اعتدت على اختيار مشروع لكاتب لأبدأ قراءته عوضًا عن قراءة روايات أو كتب منفردة، كان ذلك هو الحل الوحيد أمامي لأتجنب إحباطات الكتب، فكتاب متوسط يضيف لفهم تجربة كاتب كبير أقل إحباطًا من أن يكون ذلك الكتاب هو كل علاقتك بالكاتب؛ لذلك بنيت تجربة قراءتي بنفس الشكل، أختار كاتبًا لديه مشروع، والمقصود هنا عدد جيد من الكتب وتقييمات جيدة في المعتاد لكتبه، وهدف ما يسعى نحوه، ثم أبدأ في تصنيف تلك الكتب بحسب جودتها من خلال التعليقات الموجودة على الإنترنت أو ترشيحات الأصدقاء، ثم تبدأ الرحلة.

تبدأ الرحلة بتنظيم تلك الكتب بحيث أضع أفضل الكتب في نهايتها، وأختار للبداية كتبًا ربما لا تكون الأشهر لكن معروف جودتها، يوفر ذلك لي شيئًا أصبو إليه في تلك الرحلة، ويجعلها رحلة لها خاتمة جيدة في الأغلب، ويمثل الكتاب الأفضل الوقود الدافع والهدف الذي أسعى من خلال قراءتي للوصول إليه.

بدأت رحلتي مع الكاتب الإيطالي إيتالو كالفينو بترشيح من أحد الأصدقاء لرواية لو أن مسافرًا في ليلة شتاء، وهي الرواية الأشهر للكاتب الذي لم يحصل على جائزة نوبل، لكنه يعتبر أهم كاتب إيطالي وأحد أفضل من انتموا لمدرسة الواقعية السحرية في أوروبا.

يقدم كالفينو عالمًا ساحرًا وواقعيًّا في الآن نفسه، شخصًا ينشطر بالطول لنصف أيمن وآخر أيسر يرتحل كل نصف في اتجاه، يمثل الأول الخير والثاني الشر، قبل أن يجتمعا، مراهقًا يقرر البقاء فوق الأشجار ويمتنع عن النزول للأرض، فارسًا لا وجود له لكن بدلته الحديدية تتحرك وتخوض مغامرات مهمة، قلاعًا تفرض الصمت على ساكنيها، ومدنًا لا مرئية متخيلة، هذه بعض من أفكار كالفينو ورواياته الذي مع الخوض في تجربة قراءته تشبعت بأفكاره وبدأت في فهم مشروعه.

يستخدم كالفينو طابع الأسطورة والفانتازيا لخلق عالم واقعي منتمٍ لمدرسة الواقعية السحرية التي يعتبر أبوها الروحيُّ المكسيكيَّ صاحب الأعمال القليلة خوان رولفو، والتي ينتمي لها الكولومبي الشهير جابريل جارسيا ماركيز، والبرتغالي الأقرب لكالفينو خوسيه ساراماجو، لكن رغم اشتراكهم جميعًا في الانتماء لتلك المدرسة إلا أنهم وبنفس الدرجة يختلفون.

انطلق كالفينو أولًا من مساحة الواقعي، فالأديب الذي انتمى للتيارات الشيوعية في إيطاليا وقاوم الفاشية بدأ بالأدب الواقعي، قبل أن تتحول أفكاره وكتاباته بعد خوضه لرحلة جعلته الكاتب الأشهر في إيطاليا، ألا وهي رحلة جمع القصص الشعبية الإيطالية، والتي بعد جمعها كان لها أكبر الأثر في تغيير أفكار كالفينو، أو على الأقل تغيير القالب الذي يعمل من خلاله.

المشترك الآخر بين كالفينو ومعظم كتاب الواقعية السحرية هو التأثر بألف ليلة وليلة، وعند كالفينو يتعاظم ذلك التأثر، فتجده إما يذكرها بشكل مباشر في بعض أعماله أو حتى في روايته “مدن لا مرئية”، والتي بنيت بقالب مشابه لحكايات ألف ليلة وليلة، لكن بوجود الرحالة الإيطالي الأشهر ماركو بولو مكان شهرزاد، والسلطان المغولي قبلاي خان بديلًا عن شهريار.

