وافقت القمة العربية الأخيرة التي عقدت في شرم الشيخ على تأسيس قيادة عربية موحدة لقوة عربية مشتركة، علما بأنها فكرة قديمة استعصت على العرب عبر عقود.

قمة شرم الشيخ تمكنت من تجميع معظم، قيادات الدول العربية معا، لكنها كانت بعيدة عن الكل، حيث تضمنت قائمة أبرز الغائبين ملك المغرب محمد السادس، والرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، وسلطان عمان قابوس بن سعيد، والرئيس الإماراتي خليفة بن زايد.

ورغم أن الأسباب الصحية كانت عذرا لغياب البعض، لكنها لا تنسحب على الجميع.

وبالطبع، لم يكن الرئيس السوري بشار الأسد من المدعوين، وكذلك ليبيا التي لا تمتلك حكومة.

وصدق القادة العرب على شن ضربات جوية في اليمن، بطلب من الرئيس هادي، كما دعت القمة إلى عقد اجتماع بين رؤساء أركان الجيوش العربية، في غضون شهر من ختامها، لمناقشة الخطوات التنفيذية والخطط اللازمة لقوة عسكرية مشتركة.

القيادات العسكرية العربية ستقدم، بعد ذلك بنحو ثلاثة شهور، تقريرا عن تلك الخطط خلال اجتماع لمجلس الدفاع المشترك بجامعة الدول العربية.

ومن المقرر أن يقود الخطة كل من الكويت ومصر والمغرب ، وفقا لاعتبارات رئاسة جامعة الدول العربية في الماضي والحاضر والمستقبل.

الانضمام للقوة العربية المشتركة سيكون اختياريا للدول الأعضاء، ولن يحمل طابع الإلزام.

ثمة تقارير إعلامية مفادها أن اليمن ستكون مسرحا لاستخدام تلك القوة المشتركة، لا سيما وأن السعودية قادت بالفعل تحالفا عربيا مشتركا لتوجيه ضربات جوية للحوثيين وقوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح.

لكن نظرا للجدول الزمني لقرار القمة العربية الخاص بالانتهاء من بلورة القوة العربية المشتركة، فإنه لا يبدو محتملا أن تكون تلك القوة جاهزة للاستخدام في اليمن، إذا قرر السعوديون الانتقال من مرحلة الضربات الجوية إلى حرب برية.

الثابت أن الجامعة العربية تمتلك تاريخا طويلا من التجارب الفاشلة في مسألة الخطط العسكرية المشتركة.

يذكر أن مجلس الدفاع المشترك أسس عام 1950 بعد تجربة كارثية لحرب 1948 مع إسرائيل، عندما فشلت خمس دول عربية تماما في التصرف على نحو مشترك، وتمكنت إسرائيل من هزيمة كل منها على حدة.

ووعدت القمة العربية الأولى في يناير 1964 بتأسيس قيادة عربية عسكرية مشتركة، لكن المظهر الوحيد لذلك جاء في مايو 1967 عندما وافق العاهل الأردني الملك حسين على وضع جيشه وقواته الجوية تحت قيادة الجنرال المصري عبد المنعم رياض، الذي قاد بعد ذلك تلك الحملة الكارثية والتي تسببت في استحواذ إسرائيل على القدس الشرقية والضفة الغربية في 72 ساعة فحسب.

وبالتأكيد، استرجع العاهل الأردني الحالي، الملك عبد الله ذكريات ذلك الإخفاق المرير، بينما يجلس على مائدة القمة العربية بشرم الشيخ.

وفي سياق مشابه، استعصى تنفيذ خلق قيادة عسكرية موحدة على دول مجلس التعاون الخليجي، منذ تأسيسه عام 1980. ورغم حدوث بعض عمليات دمج القوات، لكنها لم تتمكن حتى من تنفيذ نظام دفاع جوي مشترك.

ويمكن القول إن أكثر الجهود المتقدمة للمجلس التي تصب في ذلك الاتجاه هو رد الفعل المشترك الحالي داخل اليمن، بالرغم من أن عمان آثرت عدم المشاركة في الضربات الجوية.

لكن الاحتمال الأكبر أن يضحى التعاون العسكري أكثر ثنائية، وعرضية، من تلك الخطط الطموحة التي انبثقت عن القمة العربية.

وربما يكون ما حدث عام 1990-1991 هو أكثر الجهود العربية العسكرية المشتركة نجاحا، حينما قادت السعودية حملة لمجابهة القوات العراقية في حرب الكويت، حيث قاد الأمير الجنرال خالد بن سلطان قوات مشتركة، ومسرحا للعمليات، بشكل يتوازى مع القيادة الأمريكية بقيادة الجنرال نورمان شوارزكوبف.

ورغم أن الأمر كان يتعلق وقتها بالسياسة أكثر من أي شيء آخر، لكن الهدف الأساسي تحقق وقتها، وهو إبقاء الحلفاء معا.

المصدر