هناك طريقان للتعامل مع قضايا المرأة، الطريق الأول، هو أن تندد وتشجب وتعترض وتنادي بالمساواة، وهناك طريق آخر، هو أن تنتصر للمرأة على أرض الواقع بأن تفعل شيئاً ما.

وبالتبعية، هناك نوعان من النساء، نوع يقرر أن يكرس حياته للمطالبة بحرية المرأة، وعقد المؤتمرات والأحاديث الصحفية والتليفزيونية، وإقامة فعاليات تنادي أن امنحوا المرأة حقوقها، وهناك نوع آخر، يخرج ويقتنص تلك الحقوق دون ضوضاء ودون أن يتفضل أحد بمنح تلك الحقوق لأصحابها.

«عهد كامل» فنانة سعودية من النوع الثاني، قررت أن تنتصر لنفسها دون أن تنتظر أن ينصرها أحد، وعندما انتصرت لم تلق المواعظ والخطب في التنديد بالقهر الذي تتعرض له المرأة في السعودية، فهي تؤمن أن من تريد أن تفعل شيئاً سوف تفعله، وهي مثال واضح جداً على ذلك.


بروفايل

فتاة سعودية من مواليد 87 سافرت للولايات المتحدة الأمريكية في عمر الحادية عشرة لتدرس هناك، درست المحاماة ثم اتبعت شغفها بالفن فحصلت على بكالوريوس فنون الرسوم المتحركة من كلية «بارسونز» للتصميم، وحصلت على دبلوم في الإخراج من «أكاديمية نيويورك للأفلام» عام 2005.

منذ بدايتها في الفن وهي تحصد النجاح فقد حصلت على جائزة أفضل ممثلة في مهرجان «سان فرانسيسكو السينمائي الدولي» عن دورها في فيلم «رزان»، وترشح ثاني أعمالها الإخراجية «حرمة» من إخراجها لجائزة «الدب الذهبي» للأفلام القصيرة في مهرجان «برلين السينمائي»، ونالت جائزة «ألف» الذهبية في مهرجان «بيروت السينمائي الدولي» عن فيلمها «قندرجي».

كانت «عهد» مساعدة شخصية للمخرج العالمي «بيتر بيرن» في فيلمه The kingdom، هذا غير أنها شاركت بطولة فيلم «وجدة» لهيفاء المنصور، وأخرجت أيضاً فيلم «سمكة الرمال» الذي وصل للقائمة النهائية لجائزة «أي دبليو سي للمخرجين» ومهرجان «دبي السينمائي».

ثم الآن تنضم عهد كامل الممثلة السعودية ذات الثلاثين عاماً لفريق عمل المسلسل العالمي «Collateral» الذي سوف يذاع على قنوات بي بي سي، وهو مسلسل قصير يدور حول سائق تاكسي يتورط مع أحد زبائنه وتؤدي فيه دور «فاتيما»، ومن المخطط إطلاقه في 2018.


الانتصار الحقيقي للمرأة

تقول «عهد كامل» إنها تنشغل بالفن الحقيقي الذي يجعل المشاهد يخرج من صالة العرض بشيء ما عالق بروحه وعقله يجعله يفكر، هي لا تريد أن تصدم المجتمع لأجل الصدمة وترى أن هذا ليس ضرورياً وليس فنياً، إنما هي يهمها أن تواجه المجتمع بمشاكله وتتناقش فيها بموضوعية، ربما تستخدم الصدمات في أفلامها عندما تراها ضرورة، ولكنها بالنسبة لعهد ليست غاية في حد ذاتها.

هي لا تهاجم مجتمعها السعودي بل تساعده على تخطي أزماته، وعندما تتحدث عن كونها سعودية ومخرجة في نفس الوقت لا تبدأ في الشكوى من وضع النساء في السعودية بل تتحدث عن التغيير الذي بدأ في الحدوث، وتؤكد على قوة المرأة السعودية التي نجحت في تحمل كل ما تم فرضه عليها من صعاب، وبالتالي هي تستطيع المواجهة والتغيير.

تتحدث «عهد كامل» عن الرمزية في أفلامها وعن المباشرة أيضاً، فهي تستخدم كل أسلحتها الفنية للنهوض بمجتمعها ولكي ينتصر الفن، فتقول عن فيلم «حرمة» مثلاً إن المرأة في السعودية يطلق عليها لفظ «حرمة» وهي في الفيلم تتطرق لكل ما تتطرق له المرأة السعودية في طريقها للحديث عن حرمة الحياة نفسها، فتتحدث عن المسكوت عنه في المجتمع السعودي بدءاً من القضايا البديهية كقيادة المرأة للسيارات انتهاء بمناقشة المشكلات التي تواجهها النساء والمتعلقة بالحياة الجنسية.


الفن دائماً وأبداً

الفن هو العامل الحقيقي الذي بإمكانه أن يحرك الراكد في النفوس وبالتالي في المجتمعات، ولذلك ترى «عهد كامل» أن الفن هو طريقها في التغيير، فتقول إن السينما الخليجية ما زالت تحتاج الكثير من العمل حتى تزدهر.

الفن بإمكانه فعلاً أن يقاوم كل شيء وإذا كان المجتمع السعودي الذي خرجت منه عهد للعالمية مجتمع منغلق فعلاً، فهو لا يختلف كثيراً عن المجتمع الإيراني الذي يضع الكثير من القواعد والشروط والمحرمات للواقع وللفن ومع ذلك يمكنك أن تشاهد أجمل الأفلام وأذكاها وأكثرها حساسية من خلال السينما الإيرانية.

المهم فعلاً أن يجد الفن من يؤمنون به ويؤمنون بضرورة أن ينتصروا له، من يؤمن فعلاً بالفن سوف يمنحه الفن طريقاً للانتصار على كل شيء، والأهم أنه سيمنحه سلاماً يمكنه من شق هذا الطريق، فيكون من الطبيعي أن نرى فنانة سعودية تشارك في مسلسل عالمي كما سنرى «عهد كامل» قريباً.