تتوالى البيانات الإسرائيلية عن أعداد القتلى جراء عملية طوفان الأقصى، ورغم أن العدد وصل في لحظةٍ ما إلى قرابة 1500 قتيل، إلا أن القيادة الإسرائيلية تهتم بشكل أكبر بإفراد بيانات بأسماء الضباط والجنود الذين قتلوا. وقد خسرت إسرائيل جراء العملية الأخيرة عددًا كبيرًا منهم يتزايد باستمرار، لكنها كانت خسارة بعض الضباط أشد صدمةً لإسرائيل من باقي القتلى.

فالخبرة العسكرية المتراكمة لدى ضابط واحد تعد كنزًا استراتيجيًا يصعب تعويضة بسهولة. حتى لو استطاعت عبر التعبئة العامة وجنود الاحتياط استبدال الجنود القتلى بعشرات من الجنود الآخرين، فإن الخبرة والدراية التي يمتلكها القتلى للحالة الفلسطينية ولقواعد الاشتباك مع المقاومة، كلها أمور تتراكم مع الوقت والاشتباك المتتالي، وهو ما لا يمتلكه الضباط الجدد الذين ستكلفهم إسرائيل بمهام سابقيهم.

أبرز تعلن عن القيادة الإسرائيلية في كافة نشراتها، وحين التذكير بمن قتلوا، هو العقيد يوناتان شتاينبرغ. الرجل هو قائد لواء ناحل عوز، خامس خمسة في ألوية المشاة الإسرائيلية. وكان من أوائل الذين قُتلوا في بداية عملية طوفان الأقصى، إثر اشتباك بين القوات الإسرائيلية وقوات المقاومة قرب موقع كرم أبو سالم.

اقرأ أيضًا: قتلى الطوفان: من هو يوناتان شتاينبرغ قائد لواء ناحال؟

الثاني هو العقيد روي يوسف ليفي، يبلغ 44 عامًا. وهو قائدة وحدة كبرى تُعرف بالوحدة الشبح، أو الوحدة متعددة الأبعاد. انضم روي لصفوف جيش الدفاع عام 1999. وكان من المشاركين في عملية الدرع الواقي. وخدم كقائد لواء في حرب لبنان الثانية. وفي الفترة ما بين 2007 و2008 كان مشاركًا أساسيًا في عملية ضرب فرقة من فرق المقاومة في حي الشجاعية، وأسفرت عن مقتل 6 من رجال المقاومة.

شارك كذلك ضمن عملية الرصاص المصبوب، وقد كان في إجازة لدراسة القانون، لكنه قطعها حين بدأت العملية. لتفانيه، وبعد انتهاءه من الدراسة، تمت ترقيته وتوالت عليه المناصب العسكرية. وكان ضمن القوة الأولى في عملية الجرف الصامد. جُرح في تلك العملية فتقاعد فترة للتأهيل الطبي ثم عاد مرة أخرى للعمل العسكري. واختارته رئاسة أركان جيش الدفاع لإضاءة شعلة جيش الدفاع في يوم الاستقلال السبعين لإسرائيل.

وصفته الصحافة الإسرائيلية بأنه، مع يوناتان، من أعلى الرتب العسكرية التي فقدتها إسرائيل، ليس في طوفان الأقصى فحسب، بل على مدار سنوات طويلة ماضية. ليفي كان من ضمن قتلى الاشتباك في مستوطنة رعيم.

في قاعدة رعيم أيضًا كان قتل ثالث الضباط أهمية في البيانات الإسرائيلية، المقدم سهار مخلوف، قائد كتيبة الاتصالات في الجيش الإسرائيلي 481. اضطرت إسرائيل لإعلان وفاته بسبب قيام المقاومة باستباقها بهذا الإعلان. وأكدت المقاومة أنها قتلته أثناء تواجده في مقر فرقة غزة.

