إنه الزعيم في سوريا، مشواره الفني طويل يمتد لأكثر من 60 عامًا، ترتبط مسيرته وأعماله بوجدان المشاهد العربي، لمناقشته أهم قضايانا، فهو الفنان الكبير دريد لحام، أحد أشهر نجوم الكوميديا في سوريا، الذي دفعه عشقه لمصر لمشاركته مع عدد كبير من الفنانين المصريين في أعمالهم أمثال: فريد شوقي، وشادية، ورشدي أباظة. أضحك الجميع في أعماله مثل: عائلتي وأنا، وعودة غوار، والدغري، وأحلام أبو الهنا، والتقرير، وإمبراطورية غوار، ووادي المسك، وأبكاهم أيضًا في أعمال مثل: غربة، وسمك بلا حسك، والحدود، وكفرون، ودمشق حلب، فهو واحد من مبدعي الوطن العربي، كرَّمه مهرجان الإسكندرية في دورته الأخيرة الـ37، بمنحه وسام عروس البحر المتوسط.

وكان لـ«إضاءات» هذا الحوار المطول معه عن تكريمه، ومسيرته الفنية الطويلة، ورؤيته للسينما في الفترة الأخيرة، وحلمه بالعمل مع عادل إمام، وأيضًا الأوضاع في سوريا وعلاقتها بالدول العربية.

حدِّثنا عن تكريمك في مهرجان الإسكندرية السينمائي في دورته 37؟

شرف كبير لي ولكل فنان عربي أن يتم تكريمه في مهرجان كبير مثل الإسكندرية السينمائي الدولي، فهو مهرجان للمحبة وللتآخي بين الفنانين وجميع فنون السينما في الدول العربية المختلفة، وأحضره دائمًا لقربه إلى قلبي، وقبل عامين عرض لي فيلم «دمشق حلب» بحفل افتتاح الدورة 35، وكان ذلك شرفًا كبيرًا لي أيضًا، فمصر هي الحلم وبلد الثقافة والفن العربي.

هل التكريم من مصر يكون مختلفًا لدى الفنان العربي؟

بالتأكيد، فمصر دائمًا هي الحلم لنا وما زالت الحلم الكبير، مصر هي البلد العربي الكبير الحاضن للثقافة والفنون.

ماذا عن حال السينما السورية حاليًّا خصوصًا في ظل أزمة كورونا؟

السينما السورية حاليًّا تحاول تخطي أزمة فيروس كورونا، ولذلك فهي تمر بفترة سيئة، ولكن يحرص صناعها على تصوير الأفلام حتى نظل مستمرين، فالأزمة كانت مفاجأة كبيرة لكل صُناع الأعمال في كل الوطن العربي، وما دامت الأزمة قائمة يجب علينا الاحتراز والحفاظ على التباعد الاجتماعي، ويجب على أي شخص إذا شعر بأي أعراض للمرض ألا يخرج من منزله ليحافظ على سلامة الجميع، والالتزام بالقواعد اللازمة.

وما رأيك في الفيلم السوري «المطران» الذي شاهدته ضمن فعاليات مهرجان الإسكندرية؟

مطران فيلم رائع استطاع أن يصل لعمق الشخصية، وهو في الأصل كان مسلسلًا، ولكن صناع العمل اختصروه وحولوه إلى عمل سينمائي، وأنا أحب هذه النوعية من الأفلام؛ لأنها تُخلد الشخصيات المهمة مثل شخصية المطران، والشيخ عز الدين القسام، الذي ذهب إلى فلسطين واعتنق القضية الفلسطينية، وأطلقت حركة حماس جناحًا كاملًا باسمه، فكلها أعمال تضع الأجيال الجديدة أمام معرفة هؤلاء الأبطال، ومعرفة تاريخ بلادنا العربية.

على مدى السنوات الماضية تم تجسيد شخصية «مطران» في أكثر من عمل … كيف ترى ذلك؟

أي فنان يتمنى تجسيد شخصية المطران كبوجي، فهو رمز سوري للرد على الاحتلال والغرب الذين يتهمون العرب بالإرهاب، وكان الفنان الكبير الراحل فاروق الفيشاوي واحدًا من الذين حلموا بتجسيد شخصيته، ولكن على من ترسو في النهاية، هذا يعود إلى القسمة والنصيب.

