على الرغم من تضارب الأقاويل حول موعد وفاته؛ إلا أنه من المرجح أن يكون قد قتل في مثل هذا اليوم الموافق السابع عشر من يناير من العام 2006.

أحمد زرابيب أو أبو البراء أحمد من أبرز قيادات الجماعة السلفية للدعوة والقتال بالجزائر، المؤسسة في العام 1998. ولد أبو البراء في العام 1963 بولاية بومرداس تحديدا في مدينة بودواو، وبدأ مسيرته العملية بإلقاء الخطب في مساجد مدينته ومساجد أخرى مجاورة.

بدء أبو البراء نشاطه الجهادي في بداية التسعينات من القرن الماضي، منتسبا إلى ما عرف آنذاك باسم « تنظيم الشيخ الملياني» أحد تنظيمات العمل السري آنذاك. على أثر هذا الانضمام شارك في الإضراب العام المفتوح الذي دعت له الجبهة الإسلامية للإنقاذ في العام 1991، للمطالبة بالإصلاح والتنديد بالتعديلات التي أجريت على قانون الانتخابات والتقسيم الجديد للدوائر الانتخابية. وعليه جاء الاعتقال الأول له والذي استمر لمدة 50 يوما خرج منه بسبب مرضه.

تلك الأوقات كان المشهد السياسي الجزائري يعيش حالة من التخبط، جراء نتائج الانتخابات التشريعية في ديسمبر من العام 1991 والتي ترتب عليها في العام 1992، وتحديدا الثاني عشر من يناير، انقلاب الجيش على الرئيس الشاذلي وإسناد الحكم لـ المجلس الأعلى للدولة وتعيين محمد بوضياف في رئاسته، آنذاك شملت حملة اعتقالات كبيرة للإسلاميين واعتقل أبو البراء مرة أخرى ولكنه أفرج عنه بعد أيام.

لم تكن هذه المرة هي المرة الأخيرة التي يودع بها أبو البراء السجن، حيث أنه بعدها بأيام عاد اعتقال أبو البراء بتهمة العمل على قلب نظام الحكم والتخطيط لإنشاء تنظيم مسلح وحُكم عليه آنذاك بالسجن لمدة ثلاث أعوام أنهاها في العام 1994.


انشقاق وبداية جديدة

بعدما قضى أبو البراء مدته بالسجن عاد للعمل الجهادي مرة أخرى وكانت كتيبته آنذاك جزءًا من كتيبة الفتح إحدى الكتائب العاملة بالعاصمة وبومرداس. عُين أبو البراء في العام 1998 مسئول اللجنة القضائية واللجنة الشرعية للمنطقة الثانية بالجماعة الإسلامية المسلحة «الجيا» ومكث بذلك المنصب لمدة عام تقريبا تحت قيادة حسان خطاب.

إثر انتقادات وجهت لـ الجيا آنذاك بالانحراف عن مقاصد الجهاد الذي ترتب عليه ضعف الجماعة عهد إمارة عبد الرحمن أمينا لها في الفترة من 1994 -1996، وكذلك توريط أعضاء الجماعة أكثر مع النظام الجزائري جراء حالات العنف الحادة التي قام بها التنظيم في فترة إمارة عنتر الزوابري «1996-2003»، وكذلك رفض الجماعة لكافة دعوات الإصلاح سواء من الداخل عن طريق المجاهدين الجزائريين أو من الخارج برفض تلبية دعوة «أبو مصعب السوري» بالسماح له للذهاب للجزائر لإصلاح الانحرافات التنظيمية والفكرية بالجيا آنذاك، خاصة بعد محاولة أتباع الجيا الهشة لتفجير مترو باريس في العام 1995، تلك الانحرافات داخل الجيا ترتب عليها العديد من الخلافات الداخلية في صفوف القيادات.

وعليه انشق حسان خطاب ومعه أبو البراء في العام 1998 عن الجماعة الإسلامية المسلحة «الجيا»، وأعلنوا تأسيس الجماعة السلفية للدعوة والقتال في الجزائر بعد أسابيع قليلة من إعلان تنظيم القاعدة الحرب على حلف الأعداء « اليهود والنصارى».

عُين حسان خطاب أميرًا مؤقتا للجماعة الجديدة وكان أبو البراء آنذاك عضوا بارزا بها. في العام 1999 شغل « أبو مصعب عبد المجيد»، القاضي الشرعي للجماعة منذ البداية، منصب الأمير بدلا من خطاب، وعليه شغل أبو البراء منصب القاضي الشرعي للجماعة واستمر به حتى مقتله في العام 2006.

قسمت الجماعة آنذاك إلى ثلاث مناطق رئيسة، منطقة الجنوب ويترأسها مختار بلمختار، ومنطقة الشرق ويترأسها عبد الرزاق المظلي، ومنطقة الوسط ويترأسها أبو يحيى.


القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي

أثناء تولي عبد المالك درودكال قيادة الجماعة السلفية للدعوة والقتال بالجزائر؛ أعلنت الجماعة في العام 2006 مبايعتها لتنظيم القاعدة، والذي على إثره في العام 2007 ظهر تنظيم « القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي».

وعليه أصبح لا وجود فعلي لاسم الجماعة السلفية للدعوة والقتال بالجزائر، وتحولت إلى القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي الذي أعلن في بدايته أن الهدف من إنشائه تحرير المغرب الإسلامي من الوجود الغربي والموالين له وحماية المنطقة من الأطماع الخارجية.

منذ ذلك الحين لم يعد التنظيم مهتما بالجزائر فقط وإنما عمل على تدريب عناصر تابعة له في دول الجوار، والتي أشرفت على القيام بعمليات بدلا منها كما في تونس ومالي والمغرب وموريتانيا. ومن أبرزها تفجيران في ديسمبر 2007 بالجزائر قرب المحكمة الدستورية العليا وقرب مقر المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، تبعه اختطاف سياح نمساويين بتونس في العام 2008، وكذلك حدث في مالي من العام 2009 باختطاف سياح بريطانيين، وأيضا قتل الأمريكي كريستوفر لاغت في نفس العام بموريتانيا، وآخرها ما حدث في أمس الموافق 16 يناير في هجوم على فندق «بلانديد» بواجادوجو بـ بوركينا فاسو.


مستقبل قاعدة المغرب في ظل الصراع مع داعش

يتنافس تنظيمي القاعدة وداعش منذ ظهور الثاني على كعكة التنظيمات الجهادية في مواقع عدة، ولعل الثاني وُفق بصورة كبيرة في ذلك ولكن هل نجح داعش فعليا في تغير ولاء أتباع القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي لصالحه؟

فعليا لم تسلم قاعدة بلاد المغرب الإسلامي كغيرها من فروع تنظيم القاعدة الأم والتنظيمات الجهادية الأخرى من تصادم مع تنظيم الدولة الإسلامية داعش، هذا التصادم يظهر بصورة أسياسية في الانشقاقات التي تحدث داخل صفوف تلك التنظيمات وإعلان البيعة لداعش.

ففي الجزائر بشهر سبتمبر من العام 2014 انشق أمير منطقة الوسط بقاعدة المغرب الإسلامي آنذاك « قوري عبد المالك» الملقب بـ خالد أبو سليمان وأعلن هو ومجموعة من أتباعه مبايعة أبو بكر البغدادي، وبعدها بأيام بدأت تلك الجماعة في تنظيم أول عملياتها بالجزائر حيث قامت في اليوم الموافق 22 سبتمبر من العام 2014 بخطف مواطن فرنسي بالجزائر.

لم يسلم فرع قاعدة المغرب الإسلامي في تونس «أنصار الشريعة» من تنافس داعش، حيث أعلنت كتيبة عقبة بن نافع في مايو من العام 2015 مبايعتها أبو بكر البغدادي، ولم تتوقف عند ذلك بل دعت كافة مجاهدي تونس إلى توحيد الصف مبايعة البغدادي.

على صعيد آخر وفي موريتانيا وتحديدا في مايو من العام 2015 أعلن تنظيم المرابطون تسمية أمير جديد له «عدنان أبو الوليد الصحراوي»، وتبعه إعلان مبايعة التنظيم لأبو بكر البغدادي، ولكن هذا لم يُرضِ القيادي مختار بلمختار الذي نفى تلك المبايعة وأعلن أن الجماعة باقية على العهد والولاء لأمير تنظيم القاعدة أيمن الظواهري وعليه قاموا يوم الجمعة الموافق 20 نوفمبر بتفجير فندق راديسون بلو بـ باماكو بمالي وراح ضحيته 27 قتيلا.

وعليه مستقبل القاعدة في بلاد المغرب يرتبط بصورة أساسية بالصراع مع تنظيم داعش على النفوذ. وإن كان هذا حسم في الفترة الأخيرة لصالح القاعدة بداية من هجوم مالي في نوفمبر الماضي إلى هجوم بوركينا فاسو منذ أيام إلا أنه ما زال قائما.

من ناحية أخرى يرتبط مستقبل القاعدة هناك بشخصية «مختار بلمختار» التي يشار إلى اتسامها بالتمرد والجراءة وحب الزعامة، تلك الصفات التي ربما تدفعه، بما يقوى شوكته مرة أخرى في بلاد المغرب، إلى التمرد على تنظيم القاعدة هناك والانشقاق بتنظيم مستقل بذاته دون ولاء أو تبعية لأي من الطرفين سواء داعش أو القاعدة.