لا شك أننا أمام موسم سينمائي منتعش ومنتظر بشدة خاصة أنه يشهد تداخل موسمي إجازتي الصيف وعيد الأضحى، بالإضافة إلى ذلك فنحن في أوج منافسة شرسة. من جهة لدينا فيلم «تراب الماس» من إخراج مروان حامد الذي يمكننا اعتباره واحدًا من أنجح المخرجين المصريين الحاليين في معادلة الجمع بين المعايير الفنية واعتبارات السوق، وهو هنا في تعاونه الثالث مع الكاتب «أحمد مراد» وبالتحديد في واحدة من أنجح رواياته، ومن جهة أخرى لدينا «محمد رمضان» وتحديه المستمر في احتكار المركز الأول بفيلمه «الديزل».

ينضم لهذه المنافسة الشرسة يوسف الشريف الذي فرض نفسه بقوة كأحد أنجح أبطال التليفزيون في السنين الأخيرة، والآن يعود للسينما بفيلمه «بني آدم» ليحاول حجز مكان خاص به وبنوعية أفلام التشويق والغموض التي يفضلها في سوق السينما.

وبينما ينتظر الجميع صراع تكسير النظام بين هذه الأسماء الرنانة، أتت المفاجأة بتحقيق فيلم «البدلة»لأعلى الإيرادات في أول أيام العيد. نجحت خلطة تامر حسني وأكرم حسني الكوميدية إذن في خطف القمة، حتى ولو لم يكن هذا قد تحقق حتى الآن في إجمالي الإيرادات إذا وضعنا في الحسبان أن الأفلام المتنافسة لم تعرض لنفس العدد من الأيام، وأن كافة الأرقام تختلف من مصدر لآخر.

ولكن الأكيد أننا أمام حالة نجاح لكوميديا البدلة، كيف؟ ولماذا؟ هذا ما سنحاول الإجابة عنه في السطور القادمة.


العيد فرحة

العيد، هذا هو سبب تفوق البدلة الأول. جمهور ضخم يبحث عن من ينسيه همومه. العيد فرحة، قالتها صفاء أبو السعود قديمًا ولا يزال صداها يتردد حتى اليوم، موسم العيد تتصدره الكوميديا بشرط أن تجد أقصر الطرق الممكنة للجمهور.

ضع نفسك مكان جمهور العيد من الأسر والأطفال، أمامك محمد رمضان وحكايته المفضلة عن الصعود والانتقام، ترافقه فيها فرس رهان السينما المصرية الحالي «ياسمين صبري»، في الخانة الثانية آسر ياسين وماجد الكدواني ومنة شلبي في فيلم يبدو غامضًا من عنوانه وملصقه الدعائي، وفي الخانة الثالثة يوسف الشريف في فيلم لن تفهمه على الأرجح.بالطبع لكل خانة من هؤلاء جمهورها المتحمس، ولكن لمن يبحث عن الفرحة والضحكة السهلة والسريعة، كانت البدلة هي الخيار السهل والواضح للغاية.

هذا فيلم كوميدي نفهم من عنوانه وملصقه الدعائي أن تامر حسني وأكرم حسني سيقومان بدور الشرطي أو ربما سينتحلانه، ستحدث مفارقات كوميدية، تخيل أكرم حسني بجسده الممتلئ وطريقته غير المرتبة في الحديث وهو ضابط شرطة، يكفيك هذا.

هكذا يدخل جمهور البدلة لأجواء النكتة قبل حتى مشاهدته لتترات البداية، هذا فيلم كوميدي سهل وبسيط، الحبكة العامة ربما تكون مكررة ولكنه سيكون بلا شك الاختيار الأول لجمهور الأعياد من الأسر والأطفال و«اللي ملهمش فيها».


كوميديا أكرم حسني

إذا كانت النقطة الأولى هي سبب جذب جمهور الفيلم قبل مشاهدته فهذه النقطة هي سبب الجذب الأهم أثناء وبعد المشاهدة، أكرم حسني وأسلوبه الرائج للغاية حاليًا في صناعة الكوميديا.

أكرم المذيع الإذاعي السابق بنى أسلوبه الكوميدي منذ ظهوره بشخصية «سيد أبو حفيظة» على خليط بين الكوميديا الجسدية والكوميديا اللفظية التي عادة ما يؤلف لزماتها بشكل شخصي. خرج أكرم من شخصية أبو حفيظة وبقي أسلوبه الذي ظهر به مرة أخرى في عدة أعمال تليفزيونية آخرها مسلسل «الوصية» رفقة أحمد أمين في الموسم الرمضاني الماضي، وهكذا فرض أكرم اسمه كأحد أكثر صناع الكوميديا جماهيريةً وقبولاً حاليًا وخاصة في الأوساط الشبابية.

أدرك مؤلف الفيلم أيمن بهجت قمر هذه الجماهيرية الكبيرة لأكرم فجعله المحور الرئيسي للمشاهد الكوميدية الأهم في الفيلم، وأولها تترات البداية التي نشاهدها كقطع طويل نتعرف من خلالها على الشخصية التي يؤديها أكرم حسني ورحلتها منذ لحظة ميلادها في نفس توقيت ميلاد ابن أختها والذي يؤدي شخصيته تامر حسني وحتى لحظة وقوع أحداث الفيلم. مفارقة وجود شاب وخاله في نفس المرحلة السنية هي ما تخلق الكوميديا طوال أحداث الفيلم، والمفارقة بالطبع تقع بشكل كبير في تصرفات شخصية الخال.

أما عن مشهد الكوميديا الأكثر طرافة في الفيلم فهو مشهد قيام الشخصية التي يؤديها أكرم حسني بتحكيم مباراة كرة قدم في الدوري المصري أحد طرفيها نادي الزمالك، الذي يظهر رئيسه مرتضى منصور في المدرجات كما يعلق أحمد شوبير على أحداث المباراة، هذا هو سكتش أكرم حسني المنفرد الأكثر كوميدية طوال الفيلم.


تامر وجمهوره

هذا ليس مجرد نجاح فيلم موسمي لمطرب ذي شعبية، تامر حسني فرض اسمه بالفعل في سوق الإيرادات السينمائية منذ بطولته لفيلم «عمر وسلمى»، تحول تامر من مطرب شاب يجذب صغار المراهقات لمؤدٍ يجيد اختيار الفيلم الذي يجذب الجمهور. لم يغادر المربع الذي بدأ منه؛ ألا وهو نوعية الرومانس كوميدي، ولكنه انتقل داخله شيئًا فشيئًا لطرف الكوميديا على حساب الرومانسيات الضائعة، قلت أيضًا مساحة الأغاني داخل الفيلم فبدلاً من ثلاث أو أربع أغاني في أفلامه الأولى كعمر وسلمى، وكابتن هيما، ونور عيني، لا تشاهد سوى أغنية واحدة في هذا الفيلم.

ولهذا السبب بالذات كانت مساحة دور أمينة خليل الشريكة الرومانسية لتامر في أحداث الفيلم صغيرة فلا يمكن مقارنة دورها بأي شكل بدوري تامر وأكرم. خلاصة القول إن تامر الممثل قد كسب جمهورًا يضاف بالطبع لجمهوره الكبير كمغنٍّ، والأكيد أن هذا الجمهور يمثل سببًا رئيسيًا في نجاح تامر واستمرار حضوره القوي في شباك التذاكر.