تجلس على المقهى مع أصدقائك، يبدأ التفكير في مشروع المستقبل كالعادة، تلمع عين أحدكما قائلًا: ماذا عن مطعم «فرايد تشيكن»؟ يرد عليه آخر -متقمصًا دور السائق في فيلم 1000 مبروك ردًا على أحمد حلمي-: فكرة جديدة ومبتكرة.

يبدو الموقف ساخرًا، لكن غالبًا هذا هو الواقع من حولنا حقًا، إذ نسمع باستمرار عن افتتاح مطعم جديد. فهل يعني هذا العدد من المطاعم وجود تشبع في السوق؟ فإذا كانت الإجابة نعم: كيف لمشروع جديد النجاح في اختراق هذا السوق المشبع؟

ما هو تشبع السوق؟

يمر المنتج عادةً بأربع مراحل أساسية في دورة حياته، تعرف باسم Product Type Life Cycle. يحدث تشبع السوق عندما يصل المنتج إلى الحد الأقصى من المبيعات، وفقًا لمستوى الطلب الحالي. على الأغلب يحدث تشبع السوق بعد وصول المنتج إلى مرحلة النضج، ويبدأ بعد ذلك في التراجع.

مراحل دورة حياة المنتج الأربعة
 

عندما يحدث تشبع للسوق في صناعة معينة، فهذا يعني أنّه تم توفيرها إلى المستهلكين، لدرجة أنّه لا يكون هناك قابلية لطرح أفكار جديدة، نتيجة عدم احتياج المستخدمين إلى المزيد، فالعرض يساوي الطلب، أو نسبة الطلب أقل من العرض أساسًا.

على الرغم من نتيجة ذلك، من صعوبة حصول شركات أخرى على حصص سوقية جيدة، إلا أن الواقع يختلف تمامًا. إذ نشهد باستمرار دخول شركات جديدة للعمل في المجال ذاته. لذا، إذا أرادت واحدة من هذه الشركات الحصول على حصة سوقية لنفس المنتج في نفس السوق، فهذا يتطلب تآكل الحصص السوقية لبقية الشركات. وهذه هي المشكلة الأساسية للشركات التي تعمل في سوق مشبع، أنّه يحد من إمكانيتها في الربح أو النمو.

أنواع تشبع السوق

من المهم دائمًا فهم حالة التشبع الحادثة للسوق، ونطاق حدوثها بالضبط، سواءً للدفاع عن مكانتك، أو حتى لدخول هذا السوق. إذ كل حالة تعطي مؤشرًا مختلفًا حول الطريقة المثلى للتعامل معها، ولا يمكن اتّباع الإستراتيجيات ذاتها في جميع الحالات. يمكن تقسيم تشبع السوق إلى نوعين رئيسيين:

1- تشبع السوق من منتجات الصناعة الواحدة

في هذه الحالة يكون تشبع السوق على نطاق صغير، نتيجة قلة الطلب على مشروع معين، ويعود السبب في ذلك إلى عثور المستخدمين على خيار آخر لإشباع احتياجاتهم في المجال ذاته. ينطبق الأمر على مثال مطاعم الفرايد تشيكن، إذ يمكن للعميل التوجّه إلى مطعم آخر، بالتالي تقل الحصة السوقية للمطعم الأول.

2- تشبع السوق من الصناعة ذاتها

في هذه الحالة يكون تشبع السوق على نطاق واسع، إذ تواجه الصناعة بأكملها انخفاضًا في الطلب. على الأغلب يكون السبب في ذلك هو التكنولوجيا الحديثة. على سبيل المثال، ترتب على انتشار الهواتف المحمولة، حدوث انخفاض في استخدام أجهزة الاستدعاء والنداء الآلي، وكذلك انتشار الكاميرات الرقمية، أدى إلى تراجع في مبيعات الكاميرات التقليدية.

أسباب تشبع السوق

لا يمكن الحكم بسهولة على وجود تشبع للسوق، إذ يتطلب ذلك اقتران الأسباب، بالعلامات التي تؤكد هذا الأمر. على سبيل المثال، هناك منافسة منذ القدم، فهل كل منافسة ستعد دليلًا على تشبع السوق؟ بالطبع لا. لكن مع ذلك تعد المنافسة سببًا قويًا لتشبع السوق!

