مع تحول الثورة السورية السلمية، ضد نظام بشار الأسد في سوريا، إلى ثورة مسلحة، جراء مجابهتها بالعنف المفرط، من قبل النظام؛ بدأت تظهر في الميدان، كتائب مُسَلحةٌ في شتى المناطق السورية، مُعلنةً عن هدفين أساسيين؛ تمثلا في حماية المدنيين، وإسقاط النظام بكل مؤسساته وأركانه. كان من تلك الكتائب، تنظيمي “أحرار الشام” و”صقور الشام” وسوف نتناول في هذا التقرير سيرتهما الذاتية.

حركة ” أحرار الشام “

نشأة الحركة

“أُذِن للذين يُقاتلون بأنهم ظلِموا وإن الله على نصرهم لقدير”.

هكذا كانت البداية، حيث أُعلِن عن تشكيل “كتائب أحرار الشام”، على لسان قائدها حسان عبود، المُكنى بأبي عبدالله الحموي، وذلك في 11 نوفمبر لعام 2011.

حركة أحرار الشام هي إحدى الفصائل العسكرية الإسلامية التي نشأت مع دخول الثورة السورية مرحلة القتال المُسَلح، وقد نشأت الحركة ، من اندماج 4 فصائل، هي جماعة الطليعة الإسلامية، وحركة الفجر الإسلامية، وكتائب الإيمان المقاتلة، بالإضافة إلى كتائب أحرار الشام، وهي فصائل معروفة في الساحة القتالية السورية، ويقدر عدد مقاتليها بحوالي 25 ألف مقاتل.

أهم العمليات العسكرية التي خاضتها الحركة

بدأت الحركة سلسلة عمليات ضد قوات النظام، بأسلحة خفيفة وعبوات ناسفة، وبعد إذن، وسعت عملياتها وشاركت بقوة في معارك مهمة، أبرزها السيطرة على مدينة حلب شمال سوريا، كما أن أهم الإنجازات القتالية التي تعتز بها الحركة، هي معركة مطار تفتناز العسكري بريف إدلب شمال غرب سوريا، وبالإضافة إلى المطارات، كان تحرير الثكنات الكبرى في حلب، ومستودعات السلاح في خان طومان، ومعركة فك الأسرى في سجن حلب المركزي، يُضاف إلى أهم المعارك التي خاضتها الحركة، معركة تحرير مدينة الرقة شمال وسط سوريا، التي كانت أول مدينة تخرج عن سيطرة النظام السوري.

أواخر عام 2012 أنشأت الحركة مع فصائل عسكرية أخرى، تشكيلًا تحت مُسمى “الجبهة الإسلامية السورية”، ثم اندمجت في مطلع عام 2013، إلى الطليعة الإسلامية،وحركة الفجر الإسلامية وكتائب الإيمان، مُشكلةً جسمًا عسكريًا جديدًا تحت إسم “حركة أحرار الشام”، ووسعت نطاق عملياتها العسكرية، فسجلت حضورًا في معارك مهمة، كان أبرزها تحرير مدينة الرقة، وإدارة شؤونها، كذلك السيطرة أيضًا، على مطار الجراح العسكري في ريف حلب.

نهاية عام 2013 شكلت الحركة مع ثمانِ فصائل إسلامية أخرى، “الجبهة الإسلامية”، فيما اعتبره بعض المراقبين، تحصينًا لها من اعتداءات تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، التي تطورت مع مطلع عام 2014، إلى حرب مفتوحة بين الطرفين، انتهت بأن طردت الحركة التنظيم من ريف إدلب ومدينة حلب، وعددًا من قرى الريف، وخسارتها السيطرة على مدينة الرقة، ومقتل أكثر من 150 من مقاتليها، واستهداف التنظيم عددًا من قادتها، أبرزهم أبوخالد السوري.

وفي أواسط عام 2014، أصدرت الحركة مع الفصائل المُنضَوية تحت لواء الجبهة، ما يُعرف باسم “ميثاق الشرف الثوري”، ثم ما لبثت أن رحبت بمبادرة أطلقها عدد من طلبة العلم الشرعي، انتهت بتشكيل مجلس قيادة الثورة.

