هو روائي قبل أن يكون مؤلفًا سينمائيًا وأحد صناع السينما الذين تحصد أعمالهم ملايين الجنيهات كإيرادات، أدخل السينما إلى عالم جديد، يراه البعض ما بين العمق والفانتازيا، وما بين الرواية الحديثة والتطور الفني، كل هذا من خلال تعاونه مع المخرج مروان حامد الذي اجتذب جماهيرية كبيرة.

إنه المؤلف والسيناريست أحمد مراد، الذي قدم مؤخرًا فيلمه «كيرة والجن»، الذي تخطت إيراداته خلال موسم عيد الأضحى الماضي، 81 مليون جنيه، بعد أن سبقه بفيلم «الفيل الأزرق» بأجزائه، و«الأصليون»، «تراب الماس»، ومسلسل وحيد وهو «فرتيجو».

أجرينا في «إضاءات» هذا الحوار الخاص مع الكاتب أحمد مراد للحديث عن كل هذا وللتعرف على خطواته القادمة في عالم الأدب والسينما.

نجاح كبير حققه فيلمك الأخير «كيرة والجن».. هل كنت تنتظر هذه الإيرادات والنجاح؟

السينما من أكثر المجالات التي تتغير بها المعايير بشكل مستمر، ولا أحد يمكنه أن يتنبأ بشكل جذري بمزاج الجمهور السينمائي، وخصوصًا بعد انتشار المنصات الإلكترونية التي شاركت في هذا التغيير، فتحولت مشاهدات الجمهور للأعمال الدرامية من 30 إلى 60 حلقة، ثم أصبحت القابلية أكثر حاليًا للمسلسلات ذات الـ6 حلقات، ثم نحب السينما وتزداد مشاهداتها، ثم يأتي فيروس كورونا ويغير رأي الجمهور، ويأتي العزوف عن دور العرض، ومع كل هذا يصعب القول إنه يمكن توقع حجم إيرادات معين، ولكن كان لدينا ثقة في ما نقدم ولكن الأمر في النهاية هو قراءة الجمهور التي تغير رأي صناع العمل في المنتج، ولكن كان لدينا توقع وأمل، ولكن ليس هناك أي ضمانات على الإطلاق.

متى قررت أن تحول رواية «1919»، إلى فيلم سينمائي، هل شجعك «الفيل الأزرق على ذلك»؟

«الفيل الأزرق 2»، وما حققه من إيرادات كان مُشجعًا جيدًا لأن يتم تحويل رواية «1919»، إلى عمل سينمائي وبخاصة أنها تمت كتابتها عام 2014، ومنذ طرحها بالأسواق وأبحث والمخرج مروان حامد عن جهة إنتاج تتبنى كُلفة إنتاج الرجوع بالزمن للوراء لمدة 3 ساعات كاملة، وهذا شيء صعب جدًا، ومع تحقيق الإيرادات في «الفيل الأزرق 2»، التي تخطت 100 مليون جنيه، مما شجعنا على إنتاج «كيرة والجن»، والذي يحتاج إلى أموال ضخمة حتى يحصل الجمهور على منتج جيد، وأن نستطيع منافسة الأعمال في الدول الأخرى، وألا يعود المشاهد بعد أعمال المنصات يشعر أن المنتج المصري ضعيف.

وجد البعض تأثرًا في فيلم «كيرة والجن»، بفيلم «Inglorious Bastards».. ما تعليقك على ذلك؟

شاهدت ذلك العمل بالتأكيد، وأعمالًا أخرى أيضًا، كان من المهم مشاهدتها، حتى أبتعد عن أي تشابهات بين العوالم والتفاصيل، وفي نفس الوقت أشاهد تجارب قديمة، فالسينما قائمة على تراكمات الحياة كما أن وجود ثورة 19 في مصر مختلف عن أي تناول آخر لنفس الفترة في بلد آخر، فمن الطبيعي على أي مبدع أن يشاهد التجارب المختلفة حتى لا يتلامس أثناء كتابته مع تلك الأعمال، ولكن لا أجد أي تشابه مع الفيلم الأجنبي.

مثلث نجاح أصبح يعلمه الجمهور قبل الوسط الفني، أنت وكريم عبد العزيز ومروان حامد.. ما سر الكيمياء بينكم؟

كثيرًا ما نشاهد ثنائيات وثلاثيات تجعل الإنسان يعمل بشكل مختلف، وكانت البداية مع مروان حامد منذ 12 عامًا، ثم انضم إلينا كريم عبد العزيز، لنقدم 3 أعمال– الحمد لله- حققت النجاح، وحين يجد الإنسان هذه الكيمياء التي لا تتوقف على الصداقة فقط، بل هناك اتفاق في العمل تتضمن المرونة والدراسة من دون الاستناد لأهواء شخصية ودراسة لشكل السينما العالمية والإيقاع والأدوات المستخدمة، وهناك طريقة للعمل لا نختلف عليها وبالتالي يخرج العمل كما يراه الجمهور.

