هذه أيام نوبل.الخبر الجيد في أكتوبر من كل عام حين يحل ذكرى مولد السيد «ألفريد نوبل» أنه يتعين على اللجنة المنوطة بمنح الجائزة الرفيعة التي تحمل اسمه أن تسمي الفائزين في الفروع الستة، والخبر السيئ أنه لن يكون هناك أدباء في هذا العام،لن يقف أديب ما في ديسمبر المقبل أمام ملك السويد ليتسلم الميدالية التي تحمل صورة جانبية لوجه السيد الفريد نوبل ويلقي خطابا أمام أعضاء الأكاديمية السويدية يعدد فيه مآثر الأدب ويغرق العالم في مهمة البحث عن أعماله لمدة عام آخر.الأمر بدأ بمزاعم تحرش جنسي تخص أحد الأشخاص المرتبطين بالأكاديمية، ثم تطورت الأمور سريعًا وخرجت عن السيطرة لأن النتائج لم يتم التعامل معها بشكل جيد من قبل الأكاديمية السويدية، مع تطور الأزمة، تم التركيز على قضايا أخرى مثل النزاعات بين الأفراد المعنيين والمزيد من القضايا الهيكلية والتنظيمية التي تحتاج إلى التعامل معها، والتي تتعلق على سبيل المثال بقواعد السرية وتضارب المصالح.

بحسب ما أ علنته الأكاديمية السويدية في مايو الماضي على لسان السيد «لاريس هايكينستين» المدير التنفيذي لمؤسسة نوبل، أن الجائزة سيتم تعليقها هذا العام لأن الأكاديمية التي تختار الفائزين منذ عام 1901 تمر بأزمة ثقة هذا العام مما كان له تأثير سلبي على الجائزة، وأن الأعضاء متفهمون تمامًا أن عليهم إجراء بعض التغييرات للحفاظ على سمعة الجائزة الأعرق.

لكن هذه لم تكن المرة الأولى التي يمر بها عام بلا نوبل في الأدب، في هذا التقرير نستعرض أبرز الأعوام التي حجبت فيها الجائزة المرموقة.


كيف يسير الأمر في ستوكهولم

يمتد عمل اللجنة المنوط بها اختيار الأديب الفائز بنوبل للأدب لمدة عام كامل،في سبتمبر يرسلون ما بين 600 وـ700 دعوة لترشيح أشخاص حول العالم بحيث يتلقون الردود في موعد أقصاه نهاية يناير من العام التالي. وبداية من فبراير يقومون بفرز خطابات الترشيح وعرضها على الاكاديمية. في أبريل يقومون بتنقيح المرشحين ليحصلوا على قائمة تضم ما بين 15 و20 مرشحًا. وبحلول مايو وبعد مداولات يتم تقليص المرشحين لقائمة قصيرة تضم خمسة أسماء فقط ثم تقضي اللجنة الصيف كله من يونيو لنهاية أغسطس في قراءة أعمال المرشحين الخمسة، ومناقشة إسهاماتهم طوال سبتمبر ثم إعلان الاسم النهائي الذي لابد وأن يحصل على أكثر من نصف أصوات الاعضاء في بداية أكتوبر ليستلم جائزته في ديسمبر في الحفل السنوي الكبير.منذ عام 1901 وخلال 118 عامًا منحت الأكاديمية السويدية 108 جوائز لـ112 أديبًا (منحت الجائزة مناصفة في أربع مناسبات)، وبذلك تكون الجائزة قد حجبت في تسعة أعوام بخلاف عامنا الحالي لأسباب مختلفة.

1914

في عام 1914 كان لدى اللجنة26 مرشحًا للجائزة الكبرى أبرزهم: الدنماركيان «كارل غيلوروب»،و«هنريك بونتوبيدان» اللذان حصدا الجائزة في عام 1917، ثم الشاعر السويسري «كارل سبيتلر» الذي حصد الجائزة بعدها في عام 1919، والشاعر الأيرلندي «ويليام بيتلر بيتس» الذي حصد الجائزة في عام 1923، والشاعرة الإيطالية «جراسيا ادليدا» الفائزة بنوبل في عام 1926، والفيلسوف الفرنسي «هنري لويس بيرجسون» الذي حصد الجائزة في عام 1927.

تم حجب الجائزة لظروف الحرب العالمية الأولى وأعلنت الأكاديمية أن القيمة المالية تم تخصيصها للصندوق الخاص بفرع الجائزة في الأدب.

1918

في عام 1918 كان لدى اللجنة 19 مرشحًا محتملًا أبرزهم ما تكرر من مرشحين سابقين: «كارل سبيتلر»، و«ويليام بيتلر بيتس»، و«جراسيا ادليدا»، و«هنري لويس بيرجسون». ثم كان هناك الروائي الدنماركي «كنوت همسون» الفائز بنوبل عام 1920، والشاعر السويدي «اريك أكسل كارلفلت» الفائز بنوبل عام 1931، ثم أخيرًا الأديب الروسي الشهير «مكسيم جوركي» والذي رشح للجائزة 5 مرات ولكنه لم يصبها.أعلنت الاكاديمية حجب الجائزة مرة أخرى لظروف سياسية تتعلق بالحرب العالمية الأولى وتوجيه قيمتها المالية للصندوق الخاص بفرع الجائزة في الأدب.