يتطلب الأمر دراسة جيدة للواقع، مع وجود أرقام تؤكد ذلك، مثلًا تقارير عن المبيعات توضح تراجعًا في الأرقام، رغم بذل الجهود التسويقية المطلوبة. باختصار، الخروج باستنتاج واضح وفقًا للأدلة، التي لا يمكن أن تعني شيئًا آخر، سوى أنّ هناك تشبعًا في السوق. من أسباب تشبع السوق:

1- الابتكارات التكنولوجية الجديدة

يؤدي التطور في التكنولوجيا والابتكارات، إلى قلة الطلب على بعض المنتجات القديمة، وهو ما يُعرف أيضًا بتقادم هذه المنتجات. على سبيل المثال، في مجال الإلكترونيات عند إصدار نسخة جديدة من البرامج والتطبيقات، فهذا يعني حدوث تقادم للنسخة القديمة.

بالتالي، يعد تقادم المنتج هو وصوله إلى نهاية دورة حياته التشغيلية، إذ لم يعد هناك إقبال على استخدامه مرة أخرى، نتيجة وجود بديل آخر له، وهو ما يعني تشبع السوق الخاص بهذا المنتج. يمكن تشبيه ذلك بمثال الهاتف المحمول، أيضًا عند ظهور الصحف الرقمية، لم يعد هناك إقبال كبير على الصحف الورقية، وبالتالي قل الطلب عليها كثيرًا.

2- المنافسة المتزايدة

المنافسة موجودة طوال الوقت، لكن يومًا ما ستصل الشركات الموجودة إلى تمكنها من تقديم خدماتها إلى جميع المستخدمين المحتملين. بالتالي، ستصل الصناعة إلى حالة من التشبع، لا يكون بإمكان الشركات الحصول على عملاء جدد بسهولة، ويتطلب الحصول عليهم منازعة المنافسين، للحصول على عملائهم.

على سبيل المثال، دعنا نلقي نظرة على سوق الهاتف المحمول في مصر، والمنافسة الشرسة بين الشركات الموجودة، كما يتضح لنا في الرسم البياني التالي:

المنافسة في سوق الهاتف المحمول في مصر
 

سنلاحظ أنّه عند نجاح شركة آبل في الحصول على حصة سوقية أكبر، في شهر يناير من العام الحالي. ترتب على ذلك تراجع الحصص السوقية للشركات الأخرى. وهكذا، أي تقدم في حصة سوقية لشركة خلال العام المحسوب في الرسم البياني، قابله تراجع لدى بقية الشركات.

3- التغيّر في سلوك المستخدمين

قد يكون السبب في تشبع السوق، هو تغير سلوك المستخدمين. لا يتعلق التغير فقط بالتكنولوجيا المستخدمة، أو المميزات المقترحة من المنافسين، لكن ربما يرتبط بالتغير في اتجاهات المستخدمين ذاتها، إذ أحيانًا يفقد المستخدمون اهتمامهم ببعض المنتجات، نتيجة لاختلاف في أفكارهم، ويترتب على ذلك تراجع الرغبة في الشراء.

على سبيل المثال، التغيّر في ثقافة المستخدمين وإقبالهم على شراء الأكل الصحي، بدلًا من الأطعمة الأخرى التي تسبب ضررًا لهم. أيضًا قلة الإقبال على المنتجات، التي يؤمنون بإحداثها أثرًا سلبيًا على البيئة، نتيجة إيمانهم بأهمية الاستدامة البيئية. بالتالي، يؤدي ذلك إلى تشبع السوق لهذه المنتجات المضرة، وقلة الطلب عليها.

كيف يؤثر تشبع السوق على شركتك سلبًا؟

يعد الأثر السلبي الأساسي لتشبع السوق، هو عدم تمكن الشركة من التوسع في أرباحها. لكن هذا ليس الأثر الوحيد، إذ توجد بعض الآثار السلبية الأخرى المهمة، التي تعطل من مسيرة الشركة نحو تحقيق المزيد من النجاحات. من بين هذه الآثار:

1- عدم نمو العملاء

نتيجة التشبع، فإنّ السوق لا يولد طلبًا جديدًا على المنتجات. إذ بالفعل قاعدة العملاء المحتملة، تم خدمتها بواسطة الشركات الموجودة الآن، أي يقتصر الأمر غالبًا على جني الإيرادات من قاعدة العملاء الحالية، بينما قدرة جذب العملاء الجدد محدودة.

عدم تمكن الشركة من تحقيق النمو في العملاء، يؤدي إلى ثبات نوع في الإيرادات، نتيجة الفشل في الوصول إلى مصادر دخل جديدة. يترتب على ذلك عدم توفر المزيد من السيولة، التي تمكن الشركة من التوسع في عملياتها أو التسويق للمنتجات، بالتالي صعوبة تحقيق النمو في الشركة.