للحركة نشاطات عسكرية مهمة، حيث برعت في حرب الأنفاق ضد النظام، وفجرت له مقار عسكرية مهمة، ولها مصانع أُنتجت فيها مدافع كان لها تأثير في مسار المعارك.

الثقل الأساسي للحركة، يقع في منطقة الوسط والشمال والشرق من سوريا، بالإضافة إلى اللاذقية، وبالرغم من تركز قوتها، في محافظتي إدلب وحلب شمالي سوريا، إلا أن مقاتليها يَنشطون في جميع المحافظات السورية، باستثناء محافظة السويداء؛ وذلك بسبب وضعها الأمني الخاص هناك، تحديدًا في طرطوس.

وحسب موقع الحركة الإلكتروني، فإنها تشتمل على عدد من الألوية والكتائب، هي: لواء الإيمان وكتيبة صلاح بريف حماة، وجبل الزاوية، والشيماء في معردبسية، والتوحيد والإيمان في معرة النعمان، وكتيبة الفرقان في سراقب، وأجناد الشام في طعوم، وأحفاد علي في تفتناز، والكتيبة الخضراء وعباد الرحمن في أريحا، وسارية الجبل، جميعها في ريف إدلب.

أهم الأحداث التي مرت بها الحركة

تغيراتٌ استراتيجيةٌ طرأت على الحركة في تعاملها مع الجانب المدني؛ حيث انتقلت من المكون العسكري البحت “كتائب أحرار الشام”، إلى “حركة أحرار الشام الإسلامية”، فلم يقتصر عملها هنا على العسكري وفقط, وإنما نشطت الحركة بعدة مؤسسات هي بالأساس إنسانية، منها الإغاثية والطبية والدعوية، تقوم بدورها الخدمي، حيث إلقاء الدروس الدينية، وتنظيم دورات تحفيظ القرآن الكريم. إضافةً إلى تأمين الحاجيات الأساسية للسكان في مناطق سيطرة الحركة، كالخبز والمياه والدواء.

في التاسع من سبتمبر/أيلول 2014، وقع انفجار في أحد مقرات الحركة، يُعَد المقر السري والأهم للحركة، ويسمى بالمقر “صفر”، أدى إلى مقتل قائد الحركة حسان عبود، وشقيقيه مع أكثر من 45 قياديًا آخرين، من بينهم القائد العسكري للحركة أبو طلحة، وعضو مجلس شورى الحركة وأمير حلب سابقًا أبو يزن الشامي، والمسؤول الشرعي للحركة أبو عبد الملك، وقادة كتائب آخرون في الحركة، حيث كانوا في اجتماع لمجلس شورى الحركة في بلدة رام حمدان بريف إدلب شمالي سوريا.

أصدرت الحركة بيانًا، عينت من خلاله، المهندس هاشم الشيخ (أبو جابر) أميرًا وقائدًا عامًا للحركة خلفًا لحسان عبود الذي قُتِل في الانفجار، وعينت أبو صالح طحان قائدًا عسكريا عامًا للحركة، كما أكدت على أن التفجير، قد وقع بعبوة ناسفة تحتوي على غاز سام، متهمين النظام السوري بتدبير الهجوم، وشدد البيان حينها، على أن الحادث سيُزيد الإصرار على مواصلة العمل بقوة والضرب بيد من حديد، وقطع الطريق أمام العابثين بالثورة السورية، على حد تعبير البيان.

صقور الشام

نشأة الحركة

أنشئت الحركة مع بدايات الثورة في سوريا منذ أيامها الأولى، هناك في جبل الزاوية،شمال غرب سوريا، تحت مسمى كتيبة صقور الشام، حيث انضم إليها أشبال ورجال المنطقة، الذين شاركوا في الحراك السلمي في بداية الثورة.

سُرعان ما رَفعت راية الجهاد، بعد دخول الثورة مرحلة النزاع المسلح، حيث قاتلت جنبًا إلى جنب مع الجيش الحر ضد جيش نظام بشار الأسد.

تنشط الحركة في مناطق محافظة إدلب وخاصة إدلب المدينة وكذلك جبل الزاوية.

قُتل من مؤسسيها خمسة أفراد في معارك متفرقة ضد الجيش النظامي، وتبقى منهم اثنين فقط، أحدهما القائد الميداني أحمد الشيخ المُكنى بأبي عيسى، الذي يتزعم الحركة منذ تأسيسها وحتى الآن.