1935

في عام 1935 كان لدى اللجنة 52 مرشحًا محتملًا برز منهم: الكاتب المسرحي الأمريكي «يوجين أونيل» الفائز بنوبل في عام 1936، والروائي الفرنسي «روجيه مارتن دو جارد» الفائز بنوبل في عام 1937، والروائي الفنلندي «فرانس ايميل سيلانبا» الفائز بنوبل في عام 1939، والروائي الدنماركي «يوهانس فلهلم ينسن» الفائز بنوبل في عام 1944.

أعلنت اللجنة أن المرشحين لا تحتوي أعمالهم القيمة المنصوص عليها في الوصية الخاصة بنوبل، وتم حجب الجائزة وتوجيه ثلث قيمتها لصندوق الجائزة الأساسي وثلثي المبلغ لصندوق فرع الجائزة في الأدب.

1940

في عام 1940 كان لدى اللجنة 26 ترشيحًا محتملًا أبرزهم الشاعرة التشيلية «جابرييلا مسترال» الفائزة بنوبل في عام 1945.

تم حجب الجائزة لظروف الحرب العالمية الثانية وتوجيه ثلث قيمتها لصندوق الجائزة الأساسي، وثلثيها للصندوق الخاص بفرع الجائزة في الأدب.

1941

في عام 1941 كان لدى اللجنة 21 ترشيحًا محتملًا تكررت مرة أخرى أسماء «جابرييلا مسترال» مع الروائي الدنماركي «يوهانس فلهلم» ينسن ثم تم حجب الجائزة لنفس ظروف العام السابق مع توزيع قيمتها بنفس الطريقة.

1942

في عام 1942 كان لدى اللجنة 30 ترشيحًا محتملًا،تكررت نفس الأسماء و تم حجب الجائزة لنفس الظروف وتوزيع قيمتها بنفس الطريقة.

1943

في عام 1943 كان لدى اللجنة 21 ترشيحًا محتملًا ثم تكرر كل ما حدث لنفس الظروف بنفس الطريقة للعام الرابع على التوالي.

1958

في هذا العام لم تحجب الجائزة، بلتلقت اللجنة 70 ترشيحًا أبرزهم «جان بول سارتر»، و«روبيرت فورستر»، و«ألبرتو مورافيا»، ثم في النهاية أعلنت اللجنة أن جائزة نوبل في الأدب لعام 1958 تذهب إلى «بوريس ليونيدوفيتش باسترناك» لإنجازه الهام في كل من الشعر الغنائي المعاصر، وفي مجال التقليد الملحمي الروسي العظيم. لكن ما حدث أن السيد باسترناك بعد إعلانه قبول الجائزة عاد و رفضها تحت ضغط من السلطة السياسية في بلاده.

1964

في عام 1964 أيضًا لم تحجب الجائزة، وكان هناك 98 مرشحًا محتملًا. هذه المرة برز «لويس خورخي بورخيس»، و«ألبيرتو مورافيا»، والأديب المصري «طه حسين». في النهاية أعلنت الأكاديمية أن الجائزة تذهب إلى الفرنسي «جان بول سارتر» لعمله الذي كان غنيًا بالأفكار ومليئًا بروح الحرية والبحث عن الحقيقة، وقد مارس تأثيرًا بعيد المدى على عصرنا. رفض سارتر الجائزة لأنه لم يكن يحضر أي تكريمات رسمية.

2018

وهكذا لم يكن حجب الجائزة لهذا العام بالأمر الجديد أو المستحدث على الأكاديمية، ولكنها المرة الأولى التي يتم فيها حجب الجائزة لأسباب أخلاقية بحتة.يقول المدير التنفيذي لمؤسسة نوبل: «الوضع العام هو نفسه تقريبًا منذ أعلنا تعليق الجائزة.تحتاج الأكاديمية السويدية إلى معالجة مشاكلها واتخاذ عدد من الخطوات لاستعادة الثقة. خطوة في الاتجاه الصحيح إذ إنها قامت بتحديث قوانينها الأساسية الخاصة بالتعليقات، وهو ما يمكن أن يشكل أساسًا لعملهم المستمر. نحن في حوار مع الأكاديمية السويدية ومتابعة ما يقومون به. نتوقع أن يتعاملوا مع المشاكل التي ظهرت قبل عام تقريبا. كما أنهم بحاجة إلى انتخاب أعضاء مؤهلين جدد يتمتعون بالنزاهة. من المهم لجائزة نوبل أن تقوم الأكاديمية السويدية بحل مشاكلها بسرعة. إذا تمكنوا من القيام بذلك بطريقة تعيد الثقة، فسيكون بمقدورهم الاستمرار في منح جائزة نوبل في الأدب».