت رفضها لدعوات تشكيل مجلس رئاسي مدني أو إيقاف الانتخابات البرلمانية، وطالبت المجلس العسكري الإعلان عن موعد الانتخابات الرئاسية.

ثم أصدرت بياناً في نفس اليوم أعلنت عن مشاركتها في مظاهرة مليونية بميدان التحرير “نصرة للمظلومين، وحقناً للدماء”، ولمطالبة المجلس العسكري بالتحقيق في الانتهاكات التي حدثت، والإعلان عن موعد للانتخابات الرئاسية.

انتهت أحداث محمد محمود بإعلان المجلس العسكري عن تسليم السلطة في الثلاثين من يونيو 2012، وأجريت الانتخابات البرلمانية التي حصل فيها تحالف النور على ربع المقاعد البرلمانية تقريباً، بعد أن حصل الحرية والعدالة على الأكثرية من مقاعد البرلمان.

سير الانتخابات البرلمانية

شهدت الانتخابات منافسة شرسة في عدة دوائر بين مرشحي حزب النور ومرشحي حزب الحرية والعدالة، فقد قدم كل منهما قوائم في كافة الدوائر، وكذلك قدم الحرية والعدالة مرشحين على المقاعد الفردية في معظم الدوائر، وبنسبة أقل للحزب السلفي، ولم تشهد الانتخابات البرلمانية أي تنسيق يذكر بين كلا الحزبين، بل على العكس؛ قد يدعم أحد الحزبين مرشح على مقعد فردي لا ينتمي له على حساب مرشح من الحزب الآخر، وأبرز مثال دعم الحرية والعدالة للمحامي حسني دويدار -وهو غير منتم للحزب- أمام المهندس عبد المنعم الشحات المتحدث الرسمي باسم الدعوة السلفية وقتها والذي خسر بفارق ضئيل في جولة الإعادة، فيما عُد ضربة قاصمة لحزب النور.

عبد المنعم الشحات
عبد المنعم الشحات

لم يختلف الأمر كثيرا في انتخابات مجلس الشورى عن مجلس الشعب، فلم يحدث تنسيق بين الأخوان والسلفيين في القوائم أو في المقاعد الفردية، وحصل النور على المركز الثاني في مجمل عدد المقاعد بعد حزب الحرية والعدالة.

إذاً فقد شهد مرحلة الانتخابات البرلمانية عدم اتفاق بين النور والحرية والعدالة، لاسيما في القوائم، وقد سُئل الدكتور ياسر برهامي عن جواز التصويت لقائمة التحالف الديموقراطي، والتي تضم تسعة أحزاب علمانية بخلاف حزب الحرية والعدالة، فأجاب أن هذا تحالف لم يقصد به نصرة المظلوم وإحقاق الحق، وليس كحزب الفضول، بل هو تحالف على تقسيم “الكعكة” في البرلمان وأن يلزم التصويت لقائمة التحالف الإسلامي بقيادة حزب النور .

انتخابات الرئاسة

كما ذكرنا من قبل فإن الدعوة السلفية رأت ألا يتقدم الإسلاميون للمنافسة على مقعد الرئاسة في هذه المرحلة، إلا أن تغير الواقع السياسي دفع الدعوة السلفية لإعادة النظر في هذا الأمر، لاسيما مع إعلان الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل نيته الترشح، واستقطابه لنسبة لا يستهان بها من القواعد السلفية، بل وبعض قاداتها، وكذلك إعلان عبد المنعم أبو الفتوح ترشحه، ثم إعلان جماعة الأخوان بعدهما الدفع بالمهندس خيرت الشاطر نائب المرشد كمرشح رئاسي.

أعلنت الدعوة السلفية في التاسع عشر من مارس 2012 عن مبادرة لاختيار شخص واحد تدعمه جميع الحركات والأحزاب الإسلامية في مصر، حيث تشكل لجنة من أهل العلم والفقه والخبرة من مختلف الكيانات الإسلامية -ومن ضمنها الأزهر الشريف- لعقد لقاءات مع المرشحين الذين يعلنون عن مشروعهم الإسلامي، ويتم اختيار مرشح واحد فقط، على أن يتنازل جميع المرشحين الآخرين له، ووضعت الدعوة السلفية عدة معايير لشخصية الرئيس القادم، كان أولها ألا يكون “متهورًا، صداميًّا، مندفعًا بطبيعته”، في إشارة واضحة للمرشح حازم صلاح أبو إسماعيل، الذين أيدته قطاعات سلفية واسعة.