بدأت رحلة قراءة كالفينو التي كانت شديدة المتعة في كل مراحلها، انتقلت وارتحلت معه من العصور الوسطى الأوروبية والحروب المقدسة لعوالم متخيلة ومدن غير موجودة ومصائر تحددها أوراق التاروت، وروايات لا تكتمل أبدًا. وبنهاية تلك الرحلة وجدت طريقًا لقراءة كالفينو قد تكون طريقة ستسهل على من يريد خوض هذه الرحلة أن ينال أقصى استفادة ممكنة من الرجل الإيطالي المتميز.

من هو كالفينو؟

إيتالو كالفينو كاتب إيطالي ولد في كوبا (1923-1985) عمل صحفيًّا ومحاضرًا وناقدًا أدبيًا، نشأ في عائلة اشتغلت بالعلوم الطبيعية وكان متفردًا في اهتمامه واشتغاله بالأدب.

جمع كالفينو حكايات شعبية إيطالية، واستغرق الأمر منه عدة سنوات لجمع المادة وإعادة كتابتها أو تحريرها وفتح نشر كتابه «Fiabe italiane» أو «حكايات شعبية إيطالية» عام 1956 الباب لشهرته في إيطاليا، وتعتبر القصص الشعبية أحد العوامل المؤثرة والظاهرة في معظم أعمال كالفينو التي تخطت العشرين عملًا متنوعًا بين الروايات والقصص القصيرة، والمتتاليات القصصية، والكتب السردية، والمقالات.

لماذا تقرأ كالفينو؟

تقدم أعمال كالفينو نموذجًا فريدًا للغاية ليس في إيطاليا فحسب، لكن ربما في العالم أجمع، يميل النقاد لتصنيف أعمال كالفينو في فئتين متضادتين، أعمال كلاسيكية حديثة أو أعمال ما بعد حداثية أسطورية، يمكن النظر للتعريفات على أنها مربكة، كيف يمكن لكاتب أن يقدم عملًا ما بعد حداثي أسطوريًّا أو عملًا كلاسيكيًّا حديثًا؟

ببساطة يقدم كالفينو قالبًا ما بعد حداثي تجريبيًّا في الأساس كما في روايات مدن لا مرئية، قلعة المصائر المتقاطعة ودرتها لو أن مسافرًا في ليلة شتاء، وبداخل كل تلك الحكايات لا تغيب الأسطورة بشكلها الكلاسيكي، وباقي أعماله تتراوح بين الأسطورية والتاريخ كثلاثية أسلافنا، وأعمال تجريبية وقصصية كلاسيكية مثل السيد بالومار، ماركوفالدو وتي صفر.

كيف نقرأ كالفينو؟

وبالرغم من المصطلحات النقدية التي قد تنفر القارئ عن أعمال كالفينو إلا أن الحقيقة أن الإيطالي يقدم الحكايات في أبسط صورها، ويمكن حتى للقارئ المبتدئ أن يجد المتعة في تلك الحكايات بغض النظر عن الإطار العام الأكثر تعقيدًا لشكل الرواية أو الكتاب، لذلك يمكن تقسيم أعمال كالفينو وخطة قراءته بشكلين، الأول لمن يجد صعوبة في قراءة أعمال ما بعد حداثية أو فيها الكثير من اللعب على مستوى الشكل، والثاني لقراءة أكثر تعمقًا في أعمال الرجل الذي أثر في عديد من الكتَّاب في العالم.

خطة قراءة أولى

البداية ستكون مع ثلاثية أسلافنا وهي الثلاثية التي بدأ نشرها عام 1952 برواية الفيسكونت المشطور، ثم تلاها عام 1957 برواية البارون ساكن الأشجار، وأتمها عام 1959 برواية فارس بلا وجود، الثلاثية غير مترابطة، ما يعني أن بإمكانك قراءتها بأي ترتيب وهو ما أرشحه.

