في مقال كتبه «مارتين سكورسيزي» في موقع «the Hollywood reporter»، عبر عن استيائه من التقييمات السلبية التي حظي بها فيلم Mother! للمخرج «دارين أرنفوسكي». ومن خلال هذه الفكرة انتقل لنقد مواقع تقييم الأفلام، ولاسيما rotten tomatoes حيث قال:

هذه الشركات والمواقع وضعت نهجًا معاديًا لصناع الأفلام الحقيقيين، حتى اسم Rotten Tomatoes يعد اسمًا مهينًا … وفيما يخص النقد السينمائي الذي كان يكتبه أشخاص يتمتعون بشغف ومعرفة جيدة لتاريخ صناعة الفيلم، فقد تلاشى تدريجيًا من المشهد. وحل محله أصوات منخرطة في إطلاق الأحكام، تستمتع برؤية عمل فني ومخرج يتعرضان إلى الهجوم، والرفض، وأحيانًا إلى التمزق إربا.

ملحوظة في محلها من سكوريسزي، فإن غالبية المشاهدين أصبحوا يحددون درجة حماستهم للفيلم من خلال مشاهدتهم لتقييمات المواقع المختلفة. ومن أشهرهم بكل تأكيد Rotten tomatoes وimdb وmetacritics.

وللحكم على درجة مصداقية تقييمات الأفلام في هذه المواقع، فنقدم استعراضًا سريعًا لكيف يتم التقييم على هذه المواقع. وهل تؤثر هذه التقييمات على الذائقة الفنية للجمهور بشكل إيجابي أم سلبي.


Rotten Tomatoes: إلقاء الطماطم الفاسدة

موقع rotten tomatoes، وهو يعد أشهر مواقع تقييم الأفلام، فالنقاد هم الذين يتقدمون للموقع وليس العكس، وإذا تحققت شروط الانضمام يتم قبول العضوية والسماح بوضع التقييمات، وإذا لم تتحقق يتم رفض الطلب. ومن أشهر الشروط أن يكون لديك محتوى نقدي مستمر منذ عامين على الأقل قبل التقديم منشور في مصدر موثق على شبكة الإنترنت، أو قناة تلفزونية. أو أن تكون عضوًا في صحيفة مرتفعة المشاهدات. أو قناة تلفزونية مهمة. ومؤخرًا أصبح مسموح لمقدمي المحتوي على youtube بالانضمام للموقع إذا رأت لجنة تقييم خاصة أن محتوى المتقدم جيد ومستمر.

كل فيلم يعرض في السينمات يمنح أحد الأختام التالية؛ فاسدًا ويعني أن أقل من 60% من النقاد منحوه تقييما طازجًا أو طازجًا موثوقًا. وختمًا طازجًا ويعني أن من 60 إلى 74% منحوا الفيلم تقييمًا طازجًا أو طازجًا موثقًا. والختم الأعلى وهو طازج موثق ويمنح إذا حصل الفيلم على 75% تقييمات طازجة.

هذه هي النتيجة النهائية التي تظهر للمشاهد، أما كل ناقد على حدة فيقيم الفيلم بدرجة مئوية، ويترجم الموقع هذه التقييمات لأحد الأختام الثلاثة. وهنا يظهر أحد عيوب نظام التقييم في الموقع، وهو أن طريقته غير مرنة وتفتقد للإنصاف. فمثلاً إذا منح 59% من النقاد أحد الأفلام تقييم 100% ومنحه 41% الآخرون تقييم 55% فسيمنح الفيلم ختمًا فاسدًا، وهذا أمر غير منصف على الإطلاق.


IMDb: في مزاج المشاهد

يعد IMDb هو الموقع السينمائي الأشهر، واسمه هو الحروف الأولى من اسم internet movies database ، وهو يعتبر القاعدة الأكبر لتجميع البيانات الخاصة بالأفلام والفنانين والقوائم على الإنترنت. ويقدم العديد من الخدمات من ضمنها صناعة قوائم خاصة لكل ناقد، أو مشاهد عادي يمتلك حسابا سهلا إنشاؤه على الموقع. ومن ضمن الخدمات التي يقدمها إمكانية تقييم أي فيلم من قبل المستخدمين العاديين. وبالتالي يمكنك كمشاهد لعب دور الناقد ومنح الفيلم تقييمًا من 10، وتقييمك يؤثر على التقييم الكلي للفيلم.

