إننا آثرنا تأخير ردنا على ما قيل إنه انعقاد لمجلس الشورى العام وما اتُخذ باسمه من قرارات في محاولة منا للتواصل مع الأستاذ الدكتور محمود عزت وعدد من إخواننا الكرام القريبين منه، لبحث الأمر وإيقاف هذا النزيف، وتضييع الأوقات والجهود، والتركيز في قضيتنا المركزية بمقاومة الانقلاب وتحرير المعتقلين والقصاص للشهداء، ولكن وللأسف الشديد رفضوا جميعا سماع أي صوت، فكان لزامًا علينا ووفاءً لحق الإخوان علينا أن نَعرض على جموع الإخوان بعض الحقائق.

بعد غياب ملموس للبيانات الإخوانية خرج علينا موقع ikhwanonline ببيان حول وضع الجماعة في تلك الأوقات، كنوع من أنواع الشفافية ومصارحة التابعين، حقيقة الأمر البيان احتوى على نقاط عدة يتوجب النظر إليها بدقة حول ما يخفى من دلائل خلف سطوره تلك.


لغة البيان ومنهاجه:

يبدو من لغة البيان أنه كتب باحترافية شيئا ما بخلاف البيانات السابقة المعهودة للجماعة، حيث بدأ البيان فعليا بتوصيف التخبط والفشل الإداري والتنظيمي داخل الجماعة ثم توجه كاتبوا البيان إلى وضع مجموعة من التوصيات لأعضاء الجماعة للتعامل مع الأزمة الحالية وقرءاتها قراءة صحيحة.بدأ كاتب البيان في الحديث عن الأزمة التي تمر بها الجماعة، مشيرا إلى أن وقوف بعض الإخوان ضد المبادرات المطروحة داخل الجماعة زاد حدة الانقسام وشق الصف بالجماعة، ثم اتجه الكاتب لتبرير سبب تأخر الرد على المشاكل الموجودة داخل التنظيم بحجة المحاولات الجمة للوصول للقائم بأعمال المرشد العام القيادي «محمود عزت»، إلى جانب تركيز الجماعة في تلك الأوقات على التصدي للانقلاب –على حد تعبيرهم- وتحرير المعتقلين.

دعوتنا في خطر:

تحت هذا العنوان بدأ كاتب البيان شرح وضع الجماعة الآن في ثلاثة محاور أسياسية:أولا: رسائل ومبادرات المناصحة: بعد الثناء على غيرة وحرص أتباع الإخوان على الجماعة ومستقبلها؛ انتقد البيان بصورة واضحة التجاهل والإهمال الذي تم التعامل به مع المبادرات ورسائل المناصحة التي تم إرسالها وإطلاقها واختص البيان المبادرات المنطلقة من «المحافظات – القطاعات الجغرافية – طلاب الإخوان في جامعات مصر – برلمانيون – مبادرة أستاذ الجيل وعلامة العصر الوالد الشيخ يوسف القرضاوي – مبادرة شركاؤنا في الثورة من التحالف الوطني لدعم الشرعية – الطلب المقدم من 21 عضوا من أعضاء الشورى منهم 14 رئيس مكتب إداري – مبادرة المكاتب الإدارية»ثانيا «إننا نرى حرصًا شديدًا وغير مسبوق على عدم إعادة بناء مؤسسات الجماعة»: تحت هذا العنوان بدأ البيان في التحدث عن الهيكل التنظيمي للجماعة ووضعه الآن، حيث بدأ بالتأكيد على أن مكتب الإرشاد لم يعد به سوى ستة أعضاء “ثلاثة بالداخل وثلاثة بالخارج” مع غياب أي مساعي لإعادة بنائه، الأمر الذي يجعل كل ما يصدر عن المجلس باطلا لعدم اكتمال النصاب القانوني “حضور نصف المجلس+1”.ثم توجه البيان للحديث عن مجلس شورى الجماعة وبطلان الصادر عنه مشيرا إلى أنه لم يبق منه بالداخل سوى 32 عضوا، 18 منهم معتذرين ومعتزلين، المكاتب الإدارية أيضا لم يتجاهلها البيان مشيرا إلى أنها لا يعترف بها ولا يتسجاب لمبادراتها.تطرق البيان نهاية في تلك النقطة للحديث عن القيادي «محمود عزت» الذي أشار البيان إلى أنه يمثل « القائم بأعمال المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، هيئة مكتب الارشاد ومكتب الإرشاد، وهو مجلس الشورى الذي يقرر من يحضر ومن لا يحضر دون الالتزام بأية لوائح، ولا قدر الله إذا تم تفكيك المكاتب الإدارية والتفريق بين أعضائها فسيكون هو أيضا المكاتب الإدارية.»مشيرا بصورة واضحة إلى أن اللجنة الإدارية العليا بالجماعة منذ ستة أشهر مضت وهي تحاول التعرف على مكان تواجد القيادي محمود عزت، ونظرا لذلك رأى البيان أن كل ما يصدر باسم عزت هو مشكوك فيه ولا يمكن الوثوق به.ثالثا : حول الانعقاد المزعوم لمجلس الشورى: تحت هذا العنوان تطرق البيان للحديث عن مجلس الشورى واجتماعاته منتقدا بداية الرفض الذي قوبل به طلب 20 عضوا من مجلس الشورى العام في 26 فبراير الماضي في سابقة مخالفة للوائح الداخلية للجماعة الأم منذ عهد البنا حتى المرشد الأخير بديع، ولم تكتفِ القيادات بالرفض بل أشارت إلى أن مجلس الشورى انعقد وصدرت عنه قرارات، مؤكدا البيان على كذب تلك المزاعم وبطلان الاجتماعات.