المرحلة الأولى (الثلاثية)

رواية فارس بلا وجود (1959)

تتناول الرواية بدلة فارس فارغة، ليس داخلها أحد، فارس فقد وجوده لكنه يحاول طوال الرحلة أن يستعيد ذلك الوجود، تتناول الرواية في مستواها الأول العديد من الحكايات في فترة الحروب المقدسة في أوروبا مع الدولة العثمانية، وكل فصل يقدم حكاية جديدة مثيرة وممتعة، وبغض النظر عن البعد الفلسفي في الرواية، ستجد فيها متعة كبيرة خاصة إذا كنت من محبي تاريخ أوروبا في ذلك الوقت.

رشحت تلك الرواية رغم أنها الثالثة في الترتيب لأنها الأصغر حجمًا والأقل تجريبية وتعقيدًا، وأضعف الثلاثة، ومع ذلك ممتعة، سيوفر ذلك الترتيب الجديد مكافأة ضخمة في نهاية الرحلة.

رواية الفسكونت المشطور (1952)

الجزء الأول من الثلاثية، فيسكونت (لقب ملكي) ينشطر لنصفين أثناء الحرب مع الدولة العثمانية، يرتحل كل نصف في اتجاه ويبدأ رحلة للتعرف على نفسه، النصف الشرير والنصف الطيب يتناوبان الحكاية حتى يتلاقا في يوم ما.

الرواية أكثر تعقيدًا من الأولى، لكنها بسيطة على مستوى الحبكة الأساسية، وأفضل تقنيًّا من فارس بلا وجود، وبمعرفتك لأسلوب كالفينو ستجد سهولة كبيرة في قراءتها وقد لا يستغرق الكتاب أكثر من جلسة أو جلستين طويلتين.

البارون ساكن الأشجار (1957)

الجزء الثاني من الثلاثية، وربما الأفضل والأكثر جاذبية، والأطول كعدد صفحات، وهو ثلاثون فصلًا بحكايات لا تنضب. مراهق يقرر المكوث على الأشجار وعدم النزول أبدًا على الأرض بعد تحدٍّ مع أسرته، تبدو حبكة ذكية، لكن كيف تحكي ثلاثين حكاية في هذا الإطار.

لم يحكِ كالفينو ثلاثين حكاية فقط، بل معها سيقدم لك تاريخ أوروبا والثورة الفرنسية والشكل الاجتماعي لمقاطعة جنوة وجمهوريتها الجديدة وتفاصيل غاية في الدقة عن الأشجار والطيور والحيوانات، كل هذه التفاصيل في إطار الحكاية، فأنت لا تقرأ موسوعة بالرغم من موسوعية كاتبها، بل تقرأ حكايات ممتعة للغاية، ستكون نهاية ممتازة لرحلتك الأولى مع كالفينو.

الثلاثية مترجمة وصادرة في سلسلة الجوائز المصرية والترجمة جيدة جدًّا لأماني فوزي حبشي، وسعرها مناسب للغاية.

المرحلة الثانية (التجريب والتأمل)

بالانتقال من مرحلة الحكايات الأسطورية ونسيج الرواية الواضح من خلال عدة قصص وخط أساسي يمكن إدراكه بسهولة سننتقل لحالة تأملية روائية يقدمها كالفينو من خلال أربع روايات لها طابع خاص جدًّا ويصعب تصنيفها أو حتى جمعها في إطار واحد.

ماركوفالدو (1963)

الرواية (المجموعة القصصية) الأسهل في تلك المرحلة المتقدمة من قراءة كالفينو، لكن وبالرغم من اختلافها عن الروايات الثلاث القادمة فإنها توفر تفاصيل عن العوالم التي شغلت كالفينو، والتقنيات التي استخدمها على استحياء في ماركوفالدو سيفجرها في أعماله الأخرى ويقدم من خلالها روايات تجريبية مذهلة.

تحكي ماركوفالدو عن العامل ماركوفالدو الذي يعاني في صخب وعنف المدينة الصناعية والحضارة الجديدة، فهو فلاح انتقل للمدينة يعمل عامل شحن دون أي مهارات حقيقية وبأسرة كبيرة وغرفة واحدة تؤويهم يعاني ماركوفالدو طول الوقت.