إذن تقييمات الأفلام على الموقع هي متوسط مجموع تقييمات المشاهدين، وبالتالي لايمكن اعتبارها ذات أسس نقدية، هي مجرد تجميع لانطباع المشاهدين وأمزجتهم. بما فيها قائمة أفضل 250 فيلمًا. ولكن لا ننكر أن هذه القائمة رغم أنها مبنية على انطباعات المشاهدين العاديين، ولكنها تحتوي الكثير من الأفلام المهمة التي يفضل محبو السينما متابعتها. ويوفر الموقع في صفحة كل فيلم تقييم نقاد موقع metacritic.


Metacritic: الأسلوب الأفضل

يعتمد موقع Metacritic على أسلوب أكثر نضجاً، فهو يفصل تصويت الجمهور عن تصويت النقاد، ويعتمد الموقع في التقييم النهائي على متوسط مجموعة النسب المئوية للنقاد، مع مراعاة الوزن النسبي طبقاً لأهمية كل ناقد عن الآخر، وهذه هي النقطة الفريدة في هذا الموقع. فكلما زادت أهمية الناقد أصبح تقييمه أكثر تأثيرًا في الناتج النهائي.

ويوفر الموقع ثلاثة ألوان تمثل درجة قوة الفيلم، للتسهيل على المشاهد الذي لا يستطيع فهم دلالة النسبة المئوية النهائية، فإذا حصل الفيلم على اللون الأحمر يعني أن الفيلم سيئ، وإذا حصل على الأصفر، يعني أنه فيلم متسوط المستوى. وإذا حصل على اللون الأخضر يعني أنه جيد. هذا الأسلوب يجعل التقييم النهائي للفيلم هو الأكثر اتزاناً ربما بين بقية المواقع الأخرى، ولكن هل فكرة التقييم ذاتها فكرة منصفة؟


منتج فني أم سباق خيول؟

الفيلم هو منتج فني وثقافي وبالتالي اختصار مجهود مبدعيه وأفكارهم في صورة أرقام جافة لهو أمر غير جيد. فأسلوب تقييم الأفلام يجعل المشاهد كسولاً ولا يريد بذل مجهود عقلي لفهم الفيلم، أو اختبار جودته الفنية بعيداً عن أي تقييم رقمي، وهذا سيحول السينما لمنتج ترفيهي في المقام الأول والأخير.

وهناك مأزق منطقي آخر وهو ما معنى 100%؟ فيلم space odyssey حصل على تقييم 94% (ناضج موثق)، وفيلم THOR حصل على 92%، هل تستوي الـ100% في الحالتين؟ وهل THOR مستواه الفني والثقافي والإبداعي يقترب من رائعة كوبريك؟ كلها أسئلة غير مجابة، ولا يستطيع أحد حتى أصحاب المواقع نفسهم الإجابة عليها. فأزمة مصداقية ومعايير التقييم الرقمي هي أزمة بنيوية لا يمكن حلها.

يقول سكورسيزي: «إن تلك المواقع لا تعتبر مواقع نقدية، فهي تنظر للفيلم على أنه أحد الخيول في سباق. أو جهاز منزلي في تقرير المستهلكين».

ويستدل بذلك على ما حدث لفيلم mother! ويقول إن المأزق الأول الذي وقع فيه النقاد، إنهم لا يستطيعون وضع الفيلم ضمن تصنيف واحد، فهو ليس فيلم رعب، أو كوميديا سوداء، وإنه لن يستطيع صناعة هذا الفيلم سوى مخرج لديه شغف. وإنه كان منزعجًا من وضع تقييم رقمي ضعيف للفيلم، فهو يرى أن ذلك حكم متسرع وقاسٍ.

يتوقع سكورسيزي أن هذه المواقع ستنهار بالتدريج وسيخرج بدلا منها أشياء أخرى لا يتوقع أن تكون أفضل. وبالفعل يمكن ملاحظة أن في الآونة الأخيرة بدأت هذه المواقع تفقد مصداقيتها، وأصبح أغلب المراجعين سواء في الوطن العربي أو العالم يقعون في مأزق عدم قدرتهم على تفسير فلسفة التقييم الرقمي بالقدر الكافي.