في اللحظة التي يُذكر فيها اسم عمرو سمير عاطف، يتذكر الكثيرون من مواليد جيل التسعينيات شريطًا طويلاً من الأعمال المميزة التي صاحبت فترة طفولتهم، واستمرت معها لسنوات طوال، كسلسلة بكار، الفتى النوبي الذي مثل علامة مميزة لرمضان خلال التسعينيات وأول الألفية الثالثة.

وبالانتقال الزمني مع الجمهور نفسه، صار بإمكاننا أن نرى المؤلف نفسه، يقدم أعمالاً درامية حية، تحمل في طابعها أفكارًا مختلفة، حاولت في كل مرة أن تغرد خارج الصندوق وأن تطرح نموذجًا مغايرًا للنمط السائد في الدراما المصرية.

وها هي ذروة التباين تصل إلى نقطتها الهامة هذا العام، عبر مسلسل «النهاية» والذي وبمجرد خروج إعلانه الترويجي الأول قبل رمضان بقليل، لفت أنظار الكثيرين، وصار الجمهور يتحدث عن عمل من فئة جديدة يظهر للمرة الأولى في الدراما المصرية، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فبضع حلقات من العرض، أحدثت حالات متفاوتة من الجدل، وصلت إلى جهات خارج مصر، وفي ذلك الحوار الشيق، حاولنا أن نعرف أكثر من مؤلف «النهاية» كيف حدث كل هذا وكيف رأى تلك التطورات الهامة، كما لو نفوت أيضًا أن نسأل عن بعض التفاصيل التي أثارت الجدل في أحداث المسلسل.

كيف تعاملت مع فكرة مسلسل النهاية حينما طرحه عليك الفنان يوسف الشريف؟ وهل ترددت في كتابته لصعوبات القصة واختلافها عن نوعية الدراما العربية المعتادة؟

مسلسل النهاية من الأعمال التي لم أتردد أبدًا في قبول العمل عليها بمجرد أن اقترحها علي يوسف الشريف، فأنا اعتدت دائمًا كتابة الأفكار الخاصة بي، ومن ثم بعد أن التقيت يوسف بعد مسلسل رقم مجهول، صار يشاركني بأفكاره التي يمكن أن نعمل عليها، فإما يشاركني في صياغة الفكرة أو تكون الفكرة فكرته بالكامل، وكانت فكرة مسلسل النهاية من الأفكار التي قبلتها دون تردد، مع علمي بصعوبتها، لأنني رأيت فيها الكثير من الاحتمالات الجيدة.

حالة واسعة من الجدل أثيرت منذ بداية عرض المسلسل، وصلت إلى نظريات تشكيك حول طرح المسلسل لفكرة زوال إسرائيل وامتلاك العرب زمام السيطرة على العالم، هل توقعت أن يصل الأمر إلى هذه النقطة؟

لم أتوقع ذلك على الإطلاق، الحقيقة أن الأمر كان مدهشًا بالنسبة لنا جميعًا. 

نجوم مثل سهر الصايغ وعمرو عبد الجليل سطع نجمهم بشدة بعد الحلقات الأولى من عرض المسلسل، هل تعتقد أن يكون المسلسل نقطة تحول هامة في مسارهم؟

لا أستطيع التيقن من ذلك، لكنني أتمنى أن يشكل المسلسل فارقًا مع جميع الممثلين المشاركين في العمل، وأتمنى أن يكون إضافة هامة في مسارهم جميعًا.

من رائعة المغامرون الخمسة في الماضي، إلى دراما النهاية في الحاضر.. كيف ترى تقبل المشاهد العربي بشكل عام لقصص التكنولوجيا والمستقبل الغامض وأفكار نهاية العالم؟

لا أدري إن كنا نستطيع أن نصنف المغامرون الخمسة ضمن أعمال التكنولوجيا والمستقبل الغامض، إلا إن كنت تتحدث عن ملف المستقبل، إلا أنني أرى أن المشاهد العربي بالطبع مثل أي مشاهد في العالم، بالطبع هناك خصوصية يتسم بها المشاهد العربي، ومن الصعب شرحها، فلن يتسع المقام لذلك، لكن النقاط المشتركة بين المشاهد العربي والمشاهد العالمي كثيرة للغاية، على سبيل المثال فالمشاهد العربي يُقبل على مشاهدة أي عمل جيد دون أي مشكلة في ذلك، فلم نسمع من قبل عن عمل جيد من حيث الكتابة والصناعة والتنفيذ، ولم يلقَ قبولاً لدى المشاهد العربي، فالعمل الجيد يجذب المشاهد دائمًا، بجانب العديد من العوامل الأخرى، لكن المقام لا يتسع لذكرها.