2- صعوبة جذب المستثمرين

أنت تقف الآن أمام المستثمرين لعرض فكرتك، تأتي إلى الجزء الخاص بحجم السوق، ثم بعد ذلك تستعرض المنافسين أيضًا. بالطبع يرغب المستثمر في الشعور أنّ فكرتك تمتلك فرصة حقيقية، ويمكنها تحقيق النجاح، وأحد عوامل هذا النجاح هو قدرتها على حصد حصة سوقية فعلًا.

ماذا إذا كان السوق يتعرض لحالة من التشبع؟ لن يكون مستحيلًا إقناع المستثمرين بفكرتك، لكن سيصبح الأمر أكثر صعوبة. لا أحد يرغب في دفع أمواله في فكرة لا يرى لها فرصة حقيقية، أو يشعر بأنّه لم يعد عليها طلب كثير الآن. بالتالي، سواءً كنت في البداية أو بعد مرور فترة، فسيكون من الصعب تأمين جولة استثمارية جديدة، وعليك التفكير في طرق أخرى لتأمين التمويل.

قبل الدخول في سوقٍ مشبع: هل هناك فرصة حقيقية؟

في الواقع، كل المعلومات عن تشبع السوق، ليس الهدف منها تعقيد دخولك إلى هذه الأسواق. أيضًا لا يتعلق الأمر بمسألة إثبات الذات أو التحدي لتحقيق النجاح، فحتى إذا لم تكن هناك أرقام تدعم موقف التشبع، لكن هناك علامات ملحوظة، تؤكد على صعوبة الأمر.

لذا، قبل أي خطوات فعلية نحو الدخول، فكّر جيدًا في محاولة الإجابة على السؤال الأهم: هل هناك فرصة حقيقية لك؟ يمكنك البدء من خلال دراسة السوق الذي ترغب في الدخول إليه، سيساعدك ذلك في التعرّف على وضع السوق عن قرب.

إذا كنت لا تملك الخبرة المناسبة في إجراء بحث السوق، يمكنك الاستعانة بالمحترفين في خدمات التسويق بموقع مستقل، وذلك لمساعدتك في تنفيذ البحث بالطريقة التي تريدها، وذلك حتى تخرج منه بمعلومات كافية، تمكنك من اتّخاذ القرار الصحيح. في البحث أنت بحاجة إلى التركيز على إجابة السؤالين التاليين:

1- ما هي الحصص السوقية؟ وماذا تقول عن السوق؟

حتى يمكنك معرفة الحصة السوقية لأي شركة في منتج معين، أنت بحاجة إلى تحديد فترة الحساب، ثم معرفة إجمالي مبيعات الشركة خلال هذه الفترة لهذا المنتج، تتوفر هذه البيانات في تقارير الشركات عن وضعها في السوق.

بعد ذلك يمكنك معرفة إجمالي مبيعات السوق كاملًا لهذا المنتج، سيكون بإمكانك العثور على البيانات في تقارير الصناعة التي تنجزها مؤسسات متخصصة في هذا المجال. بعد ذلك يمكنك قسمة رقم مبيعات الشركة على إجمالي مبيعات السوق، وضرب الناتج في 100، سيكون لديك النسبة المئوية لحصة الشركة في السوق.

في بعض الأحيان يمكنك حساب الحصة السوقية من خلال عدد الوحدات المباعة. فبدلًا من حساب المبيعات، يمكنك حساب عدد الوحدات المباعة للشركة، ثم عدد الوحدات المباعة في السوق، وضرب الناتج في 100، سيعطيك هذا قيمة الحصة السوقية للشركة أيضًا.

الشركةعدد الوحدات المباعةالحصة السوقية بعدد الوحداتالإيراداتالحصة السوقية بالإيراداتالسعر
أ1000050%1000050%1
ب500025%600030%1.2
ج300015%240012%0.8
د200010%16008%0.8
الإجمالي10000100%10000100%1

جدول بياني يوضح مثالًا على حساب الحصص السوقية، باعتبار سعر الوحدة المتوسط هو 1 دولار، أي إجمالي الإيرادات من مبيعات السوق هو 20000 دولار وكذلك عدد الوحدات 20000 وحدة. يوضح الجدول أنّ الطريقتين تعطيان معنى مختلفًا حول الحصص السوقية للشركات. لذا، إذا كان بإمكانك الوصول إلى الحساب بالطريقتين، سيمنحك ذلك صورة أوضح عن وضع السوق.

في أي شيء تفيدك هذه البيانات؟ سيكون بإمكانك من خلالها التعرف على وضع الاستهلاك في السوق، والشركات التي تحصل على أكبر قيمة. كذلك هل هذا الاستهلاك يتفق مع عدد المستخدمين، أم ما زال هناك احتمالية لوجود المزيد من الطلب؟ ستساعدك هذه البيانات في استكشاف حالة السوق، وإلى أي مدى هناك تشبع، وما هي فرصتك في هذا السوق.