الحدود اللبنانية كان لها نصيب أيضًا من أن تشهد على قتل ضابط إسرائيلي بارز. هو المُقدم عليم عبدالله، نائب قائد اللواء 300 في جيش الدفاع الإسرائيلي. يبلغ عليم 40 عامًا، ينتمي إلى الأقلية الدرزية في إسرائيل، والتي تتركز في شمال عكا. انتقامًا لمقتله ردت إسرائيل بعدد من القذائف على مواقع حزب الله المتاخم للحدود

الضابط الخامس المهم الذي فقدته إسرائيل هو إيلي جنسبيرج 42 عامًا. مقدم في جيش الدفاع، وحائز على أكبر عدد من أوسمة الشجاعة كما تناقلت الصحف الإسرائيلية. كما وصفته إسرائيل أيضًا بأنه كان أحد العقول الرئيسية المدبرة وراء الغارة الشجاعة والفدائية على سفينة المساعدات التركية الإنسانية مرمرة عام 2010، على حد وصف الصحف الإسرائيلية.

الغارة المذكورة أسفرت عن مقتل 10 أفراد من طاقم السفينة، 9 منهم أتراك. بعد تلك الحادثة ارتفعت أسهم إيلي في جيش الدفاع، حتى أصبح من أكبر ضباط وحدة الكوماندوز التابعة للبحرية الإسرائيلية شايطيت 13. وهى قوة بحرية خاصة تتضلع بالمهام المعقدة والخاصة.

كذلك نعت إسرائيل لشعبها مقتل جافير دافيدوف. جافير هو مسئول شرطة رهط في النقب. وقتل خلال تبادل لإطلاق النار مع جنود المقاومة في الساعات الأولى لعملية طوفان الأقصى.

المقدم يوناتان تسور كان من ضمن القتلى كذلك. وهو قائد كتيبة وحدة استطلاع لواء ناحال عوز. يبلغ من العمر 33 عامًا.

الخسارة الكبيرة للجانب الإسرائيلي لم تتوقف عن هذا الحد، بل طالت  الرائد إيدو يسرائيل شاني. يبلغ من العمر 29 عامًا، وفداحة خسارته تأتي من أنه نائب قائد بوحدة الاستطلاع في لواء ناحل. وكان من ضمن الخطوط الثانية المُعدة لتوليتها القيادة خصوصًا فيما يتعلق بالعمليات في غزة.

كذلك خسرت إسرائيل إيدو يوشع. رغم أنه لم يزل في السابعة والعشرين من العمر، إلا أنه كان مدربًا مخضرمًا في القوات الجوية الإسرائيلية.

كما قُتل النقيب أور ران، وهو قائد وحدة المستعربين المعروفة باسم دفدفان. يبلغ من العمر 29 عامًا. قتل في الاشتباكات التي دارت في كفار عزة. الوحدة من أبرز وحدات النخبة الإسرائيلية، ويتم انتقاء أفرادها بدقة بالغة. وأي جندي تعرض لإصابة خفيفة أو خطيرة يعتبر غير مؤهل تلقائيًا للالتحاق بها. ويعملون وسط التجمعات السكنية الفلسطينية، لهذا تختارهم إسرائيل من ذوي الملامح الشرقية نسبيًا.

كما أن تلك الملامح تسهل من عمليات التنكرّ التي يقومون بها حين توكل إليهم مهام استخباراتية أو عسكرية داخل فلسطين. خصوصًا في الضفة الغربية، لقمع أي تمرد أو محاولة للمقاومة. وبالطبع يسهل استنتاج أن عملياتهم تختص باغتيال شخصيات فلسطينية مهمة، مثل محاولة اغتيال محمود أبو الهنود. لكن فشلت العملية فشلًا ذريعًا ونجى أبو الهنود، وقتل عدد من الجنود الإسرائيلين. كما يُنسب إليها عملية اغتيال الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة.

لكن يبدو أن عملية طوفان الأقصى قد أثبتت أن العديد من قوات النخبة الإسرائيلية بحاجة إلى تدريب أكبر على التعامل مع عنصر المفاجأة، وقواعد الاشتباك المباشر على الأرض، بعيدًا عن القنص من بُعد.