رغم كون الرواية لـ«نجيب محفوظ»، وهو اسم قد يكون ثقيلًا على الأذهان كونه حائزًا على نوبل في الأدب، تجعلنا هذه الشهرة نتخيل أن أعماله مليئة بالفلسفة والحوارات الصعبة والرمزيات غير المفهومة، ولكن على مدار أربع سنوات، عندما يسألني أحد على ترشيح رواية للقراءة، سواء كان مبتدئًا أو قارئًا قديمًا أو باحثًا عن المتعة أو عن قيمة، أول ما يخطر على بالي هي هذه الرواية القصيرة التي تكاد تقترب إلى قصص الاطفال.

رواية «رحلة ابن فطومة» من أعمال نجيب محفوظ التي كتبها في عام 1983، وهي من أعماله المتفردة التي لم يكتب مثلها من قبل – رغم كونها قصة فانتازيا قصيرة الحبكة – عن أرض خيالية بلا زمان ولا مكان، يحاول البطل الوصول إلى قرية يقال إنها نموذج السعادة والهناء. خلال الرحلة يزور قرى أخرى وكل منها تمثل نموذجًا، مثل القرية الدينية أو الديمقراطية أو المحافظة على المساواة، وكل النماذج الأخلاقية التى يتصور البعض أنها تجعل منا متحضرين.

قد لا تكون القصة جذابة لهذا الحد مثل شبيهاتها من الأدب الخيالي كرواية «العمى» لـ«جوزيه سارماجو» على سبيل المثال، ولكن لا يمكن ترشيح «العمى» دائمًا لمبتدئين في القراءة، لذا تمتلك رواية محفوظ أكثر من متعة الجانب الخيالي.

إذا كنت تمر بفترة ملل في القراءة، فما العناصر التي سوف تطلبها لتعيد لذهنك النشاط والمتعة؟

1. أن تكون قصيرة

من النادر أن تجد عملًا قويًا بعدد صفحات قليلة، لذا أن تكون الرواية مغامرة في أقل من 150 صفحة، يعتبر تحفيزًا لشخص متوقف عن القراءة لفترة، أو لأي شخص لا يجد وقتًا للقراءة، بالإضافة إلى أن الأعمال القصيرة المركزة تترك أثرًا سريعًا على القارئ.

2. أن تكون مثيرة

سمعة القراءة سيئة بالفعل، لا أحد يطيق أن يقرأ لمدة طويلة طالما هناك وسائل متوفرة أكثر سرعة، لذا يكفي ترشيحات معقدة ومملة، لا يمكن لكل القراء تحمل السرد الطويل، لهذا تكون الروايات المثيرة ذات الحبكة المتلاحقة حلًا مثاليًا، رواية ذات مغامرة، وتنقل مستمر، وأحداث تبتدع عالمًا كاملًا، بالتأكيد ما هي إلا تجربة مثيرة ومحفزة.

3. أن تكون خيالية

تحظى الروايات الخيالية برواج عال حول العالم، عنصر تحريك الدماغ والتفكير يخرج القراء من الملل، بما أنها خارج حدود المخزن في عقلك، وتعطيك أيضًا إحساس المتفرج والمتابع الشغوف لشيء لن تتوقعه أبدًا، هل يمكنك أن تتخيل قرية بلا دين بكل تبعيتها، أو دولة ديمقراطية بكل معنى الكلمة، دون أن تتكون لديك آلاف الأفكار؟ ولكن أنت مجبر على متابعة الفكرة التي وضعها الكاتب من البداية لتفهم هدفها.

4. أن تكون ذات قيمة

لا يحب الأغلب تضييع وقته – حتى و لو كان وقت قراءة – والبعض يبحث عن القيم أو الأفكار التي سوف يستفيد منها في بداية كل عمل، وإما أن يجدها أو لا؛ فيضع العمل جانبًا. قد تكون الفكرة سطحية، لأن الاستفادة من الأدب لا تأتي مباشرة، بل هي تذوق فني، وتدفق آلاف من الأفكار التي تكون شخصيتك وآراءك مستقبلًا، بالتأكيد لا يعلم الكل ذلك، لذا من الأفضل إعطاؤهم عمل يعطيهم المتعة والاستفادة في البداية.

5. أن تكون ذات لغة سهلة، وفي نفس الوقت ليست رديئة

مشكلة الروايات الحديثة في اللغة العامية الركيكة، إذا تعود القارئ على هذه اللغة السهلة سوف يتعسر في البداية من اللغة الفصحى، وربما تفتر همته من القراءة، أو تقتصر على أعمال ذات لغة ليست قوية، فلا تفيد ولا تحسن اللغة لديه، ولن يستطيع تذوق معان جديدة وبلاغية. «رحلة ابن فطومة» من الأعمال التي استخدم فيها نجيب محفوظ لغة فصحى سلسة، ليست مليئة بالألفاظ الصعبة التي تحتاج إلى قاموس لتفهمها، مقارنة مع كتاب عرب آخرين.

من السهل أن تعجبك رواية، ولكن من الصعب أن ترشحها للآخرين، لأنك ببساطة لا تعرف ما يحب ويكره، أو إلام يستميل هواه، أو إذا كان يبحث عن عمل سهل أو عمل قوي، بسبب وجود العديد من الاعتبارات، وقد قمت بوضع عدة قوائم للمبتدئين مرارًا، ولكن دائمًا ما كنت أرشح رواية «رحلة ابن فطومة» في المقدمة؛ لأنها الأكثر ملاءمة لأغلب الناس، وتشمل القيمة، الفكر، اللغة، والمتعة.