2- هل يوجد مؤشر حول تمكنك من الحصول على سوق قابل لخدمته؟

أثناء بحث السوق، لا يكون من السهل طوال الوقت الوصول إلى أرقام عن المبيعات الخاصة ببقية الشركات. لكن في جميع من الأحوال، أنت تهتم بتحديد حجم السوق الخاص بك، وكلّما كان عدد الأشخاص أكبر، يمكنك ذلك من الحصول على فرصة أفضل. في هذه الجزئية، هناك ثلاثة مفاهيم رئيسية تحتاج إلى معرفتها:

1- TAM (Total available Market): يشير إلى إجمالي طلب السوق لمنتج أو خدمة.

2- SAM (Serviceable Available Market): يشير إلى السوق المتاح للخدمة، الذي يمكنك استهدافه من منتجاتك وخدماتك.

3- SOM (Serviceable Obtainable Market): هو جزء من السوق القابل للخدمة، الذي يمكنك الوصول إليه بالفعل.

 

لنأخذ مثالًا بسيطًا يوضّح هذه المفاهيم الثلاثة في الواقع. إذا كنت ترغب في إنشاء فكرة تطبيق على الهاتف، تقدّم أداة لإدارة الوقت، في هذه الحالة TAM هو الجمهور الذي يملك هاتفًا بالفعل حول العالم. إذا كنت ترغب في إطلاق نسختك على الأندرويد فقط، إذن هذا هو SAM. أمّا SOM هم الأشخاص الذين يمكنك الوصول إليهم بالفعل وفقًا لإمكانياتك.

في النهاية، من المهم تطبيق هذه المفاهيم الثلاثة على مشروعك، وأن تتمكن من تحديد SAM وSOM الخاصة بك. هل ترى أنّ النتيجة عن التطبيق تمكنك من الحصول على سوق حقيقي قابل لخدمته، ويكون الأمر مربحًا بالنسبة لك؟

بعد الإجابة: هل لديك شيء مبتكر لتقدمه؟

وفقًا لموقع Forbes فالجانب الإيجابي للتواجد في سوق مشبع، هو أنّه يجبر المؤسسة على الابتكار المستمر، وتجنب الرضا عن الذات أبدًا. إذ يدل هذا السوق على وجود طلب كبير على المنتجات، والدلالة هي المنافسة القوية بين الشركات الموجودة.

تبدو هذه النظرة منطقية لرائد الأعمال الذي يبحث عن المخاطرة دائمًا، وبوجود سوق يمكن خدمته، إذن بالإمكان الدخول إلى هذا السوق. لكن لأنّ المخاطرة ليست هدفًا في ذاتها، وإنّما هي إشارة لفرصة محتملة، هل لديك شيء مبتكر لتقدمه في هذا السوق؟ هل لديك ميزة مقترحة تختلف عن الموجودة بالفعل، لتجعل العملاء يقبلون على ما تنوي تقديمه؟

لا يقتصر الأمر فقط على تضمين التكنولوجيا في تطبيق الأفكار، لكن على جوانب الإبداع الأخرى المحتملة، التي تمكن الشركات من دخول السوق، وانتزاع حصة سوقية خاصة بها.

4 إستراتيجيات تساعدك في الدخول إلى سوق مشبع

الآن أنت تدرك وجود فرصة يمكنك الاستفادة منها، ولديك فكرة مبتكرة حقًا لتنفيذها، لا مجرد مطعم فرايد تشيكن. لكن لا يزال الطريق مليئًا بالصعوبات والتحديات. لذا، أنت بحاجة إلى توظيف الإستراتيجيات المناسبة للدخول. قبل أي شيء، أنت بحاجة إلى دراسة المنافسين جيدًا، ومعرفة الميزة التنافسية لكلٍ منهم، وأي بيانات جمعتها عن الحصص السوقية كذلك. من أهم الإستراتيجيات لدخول السوق المشبع:

1- العثور على مكانة خاصة بك «Niche Market»

من أهم الإستراتيجيات التي تساعدك في الدخول إلى سوق مشبع، أن تركّز على مكانة معينة للمنافسة عليها، بدلًا من استهداف جميع العملاء. يحدث ذلك من خلال تركيز نموذج العمل الخاص بك على الأسواق المتخصصة «Niche Market». إذ في هذا النموذج تركّز على تقديم قيمتك المضافة، إلى مجموعة محددة من العملاء، من خلال تصميمها خصيصًا لتتوافق مع احتياجاتهم.