يقدم كالفينو الحكايات متتابعة مع فصول السنة، فكل عناوين القصص العشرين تمثل فصلًا من فصول السنة، لكن ستلاحظ في هذه المجموعة اختلافًا كبيرًا بين نصفها الأول ونصفها الثاني، فالأول ستجد فيه مدينة غارقة في الفقر، وذلك لأنه بدأ كتابتها في الخمسينيات، فيما الجزء الثاني في الستينيات مع التطور الصناعي وارتفاع الاستهلاكية في المدينة، نُشرت المجموعة عام 1963 وترجمت عن دار المدى بترجمة جيدة نسبيًّا لنبيل رضا المهايني.

بالعودة للتقنيات المختلفة ستجد أثرًا من قراءة ماركوفالدو في مدن لا مرئية ولو أن مسافرًا في ليلة شتاء من خلال محو المدن وتقطيرها لمجرد حالة، كما ستجد أثرًا لألعاب القصص المتداخلة والتي ستظهر جليًّا وغير مسبوقة في قلعة المصائر المتقاطعة، وبعض التأمل الذي سيتجلى أيضًا في السيد بالومار آخر روايات الإيطالي الفذ.

قلعة المصائر المتقاطعة (1973)

ربما أصعب روايات كالفينو، فتقاطع المصائر هنا بين شخصيات خيالية وبين شخصيات أخرى من روايات ومسرحيات عالمية وعالم التاروت القديم، ورغم صغر الرواية نسبيًا 148 صفحة، إلا أنها مجهدة، وأول قراءة صعبة لكالفينو، لكن أحسب أنك بقراءته في تلك المرحلة ستكون على أتم الاستعداد لاستكمال مشروع كالفينو، أو للأسف التوقف عن استكماله بعد دخولنا لمرحلة التجريب، وهو أمر مفهوم ولا يتوقع من كل القراء أن يجدوا نفس المتعة في تلك الأعمال التجريبية.

تحكي قلعة المصائر المتقاطعة عن مجموعة من الشخصيات تجد نفسها في قلعة يفرض عليهم فيها الصمت، لا يستطيع أحد الكلام، وفقط باستخدام أوراق التاروت يمكنهم التعبير عن حكايتهم، ويتكفل الراوي بتفسير تلك الأوراق ليحكي حكايات تبدو في البداية واضحة وسهلة، ثم تبدأ لعبة التجريب بخلط الأوراق وربط مصائر تلك الشخصيات وحكايتها بعضها ببعض مع شخصيات روائية أخرى عالمية.
الرواية صادرة عن دار المدى، بترجمة جيدة نسبيًّا لياسين طه حافظ.

مدن لا مرئية (1972)

مبروك، لقد عبرت بوابة التجريب الكالفينية، الآن ستجد متعة جديدة في إطار يشابه حكايات ألف ليلة وليلة، المغامر والرحالة الإيطالي الشهير ماركو بولو يجلس مع السلطان المغولي قبلاي خان، يتسامران ويحكي له الإيطالي عن المدن التي زارها، لكن ليس بالطريقة التي قد تتصورها، فالمدن هنا مجردة بشكل كامل، بل مدن غير موجودة وغير مرئية، رحلة ممتعة ومختلفة، وإطار وأسلوب ربما لن تجده أبدًا مع أي كاتب آخر.

الرواية صادرة ضمن سلسلة آفاق عالمية الكويتية وبترجمة جيدة لياسين طه حافظ ونفس النسخة صدرت حديثًا عن دار المدى.

السيد بالومار (1983)

كان من الممكن البداية بتلك الرواية أو نقلها لتصبح ثانية في الترتيب، لكن فضلت أن تأتي بعد عبورك لبوابة التجريبية لأنها برغم بساطتها رواية تأملية، يتأمل فيها البطل السيد بالومار كل شيء حوله، يراجع الكون كله من زوايا مختلفة ومتنوعة؛ النجوم، الكواكب، الحيوانات، محلات البقالة، الطرق، الطيور، سلوك المدينة، وكل ذلك في إطار الرواية غير التقليدي.

الرواية هي خاتمة أعمال كالفينو وصدرت عام 1983، لكنه كتبها على مراحل ونشرت أجزاء منها في الصحف، ولذلك اعتبر آخر أعمال كالفينو هي رواية لو أن مسافرًا في ليلة شتاء.