وأنت … ما الشخصية التي تتمنى تجسيد سيرتها الذاتية؟

بضحكة ساخرة: الملكة زنوبيا.

ما الشخصية التي قدمتها وترى أنها السبب في علاقتك القوية بالجمهور؟

الشخصية الأقرب إلى قلبي ودخلت قلوب الجمهور كانت «غوار الطوشة»، الجميع يحبونها؛ لأن المشاهد يحب الضعيف الذي ينتصر على القوي، وغوار الطوشة رغم ضعفه كان لديه إرادة لأن ينتصر.

ماذا عن مشروع فيلمك مع الزعيم عادل إمام؟ وهل ما زال الأمر حلمًا بالنسبة إليك؟

كان من المفتروض أن يكون هناك عمل سينمائي يجمع بيني وبين الفنان عادل إمام، منذ 30 عامًا، تحت اسم «وطن في السماء»، مع المخرج الكبير محمد عبد العزيز، ولكنه توقف ولم يكتمل، ولم يتم بيننا تواصل، وبالتأكيد ما زلت أحلم وأسعى إلى أن يكتمل هذا المشروع، وإن شاء الله الظروف والأيام تسمح لي بتحقيقه، وما تدوول قبل ذلك عن تسبب أشخاص في الوقيعة بيننا غير صحيح.

هل ترى فنانًا معينًا من الممكن أن يكون خليفة لدريد لحام أو عادل أمام في الوطن العربي؟

لا أحد خليفتي أنا وعادل إمام، فالسياسة من الممكن أن تورث، ولكن الفن لا، ينجب الوطن العربي أشخاصًا أهم وأعظم من دريد لحام وعادل إمام، وعلى سبيل المثال الفنان عبد الحليم حافظ كان يُقال عنه إنه مطرب رائع، وتوالى الوقت وأصبح هناك مطربون غير عبد الحليم حافظ رائعون، وتدوول أنه وقف ضد وصولهم، ولكن هذا غير صحيح، فلا أحد بينهم مثل عبد الحليم حافظ العندليب، فها هو رحل عن عالمنا، هل وجدنا خليفة له؟ من الممكن أن تكون أصواتهم أجمل منه، وبرزت على الساحة أسماء كبيرة، ولكن ليس فيهم خليفة له.

مَن مِن الأجيال الكوميدية الجديدة في العالم العربي يجذبك ويلفت اهتمامك؟

لا يوجد أحد يجذبني؛ لأن الكوميديا اختلفت تمامًا عن التي كنا نقدمها وتربينا عليها، فالكوميديا على زمننا كانت تأتي من أسلوب تصرف الممثل، وتبنى على مواقف ونص سيناريو حقيقي، ولكنها تغيرت كثيرًا حاليًّا، وأصبحت تبنى على عاهة، أي مثل السخرية من شخص يعرج أو من طريقة معينة في الحديث لا تنبع من نص مكتوب، فكيف تكون هذه هي الكوميديا؟ ومع احترامي لكل من أضحكونا، لا يوجد كوميديا حقيقية حاليًّا في العالم العربي، يوجد فقط أعمال مضحكة.

ما رأيك في الفنانين الذين يطلقون على أنفسهم رقم واحد في الإيرادات أو الأجر؟

أي فنان عليه أن يترك التقييم للناس، وهي التي تحدد من هو رقم واحد واثنين وثلاثة، ولا يقيم نفسه إطلاقًا.

على الرغم من مشاركتك في العديد من الأفلام العربية فإنك التزمت بلهجتك السورية فقط … لماذا؟

في رأيي اللهجة هي الهوية الشخصية للأفراد، لذلك لا أحب التخلي عنها، وأنا جسدت أدوارًا مختلفة في أكثر من 17 فيلمًا مصريًّا لم أستخدم فيها سوى السورية، ولم يكن هناك مشكلة.

إذًا كل من استخدم لهجة غير لهجته تخلَّى عن هويته؟

في اعتقادي الشخصي نعم، فلا شيء أفضل من اللهجة الخاصة ببلادك، وأنا مثلت بجانب عدد كبير من الفنانين المصريين ومنهم شادية، نجلاء فتحي، نادية لطفي، فريد شوقي، أحمد رمزي، ولم تكن هناك مشكلة إطلاقًا في استخدامي اللهجة السورية بجانب لهجتهم المصرية.

