استطاع الفيلم الفلسطيني «200 متر»، أن يحصد العديد من الجوائز خلال الفترة الماضية، فكان من نصيبه 4 جوائز من مهرجان الجونة السينمائي الدولي في دورته الأخيرة، وهما جائزة لجنة تحكيم «فيبريسي» لأفضل فيلم عربي، والجائزة التي يمنحها جمهور المهرجان لفيلم يُعنى بالقضايا الإنسانية، وجائزة نجمة الجونة لأفضل ممثل التي ذهبت إلى الممثل الفلسطيني «علي سليمان».

كما منحت مجلة «فارايتى – variety»، الأمريكية الشهيرة المنتجة مي عودة جائزة أفضل موهبة عربية للعام بمهرجان الجونة عن فيلمها «200 متر»، وهي الجائزة التي تمنح لأول مرة لأمراة وأيضًا لمنتجة، كما حصل مخرج العمل أمين نايفة، جائزة مؤسسة مينا مسعود الخيرية «EDA»، وهى الجائزة السنوية التي أطلقها الفنان المصري العالمي باسمه بمهرجان الجونة السينمائي، وننطلق من هنا حول المخرج الفلسطيني أمين نايفة صاحب الـ33 عامًا، الذي استطاع من خلاله عمله السينمائي الثالث أن يكون أشهر مخرج فلسطيني في الآونة الأخيرة وحصد العديد من الجوائز، وهو صاحب الأعمال الـ3 فقط، وهما «200 متر» و«زمن معلق»، «العبور»، تأليفًا وإخراجًا.

ومع بداية عرض فيلم «200 متر»، في مصر بشكل تجاري منذ عدة أسابيع، ومع اختيار «إضاءات» للفيلم على رأس قائمة أفضل الأفلام العربية في عام 2020، أجرينا هذا الحوار الخاص مع المخرج أمين نايفة للتعرف على تفاصيل الفيلم، الذي روى من خلاله معاناة زوج فلسطيني يحاول العبور  إلى زوجته وأبنائه، حيث يفصل بينهما 200 متر والجدار العازل، في كشف لما يدور من معاناة يعيشها الفلسطينيون يوميًا، ولمعرفة أيضًا أعماله القادمة.

متى بدأت فكرة هذا الفيلم؟

بدأت فكرة الفيلم عام 2010، وأنا ما زالت في صف صناعة السينما، حين طلبت منا المعلمة أن نقوم بتحضير أفكار جدية لأفلام سينمائية، لأنه من الممكن أن تستكمل معنا تلك الأفكار لكي  يتم تنفيذها، فكان «200 متر»، إحدى هذه الأفكار.

ما الوقت الذي استغرقته في التنفيذ؟

قمت بكتابة المسودة الأولى للفيلم عام 2013، وظهر الفيلم للنور في عام 2020.

ما أكثر ردود الأفعال الجيدة والسيئة على حد سواء التي وصلت إليك عن الفيلم؟

ردود الأفعال في الإجمال كانت جيدة جدًا، فأنا حضرت مشاهدة الفيلم  مع الجمهور بفينيسيا والجونة والقاهرة، وفي قرطاج، وكان هناك حالة من التأثر لدى الجمهور والمشاعر كانت قوية تجاه العمل، وبالتالي فرسالة العمل وصلت إلى الجمهور، ولم تصل إلي في واقع الأمر ردود فعل سلبية، بالتأكيد هناك بعض التعليقات والتساؤلات على بعض المواقف، ولكن إجمالًا لم يصل لي أي رد فعل سلبي، فالفيلم الحمد لله حصد 12 جائزة عالمية منهم 5 جوائز من الجمهور، وهذا كافي. 

ما المشكلات التي تعرضتم لها أثناء تنفيذ هذا العمل؟

أكبر مشكلة واجهتنا هي البحث عن التمويل، وهي لا تخص فلسطين فقط، ولكنها أصبحت تصيب العالم العربي ككل، فالأمر أصبح أكثر صعوبة وتنافسية للحصول على التمويل.

