من خلال موقع «إضاءات»، رصدت في العامين الماضيين قائمة بأهم الأفلام مصرية خلال العام. تبدو المهمة شديدة الصعوبة لفعل المثل مع العام الحالي، إذ نتيجة لظروف جائحة الكورونا، لم يعرض تجاريًا إلا 18 فيلمًا فقط، أغلبها ذو ميزانية محدودة وضعيف المستوى الفني أيضًا (دون اعتبار الميزانية سببًا في ضعف المستوى بالتأكيد)، وقد توقفت دور العرض في مصر عن العمل من نهاية مارس وحتى نهاية يوليو.

الظرف العالمي أجبر شركات الإنتاج على عدم استكمال أفلامها في البداية، ثم على تأجيل كثير من الأفلام أكثر من مرة خلال العام قبل الدفع بكثير منها للعام التالي، أو عرض بعضها في بعض دور العرض وعلى المنصات الإلكترونية في الوقت ذاته في محاولة لتحقيق بعض العائدات، خاصة مع الأفلام مرتفعة التكلفة.

لم يختلف الوضع كثيرًا في مصر، إذ لم تُعرض إلا القليل من الأفلام بعد عودة دور العرض للعمل، مع تأجيل الأفلام ذات التكلفة الكبيرة إلى العام التالي، وعرض بعض الأفلام على منصة شاهد مباشرة دون عرضها في دور العرض.

نتيجة لكل ما سبق سنغير معايير القائمة لهذا العام، فلن نكتفي بالأفلام التي عُرضت تجاريًا، بل سنُدخل للقائمة الأفلام المصرية التي عُرضت في مهرجانات دولية كبرى، والأفلام القصيرة أيضًا إذ كانت صاحبة الإنجاز السينمائي المصري الأكبر خلال العام.

وكما هي العادة، القائمة تركز على الأهمية، وليس الجودة الفنية تحديدًا، وإن كانت بعض الأفلام جمعت بين العاملين.

اختيارات إضاءات لأفضل الأفلام مصرية في 2020:

  1. فيلم ستاشر
  2. فيلم حنة ورد
  3. فيلم عاش يا كابتن
  4. فيلم توأم روحي
  5. فيلم صاحب المقام

1. ستاشر – إخراج: سامح علاء

الإنجاز السينمائي الأبرز والأضخم بلا جدال هذا العام. نتيجة ظروف كورونا، ألغى مهرجان كان دورته واكتفى ببعض عروض السوق الإلكترونية، في حين قرر الاحتفاظ بمسابقة الفيلم القصير، ليشارك خلالها فيلم «ستاشر» للمخرج سامح علاء، ويحقق المفاجأة بفوزه بالسعفة الذهبية الوحيدة هذا العام، والوحيدة في تاريخ السينما المصرية (سعفة يوسف شاهين كانت تكريمية وليست عن الفوز في المسابقة).

قد تكون هذه هي الجائزة الأبرز للفيلم بالتأكيد، لكن ينبغي الإشارة أيضًا إلى حصوله على جائزة أفضل فيلم قصير في مهرجان موسكو، ونجمة الجونة لأفضل فيلم عربي قصير من مهرجان الجونة.

الفيلم الذي مدته 15 دقيقة، يمكن وصفه بالعمل المكثف والمحكم، إذ نتابع فيه موقفًا محددًا للبطل الذي يذهب ليرى وجه حبيبته للمرة الأخيرة.

ربما يكون هذا النجاح الذي حققه «ستاشر» سببًا في تسليط المزيد من الضوء على الأفلام القصيرة المصرية التي باتت، مؤخرًا، تحقق نجاحات تتخطى بكثير ما تحققه الأفلام الطويلة، بل وتتفوق عليها أيضًا بشكل واضح على مستوى الجودة الفنية.

2. حنة ورد – إخراج: مراد مصطفى

ربما كانت الضجة قد صاحبت «ستاشر» في الثلث الأخير من العام، لكن حنة ورد كان يسير بخطوات ثابتة حاصدًا الكثير من الجوائز منذ فبراير الماضي عندما عُرض في مهرجان كليرمون فيران، أكبر مهرجان متخصص في الأفلام القصيرة. حتى الآن عُرض الفيلم في قرابة 100 مهرجان حول العالم، وهو رقم كبير جدًا، خاصة مع الأخذ في الاعتبار الظروف الحالية التي أجبرت كثيرًا من المهرجانات على إلغاء دوراتها. لكن الأهم من المشاركة في هذا العدد من المهرجانات هو أنه حقق كثيرًا من الجوائز والتنويهات المهمة، ولم يكتف بمجرد المشاركة، منها تنويه من مهرجان بالم سبرينجز، أحد أهم المهرجانات في أمريكا.

يتابع الفيلم حليمة رسامة الحنة السودانية التي تذهب مع ابنتها الصغيرة ورد إلى أحد بيوت العرائس في منطقة شعبية. ربما كان أكثر ما يميز هذا الفيلم هو التلقائية الشديدة فيه، إذ نشعر أن ما يحدث غير مكتوب من قبل نتيجة انسيابية الحوار وبساطة أداء الممثلين، وهو أمر يحسب للمخرج بالتأكيد خصوصًا وهو يقدم فيلمه الأول. 