بدأت الحركة بكتيبة يصل عددها إلى 150 ألف مقاتل، طبقا لتصريحات قائد الحركة، في جبل الزاوية وانتشرت بعد ذلك في جميع محافظات سوريا.

أما عن تكوين الكتيبة، فإن أفرادها كلهم من عامة الشعب السوري على مختلف مستوياتهم التعليمية، إلا أن المُنضم إليهم لا بد وأن يكون ذا صبغة إسلامية، كما أن الحركة تُقيم معسكرات لتدريب المنتسبين لديها، تعتمد المعسكرات في بادئ الأمر على الجانب الفكري قبل التدريب الجسدي، والتنشئة العقائدية في المقام الأول، بحسب موقع الحركة الإلكتروني.

أهم المعارك التي خاضتها الحركة

يُعتبر “صقور الشام” من الفصائل التي قدمت زخمًا عسكريًا هامًا للثورة السورية، حيث شاركت في عدة معارك ضد الجيش النظامي من أبرزها، تحرير جبل الزاوية، فكان الفصيل الأكبر الذي شارك في المعركة، حيث قام بتحرير أكبر حاجز في الجبل يسمى حاجز المغارة، وقضوا على كل من فيه من الجيش النظامي واعتقلوا من تبقى، وغنموا أول دبابة، كانت في حاجز المغارة، وحتى الآن يشاركون بها في اقتحام الحواجز، كما اقتحمت الحركة في محافظة إدلب أكثر من 50 حاجزًا، والحاجز هو مركز تجمع لقوات النظام يتراوح الأعداد فيه ما بين 50 إلى 250 حسب المركز ومكانته.

إضافةً إلى معركة خان السبل شمال سوريا، التي تمكن فيها أحد عناصر الحركة من إسقاط مروحية للجيش النظامي، والسيطرة على حاجز معروف في قرية كفرلانا جبل الأربعين، وحاجز حميشو في مدينة سراقب بإدلب، وكلية الشؤون العسكرية في ريف حلب الجنوبي، و50 تجمعًا تمت السيطرة عليهم أيضًا في خان السبل ومعردبسة وجبل الزاوية، كما أن أهم الإنجازات التي تعتز بها الحركة، هو قطع طريق الإمداد من جبل الزاوية إلى حلب، التي كانت تشهد معارك بين قوات النظام والجيش الحر.

أهم الأحداث التي مرت بها الحركة

ولم يقتصر أداء الحركة وفقط على الجانب العسكري، فنشطت في الحياة المدنية والإنسانية أيضًا، حيث قاموا بتأمين الطرق وإنشاء المدارس والمحاكم والأفران وآبار المياه، ليوفروا مستلزمات الحياة لسكان المناطق التي وقعت تحت سيطرتهم.

ليس ذلك وحسب، بل أن الحركة تطمح إلى أن يكون لها دور سياسي في حالة إذا ما سقط النظام في سوريا.

إندماج الفصيلين

في الثاني والعشرين من مارس لهذا العام، أعلن فصيلا حركة أحرار الشام الإسلامية وصقور الشام، التابعان للمعارضة السورية المسلحة عن اندماجهما بشكل كامل، تحت مُسمى “حركة أحرار الشام الإسلامية”، جاء ذلك خلال بيان رسمي تلاه قائد الحركة هاشم الشيخ وبحضور رموزها كافة. ووفق البيان المعلن فإن “القوة المركزية للفصيل الجديد ستكون تحت مسمى كتائب صقور الشام، وأن الاندماج جاء لما تقتضيه المرحلة من ضرورة التكاتف ووحدة الصف وجمع الكلمة، وتزامنًا مع الذكرى الرابعة للثورة، وأن الاندماج يأتي انطلاقًا من واجب الاعتصام، وما تقتضيه المرحلة من ضرورة التكاتف، كما أن الحركة مُصرة على الثبات على مسار الثورة، والعمل على إسقاط النظام في دمشق ورفض المساومة على دماء الشهداء”.

إقرأ المزيد

سوريا بعد أربع سنوات من الثورة (1) : إدلب .. وتقدم الثورة السورية

ماذا يعني اندماج “صقور الشام” مع “أحرار الشام” في سوريا؟ ( مترجم )