هل تتدخل في اختيار الفنانين للأعمال السينمائية التي تقدمها؟

أثناء الكتابة تظهر ملامح معينة، وهو يكون مشاركة بيني وبين مروان حامد وجهة الإنتاج، ونرى ما هو الأنسب، سواء في الأدوار التي تعطي نجومية وتعطي مساعدة للفيلم، وما سيساعدنا للخروج بالفيلم في أفضل صورة، وهذا يوضع في الحسبان مع الشكل التجاري، وهل الفنان المُختار متاح أم لا، ونفكر في كافة هذه الأمور معًا حتى نصل إلى الاختيارات المناسبة.

ما رد فعلك إذا طُلب منك تغييرات في السيناريو أو الحوار ؟

أحمد مراد الذي يقوم بكتابة الروايات يختلف عما يقدمه من أعمال سينمائية، ففي الرواية الأمر فردي أما عند تحويلها إلى سيناريو، فالأمر يختلف ويخضع لوجود آخرين، فهناك مبدعون كل منهم في مجاله، ولا بد من احترام فريق العمل الذي يساعد على خروجه بشكل جيد، ولكن تظل مسئوليتي الأساسية هي فلسفة السيناريو وتوجه الأبطال، فأنا المسئول عن وحدة المشاعر والمعاني طوال الوقت، وفي النهاية أستمع إلى آراء من معي لكي يخرج العمل بصورة جيدة.

هوجمت منذ فترة لمقارنتك مع العالمي الراحل نجيب محفوظ.. ما تعليقك على ذلك، وما الفارق بين جيلك وجيل نجيب محفوظ؟

الراحل نجيب محفوظ أكن له كل تقدير واحترام وهو مثلي الأعلى في الكتابة، ولقد تعرضت للهجوم بسبب مقارنتي به، وتعرضت للهجوم بسبب تحريف بعض الكلام الخاص بي عنه وإنني أهاجمه.

والفارق بين الجيلين هو أن الجيل الحالي لا بد أن يواكب الأحداث والتطور الحديث الذي يحدث في الحياة وأفكار العالم التي تتغير سريعًا حولنا.

قدمت أعمالًا سينمائية مستقلة وحولت روايات إلى أعمال سينمائية.. من بينهم ترى أنه حقق النجاح الذي طمحت إليه ومن خيب آمالك؟

في كل فيلم أطمح دائمًا في زيادة رقعة المشاهدين وزيادة حجم الإيرادات والنجاح، إضافة إلى صمود الفيلم أمام الزمن، ليتحول إلى أحد كلاسيكيات السينما فهناك دائمًا طمع أتمنى أن يظل موجودًا، حتى نشعر برغبة في التغيير وتحقيق المزيد

وكل عمل قدمته حقق نجاحًا حتى وإن كان تعلم شيء جديد لي، وبالتالي لا يوجد شيء في تقديري الشخصي يفشل، بغض النظر عن إيرادات، فأنا أحسب الأمور بمدى ما تعلمته وما وصلت له مع ذاتي ومع المشاهدين، وما أقدمه فيجعل الجمهور والقارئ سعداء، فأنا سعيد بكل تجاربي، حتى ما كان به أخطاء ومشاكل جعلتني أتعلم وأحسن مما أقدمه من منتج.

هل كنت صاحب تجديد في مجال القراءة والثقافة في مصر، و كيف ترى الوسط الثقافي المصري والعربي حاليًا، وكيف تسير الاتجاهات؟

لا أملك القول إنني أعتبر نفسي من المجديين في أي من المجالين، فأنا أكتب وأؤدي دوري والحكم في النهاية للتاريخ والزمن، وأنا لا أبحث عن التجديد ولكن الأهم أن نقدم مُنتجًا جيدًا بكل شغف وحب.

الوسط الثقافي العربي، مصر هي من أكثر الشعوب التي تقرأ، ولكن هناك منافسة قوية بين القراءة والوسائل الأخرى، وهو أمر يستوجب ضخ منتج جيد، فالعيب دائمًا يبدأ من الكاتب وليس القارئ، لأن الأخير إذا رأى كتابًا جيدًا يقرؤه ويسوق له، أما إذا كان المنتج غير جيد فلا يمكن أن نُعيب على الجمهور لأنه لا يقرأ، كما أن المعايير أصبحت صعبة وتحتاج إلى شيء قوي لانتزاع الجمهور من المنصات والسوشيال ميديا، فأعتقد أن الأمر تنافسي بشكل كبير لكي نسعى ككُتّاب لمواكبة الشباب وأن نكتب بشكل جيد، وألا نترفع عن الأفكار الجديدة.