هل يمكن أن نرى دراما عمرو سمير عاطف عبر منصات العروض الدرامية كإنتاج أصلي لها بعيدًا عن التلفزيون قريبًا؟ مثل نيتفلكس مثلاً؟

أتمنى ذلك إن شاء الله وأحاول السعي في ذلك، كما أن هناك فكرة لدي حاليًا لكني متردد بين طرحها على شركة إنتاج عربي، أو طرحها على إحدى منصات العروض مثل نيتفلكس، لكنني أرى أنها خطوة مهمة يتوجب علي المضي نحوها قريبًا.

هل يمكن أن ننظر إلى مسلسل النهاية باعتباره نتيجة تراكمية لسنوات من دراما الخيال العلمي بشكل عام؟

أكيد.. وأتمنى ذلك، فالتراكم هو وسيلة الإنسان للتقدم وبناء شيء جديد، عبر معرفة كل ما مضى والبناء عليه، فأتمنى أن يكون مسلسل النهاية نتيجة تراكمية لذلك النوع من الدراما.

هل يمكن أن يصبح العمل أصليًا ١٠٠٪ رغم انتمائه لنوع فني ظهر في السينما والدراما العالمية من قبل؟ وهناك أفلام خيال علمي كلاسيكية تأثر بها الجميع، على الأقل بصريًا، وربما بشكل غير واعٍ، فلا زلنا حتى اليوم نتخيل شكل مركبة الفضاء بشكل ما، وشكل الأزياء في المستقبل، وأجواء الديستوبيا عمومًا. 

-بالطبع، فالأمر يعتمد على الطرح المقدم، وطالما أن العمل اشتمل على كل العوامل التي ذكرتها، وقدم طرحًا جديدًا مختلفًا فهو عمل أصلي بالطبع.

كيف يمكن أن تصف ثنائية عمرو سمير عاطف ويوسف الشريف؟ وإلى أين يمكن أن تغير تلك الثنائية في مسار الدراما المصرية؟

الحمد لله أنا أرى حتى الآن أن هذه الثنائية أثمرت مجموعة من الأعمال الناجحة، وأتمنى أن تحافظ على نجاحها طالما أنها مستمرة، وبالطبع أتمنى أن تغير تلك الثنائية في مسار الدراما المصرية، والأمر في النهاية متروك للراصدين والنقاد والمهتمين.

هل خرج مسلسل النهاية كما تخيلته وأنت تكتبه أم شعرت باختلاف، باعتبارها تجربة جديدة من نوعها؟

مستوى التنفيذ كان مذهلاً للغاية، وتفاجأنا جميعًا به، والمخرج ياسر سامي قام بعمل عظيم أود شكره عليه، لذا فالعمل قريب جدًا جدًا مما تخيلت.

المتابع لعصر التكنولوجيا حاليًا يرى سيطرة الشركات التقنية على كثير من أمور الحياة، بما فيها معرفة كل شيء عن المستخدمين، هل تظن أن مستقبل التكنولوجيا سيكون مخيفًا كما قدمته؟

أتمنى ألا يكون مخيفًا بهذا الشكل، لكن في النهاية المستقبل في علم الغيب.

 دراما «النهاية» هي الوحيدة تقريبًا التي تعاملت مع فكرة إسرائيل من منظور الزوال وليس مجرد العداء الذي قدمته الكثير من المسلسلات، هل توقعت أن يكون نتاج ذلك انفجار الوضع لدرجة وصوله إلى البيانات الرسمية من الحكومة الإسرائيلية؟

لم أتوقع مطلقًا ردة الفعل تلك، وأرى أن رد الفعل الإسرائيلي مبالغ فيه.

