يعد «مهرجان كان السينمائي»، والذي يرجع تأسيسه إلى عام 1946، أحد أهم المهرجانات السينمائية عبر العالم، إن لم يكن بالفعل أهمها وأكثرها بريقًا. كان اختيار الفيلم المصري «يوم الدين» للمشاركة في المسابقة الرسمية لمهرجان كان 2018 حدثًا مفاجئًا ومبهجًا.

مفاجئًا لأنه الفيلم الأول لمخرجه «أبوبكر شوقي»، وهي المرة الأولى في تاريخ المهرجان الطويل الذي يتم فيه اختيار عمل أول لمخرج للمسابقة الرسمية والمنافسة على السعفة الذهبية، ومبهجًا لأنه أعاد السينما المصرية للمشاركة الفعلية في أهم مهرجان سينمائي عبر العالم.

أثناء الإعداد لهذه القائمة، كانت أغلب القوائم التي اطلعت عليها تحمل لبسًا واضحًا، فقد أضيفت لقائمة المشاركات في المهرجان أفلامًا مصرية شاركت في فعاليات خاصة بالمهرجان لكن خارج المسابقة الرسمية مثل «نصف شهر المخرجين»، أو مسابقة «نظرة ما» التي سبق وشارك فيها أفلام مثل «الآخر»، و«إسكندرية نيويورك» ليوسف شاهين، ومؤخرًا فيلم «اشتباك» للمخرج محمد دياب. تقتصر هذه القائمة على الأفلام المصرية التي تم اختيارها للمشاركة في المسابقة الرسمية للمنافسة على سعفة كان الذهبية.

تضم القائمة 16 فيلمًا تبدأ بفيلم «دنيا» للمخرج «محمد كريم» والذي شارك في الدورة الأولى للمهرجان 1946، وآخرها «يوم الدين» للمخرج «أبو بكر شوقي». سيتضح أيضًا من القائمة أن أكثر المخرجين المصريين مشاركة في مهرجان كان هو المخرج «يوسف شاهين» برصيد 5 أفلام، يليه المخرج «صلاح أبو سيف» برصيد 3 أفلام، ثم المخرج «كمال الشيخ» برصيد فيلمين.

سنجد أيضًا أنه تم اختيار فيلمين مصريين داخل المسابقة الرسمية في أعوام 1949، و1952، و1954، وأن العقد الأوفر حظًا في المشاركات هو الخمسينات برصيد 6 أفلام.

في هذا التقرير نستعرض 8 من أهم الأفلام المصرية التي سبق لها المشاركة في المسابقة الرسمية لمهرجان كان.


1. الوحش – صلاح أبوسيف – 1954

الفيلم العاشر في مسيرة «صلاح أبوسيف». كان عرضه الأول عام 1954 وحقق وقتها نجاحًا جماهيريًا كبيرًا. اشترك في كتابة النص السينمائي للفيلم كل من «نجيب محفوظ»، و«السيد بدير» و«صلاح أبو سيف». قصة الفيلم مستوحاة من حادثة حقيقية، ورغم واقعية أبو سيف والتي تقترب في أحيان كثيرة من أسلوب الفيلم التسجيلي، يمكن اعتبار الفيلم حكاية رمزية عن مجتمع ما قبل الثورة. كتب عنه الناقد والمؤرخ الفرنسي«جورج سادول» مثلما كتب عن مخرجه في كتابه «قاموس المخرجين» الصادر عام 1965 كواحد من أفضل المخرجين الواقعيين في العالم، واختار من بين أفلامه كأفضلها: الوحش، وشباب امرأة، وبداية ونهاية.


2. حياة أو موت – كمال الشيخ – 1954

الفيلم الثالث في مسيرة مخرجه «كمال الشيخ» رائد سينما التشويق والإثارة في السينما المصرية. تم اختيار الفيلم كواحد من أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية، عرض للمرة الأولى نهاية عام 1954، عن سيناريو «كمال الشيخ» و«علي الزرقاني»، بينما استقل الأخير بكتابة حوار الفيلم وحده. كان من أوائل الأفلام المصرية الني خرجت بالكاميرا للشارع للتصوير في الأماكن الحقيقية بعيد عن الديكورات والأستوديوهات، الفيلم بعيد عن قيمته الفنية وتمكن كمال الشيخ من صنعته عبر بناء قوي وحبكة متماسكة واهتمام بالتفاصيل، يعتبر وثيقة نادرة عن قاهرة هذا الزمن.


3. شباب امرأة – صلاح أبو سيف – 1956

واحد من أهم كلاسيكيات السينما المصرية. عن قصة للكاتب «أمين يوسف غراب» وسيناريو «نجيب محفوظ»، و«أمين يوسف غراب»، و«صلاح أبوسيف». دراسة نفسية واجتماعية لامرأة في خريف العمر «تحية كاريوكا» في أداء استثنائي، وشاب ريفي ساذج وعاشق قديم «شكري سرحان»، وعجوز متوله في صمت «عبدالوارث عثر». حكاية مثيرة تدور في دهاليز الرغبة والجنس أثارت جدلًا واسعًا عند عرض الفيلم مطلع عام 1956، تمزج كعادة أبوسيف في هذه الفترة بين الواقعية والرمزية.


