انتهت في الساعات الأولى من صباح اليوم، 7 يناير/ كانون الثاني 2019، فعاليات حفل جوائز «جولدن جلوب 76»، ويبدأ اليوم أعضاء أكاديمية الأوسكار في التصويت على جوائز أوسكار 2019 ضمن مشاهداتهم لأفضل إنتاجات عام 2018.

من هنا تنبع أهمية جوائز جولدن جلوب التي تقدمها «رابطة هوليوود للصحفيين الأجانب»، وذلك بجانب كونها إحدى أهم الجوائز التي تقدم لصناع السينما والتلفزيون في العالم، حيث إنها تمهد بشكل كبير لما سيسفر عنه حفل جوائز الأوسكار.

سيطرت على الحفل أجواء سياسية ونسوية في العامين الماضيين، إما بخطابات مضادة لترامب وما يمثله، أو خطابات غاضبة ضمن حملة Me Too والتي استهدفت فضح التحرش الجنسي في أجواء صناعة السينما الأمريكية. تابعنا الحفل ورصدنا أهم الجوائز، واليوم نجيب معكم عن سؤال: هل كان الحفل عن السينما أم انحازت الجوائز للتنوع العرقي أكثر من انحيازها للتفوق الفني؟


فيلم «Bohemian Rhapsody»: موسيقى كوين تفوز بأفضل فيلم درامي

نجح الفيلم المبني على قصة الفريق الغنائي الإنجليزي «كوين»، ومغنيهم الرئيسي فريدي ميركوري، في حصد جائزة أفضل فيلم درامي. كان الترشح للجائزة مفاجأة لكن المفاجأة الأكبر جاءت في انتزاع الفوز من فيلم «A Star Is Born» لبرادلي كوبر وليدي جاجا.

الفيلم لم يحقق نجاحًا نقديًا كبيرًا مقارنة بباقي المرشحين، ولكنه حاز إعجاب ملايين المشاهدين، ويكفينا ذكر أن Bohemian Rhapsody هو الفيلم الوحيد غير المنتمي لفئة الأبطال الخياليين ضمن قائمة أعلى 10 أفلام إيرادات في 2018 على مستوى العالم.

المثير في الأمر أن صناع الفيلم لم يعرضوا بشكل مباشر طوال الفيلم أي مشهد يصور هوية فريدي ميركوري الجنسية المثلية، لكنهم على العكس تمامًا قرروا أن يقدموا معالجة إنسانية تضع الموسيقى في مركز كل شيء، وجاء رهانهم صحيحًا في النهاية.


التحول الجسدي والتنوع العرقي: كريستيان بيل ورامي مالك أفضل ممثلين

نجح الممثل المتميز كريستيان بيل أخيرًا في اقتناص جائزة أفضل ممثل في فيلم كوميدي أو موسيقي، وذلك عن فيلم Vice الذي جسد فيه دور ديك تشيني، نائب الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش.

كريستيان بيل هو ملك التحول الجسدي حاليًا بلا منازع، فالرجل يغير وزنه ومظهره في كل فيلم تقريبًا، وقد استعان بيل بطبيب تغذية خاص ساعده في اكتساب الوزن اللازم لأداء دور ديك تشيني. جاء خطاب بيل فريدًا وساخرًا عقب استلامه الجائزة، فبينما شكر الجميع أسرهم وعائلاتهم، شكر بيل «الشيطان الذي ألهمه لأداء دور تشيني»، وذلك في إشارة لكم المصائب التي ساهم فيها نائب الرئيس الأمريكي أثناء فترة حكم بوش للولايات المتحدة، وأهمها حرب العراق.

على جانب آخر انتزع رامي مالك جائزة أفضل ممثل في فيلم درامي، وذلك عن أدائه لدور فريدي ميركوري في فيلم Bohemian Rhapsody.

ميركوري، أو فاروق بولسارا، هو مغني الروك الأشهر تاريخيًا وهو في نفس الوقت ابن لأسرة من أصل فارسي هندي «باريسي»، هاجرت أسرته إلى المملكة المتحدة ومن هناك بدأ رحلته ليصبح واحدًا من أهم مشاهير القرن العشرين.

هنا نشاهد رامي، صاحب الأصول المصرية، يؤدي دور ميركوري صاحب الأصول الفارسية، وهكذا يصبح لدينا خليط مثير للاهتمام من التنوع العرقي وكفاح المختلفين عن التيار السائد للوصول إلى أحلامهم. يضاف لكل هذا مثلية فريدي ميركوري الجنسية ووفاته المبكرة نتيجة مضاعفات الإيدز.

تبدو الجائزة إذن ودون تعمق متأثرة للغاية بكل هذه العوامل، لكن هذا لا ينفي بأي حال براعة مالك في تجسيد فريدي وبراعة صناع الفيلم في إعادة خلق عالم كوين المبهر وخصوصًا أداءهم الحي ضمن حفل Live Aid 1985، والذي تم تقديمه بشكل شبه مكتمل ضمن أحداث الفيلم.