حتى إذا لم يكن نموذج العمل الخاص بك مصممًا بهذا الشكل، لكن حاول التركيز على تحقيق التميز في مساحة محددة خاصة بك، بالتالي يجعلك هذا خيارًا مفضلًا لدى العملاء. يمكن رؤية هذا المثال في تطبيق Clubhouse للدردشة الصوتية، الذي اختار أصحابه العمل في مساحة المحتوى الصوتي، بدلًا من المنصات المعتادة لمواقع التواصل الاجتماعي الأخرى.

2- اختراق السوق

يعد اختراق السوق من أحد الإستراتيجيات الشهيرة للدخول إلى الأسواق الجديدة، ويمكن الاعتماد عليه أيضًا للدخول إلى الأسواق المشبعة. يعد الشكل الأكثر شهرة للاختراق، من خلال حرق الأسعار، وعرض المنتجات بأسعار أقل عن بقية المنتجات.

بالرغم من كون هذه الإستراتيجية تساهم في تحقيق مبيعات، لكنّها ليست الأنسب دائمًا، لا سيّما إذا كان المنافسون أكثر قوة، ولديهم تاريخ كبير في السوق، وكذلك سيولة نقدية كبيرة. بالتالي، يمكنهم مجاراة التغيّر في الأسعار أيضًا، الفارق أنّهم يملكون قدرة على ذلك، بينما في حالة البداية لا تملك جميع الإمكانيات التي تؤهلك للاستمرار طويلًا، لذا لا بد من فعل ذلك بتخطيط جيد.

3- الاستحواذ أو الاندماج أو التعاون مع شركات أخرى

من أهم الإستراتيجيات للدخول إلى سوق مشبع، هو الاستحواذ على شركات أخرى موجودة في السوق، وذلك لتحقيق استفادة من حصتها في السوق. يتطلب ذلك وجود رأس مال للقيام بذلك، فمثلًا تكلفت صفقة استحواذ أوبر على كريم 3.1 مليار دولار. بالطبع لا تسير جميع الصفقات بهذه الطريقة، ولا بالتكلفة العالية ذاتها.

لكن في النهاية، فالاستحواذ هو خيار مكلّف لك. يمكن الاعتماد على طرق أخرى في هذه الحالة، مثل الاندماج مع شركات قائمة بالفعل في اسم جديد. من أشهر الصفقات العالمية على الاندماج، ما حدث بين شركتي إكسون وموبيل في عام 1999، والاستفادة من ذلك في تحقيق النمو.

يوجد خيار آخر يمكن الاعتماد عليه كذلك، وهو التعاون مع شركات أخرى، سواءً من خلال إنتاج مشاريع مشتركة، لتقديم الخدمات معًا إلى العملاء. أو حتى الاكتفاء بإجراء تحالف مع شركة قائمة، من أجل تحسين العمليات والأداء، للمساهمة في دخول السوق المشبع، والوصول إلى العملاء، والحصول على حصة سوقية جيدة.

4- الاستثمار في العملاء

تشبع السوق يعني على الأغلب عدم وجود عملاء جدد. في الواقع، ليس ضروريًا الاعتماد على جذب عملاء جدد، بل يمكنك تركيز مجهودك في الاحتفاظ بالعملاء الحاليين، وكما تشير الإحصاءات بالأعلى، أنّه بالإمكان مضاعفة الإيرادات من خلال هؤلاء، وأنّ الاحتفاظ بالعملاء الحاليين قد يكون أكثر ربحية من جذب آخرين.

يمكنك فعل ذلك بالاعتماد على المزيد من الطرق التي تساعدك في تحقيق أرباح إضافية من هؤلاء العملاء. مثلًا، تضمين خدمات إضافية مع الخدمات الأساسية المعروضة. أو عبر تحسين خدمة العملاء التي تقدمها لهم، أو عبر استخدام برامج الولاء التي تحفّز العملاء لتكرار عمليات الشراء.

أخيرًا، لا يقتصر دور هذه الإستراتيجيات على دخول الأسواق المشبعة، لكنّها تمكن الشركات الحالية من الصمود عند وجودها في سوقٍ يقترب من مرحلة التشبع. ليس الأمر مستحيلًا، لكنّه يتطلب مجهودًا كبيرًا مع دراسة جيدة للسوق. في النهاية ستكون النتيجة كما ترغب، فكرة مبتكرة قادرة على المنافسة والربح في أي سوق، عندما يستمع الناس إليها؛ يقرون بجودتها حقًا، دون سخرية هذه المرة.