في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تعرض المخرج السوري «محمد بايزيد» إلى حادثة طعن نقل على إثرها إلى المستشفي. حظى المخرج الشاب بحالة من التعاطف، ومحاولة الكثيرين التبرع بالدماء من أجل إنقاذه. وبعد تعافيه برر بايزيد محاولة اغتياله بسبب ذهابة للقاء بعض المتطوعين لتمويل فيلمه «النفق»، والذي يتحدث عن فظائع النظام السوري في سجن تدمر. وبالتالي حاول النظام السوري إغتياله لكي لا يصنع هذا الفيلم.

ولكن منذ أيام قام موقع «العربي الجديد»بنشر مقاطع فيديو حصل عليها، تفيد بفبركة المخرج الشاب محاولة اغتياله. لتحقيق حالة من التعاطف، تسهل حصوله على تمويل لفيلمه الجديد. وقال المخرج الشاب، إن هذه الفيديوهات جزء من التحضير لفيلمه الجديد. ولكن الفيديوهات والثغرات الظاهرة في قصته للعيان أثبتت كذبه.

حالة الفبركة هذه لم تكن جديدة على السينما العالمية، وقد تمت لأهداف كثيرة سواء سياسية أو شخصية. فهناك بعض الأفلام فبركت فيها بعض الأحداث لخدمة دولة في حربها أو شخص أو شركة، وهناك أفلام كان موضوعها الرئيسي الفبركة سواء مقتبسة عن قصص حقيقة أو خيالية. إليكم قائمة ببعض الأفلام الخيالية والوثائقية المقتبسة من أحداث حقيقة.


Wag The Dog

استغلال المؤثرات البصرية من أجل مصالح سياسية وشخصية، هاجس ظل مسيطرًا على العديد من المبدعين الأمريكيين. خصوصاً قبل انتشار الإنترنت، حيث لا تأتي المعلومات سوى من قنوات التليفزيون والصحف. فماذا لو غير الساسة الواقع، أو فرضوا واقعًا جديدًا بتوظيف مخرجين موهوبين مثل ما قامت به ناسا بمشاركة ستانلي كوبريك.

هذه هي قصة فيلم «Wag The Dog» المقتبسة عن رواية «بطل أمريكي» لـ«لاري بينهارت»، حيث يستعين مستشار الرئيس الأمريكي الذي يريد إنقاذ نفسه من الفضيحة الجنسية المعرض لها قبيل الانتخابات، بمخرج هوليوودي حاصل على جائزة الأوسكار، من أجل فبركة حرب لم تحدث باستخدام المؤثرات البصرية. وتصوير الكثير من الاحداث في الأستوديو ودمجها على فيديوهات من لقطات أرشيفية. لكي يحافظ الرئيس على نفوذه ومنصبه.

الرواية تختلف عن الفيلم، فالفيلم لم يذكر اسم الرئيس وذكر أن الحرب على ألبانيا، بينما في الرواية كان الرئيس هو «جورج بوش الأب»، والحرب المقصودة هي «عاصفة الصحراء»


Canadian Bacon

وإذا كان لاري بينهارت قد تخيل في «Wag The Dog» أنه ستتم فبركة مشاهد لحروب أو أحداث غير حقيقة. فإن «مايكل مور» يذهب إلى أبعد من ذلك، حيث يتخيل أنه ستتم صناعة حرب حقيقة كاملة. ففي فيلمه «Canadian Bacon» يقوم الرئيس الأمريكي، الذي فقد شعبيته في استطلاعات الرأي، بشن حرب كاملة على كندا لأسباب غير حقيقة. وتدور حرب إعلامية بين البلدين قائمة على تقارير تلفزونية مفبركة ومتلاعب بها.

الفيلم لا ينتقد النظام الأمريكي فقط، بل يفعل نفس الشيء مع الكنديين الذين يواجهون الحرب بعجرفة، وبأفعال مماثلة لما يقوم به المختل الأمريكي. هكذا يتحول الواقع لجحيم بين البلدين لأسباب غير حقيقة بالكامل. ويعتبر الفيلم من أوائل أعمال مايكل مور، والذي تدور أغلب أفلامه عن جرائم النظام الأمريكي داخليا أو خارجيا.