فيلم «Roma»: جائزتان للتحفة المكسيكية

لحظة الحفل الفنية الأهم كانت من نصيب الموهوب المكسيكي ألفونسو كوارون، الذي أخرج وكتب وأدار تصوير ومونتاج فيلمه الجيد «Roma»، إذ نجح في حصد جائزتي أفضل فيلم أجنبي وأفضل مخرج.

الفيلم عن قصة خادمة طيبة القلب تعيش في بيت أسرة غنية في ضاحية روما بمدينة مكسيكو سيتي. الفيلم الذي يعاين إنسانيًا كفاح النساء العاملات في خلفية دولة تعاني من استبداد سلطوي نجح في الوصول لقلوب مشاهديه دون أن يستعين بأي ممثلين معروفين عالميًا، وبطاقم عمل مكسيكي مكتمل.

اقرأ أيضا:فيلم «Roma»: ألفونسو كوارون والبحث عن الزمن المفقود

جاء فوز الفيلم بجائزة أفضل فيلم أجنبي محسومًا وخصوصًا في غياب ترشيح التحفة البولندية «Cold War»، ولكن المفاجأة السارة جاءت في فوزر كوارون بجائزة أفضل مخرج.

كان أمام رابطة الصحفيين الأجانب اختيار آخر بمنح جائزة الإخراج للمخرج الأمريكي من أصل إفريقي سبايك لي عن فيلمه Blackkklansman، وذلك تقديرًا لمشواره الإخراجي الحافل، بالإضافة لأن الفيلم يناقش قضية التمييز العرقي ضد السود بشكل شجاع وجريء. لكن الرابطة انحازت في النهاية للعنصر الفني ومنحت الجائزة لألفونسو كوارون وفيلمه «روما»، تقديرًا للصورة السينمائية العذبة التي قدمها كوارون بالأبيض والأسود عن قصة مستوحاة من ذكرياته الشخصية.

أهدى كوارون الجائزة في النهاية لأمه ولمربيته وللمكسيك.


فيلم «Green book»: ثلاث جوائز لصداقة في زمن الفصل العنصري

قد يكون هذا الفيلم أكثر أفلام موسم الجوائز تحقيقًا لخلطة التنوع العرقي، فلدينا بطلان أحدهما مسلم، وهو مارشالا علي، والآخر، مثلي الجنس وهو فيجو مورتينسون، يقومان ببطولة فيلم عن قصة حقيقية لعازف بيانو أسود وصديقه وسائقه الأمريكي من أصل إيطالي ضمن جولتهما الموسيقية في الجنوب الأمريكي في زمن الفصل العنصري.

رغم كل هذا تبدو معالجة «Green Book» مستحقة لثلاث جوائز جولدن جلوب، في فئتي أفضل فيلم موسيقي أو كوميدي وأفضل سيناريو، بالإضافة لجائزة أفضل ممثل مساعد المحسومة لمارشالا علي.

تبدو فرادة الفيلم إذن، وبعيدًا عن خلطة التنوع العرقي، في قدرته على منحنا معالجة مثيرة وحساسة في نفس الوقت، بحيث نعاين حياة الأبطال ونتفهم مشاعرهم وهمومهم دون أن نشعر بابتزازنا عاطفيًا، ونهتم بالرحلة قبل كل شيء، لنخرج في النهاية منها أشخاصًا مختلفين، تمامًا كما يحدث لأبطال الفيلم.

الفيلم من إخراج الأمريكي بيتر فيرلي والذي اشتهر من قبل بمعالجاته الكوميدية الخالصة، ونذكر منها فيلمه الشهير «Dumb And Dumber».


فيلم «Spider Man Into The Verse»: أفضل فيلم رسوم لسبايدرمان بكل نسخه

بينما ظن الجميع أن حكايات سبايدر مان قد نضبت خصوصًا بعد أن شاهدنا الإطلاق الجديد للشخصية في عالم مارفل السينمائي بفتى صغير يحاول إنقاذ الكوكب برفقة أبطال أفينجرز، فاجأتنا أستوديوهات Sony بفيلم رسوم جديد استطاع أن ينتزع جائزة الجولدن جلوب في النهاية من فيلمي «Incredibles 2»، و«Isle of Dogs».

عنصر التفوق والتفرد في هذا الفيلم هو قدرته على خلق عدد لا نهائي من نسخ سبايدر مان في أبعاد وعوالم مختلفة، حيث تعتمد فكرته في الأساس أن أي فتاة أو فتى يمكنهم في النهاية أن يكونوا أبطالًا ومنقذين.

المعالجة تبدو متأثرة أيضًا بأجواء التنوع العرقي حيث نشاهد سبايدر مان من كل عرق وجنس تقريبًا، لكنها في النهاية تنجح في خلق أجواء مبهرة وطازجة خصوصًا حينما تشاهدها بتقنية العرض ثلاثي الأبعاد.