ومن المشكلات الأخرى التي واجهتني هي أن «200 متر»، لم يكن المرة الأولى التي يتم بها مناقشة أمر الجدار العازل، سواء في أفلام روائية أو وثائقية، فكان إقناع الإنتاج بأن يتم استثمار الأموال في أمر تمت مناقشته من قبل، وأن يسثتمروا فيّ أنا أيضًا كمخرج لأول مرة في فيلم روائي طويل، ولكننا استطعنا أن نثبت من خلال الطرح أننا قدمنا شيئًا مختلفًا، وذا قصة إنسانية مختلفة قريبة من الجمهور.

هل تعرضتم لمضايقات من قوات الاحتلال؟

وجود الاحتلال نفسه هو أكبر مضايقة، فنحن قمنا بالتصوير في ظروف وفي مناطق قوات الاحتلال متواجدة بها، وكانت  من ضمن المواقف التي مررنا بها، تعرضنا لأن نكون في وضع خطير ولكنه مر بسلام في النهاية.

ولكن بالإجمال كنا طوال الوقت حريصين أن نكون بعيدين عن نقاط الاحتكاك، على الرغم من التصوير في مناطق قريبة منهم ولكن حاولنا محاذتهم، للحفاظ على فريق العمل، لكن طوال الوقت كنا في حالة ضيق من وجودهم بالأساس.

ألم تخشوا من الكشف عن طريقة التهريب في تفاصيل الفيلم؟

أتخيل أن التهريب بشكل عام معروف لقوات الاحتلال، والطرق التي تم تناولها بـ«200 متر»، أتوقع أنها معروفة، لأن هناك العديد من المواطنين تم القبض عليهم في اتباعهم هذه الطريقة، وبالتالي نحن لم نقم بكشف شيء غير معلوم.

ما الذي قد يجعل السينما الفلسطينية في تطور أكثر؟

إذا كان هناك عجلة إنتاج قوية وحقيقية وأقوى وأكثر مما هي متواجدة بالوضع الحالي، هذا سيساعد على إعطاء فرص جديدة لأشخاص مثلي، قد يكون لديهم أفكار جديد ومغايرة لما تم طرحه من قبل.

ما رأيك في تطبيع بعض الفنانين العرب؟

التطبيع بشكل عام شيء محزن ومؤسف، وليس لدي تعليق أكثر من ذلك، ولا أود التعبير بكلمات مؤذية أكثر، ولكن أتمنى من الفنانين الذين قاموا بالتطبيع أو يرغبون في ذلك مشاهدة فيلم «200 متر»، حتى يعلموا بقصة من القصص، التي يعيشها الشعب الفلسطيني في إحدى مناطقه وليست جميعها، في ظل 70 عامًا من الاحتلال، تحت إمرة دولة تدّعي الديمقراطية، وتدّعي أنها من حماة حقوق الإنسان وأبسط هذه الحقوق ليست متوفرة لديها. 

ما الفيلم العربي والعالمي الذي تعلمت منه؟

كثير من الأعمال التي تعلمت منها، ولكن أكثرها تأثيرًا هي مالها علاقة بالواقع وتقدم قصصًا حقيقية، مثل أفلام كين لوش و الأخوين دردان، هذا هو العالم الذي أفضله في المشاهدة، المليء بالتفاصيل.

ما أعمالك المقبلة؟

لدي أفكار كثيرة أود تنفيذها خلال هذه الفترة، ولكن التي أحاول أن أطور بها حاليًا هي فكرة عن شخص يأتي من عائلة مفككة باحثًا عن الانتماء ودفء العائلة، ويجد هذا الدفء عند زوجين كبار بالسن، ويقوما باحتضانه، وهو يحتاج إلى وقت وتحضير ولكن اهتمامي الأكبر بالقصص الإنسانية، لذلك أميل إلى اختيار موضوعات متعلقة بهذا الأمر.