هل يمكن أن نعتبر مسلسل النهاية مقدمة لدراما الخيال العلمي في مصر، خاصة وأن الدراما العربية بشكل عام تفتقر لتلك النوعية من الدراما، على الرغم من تواجدها منذ سنوات طويلة في هوليوود وغيرها؟

أتمنى إن شاء الله أن يكون مسلسل النهاية مفتاحًا للمزيد من هذه الأعمال، وأن تتفوق تلك الأعمال على مسلسل النهاية، وأتمنى ممن وجد أي نقص أو تقصير في المسلسل، أن يفاجئنا بعمل أفضل وأحسن وأن ننبهر به جميعًا.

هناك من يصف الدراما التي تقدمها بالدراما النظيفة، على نفس نسق “السينما النظيفة”، ما رأيك في هذا؟ وهل هناك حدود أخلاقية أو فكرية تؤثر فيما تكتبه؟

أحب أن أترك إجابة ذلك السؤال لمن يرصد ويتابع الأعمال التي أقدمها، لكنني وبشكل شخصي لا أحب أن أخضع للتقييم من هذه الزاوية، أو لنقل لا أحب أن تُقيم الأعمال بعيدًا عن شخصي حتى من زاوية أخلاقية، فأنا أفضل الحديث عنها من الناحية الفنية، فهذا أفضل بكثير، لذلك أحب التأكيد على أن إجابة هذا السؤال متروكة بالكامل للمتابعين والنقاد والمشاهدين.

هل سيفكر عمرو سمير عاطف في تكرار تجربة «النهاية» مرة أخرى، ولو بنسق مختلف؟

ليست لدي فكرة الحقيقة، فلا شيء معين في رأسي يسير في ذلك الاتجاه في الوقت الحالي، لكن من يعلم؟ ربما يمكننا في وقت من الأوقات أن نكرر التجربة.

أين القاهرة في عالم مسلسل النهاية؟ ولماذا يتحدث الجميع تقريبًا باللهجة المصرية حتى أهل القدس؟

-اختيار اللهجة المصرية كان لأجل تسهيل الأمر على الجمهور المصري، فالعمل موجه بالأساس لهم، فكان من الطبيعي أن نستخدم اللهجة المصرية حتى تصل لهم بوضوح، فنحن يمكن أن نشاهد فيلمًا تجري أحداثه في روسيا، لكنه باللغة الإنجليزية، وذلك لأنه يستهدف شريحة جماهيرية معينة، أما عن القاهرة فهي موجودة لكن اختيار القدس كان لسبب سيتكشف من خلال الأحداث.

متابعو مسلسل النهاية هل سيكونون على موعد مع مزيد من الأحداث المفاجئة والمثيرة للجدل في الحلقات القادمة؟

أتمنى إن شاء الله أن يلقى المسلسل إعجاب الجمهور حتى الحلقة الأخيرة.

من هم المؤلفون المفضلون بالنسبة لك، محليًا وعالميًا؟ 

محليًا، فأنا أحب للغاية أعمال المؤلف أيمن سلامة، وعمرو محمود ياسين، فأعماله هذه السنة متميزة للغاية، وكذلك المؤلفين عمرو الدالي وأحمد أمين ووائل حمدي، وكثيرون غيرهم، ولا أرغب في نسيان أي منهم فهم مجموعة من كتاب السيناريو المتميزين والواعدين جدًا؛ أما على المستوى العالمي فأنا أحب فينيس جيلجان مؤلف بريكنج باد، وجوناثان نولان مؤلف ويست ورلد، فكلاهما متميزان وأحب أعمالهما للغاية.

أخيرًا، ما رأيك كمؤلف في سيناريو أحداث وباء كورونا؟ إلى أين ترى العالم يتجه؟

ليست لدي تنبؤات معينة حول مسألة كورونا، لكنني أسأل الله أن يرفع عنا هذه الغمة، وألا تتكرر مجددًا، وأن نستأنف حياتنا بشكل طبيعي، لكنني لا أتوقع شيئًا معينًا، وأتمنى إن شاء الله أن يكون هناك علاج لذلك المرض قريبًا.