في السنوات الأخيرة نجح سوق الدراما المصرية في أن يكون مختلفا وناجحا جدا، وخرجت الدراما من حيز المشاكل الاجتماعية الضيق إلى آفاق أرحب تناقش قضايا محورية مع الاهتمام بالجانب الاجتماعي،فتطورت صناعة الدراما ونجحت الدماء الجديدة التي تم ضخها في عروق القنوات الفضائية في تحقيق نجاحات ملحوظة.

في عام 2016 استمرت الدراما في مناقشة قضايا مختلفة مسكوت عنها أحيانا وغير ملتفت لها أحيان أخرى، ولكن المشكلة أنها وقعت في فخ التكرار، فحافظ سوق الدراما المصري على نجاحه دون تميز ملحوظ، فاستقر المؤشر عاليا ولكنه لم يتزحزح ليعلو أكثر، وكأنه ليس في الإمكان أبدع مما كان.

بالطبع كان الموسم الرمضاني هو أهم الأوقات التي انتعشت فيها الدراما، حتى أن هناك أعمالاً درامية خرجت للنور بعده ولم تحظ بالاهتمام الكافي جماهيرياً رغم أنها عرضت على قنوات مهمة، وفي هذا التقرير نستعرض أهم الأعمال التي توجهت لها الأنظار سواء في الموسم الرمضاني أو بعده.


الأكثر نجاحا

مسلسل «جراند أوتيل»

كان مسلسل «جراند أوتيل» من أكثر المسلسلات التي لاقت إقبالاً على المشاهدة من الجمهور المصري، فالمسلسل ساهم في إثراء المحتوى الفني بالكثير من العوامل الجاذبة، ناهيك عن نجاح كل أبطال العمل تقريباً في القيام بأدوارهم بحرفية، وظلت وسائل التواصل الاجتماعي – وإلى الآن تقريباً – تتحدث عن «جراند أوتيل» وشخصياته وأحداثه المثيرة.

«جراند أوتيل» كان تجربة جديدة نسبياً على الدراما المصرية حيث أنه نسخة ممصرة عن قرينه الإسباني الذي يحمل نفس الاسم، وعندما تحصد التجربة كل هذا النجاح يجب علينا أن نحيي صناعه الذين نجحوا في إضفاء الجو المصري على الأحداث حتى ولو كان هناك هفوات بسيطة لا تناسب المجتمع المصري المحافظ مقارنة بالمجتمع الإسباني.

أما مسلسل «أفراح القبة» فقد حصد أيضاً نجاحاً عظيماً لجوه المسرحي المختلف عن السائد ومونولوجاته الطويلة نسبياً وعلاقاته المعقدة وتقنيات اختلاف الرواة لنفس الحدث، فكان «أفراح القبة» طفرة حقيقية في الصناعة الفنية، واستحق أن يتخذ مكانه في الصدارة عن جدارة واستحقاق، ويذكر أن المسلسل مثل عودة لمعالجة روايات «نجيب محفوظ» بعد غياب دام ما يقرب من خمسة عشر عاما، حيث كانت أخر أعمال نجيب محفوظ التي نقلتها الدراما هو رواية «الحرافيش» في عام 2002.

وعن مسلسل «الأسطورة» فقد كان نجاحه أسطورة فعلاً، رغم عادية أحداثه وتكرارها إلا أن ذكاء «محمد رمضان» القريب من رجل الشارع العادي في ملامحه وطريقة حديثه أسهم في أن يكون «الأسطورة» موعدًا شبه مقدس لمتابعيه، وإفيهاته أصبحت جملاً محورية في الشارع المصري.


الغرائبيات والخوارق

مسلسل «ونوس»

في الموسم الرمضاني كان هناك أكثر من مسلسل يدور في عوالم غريبة حيث لا يمكن تفسير ما يحدث بالعقل البشري المجرد، فنجد «يحيى الفخراني» مجسداً الشيطان في مسلسله «ونوس»، ونجد مسلسل «هي ودافينشي» الذي يناقش بعداً خارقاً لفنان يقابل محامية دون أن يبرح مكانه ودون أن يقابلها فعلياً.

المسلسلان حظيا بنسب مشاهدة عالية رغم ما تعرض له مسلسل «ونوس» من نقد في بعض أجزاء المسلسل لمباشرتها بالنسبة لقضية فلسفية مثل صراع الشيطان والإنسان، ورغم ما تعرض له مسلسل «هي ودافينشي» من انتقادات للرومانسية المصطنعة في بعض أجزائه، ولكن يظل النجاح حليف المسلسلين بلا شك.

ثم قرب نهاية العام وبعد انتهاء الماراثون الدرامي الأهم يخرج مسلسل «الكبريت الأحمر» الذي يناقش قضية ميتافيزيقة أخرى وهي الجان والأعمال السفلية وقد قدم فيه «عبد العزيز مخيون» أداءً عالياً جداً رغم أن المسلسل لم يحظ بالتقدير الذي يستحقه ولم يطرح على طاولة المناقشات وقد ظلم توقيت عرضه المسلسل الذي كان يجب الاهتمام به بنسبة أكبر.