الموقف الحالي من الجماعة:

بدأ كاتب البيان في تلك النقطة في إظهار شرعية للحديث للتابعين للجماعة مشيرا إنه بيان صادرا عن اللجنة الإدارية العليا التي تم انتخبها في أكتوبر 2015 من قبل المكاتب الإدارية والقطاعات وفند البيان موقف اللجنة فيما يلي:

  • التأكيد على أن الصراع داخل الجماعة الآن خلاف حول المؤسسية والفردية
  • استنكار اللجنة موقف عزت وأتباعه على عدم بناء المؤسسات.
  • استنكار رفض عزت للتواصل مع الإخوان.
  • التأكيد على أن اللجنة تعمل الآن على إخراج قيادة جديدة منتخبة من المكاتب والقطاعات.
  • الترحيب بالمبادرات التي من شأنها إصلاح الوضع في الجماعة
  • الانتهاء من إعداد مشروع اللائحة العامة للجماعة داعين اللجان الإدارية الأخرى للتوقيع عليه أو تحمل مسئولية ذاتها.
  • دعوة الإخوان إلى تقصي الحقائق قبل الحكم.

هل يعلن البيان وفاة الإخوان؟

لابد من الإشارة إلى أن البيان لا يمثل الجماعة ككل، ولكنه يمثل جزءًا لا يتجزأ من الجماعة، ولعل تلك تعد الملاحظة الأولى؛ حيث أنه من غير المعتاد أن نجد في عرف الجماعات والإخوان خاصة بيانات تمثل فئة بعينها محسوبة عليها.من ناحية أخرى بدأت موجة الاتهامات الداخلية تشاع بالجماعة، حيث وجه البيان اتهاما للبعض بالعمل ضد مصلحة الجماعة، «أما المكاتب الإدارية والتي تمثل عصب الجماعة وسر قوتها وبقائها على الأرض فللأسف –ولا ندري لمصلحة من؟- لا يعترف بها وتستبعد من الشورى ولا يستجاب لمبادرتها، بل والأخطر أن ثمة محاولات تبذل لتفتيت بعضها كما يتم الآن مع أربعة مكاتب على الأقل» الأمر الذي يشكل تطورا في تاريخ الجماعة، ويشير بصورة ضمينة إلى فقدان الجماعة إحدى الركائز الهامة لها والتي تكسبها الأرض والشارع.إلى جانب هذا نجد البيان يعمد في أكثر من موضع إلى الحديث عن غياب القائم بأعمال المرشد أو بالأصح عصب الجماعة الآن القيادي محمود عزت، كما عمد البيان إلى انتقاده في أكثر من موضع واتهامه بالعمل ضد مصلحة الجماعة والسعي لهدم المؤسسية.البيان أيضا يشير إلى كون الجماعة فقدت فعليا أهم ما يميزها وهو الشق الإداري والتنظيمي وباعتراف من أفراد داخل الجماعة هذه المرة، وليس كتلك الكلمات التي تُردد من قبل المعزولين من الجماعة والعمل بها، مما يعني بصورة واضحة أنه لم يعد هناك تنظيم جماعة الإخوان المسلمون فعليا ولكن هناك أتباع.البيان أيضا يظهر مشكلة تفاقمت في الفترة الأخيرة داخل أروقة التنظيم وهي غياب المؤسسية والاعتماد على شخصية المرشد، ولكن الأمر الآن أصعب مما كان عليه من قبل حيث يوضح البيان أن محمود عزت كل شيء في الجماعة «إنما الخلاف فى حقيقته بين المؤسسية والفردية، وفيمن يعيقون مؤسسات الجماعة أن تستكمل، ومن يرفضون مراجعة الوسائل والمناهج والأهداف لتناسب ظروف معركتنا، وفيمن لا يريدون للوائح أن تُطوَّر لتناسب المرحلة، وفيمن لا يرغبون لمنهجية الجماعة أن تتطور لتناسب الأحداث والمتغيرات…»البيان يشير إلى انقلاب داخل الجماعة بصورة ضمينة حيث أشارت اللجنة الإدارية العليا الصادر عنها البيان أنها بصدد إعداد لائحة عامة للجماعة ودعت اللجان الأخرى للتوقيع عليها أو «تحمل مسئولية ذاتها».نهاية إن كان البيان صادرا عن مجموعة تجد نفسها حريصة على الجماعة ومن الواجب عليها مصارحة دراويش الجماعة بالوضع الحالي؛ إلا أنه يشير بصورة واضحة إلى المقولة المتداولة بأن الجماعة تأكل نفسها، وهذا يدفعنا للتساؤل هل يصدر في الفترة القادمة بيان « إخوان أوفلاين»؟