3. عاش يا كابتن – إخراج: مي زايد

مفاجأة سارة أخرى نجدها هذا العام من خلال هذا الفيلم التسجيلي الذي ربما لم يسمع به أحد قبل عرضه الأول في مهرجان تورنتو، لكنه تسلل بهدوء ليحصل على آراء إيجابية في تورنتو، قبل أن يحصد جائزة اليمامة الذهبية من مهرجان دوك لايبزج، أحد أبرز مهرجانات الأفلام التسجيلية في أوروبا، ثم عرض للجمهور المصري من خلال مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته 42، ليخرج متوجًا بجائزتي الجمهور والهرم البرونزي لأفضل عمل أول.

الفيلم يرصد عبر عدة سنوات مسيرة لاعبة رفع الأثقال المراهقة أسماء رمضان الشهيرة بزبيبة، كما يتابع أيضًا الكابتن رمضان مدرب رفع الأثقال الشهير بالإسكندرية، والذي يعمل بإمكانيات شبه منعدمة ليُخرج الكثير من البطلات الرياضيات. يلتقط الفيلم هذه العلاقة بين الشخصيتين، ليتجاوز بها مفهوم الفيلم الرياضي التقليدي الذي يقدم مسيرة أو رحلة صعود البطل، ويصبح فيلمًا ذا جانب إنساني رقيق، يضم كثيرًا من اللحظات المؤثرة، ويقترب في حبكته وسرده من الأفلام الروائية.

هذا النجاح لفيلم عاش يا كابتن، يؤكد أن النجاح الأبرز، والمستوى الفني الأفضل في السنوات الأخيرة، نجده في الأفلام التسجيلية أكثر بكثير مما نجده في نظيراتها الروائية.

4. توأم روحي – إخراج: عثمان أبو لبن

الفيلم الوحيد المعروض تجاريًا في قائمتنا. على الرغم من أن السنة بدأت بعروض عدد من الأفلام بشكل منتظم، بعضها ذو ميزانية كبيرة، مثل «لص بغداد»، فإننا لم نجد في أغلب الأفلام التي عرضت تجربة لافتة بشكل خاص، ويعد توأم روحي أحد الاستثناءات القليلة.

الاستثناء هنا يبدأ مع نوع الفيلم، الرومانسي، وهو النوع الذي أصبح من النادر تقديمه في السينما المصرية. لكن بالتأكيد لا يكفي الفيلم أن يكون رومانسيًا ليدخل القائمة. بجانب نوعه، يأتي هذا العمل كتجربة سينمائية متماسكة، خصوصًا على مستوى السيناريو، الذي حاول إيجاد مساحات مختلفة لتقديم قصص الحب التي يضمها.

تجاوزت إيرادات الفيلم 13 مليون جنيه، وبهذا يصبح ثالث أفلام 2020 المصرية تحقيقًا للإيرادات بعد «لص بغداد» و«الغسالة» (فيلم «الفلوس» حقق إيرادات أكبر لكنه معروض في نهاية 2019). هذه الإيرادات ليست كبيرة بالتأكيد لكنها ليست قليلة بالنسبة للأفلام الرومانسية، وبالنسبة أيضًا لبطل الفيلم حسن الرداد الذي لم يتجاوز آخر فيلمين من بطولته حاجز العشرة ملايين. بالطبع يجب أن نأخذ في الاعتبار أن الفيلم عُرض دون منافسة قوية، وفي عدد كبير من دور العرض، ولكن لا يجب أن نبخسه قدره، فأفلام أخرى عرضت في نفس الظروف لم تحقق نفس إيراداته.

5. صاحب المقام – إخراج: محمد جمال العدل

الفيلم الوحيد في القائمة الذي لم ولن يعرض في دور العرض، إذ بدأ عرضه إلكترونيًا من خلال منصة شاهد، وترددت بعض الأخبار أنه سيعرض سينمائيًا بعد عرضه على المنصة، قبل أن ينفي منتج الفيلم أحمد السبكي هذا الأمر، ويؤكد أن الفيلم سيعرض في القنوات التلفزيونية فقط.

سبب وجود الفيلم في هذه القائمة ليس مستواه الفني، على العكس، سنجد عليه كثيرًا من المآخذ فنيًا، ولكن ظروف عرضه وكونه أول فيلم مصري يضم نجومًا وإنتاجًا كبيرين يعرض مباشرة على منصة إلكترونية. ربما يكون الاحتفاء بعرض الأفلام على المنصات بدلًا من دور العرض في ظل الظروف الحالية أمرًا غير مطلوب، إذ إننا نحتاج إلى دعم العرض السينمائي في الوقت الحالي أكثر من أي وقت مضى، ولكن على الجانب الآخر يجب أن نواجه الأمر، فعرض الأفلام على المنصات أصبح أمرًا واقعًا، وبالتالي فمن الجيد أن هناك من تجرأ على أن يكون صاحب الخطوة الأولى.

يضيف إلى أهمية هذا الفيلم كيفية تلقيه من المشاهدين، إذ دارت عليه نقاشات وكتبت عنه الكثير من الآراء خلال الأسبوع الأول من عرضه، وهو تفاعل ربما لم يكن ليحققه إذا كان قد عرض في دور العرض مباشرة.

اقرأ أيضًا: أهم 7 أفلام مصرية في عام 2019