4. الليلة الأخيرة – كمال الشيخ – 1963

ذروة جديدة في مسيرة «كمال الشيخ» بعد أعمال بقيمة «حياة أو موت»، و«اللص والكلاب». عن قصة «مارجريت لين» بعنوان «السيدة المجهولة». أعد القصة للسينما «يوسف السباعي»، و«صبري عزت».انتقد الكثير من النقاد «كمال الشيخ» في بدايته باعتباره مخرجًا يبحث عن إثارة فارغة. لكن فيلم «الليلة الأخيرة» ومن قبله «اللص والكلاب» كمثالين يثبتان عكس ذلك. هنا امرأة تستيقظ من نومها لتجد نفسها امرأة أخرى، تعيش حياة أخرى وزمنًا آخر. رحلة مثيرة تتخذ بعدًا وجوديًا حيث صراع الإنسان لإثبات ذاته في وجه الجميع. يتضح هنا البعد الفردي في سينما «كمال الشيخ» حيث تبحث امرأة عن هويتها الفردية وسط محيط يرفض هذه الفردية.


5. الحرام – هنري بركات – 1965

عن رواية للأديب الكبير «يوسف ادريس» وسيناريو وحوار «سعد الدين وهبة» يصنع هنري بركات ما وصفه الناقد والمؤرخ الفرنسي «جورج سادول» عقب مشاهدته له في مهرجان كان 1965 بأنه: «قصة رائعة دون مبالغة أو انفعال، نقد اجتماعي دون دعاية»، وبأنه: «أعظم فيلم مصري واقعي». امرأة معذبة بفقرها وأنوثتها،«عزيزة/فاتن حمامة» في أحد أفضل أداءاتها على شاشة السينما، تعاني صامتة في ظل رجل مريض وواقع قاس. هذا الجنين المطروح في الخلاء صرختها الأخيرة. إنجاز بصري هام لمخرجه ومدير تصويره «ضياء المهدي». سجل دقيق ورهيف للحياة المصرية في قرية صغيرة منسية في زمن الفيلم.


6. الأرض – يوسف شاهين – 1970

عن رواية للكاتب «عبد الرحمن الشرقاوي»، وسيناريو وحوار «حسن فؤاد» يصنع «شاهين» تحفته الخالدة وفيلمه الحاضر دومًا في أي قائمة لأفضل الأعمال في السينما المصرية. في زمن الهزيمة يحكي حكاية الأرض التي ضاعت والدم الذي سال. يوسع «شاهين» اللحظة التاريخية التي يصورها في فيلمه لتلقي بظلال كثيفة على لحظة الهزيمة المعاشة. يكتب الناقد الفرنسي «جان لويس بوري» عن تجربة مشاهدة فيلم «الأرض» في كان 1970 في مقال بعنوان «مولد سينما»: «لقد أحسست وأنا أرى هذا الفيلم بنفس الإحساس الذي أصابني حين شاهدت فيلم أندريه تاركوفسكي: «Andrei Rublev». إحساس بالقناعة أنني أمام عمل متكامل فذ. وأنني لست بحاجة إلى هذا التأكيد الذي يهبه الزمن لمثل هذه الأعمال».


7. الوداع يا بونابرت – يوسف شاهين – 1985

الفيلم إنتاج مصري فرنسي مشترك. كتب «شاهين» رفقة «يسري نصر الله» النص السينمائي للفيلم الذي يتناول من وجهة نظر «شاهين» وقائع تاريخية محددة مثل دخول الحملة الفرنسية إلى مصر والمقاومة الشعبية لهذه الحملة محاولًا عبر هذا الحدث الهام في التاريخ المصري الحديث تأمل العلاقة الملتبسه بين الشرق والغرب والتي شغلته طوال مسيرته الاخراجية. أثار الفيلم جدلًا واسعًا عند عرضه بين مؤيد للفيلم يرى فيه رؤية خاصة وذاتية للتاريخ تصف نضال الشعب ضد الحملة والرغبة في الانفتاح على الآخر، وبين البعض الآخر الذي رأى «شاهين» صنع فيلمًا عن حملة الفرنسيين بنقودهم وأنه لم ينظر إليهم بمنظور حقيقي.


8. بعد الموقعة – يسري نصر الله – 2012

بعد غياب 15 عامًا عن المسابقة الرسمية تعود السينما المصرية إلى مهرجان كان بفيلم «بعد الموقعة». فيلم من وحي اللحظة الراهنة، كتبه وأخرجه نصر الله عن فتاة من جيل الثورة تربطها علاقة بأحد المشاركين فيما سمي إعلاميًا بموقعة الجمل. الفيلم ليس من بين أفضل أعمال «يسري نصرالله» وغالب الظن أنه اختيار سياسي محض. فيلم من بلد قامت بها ثورة شغلت العالم كله منذ اندلاع شرارتها. نصر الله نفسه لا يدعي أكثر من ذلك، فعلى حد تعبيره أن همه الأساسي أثناء صناعة الفيلم هو أن تكون السينما شاهدًا على هذه المرحلة الهامة بجميع تفاصيلها.

قائمة كاملة بالأفلام المصرية في مهرجان كان

1. دنيا (1946) – محمد كريم

2. مغامرات عنتر وعبلة (1949) – صلاح أبو سيف

3. البيت الكبير (1949) – أحمد كامل مرسي

4. ابن النيل (1952) – يوسف شاهين

5. ليلة غرام (1952) – أحمد بدرخان

6. الوحش (1954) – صلاح أبو سيف

7. صراع في الوادي (1954) – يوسف شاهين

8. حياة أو موت (1955) – كمال الشيخ

9. شباب امرأة (1956) – صلاح أبوسيف

10. الليلة الأخيرة (1964) – كمال الشيخ

11. الحرام (1965) – هنري بركات

12. الأرض (1970) – يوسف شاهين

13. الوداع يا بونابرت (1985) – يوسف شاهين

14. المصير (1997) – يوسف شاهين

15. بعد الموقعة (2012) – يسري نصر الله

15. يوم الدين (2018) – أبوبكر شوقي