رفقة الدم

إحدى خطب لينين من أمام مسرح البولشوي في مايو/أيار 1920

تنتصر السوفيتات في ثورة أكتوبر/تشرين الأول 1917 بقيادة الحزب البلشفي الذي يتزعمه «فلادمير لينين»، ولكن يحدث ما لا يحمد عقباه، حيث يمرض لينين، ويُطرح سؤال عن هوية من سيتولى الحكم بعده، أغلب التكهنات أشارت لـ«ليون تروتسكي». ولكن استطاع «جوزيف ستالين» اقتناص السلطة.

يبدأ ستالين في التخلص من رفاقه لتخلو السلطة له، وتنشأ إحدى أشهر العداوات والصراعات في التاريخ المعاصر بين ستالين، وتورتسكي، الذي يهرب خارج الاتحاد السوفيتي إلى أن ينجح الأول في اغتياله.

لم يكتف ستالين بملاحقة خصومه واغتيالهم فقط، بل حاول تغيير الحقائق التاريخية في الكتب عن طريق مؤرخيه الذين مجدوا دوره في الثورة وجعلوه ابن لينين البار. وفي الفيديوهات والصور المرئية. حيث قام ستالين بإخفاء خصومه – ومن ضمنهم تروتسكي – من جميع الصور والفيديوهات التي صورت أثناء الثورة الروسية. فأصبحت جميع الوثائق المرئية خالية من خصوم ستالين. لتظل الثورة في نظر كثير من السوفييت بقيادت لينين وستالين فقط.

في الصورة أعلاه، نرى فلاديمير لينين أثناء إحدى خطبه من خارج مسرح البولشوي في مايو/أيار 1920. الصورة علي اليمين يمكننا أن نرى تروتسكي،وهي الصورة التي لم تظهر بعد سقوط تروتسكي علي الإطلاق في جميع أنحاء الجمهوريات السوفيتية، حتي خلال فترة غورباتشوف، وعلى اليسار يمكننا أن نرى الصورة المزيفة التي تم حذفه منها.

لم يكن الزعيم السوفيتي الوحيد الذي يخفي الأشخاص من الصور والفيديوهات، حيث أصبحت هذه العادة تقليدا مهما في الأنظمة الشيوعية وخصوصاً في الصين وكوريا الشمالية.


Fair Game

في عام 2005 يكشف وزير الخارجية الأمريكي عن هوية جسوسته «فاليري بلايم»، ووجدت نفسها معروفة عالميًا وهذا سيعرض حياتها للخطر. كان تصرف الخارجية الأمريكية انتقاما من مقال زوجها «جوزيف ويلسون» والذي نشر بعنوان «ما لم أجده في أفريقيا»، يفضح المقال ما فعله «جورج بوش الأبن» لأشعال الحرب في العراق. اعتمادا على تقارير مفبركة تفيد بأن العراق تشارك في صفقات أسلحة دمار شامل قادمة من أفريقيا. وتقوم «بلوم» في 2007 بنشر كتاب بعنوان «لعبة عادلة: حياتي كجاسوسة وخيانة البيت الأبيض لي» تكشف فيه كل الأكاذيب والفبركة التي قامت بها السلطة الأمريكية من أجل شن حرب على العراق.

قام المخرج «دوج ليمان» بتحويل أحداث الكتاب لفيلم يحمل ذات الاسم، من بطولة «ناعومي واتس»، و«شون بن»، و«عمرو واكد».


Thank you for smoking

فلاديمير لينين، ليون تروتسكي، الثورة البلشفية، الاتحاد السوفيتي
فلاديمير لينين، ليون تروتسكي، الثورة البلشفية، الاتحاد السوفيتي

عن تأثير اللوبيات وقدرتها على تلفيق الأكاذيب العلمية، مثل ما يفعله بطل الفيلم «نك تايلور» ويقوم بدوره «أريون إيكهارت» وهو الشخص اللبق الذي يستطيع الجدال وتغيير الحقائق بوسائله الإعلانية، وهو يمثل لوبي شركات السجائر. حيث يقوم بمهاجمة أعضاء البرلمان والأكاديميات والمؤسسات التي تهاجم عادة التدخين وتريد وضع علامة الموت على علب السجائر.

مهمة تيلور تتلخص في إيجاد حجة مقنعة لترويج التدخين وشراء السجاير. وصنع برامج تلفزونية وفقرات إعلامية ومحتوى مرئيا من أجل نشر هذه الأكاذيب. كما يتطرق الفيلم للعديد من الأشخاص الذين يمثلون لوبيات أخرى، كلوبي تجار الكحول وتجار السلاح إلخ. فقط افتح تلفزيونك لتجد إعلانا أو برنامجا عن فوائد التدخين أو الكحول أو شراء السلاح.