الدراما النفسية

مسلسل «فوق مستوي الشبهات»

في سياق الخروج عن المألوف وتقديم الجديد قدمت الدراما المصرية أكثر من مسلسل يناقش الأبعاد النفسية لفئة لا تحظى بالكثير من تسليط الأضواء وهي فئة المرضى النفسيين، ولكن للأسف جاءت المعالجة في تلك الأعمال ضعيفة إلى حد ما أو ربما لم يتم تسليط الضوء جيداً لنرى الخفايا الحقيقية.

«سقوط حر» و «فوق مستوى الشبهات» تعمقا في تلك القضايا على التوالي، رغم أن الأول خذل مشاهديه إلى حد ما حيث أنه ورغم حساسية قضيته إلا إنه لم يتلصص جيداً على حياة المرضى النفسيين، وجاء «فوق مستوى الشبهات» جيداً جداً مقارنة بأعمال «يسرا» الأخيرة، فرغم التوقعات الكبيرة لـ«سقوط حر» تفوق عليه «فوق مستوى الشبهات» وهذا يحسب لصناعه ويعلم المشاهدين درساً مهماً ألا وهو أن التوقعات لا يجب أن تصيب في كل مرة.

أما مسلسل «الخانكة» لغادة عبد الرازق، فقد حاول التماس مع مجتمع المرضى العقليين من خلال إطار درامي اجتماعي فظلم المسلسل كلا المحورين اللذين جاء ليناقشهما، فلا تم التركيز على العالم المجهول لمستشفيات الأمراض العقلية ولا تمت معالجة القصة الدرامية بامتياز تستحقه رغم حساسية القصة.


الأكشن والدراما البوليسية

مسلسل «راس الغول»

الكثير من المسلسلات التي تعتمد على محور الأكشن والتشويق تضمنها عام 2016، كلها حظت بنسب مشاهدة معقولة ولكن جاء هذا لتنوع وكثرة القنوات التليفزيونية وليس لجودة المحتوى بالضرورة، رغم ما بذل في تلك المسلسلات من جهد وبذخ في الإنتاج جعلها مقبولة إلى حد كبير ولكنها لم ترق لتكون حديثاً للساعة في توقيت عرضها ولم تحظ بالكثير من النقاشات التي تعكس تأثير العمل في المشاهدين.

كانت مسلسلات «القيصر» و«الخروج» و«شهادة ميلاد» و«سبع أرواح» و«راس الغول» وغيرها أعمالاً تدور في قالب الحركة والإثارة دون نجاح ساحق في أوساط المشاهدين وليس على مستوى الصناعة والمبيعات للقنوات الفضائية.


الكوميديا الضرورية

مسلسل «مأمون وشركاه»

الكثير جداً من المسلسلات الكوميدية الخفيفة تضمنها عام 2016 بالطبع جاء على رأسها «مأمون وشركاه» حيث أن اسم «عادل إمام» لا زال ضماناً كافياً لنجاح المسلسل رغم فخ التكرار الذي ضجت بالحديث عنه وسائل التواصل الاجتماعي.

ثم يأتي «نيللي وشريهان» لدنيا وإيمي سمير غانم الذي قدم مادة خفيفة تنتزع الضحكات الحقيقية والتي جعلت مقاطع المسلسل تغرق وسائل التواصل الاجتماعي في رمضان وحظى المسلسل بنجاح كبير فعلاً لخفة دم كل من شاركوا فيه، وقد قدم المسلسل كوميديا جميلة تصدر سعادة حقيقية دون الكثير من العمق ودون الوقوع في فخ الابتذال.

ثم بضع مسلسلات في السياق الكوميدي لم يلتفت لها أحد بالإشادة أو الذم على غرار «بنات سوبر مان»، و«صد رد» و«بث مباشر» و«يوميات زوجة مفروسة أوي» في جزئه الثاني و«أبو البنات» والذي أبعد مصطفى شعبان عن الصدارة هذا العام ولم يحظ بالاهتمام الملحوظ الذي حظت به أعماله في السنوات الأخيرة.

ثم تأتي أعمال متفرقة لا بد من وجودها لإحداث الزخم المناسب لعام كامل من الدراما، بعضها كان مهماً بحق وبعضها يعد «حشواً» لا بد منه، مثل «يونس ولد فضة» ومسلسل «وعد»، و«ليالي الحلمية» في جزئها السادس و«الكيف» كمعالجة للفيلم السينمائي، كلها أعمالاً لم يتحدث عنها الكثيرون وقد أدت دورها المكتوب لها كتروس في آلة صناعة الدراما العملاقة دون الكثير من الاحتفاء والتميز.