أعلنت جماعة الأخوان المسلمين ترشح خيرت الشاطر لمقعد الرئاسة في 31 مارس، فأصدرت الدعوة السلفية بياناً في نفس اليوم من سطرين، قالت فيه أنها ” تتمسك بمبادرتها لاختيار مرشح الرئاسة وتعتبر المهندس خيرت الشاطر أحد المرشحين الذين تتعامل معهم المبادرة” كرد فعل سريع لتراجع الأخوان عن قرارهم بعدم الدفع بمرشح رئاسي، ولتعلن أنها لن تقبل بفرض الأخوان مرشحهم على الدعوة السلفية ومبادرتها لجمع الإسلاميين على مرشح رئاسي.

أدى ترشح خيرت الشاطر إلى تجميد مبادرة الدعوة السلفية عملياً، فجماعة الأخوان لن تتنازل عن مرشحها لأجل آخر، ولن تبحث عن توافق إلا على مرشحها، إلا أن الدعوة السلفية أكملت ما أعلنت عنه، وقامت بعقد لقاءات مع كل المرشحين الإسلاميين، ومنهم حازم أبو إسماعيل، ومحمد سليم العوا، وعبد المنعم أبو الفتوح، وخيرت الشاطر، ثم مرشح الأخوان البديل محمد مرسي.

لقاء العوا مع الدعوة السلفية
لقاء العوا مع الدعوة السلفية

في الأخير استقر دعم حزب النور في الجولة الأولى للانتخابات على الدكتور عبد المنعم الفتوح، في بيان أصدرته مجلس إدارة الدعوة السلفية أعلنت أنها اختارت أبو الفتوح بعد دراسة علمية دقيقة بعد عقد عدة لقاءات مع جميع المرشحين، وبعد اقتراع سري شارك فيه أعضاء مجلس الشورى العام للدعوة السلفية، وهو القرار الذي أثار جدلاً واسعاً نظراً لرفض واستنكار بعض القواعد السلفية لبعض آراء وتصريحات أبو الفتوح التي تتضاد كثيراً مع الفكر السلفي.

حزب النور يدعم عبد المنعم أبو الفتوح
حزب النور يدعم عبد المنعم أبو الفتوح

مع ظهور نتيجة المرحلة الأولى، ووصول كل من الدكتور محمد مرسي والفريق أحمد شفيق، أصدرت الدعوة السلفية بياناً أعلنت تأييدها لمرسي انطلاقاً من “مبادئ الدعوة بدعم المشروع الإسلامي”،

خاتمة

بنهاية الفترة التي تولى فيها المجلس العسكري يمكننا أن نجد الآتي:

  • اتفق السلفيون مع الأخوان في الموافقة على التعديلات الدستورية، وإجراء الانتخابات البرلمانية أولا، ورفضوا سوياً وثيقة السلمي، وكذلك فكرة إنشاء مجلس رئاسي مدني، واتفقوا على شكل الجمعية التأسيسية قبل أن يتم حلها في إبريل، واتفقوا على دعم مرسي في جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية.
  • خالفت الدعوة السلفية وذراعها السياسي حزب النور جماعة الأخوان في مرحلة الانتخابات البرلمانية، فكون كل منهم تحالفاً في مواجهة الآخر، وفي الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية دعم السلفيون عبد المنعم أبو الفتوح في مواجهة محمد مرسي مرشح جماعة الأخوان المسلمين.

يمكننا القول بعد هذا العرض السريع لأهم قضايا هذه المرحلة الذي تولى فيها المجلس العسكري مقاليد الحكم في مصر أن التوافق هو السمة الغالبة على العلاقة بين الدعوة السلفية السكندرية وجماعة الأخوان المسلمين، فالقضايا التي اتفق عليها الفصيلان أكثر من التي اختلفا عليها من حيث العدد والأهمية.

إقرأ المزيد

ماذا يحدث بين إخوان الأردن؟معا لحل تنظيم الإخوان المسلمين (1)هل يجب حقا حل تنظيم الاخوان المسلمين؟مرسي والسيسي بين المصالحة واللاعودةهل ستتغير جماعة الاخوان المسلمين؟الإخوان والسلطة … تاريخ من المفاوضات والصراع (1)