صدرت الرواية عن دار الفارابي بترجمة جيدة نسبيًّا لبسام حجار، ونسخة أخرى بترجمة أفضل عن دار المدى للمترجم ياسين طه حافظ.

المرحلة الثالثة (درة التاج)

لو أن مسافرًا في ليلة شتاء (1979)

في هذه المرحلة لن أقدم إلا رواية واحدة، لو لم يكتب إيتالو كالفينو غيرها لصنعت منه واحدًا من أهم روائيي القرن الحادي والعشرين إنها «لو أن مسافرًا في ليلة» بالإيطالية «Se una notte d’inverno un viaggiatore» والتي تترجم حرفيًّا لـ «لو أن في ليلة شتاء مسافرًا»، والغريب في هذا العنوان الذي يبدو مبتورًا أنه بالفعل مبتور، فالرواية تحتوي على عشر روايات داخلها، كل رواية لا تكتمل أبدًا، يبدؤها ثم يعود في الفصول الفردية لحكاية بطلها «أنت» القارئ، يضعك كالفينو بطلًا للرواية، في رحلة للبحث عن رواية لا تكتمل أبدًا، وفي كل مرة تبدأ رواية جديدة وتستمر الرحلة.

رواية تجريبية غير مسبوقة، يقدم فيها كالفينو كل أساليبه التجريبية بتقنية وتماسك مذهل، وقد استمر في الحديث عن تلك الرواية لأيام، لكن سأجعل الحكم النهائي عليها لك أنت الذي خضت تجربة قد تبدو حتى الآن غاية في الثراء، لكن كالحكايات الشعبية والأسطورية التي عشقها كالفينو، ستجد في نهاية الرحلة كنزًا حقيقيًّا.

صدرت الرواية عن هيئة قصور الثقافة بترجمة ممتازة من حسام إبراهيم، وصدرت نسخة أحدث بنفس الترجمة عن دار المدى.

المرحلة الرابعة (نوادر وسرديات)

في تلك المرحلة يمكنك التعرف على جانب آخر من كالفينو، بداية يمكنك قراءة باقي أعماله، ولكن بعضها لم يترجم للعربية مثل «The Path to the Nest of Spiders» أو «الطريق إلى عش العناكب»، وهي أول روايات كالفينو، وتحكي عن فترة الحرب ولها طابع كلاسيكي مختلف عما سيقدمه بعد ذلك، وفي نفس الإطار ستجد روايات مثل «The Argentine Ant» أو «النملة الأرجنتينية»، ويمكنك أن تستغل الوقت للبحث عن كل الأعمال التي لم أذكرها وتجميعها كجامع محترف لأعمال كالفينو.

الجزء الثاني وربما الأهم في المرحلة الرابعة من رحلتنا مع كالفينو هو كتبه النقدية والسردية، ربما أهمها هو «لماذا نقرأ الأدب الكلاسيكي»، والصادرة عن دار المدى بترجمة لدلال نصر الله، لم أقرأها، لكن النسخة الإنجليزية من الكتاب ممتازة، وهناك أيضًا كتابه الصغير نسبيًّا «ست وصايا للألفية الجديدة»، والذي لم يستكمل لوفاته، وبقيت فقط خمس وصايا في الكتاب الصادر عن سلسلة إبداعات عالمية الكويتية، وهناك أيضًا مختارات قصصية متنوعة للكاتب، وبعض المقالات التي جُمعت في كتب.

خطة قراءة ثانية

يمكنك أن تصنع مراحل مختلفة لو لديك سابق معرفة بالكتابة التجريبية، وتبدأ من المرحلة الثانية، وتنقل المرحلة الأولى لتكون هي الثالثة وقبل الأخيرة، مما سيجعلك تدخل عالم كالفينو السحري التجريبي فورًا.
هنا تنتهي الرحلة ويمكنك بعد التعرف على كتابات كالفينو أن تختار حتى أن تغير من المسار أو تتخطى مراحل لصالح أخرى أو تعيد ترتيبها بالشكل الذي تختاره، هذا الدليل نابع من تجربة شخصية مع المؤلف ورؤية لتسهيل قراءته فقط.