كيف ترى الرقابة الجماهيرية على الأفلام والتي تعرضت بسببها بعض الفنانات للهجوم الشديد خلال الفترة الأخيرة، وهل تدعم مصطلح السينما النظيفة؟

فكرة أن الجمهور وتقييمه للعمل الفني شيء، وأن يحاكم الفن أمر آخر، فالفن لا بد أن يكون مغايرًا ويقتحم أفكارنا ويعطينا جرعة من الأفكار قد تكون في البداية غريبة، وهي لا بد أن تكون ذلك، فإذا كنت أقدم فيلمًا يتناول ما نعرفه في الحياة فهو ليس فيلمًا، فلا بد للخيال أن يعمل، وأن يكون هناك سماحة مع الفن أن يُقدم لنا ما هو جديد، فالفن ليس موجودًا ليكون إرشادًا صحيًا وأخلاقيًا، فلماذا لا نفعل ذلك مع باقي الفنون، وبالتالي لا بد أن يعمل الفن بطريقة حرة، لأنه غيرّ في النفس لبشرية بشكل أو بآخر، وإلا سنتحول إلى أشخاص تُطفئ القوة الناعمة وما حققته خلال سنوات ماضية.

أنا لا أدعم مصطلح السينما النظيفة لأنه في النهاية كل السينما التي خرجت للنور، هي نتاج بشري يُحترم، فأي شخص جلس لمدة عام حتى يقدم لنا منتجًا جيدًا فأنا أحترمه جدًا، وأن كلمة «نظيفة»، لا يمكن أن تقيم أي شخص، ففي النهاية السينما من أنقى إفرازات البشرية، وحين يتم هذا التصنيف فإذًا هناك سينما قذرة، وهناك فنانون يحملون ذات الاتجاهين، فأنا لا أرى هذا التصنيف إلا أنه تراجع بالزمن للخلف.

يمكن أن يقدم أحمد مراد فيلمًا به قُبلات ومشاهد حميمة؟

أفلامي بها قبلات، والفيلم إذا كان يتناول ما يحتاج إلى أن يكون به مشهد حميم، سيحدث ذلك، ولكن الأهم كيف سيتم تنفيذ هذا المشهد، فالهروب من المشاهد الحميمية في السينما والأدب عبث، ففي الخفاء والعلن نتناول ذلك يوميًا فنأتي عند السينما ونخفي ذلك.

وأنا طبقًا للعمل أتحرك، لو العلاقة الحميمية التي لا يتخلى عنها أي شخص والقبلات التي كُتب بها أشعار تجعل الفن عندما يتناولها يتناوله بشكل لطيف، الأهم كما سبق وصرحت كيف سيتم تنفيذ ذلك، وليس فكرة أن يكون ممنوعًا أو مرغوبًا.

متى سيرى «الفيل الأزرق 3» النور، وألا تخشى من كثرة عدد أجزاء العمل الواحد؟

لم نقرر بعد أنا ومروان حامد متى سيتم البدء العمل عليه، وسيتقرر ذلك بعد العودة من إجازة فيلم «كيرة والجن»؛ ولا أخشى أن أقدم أجزاء من «الفيل الأزرق»، أو أي عمل آخر، لأنه في النهاية تحد كبير، وممتع، والسينما العالمية قدمت أعمالًا وصلت إلى 7 و8 أجزاء.

متى سنرى أحمد مراد يكتب دراما؟

سأكتب دراما حين أشعر أنني سعيد بفكرة مسلسل قصير أحقق من خلاله الفكرة التي أريدها، فأنا أحب الدراما جدًا ومتابع جيد لها وسيأتي وقتها.

وماذا يمكن أن تنصح شباب الكُتاب به؟

عليهم أن يفهوا أن الكتابة فعل صعب وليس سهلًا، ولو كان سهلًا لكان كل من كتب شيئًا نُفذ، فهناك فكرة يُدفع بها ملايين لكي يتم تنفيذها، فعلى الكاتب أن يتقن عمله في ما يكتب ويذاكر جيدًا فالكتابة تحتاج إلى مذاكرة، لكي يستطيع إخراج فكرة جيدة.

تتعرض للانتقادات عادة على مواقع التواصل الاجتماعي ولكن لا ترد.. لماذا؟ كمثال الندوة التي جلس بها الجمهور على السلم وما شابه ذلك؟

أرى أن وسائل التواصل الاجتماعي أعطت حكمًا من دون أن تعرف تفاصيل، فحين يقوم شخص بالتعبير عن رأيه في منشور أو يضع صورة ويتعرض للهجوم والسباب ويأتي شخص آخر ليرد عليه. أرى أن هذه المعارك لا طائل منها، فالوقت الذي يحدث به هذا أجلس لأكتب، فأنا لا أملك رفاهية الوقت التي أدخل بها في معارك وهمية، وأن من يتنقد ويحكم على شخص من دون التعرف على كافة تفاصيل الأمر فهو ظالم.