ولنفترض أنه عُرض عليك عمل مصري مهم أعجبك وتريد المشاركة فيه ولكن هناك شرطًا أن تتحدث بالمصرية … ستوافق؟

لا لن أوافق، فأنا لا أعتقد أن المصريين يقبلون أن يروا عادل إمام يتحدث بلهجة غير المصرية، لذلك فأنا لن أتحدث في الأعمال بغير السورية.

في تصريح سابق لك قلت إن الدول العربية تخلت عن سوريا … هل هذا حقيقي؟

حقيقي قلت ذلك، فهل تتخيل وجود جامعة عربية وسوريا ليست فيها، فبعض دول الجامعة تخلت عنا، وأنا شخصيًّا أطالب بألا تكون سوريا ضمن دول الجامعة العربية لأنني لا أعترف بها كجامعة عربية حقيقية.

من الفنان (ة) المصري الذي تعاونت وكان الأقرب إلى قلبك؟

جميعهم ممثلون عظماء ولا يُنسون وقريبون من قلبي، ربما أكثر من أحببت التعاون معهم كانت الفنانة شادية.

احكِ لنا موقفًا جمعك بها إذًا؟

الفنانة شادية بشكل عام لا تُنسى، والتعاون معها كان شيئًا عظيمًا، وربما من أكثر المواقف الطريفة التي جمعتنا، في كواليس أحد الأعمال التي تعاونَّا فيها، كنت أردد لها كلمة «بنوب» وكانت شادية لا تعرف معنى الكلمة، ولكنها لم تسأل، وبعد فترة جاءت لي لتسألني عن معنى الكلمة، فأجبتها في مشهد كوميدي أن «بنوب» تعني «لا» بالمصري، وأصبحت هي من تقولها عندما تراني.

يُعرف عنك نزعتك القومية الشديدة … فكيف رأيت ما جرى في سوريا؟ وهل ما زلت حريصًا على المناداة بوحدة الوطن؟

انتصرت سوريا والآن تتوحد، فأنا أشبه الوطن بالأم، وسوريا هي أمي، عندما تقع أمي في مشكلة لا أتركها، وأقف بجانبها إلى أن تتعافى، وأنا بجانب سوريا إلى أن تتعافى.

أستاذي العزيز … بعد مشوارك الطويل ما حلم دريد لحام الذي لم تعطِه الحياة فرصة تحقيقه ويشعر بأنه ينقصه؟

لا شيء، فالحمد لله على كل شيء في حياتي، وإن كانت الأحلام لا تنتهي ولا يوجد فنان أو غير فنان إلا ولا بد أن يحلم ويكون شرسًا في الدفاع عن حلمه مهما وجد من الصعوبات، لا يتقاعس عن حلمه، وهنا أحب أن أذكر بتشرشل رئيس وزراء بريطانيا الذي انتصر على النازية، وقال: «النجاح هو الانتقال من فشل إلى فشل دون أن تفقد الحماس والشغف».

علمنا أنك ستشارك في مهرجان الإسكندرية السينمائي العام المقبل بفيلم جديد يحمل اسم «الحكيم» … ماذا عنه؟

هذا صحيح، سأشارك بفيلم «الحكيم» في الدورة المقبلة من مهرجان الإسكندرية، وانتهيت من تصويره منذ أكثر من أسبوعين، وأتعاون فيه مع المخرج باسل الخطيب، والعمل حاليًّا يخضع لعمليات المونتاج والمكساج، وبعد شهرين من الآن سيكون جاهزًا للعرض للجمهور، وبالتأكيد سيعرض في السينما في سوريا والعالم العربي، وهو ليس موجهًا لسوريا فقط بل للعالم كله، وبعد عرضه سنتشرف بمشاركته في المهرجان أيضًا.

ما السر في اسم الحكيم؟

عندنا في سوريا أحيانًا نُطلق على الطبيب لقب الحكيم بسبب حكمته وعقله، والفيلم يتناول العلاقات الإنسانية بشكل عام، ويلخص فكرة وهي أن ما يُزرع يتم حصده، أي فكرة زرع الخير وحصده، ويدور العمل حول حياة طبيب فى بلدة ريفية صغيرة، ويحاول زرع الخير في السكان جميعًا، وعندما يقع هذا الطبيب في أزمة سيقف أهل البلدة جميعًا معه حتى تنتهي محنته.

أخيرًا … من الذي تطلق عليه لقب «الحكيم» في سوريا؟

رد ضاحكًا: «أنا».