ما رأيك في عرض الفيلم تجاريًا في مصر؟ وما رأيك في السينما التجارية المصرية؟ 

سعيد جدًا بعرض الفيلم في سينما زاوية، وحينما شاهدت شباك التذاكر والجمهور يأتي لكي يشاهد العمل، فرحتي كانت لا توصف، وخاصة أن هذا العرض يتم في مصر بلد السينما، وتحدثت للجمهور في أول عرض للفيلم، أن هذا اليوم لا يمكن أن أنساه بحياتي، كما أنه أول عرض سينمائي لفيلم خاص بي، إضافة إلى أن الجمهور المصري مهم جدًا بالنسبة لي.

أما الأفلام التجارية المصرية، فقد ابتعدت عن مشاهدتها لفترة ثم عدت لمشاهدتها قريبًا، ولكني مع كل الاحترام، لست من هواة الأفلام التجارية المصرية، فالأفلام التي تهمني هي القريبة من الناس وبها حقيقة أكبر، والمكتوبة للتجربة الإنسانية بشكل أكبر.

ما شعورك بأن فيلمك يمثل الأردن في تصفيات أوسكار أفضل فيلم أجنبي؟ 

أن يمثل فيلم لك بالأوسكار، وخصوصًا أن يكون عملك الأول، فحتمًا ستكون في حالة من السعادة الغامرة، ولم أصدق حين تلقيت الخبر.

أما عن أنه يمثل الأردن، فأنا فخور أني عشت طفولتي بالأردن ودرست السينما هناك ومعي الجنسية الأردنية،وأن تختار الأردن الفيلم ليمثلها في الأوسكار فهذا شرف كبير لي ويشعرني بالفخر بكل تأكيد.

ماذا كان رد فعلك ورد فعل عائلتك على تكريم الفيلم بعدة جوائز من مهرجان الجونة؟ 

كانت فرحة رائعة، وهم كانوا يشاهدون البث المباشر للحفل، والكل كان فخورًا بما وصلت له، وخصوصًا أنهم شاهدون على كل الأبواب التي طرقتها والمعاناة التي عانيتها خلال السنوات الماضية، وبالتالي تأثروا بشدة.

لماذا ظهر محمد صلاح لاعب الكرة المصري في الفيلم؟

محمد صلاح ظاهرة عالمية وأنا أحبه بشده، وجزء كرة القدم كان موجودًا في السيناريو من 2013 ومع تطوير الشخصيات طورت الحوار لأقوم بتعديله لشخصية محمد صلاح، فهو ملهم لكل الشباب العرب، وبالتالي قمت بوضعه كمرجع لشخصية رامي في الفيلم التي تبعث عن الحلم والاستمرار.

هل تعتقد أن الجدار الفاصل الذي أقامته قوات الاحتلال من الممكن أن يسقط يومًا ما؟  

هذا هو الأمل، وأنا متأكد أنه سيسقط في حياتنا فهو لم يُكمل 50 عامًا، لأنه قائم على ظلم والظلم لن يُعمر مهما طال الوقت.

كيف حدث التعاون مع فنان عالمي بحجم علي سليمان، خصوصًا أن هذا هو فيلمك الروائي الطويل الأول ؟

حين كتبت النص السينمائي الأول كنت أرى أن علي سليمان هو بطل القصة، وحين تحدثت إليه أبدى اهتمامه، وكنت خائفًا لأنها تجربتي الأولى وهو تعامل مع عالميين، ولكنه كان متواضعًا، وكان هناك قبول منه، وبالطبع كام هو الخيار الأمثل لفيلم «200 متر».

ما رسالتك للجمهور الفلسطيني والعربي، وما رسالتك للجمهور العالمي الذي سيشاهد الفيلم؟ 

رسالتي لكل العالم هي أنني أتمنى أن يكون الفيلم نافذة على فلسطين، لكي يروها في وضع حقيقي، لم أقم بتأليفه ونسجه من خيالي بل إنها مواقع حقيقية، وأحداث تقع في أرض الواقع، فإذا أرادوا أن يتخذوا موقف تجاه القضية ليكن عن وعي وليس عن جهل.