بعد انقضاء الأسبوع الأول٬ يمكننا الآن أن نلتقط أنفاسنا ونأخذ خطوة للوراء ونكوّن رأيًا – مبدئيًا على الأقل – عما يحدث على الشاشة٬ الأمور اتضحت الآن والحبكات ظهرت٬ والأداءات تباينت٬ كل منا الآن كوّن انطباعه الخاص عما يراه في المسلسلات هذا العام.

انطباعاتنا تتباين بالطبع٬ وفي هذا التقرير نسلط الأضواء على أبرز النقاط التي يمكنك أن تلاحظها في دراما هذا العام وممثليها٬ يمكنك أيضًا أن تأخذ فكرة عامة من خلاله عن معظم المسلسلات وتقرر أن تتابع أحدهم بناءً على ما ستقرأه.


عفاريت التمثيل

في كل مهنة في العالم هناك مستوى لا يمكنك إيعازه للخبرة أو التعلم وحدهما٬ هناك شيء مبهم يصقل التجربة ويثقل الممثل بأشياء تؤهله أن يجبر المشاهدين على التصفيق٬ سمّها موهبة أو مسًا من الجنون٬ المهم أنها لا تعود للكتابة الدرامية على الورق ولا لتوجيهات المخرج٬ شيء خاص جدًا بالممثل٬ نكهة تجعله ظاهرًا على الشاشة خاطفًا للكاميرا ولانتباهك. فيما يلي نستعرض قائمة بأفضل الأداءات التمثيلية في بعض المسلسلات الرمضانية.

الرحلة

في هذا المسلسل يمكنك أن ترى باسل خياط بطل العمل الذي – في الغالب – تم تفصيل المسلسل ليناسب ميوله من بعد أدائه العام الماضي في مسلسله «30 يوم». يؤدي باسل خياط شخصية رجل مريض نفسيًا، فالطبيعي أن تكون هناك مشاهد مقبضة كالمشهد الذي ارتدى فيه فستانًا وباروكة٬ غير الطبيعي أن يرعبك أداؤه في مشهد عادي كالمشهد الذي كان يشرح فيه علم «التوكسيكولوچي»٬ التمثيل هنا هو البطل الحقيقي٬ الموهبة فقط بعيدًا عن الكتابة وعن توجيهات الإخراج.

في نفس المسلسل ترى حنان مطاوع أيضًا والتي عُرفت في السنوات الأخيرة بكونها ممثلة من العيار الثقيل٬ وتستطيع أن تجذب المشاهد إليها عملاً بعد آخر٬ وفي هذا العام في مسلسل الرحلة استكملت طريقها هذا، في بداية المسلسل كانت تتحدث بطريقة منشاة جدًا٬ ذقن مرفوعة وعينان زجاجيتان٬ برود ممزوج برقي متكلف٬ تجعلك تتساءل: هل فلت منها العيار هذه المرة؟ هل هذه هي الطريقة المثلى لتمثيل دور سيدة الأعمال الناجحة المستقلة؟ ثم مع تصاعد الأحداث تفهم أن حنان مطاوع جعلت الشخصية في المسلسل ترسم شخصية أخرى تواجه بها الحياة٬ هي لا تمثل دور سيدة متعجرفة هي تجعل شخصيتها في المسلسل تتقمص دورًا داخل الدور٬ بالطبع هذا ليس مكتوبًا بهذه التفاصيل ولكنها استطاعت أن تكسو الشخصية باللحم والدم وتجعلها تتصرف.

ليالي أوجيني

ننتقل لمسلسل آخر هو ليالي أوچيني لنتفرج بابتسامة عريضة على أداء «أسماء أبو اليزيد» في دور جليلة٬ هذه الفتاة موهوبة حقًا٬ الوحيدة التي عرفت كيف تسافر في الزمن لتقدم شخصية في القرن الفائت٬ تون صوتها وبطئها في نطق الجمل٬ موسيقى الكلمات التي تنطقها وإيقاعها مختلف تمامًا عن إيقاع وموسيقى حديثنا الآن٬ مختلف أيضًا عن نطق أي من الممثلين الذين يشاركونها المسلسل٬ بل يمكنك أن ترى الاختلاف بينها وبين أي منهم في أي مشهد يضمها مع أي من الممثلين الآخرين٬ هي ملبوسة فعلاً بروح جليلة لا تمثل شخصيتها فقط.

في نفس المسلسل ترى «مراد مكرم» في دور عزيز٬ مكرم ممثل جيد لكن دوره في ليالي أوجيني أكبر من وصف جيد بكثير٬ جسده الممتلئ المفتول استطاع أن يجعله متهدلاً٬ أكتاف منحنية ومشية مترددة ونظرة مذعورة٬ هذا تمثيل متمكن خاصة أنه لعب دور الابن من قبل في مسلسل «فوق مستوى الشبهات»٬ هذا بالضبط ما يجعلك تعرف أنه تطور جدًا عندما تقارن بين الأداءين.

أما «خالد كمال» الذي لعب دورًا صغيرًا جدًا في ليالي أوجيني لرجل شرير جدًا ومتسلط٬ كان يمكنك أن تعجب به فقط خاصة أن الدور صغير٬ ما إن تراه في مسلسل الوصية في دور «لبوسة» حتى تصفق انبهارًا بهذا الممثل المتلون الذي يلعب دور الشرير الكوميدي فيضحكك جدًا بعد أن أرعبك جدًا من قبل.

بالحجم العائلي

المسلسل لطيف٬ لا يحمل عبقرية من أي نوع، ويختلف عن مسلسلات يحيى الفخراني في السنوات القليلة الماضية٬ خاصة تلك التي تعاون فيها مع عبد الرحيم كمال وشادي الفخراني. أداء متوسط من جميع الممثلين، وأداء جيد جدًا من يحيى الفخراني لا يتناسب مع عادية الأحداث.

الشيء الوحيد الملفت ربما هو أداء «ركين سعد» في دور أميرة٬ أداء ملفت جدًا ومتمكن رغم أنه العمل الثاني لها فقط في مصر بعد «واحة الغروب»٬ استطاعت أن تتقن اللهجة المصرية وأن تؤدي أداءً خفيفًا يحمل بعض الكوميديا وأن تطبع الشخصية بطابع مصري وكأنها نشأت وعاشت عمرها في هذا البلد.

عوالم خفية

هذا المسلسل بالتحديد يستحق الكثير من الإشادة بدءًا من البوستر الدعائي الذي تراه في الشوارع، عادل إمام أخيرًا – ومتأخرًا جدًا – قرر أن يقوم بالتمثيل الحقيقي!

نظرة عينيه على البوستر الدعائي وحركة شفتيه فيه، تعيدك بالزمن لعادل إمام القديم الذي كان يتقمص شخصياته فعلاً لا يقف أمام الكاميرا لأنه «الزعيم» الذي ليس في حاجة لأن يقوم ببذل أي مجهود، وفي المسلسل نفسه ترى عادل إمام يؤدي، ويترك مساحات للأدوار الأخرى التي تشاركه في المسلسل، ويستلم ويسلم الحوار، مسلسل حقيقي بعيدًا عن مسلسلاته في السنوات الماضية، ربما هي لعنة «يوسف معاطي» الذي تخلى عنها عادل إمام أخيرًا.